(1)
نصيحة لوجه الله:
إذا كنت تبحث عما يطمئنك ويزيل قلقك ومخاوفك التي تستشعر، فهذا الحديث ليس لك.
(2)
النخب السياسية والفكرية وكافة تنظيمات المجتمع المدني يدورون في حلقة مغلقة لا – ولن – تقودهم إلى أي مكان.
وتدور معهم القوى الاقليمية والدولية المتداخلة في ملف الأزمة السودانية في ذات الحلقة.
ولك أن تعجب ممن يتوقع مخرجاً من هذا الدوران الأعمى اللامجدي !!.
(3)
الأمر ليس بهذا الغموض:
فكل المبادرات التي يتم طرحها من قِبل أ مجموعة محلية أو خارجية لن تقود إلى السلام الذي يسعى الجميع لإحلاله، وذلك لسبب أبسط مما يمكن تصوروه:
إنه يعبر، سواء عن رغبات صادقة ونبيلة، أم غير كذلك ... لا يهم !.
ولأنه تفكير رغبوي، فإنه ينطلق من قاعدة غير واقعية.
الجميع ينطلقون من "فرضية" بأن أطراف الصراع يتشاركون الرغبة في السلام العادل.
ولهذا تتناثر الجهود هباءً.
(4)
هل يمكن لأي عاقل أن يتوقع أن أي من القوى المنخرطة في هذا الصراع الصفري تفكر في السلام، وبمنطق السلام ؟!. أو بما تسميه رشا عوض بـ"المعادلة الكسبية".
يمكن للمعادلة الكسبية أن يكون لها معنى ما في الصراع السياسي، حيث يكون هناك اعتراف بحق الطرف "الآخر" بالوجود.
بينما الواضح في هذا الصراع إنه صراع وجودي. والوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام فيه لن يتحقق سوى بإفناء الآخر والقضاء عليه ومحوه من الوجود.
(5)
نعم كان يمكن أن تكون القوى المدنية هي رمانة الميزان بين جناحي القوى المسلحة، باعتبارها الضلع الأكثر قرباً للحلول التوافقية (مجبر أخاك لا بطل). ولكن هذه القوى إلى الآن لم تحقق الوحدة التي تمنحها الزخم اللازم كقوة ذات تأثير فاعل. أما تأثير الدعم الخارجي الذي تحظى به، فإنه فقط يغذي رصيد "علاقاتها الاجتماعية" ذات التأثير المعنوي والأدبي، ولا قيمة شرائية له على الأرض.
في ظل هذا الواقع الذي يدركه الجميع، وقد تأكد بعد جولة مفاوضات منبر جدة، تواصل جميع الأطراف المتداخلة نثر المبادرات بتوتر من الانكار العنيد للواقع.
(6)
من يدرك طبيعة الدوافع النفسية لهذه القوى المتقاتلة بوحشية وخلفياتها الاجتماعية التي تتغذى على انفعاليِّ الخوف والطمع يتأكد له انهما "لا يستطيعان" النزول من ظهر نمر السلطة الذي تورطا في امتطائه. ففي مغادرة ظهره هلاكهما، ولذا سيظلان متشبثين به بكل قوتهما.
- هل سيسلم الكيزان بهزيمتهما وانتصار الدعم السريع ؟!.
- أم ينسحب حميدتي من الأراضي والمدن التي تحت سيطرته للجنة البشير الأمنية ؟!.
- أم يستسلم البرهان ؟!.
السؤال القاتل: ما مصير من يفعل ذلك منهم ؟؟.
ما من إجابة على هذه الأسئلة سوى: لا، قاطعة.
وتستمر الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات... وهذا هو معنى عبثيتها.
(7)
إذن دعنا نغيِّر موقعنا ونقلب هذه الصفحة لنطالع ما في صفحتي القوى الخارجية.
من الحقائق التي لا ينبغي أن تغيب عن ذهن أحد أن كل من تم استدعاؤه للمشاركة في هذا "المولد"، سواء كشاهد أو مشاهد أو مشارك بالدعم لأي طرف من الأطراف، إنما جاء بحثاً عن مصالحه هو الخاصة، وأي طرف من أطراف النزاع لا يهمه بقدر ما يحقق مصالحه عبره.
وبالتالي فإن مواقفهما تحددها بوصلة مصالحهما، وليس "عيون" من يدعم.
لذا تدعم واشنطون وعواصم دول الاتحاد الأوروبي "كتلة التغيير"، بينما تسعى الصين وروسيا للحفاظ على سلطة "الأمر الواقع".
وكلاهما يسعى لتأمين مصالحه بموقفه هذا. فلا الغرب تهمه "الديمقراطية" في العالم، ولا روسيا والصين يهمهما "الاستقرار" في شيء.
فموقفهما من بؤر النزاعات في فلسطين، وكرواتيا، وأفغانستان، وسوريا، والعراق، وليبيا، وفي ساحل أفريقيا، والصومال، وليبيريا، وراوندي، تؤكد لك انهم يتركون التفاعل الداخلي لتناقضات ونزاعات هذه المجتمعات يعمل عمله في إطار الفوضى الخلاقة لتفكيكها ويسهل صيدها ونهب مواردها بعد ذلك.
وبالتالي أيضاً يجب أن لا تتعجب إذا رأيت مصر التي تعلن الحرب على تنظيم الإخوان والإسلام السياسي عامة تدعم فلول الإخوان عبر البرهان.
(8)
وهكذا. في النهاية يعود الأمر في نهاياته الواقعية والمنطقية إلى الداخل. وهذا ما ظلت تزوّر عنه عين القوى الداخلية وتتعامى عنه.
فما الذي عليها فعله؟.
وما هي الخيارات الحقيقية – لا الرغبوية المتوهمة – التي يطرحها الواقع عليها؟.
نواصل.
izzeddin9@gmail.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: ترامب يضع أوكرانيا أمام خيارين أحلاهما مر
قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع أوكرانيا أمام خيارين أحلاهما مر، مضيفة أن المسؤولين الأوكرانيين منخرطون في محادثات مع أميركا التي تسلك سياسة حافة الهاوية الخطيرة حتى بمعايير ترامب نفسه.
وذكرت أن ترامب وممثليه يطالبون بالتوقيع على أرباح التعدين والموانئ وغيرها من الصناعات مقابل أي دعم من واشنطن. وقد رفض الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي أمس الشروط الأميركية التي وصفها بأنها غير عادلة وأصر على أن يشمل أي اتفاق دعما عسكريا. ولا تزال المحادثات مستمرة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوبس: مؤتمر المحافظين في واشنطن أثار كل أنواع القلقlist 2 of 2غارديان: كتاب عمر العقاد يفضح القيم الأخلاقية الغربية وصمتها عن مآسي غزةend of listوتقول المجلة إن أحد الأسئلة حول المفاوضات هو مدى الضرر الذي تتعرض له أوكرانيا إذا كان هناك اتفاق. ونسبت إلى أحد المسؤولين الأوكرانيين القول إن هذا "ليس تفاوضا، بل ابتزازا".
الخيار الآخر هو الانتقام
وإذا لم يكن هناك اتفاق، سيكون الخيار الآخر هو الانتقام الذي سيلحقه ترامب بأوكرانيا إذا رفضت التوقيع. وهناك مخاوف متزايدة في كييف من أن ترامب قد يحاول خنق تدفق الدعم العسكري، أو قطع الوصول إلى خدمة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في ستارلينك، أو تسريع محادثات السلام الثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقدمت المجلة سردا للقاءات الأوكرانيين مع فرق ترامب ووصفتها بالمربكة. وأشارت إلى أن فكرة التوصل إلى صفقة نشأت في سبتمبر/أيلول الماضي عندما عرض زيلينسكي منح حقوق التعدين مقابل مساعدة أمنية مستقبلية ودعوة للانضمام إلى حلف الناتو. لكن ترامب قلب المفهوم رأسا على عقب، مدعيا أن موارد أوكرانيا وبنيتها التحتية هي تعويض عن المساعدات التي تبرعت بها أميركا بالفعل.
إعلانوبموجب أحدث نسخة "كارثية "، كما يقول المسؤولون الأوكرانيون، سيُطلب من أوكرانيا تحويل 50% من أرباح الدولة المستقبلية من الموارد الطبيعية والبنية التحتية مثل الموانئ إلى صندوق استثمار جديد تملكه حكومة الولايات المتحدة. وستستمر المساهمات حتى يصل الصندوق إلى 500 مليار دولار، وهو رقم يتوافق مع مزاعم ترامب المتضخمة حول المبلغ الذي أنفقته أميركا على المساعدات لأوكرانيا منذ بداية الحرب.
مئات السنينوقالت إيكونوميست إن سداد هذا المبلغ، بالمعدلات الحالية لدخل أوكرانيا، سيستغرق مئات السنين. ونقلت عن مسؤول أوكراني قوله: "إذا وقعنا على هذا كما هو، فسنُطرد غدا من مناصبنا، ونُعدم من قبل الحشود الغاضبة".
وأوردت أن فريق ترامب كان يزيد من ضغطه باطراد منذ أسابيع. فالعرض الأول لم يتضمن أي وعد بمساعدة دفاع لأوكرانيا، باستثناء بند حول حماية الموارد الفعلية المستخرجة. ويوم الخميس الماضي، صُدمت أوكرانيا بتلقي عرض آخر "كارثي".
وتقول أميركا إن مساعداتها العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا تصل حتى الآن إلى 500 مليار دولار. في الواقع، تقول إيكونوميست، إن واشنطن قامت بتحويل أقل من ربع هذا المبلغ في شكل أسلحة ودعم مباشر للميزانية. ولم يقدم فريق ترامب بعد تفسيرا لهذا الرقم وربما يكون قد اخترعه لإرضاء رئيسه.
عبء هائل
وعلقت المجلة بأن هذا المبلغ سيكون عبئا هائلا على بلد صغير فقير، إذ إنه يشكل أكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا بالكامل. وأصر زيلينسكي على أنه يحتاج إلى شيء ملموس مقابل التخلي عن الثروة المعدنية. وقال يوم الأربعاء الماضي: "أنا أدافع عن أوكرانيا، ولا يمكننا بيع بلدنا".
وقالت إيكونوميست إن إحدى التفسيرات للضغوط التي تتزايد باستمرار، هو عدم استسلام القيادة الأوكرانية وقبولها على الفور بعرض ترامب، إذ أثار الرد الأوكراني الأولي غضب الرئيس الأميركي.
إعلانونسبت الصحيفة لمصدر أوكراني قوله في هذا الصدد: "بمجرد أن رأى أننا لم نوقع مع فريقه الأول الذي يقوده جيه دي فانس نائب الرئيس، أرسل رجلا كبيرا جدا، وهو وزير التجارة هاوارد ليتنوك الذي يتحدث فقط بالأرقام ولا عواطف ولا تعاطف ولا شيء، كانت هناك تهديدات ضمنية وكانت اللهجة تنم عما يشبه الإملاءات".
وتوقعت المجلة أن يتفاعل ترامب بغضب مع رفض زيلينسكي أمس الأحد شروطه، مضيفة أن هناك خوفا من أن تلجأ إدارة ترامب إلى مصادر نفوذ أكثر قسوة، مثل قطع الوصول إلى أقمار ستارلينك التابعة لـ إيلون ماسك، وهي شريان الحياة لاتصالات الخطوط الأمامية الأوكرانية.
وختمت المجلة بأن مثل هذه الإجراءات الصارمة قد لا تترك لأوكرانيا خيارا سوى التوقيع على صفقة لا تحظى بشعبية.