في شهرها الثامن ضرورة وقف الحرب الكارثية
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
1
بحلول 15 نوفمبر تكون قد مضت سبعة أشهر على الحرب، وتدخل شهرها الثامن، وهي تحمل في طياتها المزيد من الخراب والدمار وجرائم الحرب، ومخاطر تقسيم البلاد، وتدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية كما حدث اخيرا لمصفي الجيلي، وتدمير كبرى شمبات الرابط بين أم درمان والخرطوم بحري،
تلك الحرب الكارثية الهادفة لتصفية الثورة، والتي امتداد لخراب نظام الانقاذ ولانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ومجزرة فض الاعتصام، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 بعد الصراع الذي دار في الاتفاق الإطاري حول دمج الدعم السريع في الجيش، مما يتطلب مواصلة التصدي لمخططات الفلول والدعم السريع لتصفية الثورة وتمزيق وحدة البلاد.
جاءت مفاوضات جدة الأخيرة التي فشلت في وقف الحرب، رغم التقدم في الملف الإنساني، لكن المساعدات الإنسانية ووصولها للمتضررين رهينة بوقف الحرب التي تستهدف المدنيين والأطفال والنساء ، فاستمرار الحرب يهدد وصول الإغاثة للمتضررين، ووحدة البلاد، ويزيد من خطر التدخل الأجنبي وفقدان السيادة الوطنية.
مما يحتم اوسع تحالف قاعدي جماهيري لوقف الحرب وعدم تجددها، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها، وإعادة بناء وتعمير ما دمرته الحرب،والوصول لسلام مستدام يحافظ على وحدة البلاد وسيادتها.
2
تسببت الحرب اللعينة في الآتي :
- نزوح حوالي 6 مليون شخص داخل وخارج البلاد، ويعيشون في بعض الأقاليم أوضاعا إنسانية سيئة، ومهددون بإخلاء المدارس، وتجاوز عدد القتلى 9 الف شخص حسب بيانات الأمم المتحدة.
- تدمير المنازل جراء قصف الجيش واحتلالها من الدعم السريع ونهب عربات وممتلكات المواطنين، وحالات التطهير العرقي في غرب دارفور التي تحقق فيها المحكمة الجنائية الدولية، و الاغتصاب والعنف الجنسي والاعتقالات وحالات التعذيب للمعتقلين بواسطة الجنجويد والجيش.
- جلبت الحرب معها كل اشكال المعاناة والأمراض في ظل غياب الرعاية الصحية وخروج أكثر من 70% من مستشفيات العاصمة من الخدمة والنقص في الدواء وتدهور صحة البيئة جراء الجثث المتراكمة في الطرقات، وعدم فتح المسارات الآمنة لوصول الإغاثة لمناطق النزوح والحرب..
فانتشرت أمراض مثل: حمى الضنك. والكوليرا. والملاريا..الخ، كما يحاصر الجوع نحو 25 مليون من سكان البلاد حسب بيانات الأمم المتحدة.
إضافة لأثر الحرب على المواقع الأثرية والثقافية والتراثية وتدمير بعضها، كما تدهورت الأوضاع بسبب القطع المستمر للكهرباء والماء والاتصالات.
- اضافة لتدهور الأوضاع الاقتصادية.. فحسب توقعات صندوق النقد الدولي أن يتراجع نمو الاقتصاد في العام 2023 إلى 18% بسبب الحرب. إضافة لاستمرار التدهور في قيمة الجنية السوداني .
أدت الحرب الي تدهور الإنتاج الزراعي بخروج المزارعين من الإنتاج بسبب مشاكل الري وزيادة الضرائب ونقص التمويل اللازم وشح الوقود وارتفاع أسعاره، وتقلص المساحات المزروعة، مما يزيد من مخاطر المجاعة والنقص في الغذاء.
لقد فاقمت الحرب الأوضاع المعيشية وأدت لارتفاع الأسعار وقيمة النقل والخدمات والصناعة بسبب تدمير ونهب المصانع والأسواق والبنوك، اضافة على لعدم صرف العاملين لمرتباتهم، وفقدانهم لمقومات معيشتهم بعد إخلاء منازلهم وأصبحوا نازحين..
إضافة لتعطيل الدراسة في المدارس والجامعات التي يتطلب فتحها وقف الحرب وتوفير الأمن وخروج الجيش والدعم السريع منها والإصلاح العاجل لما دمرته الحرب.
هذا فضلا عن عدم فتح المسارات الآمنة لوصول الأغاثات للمواطنين تحت وابل الرصاص والقنابل ، وجرائم الجنجويد في الابادة الجماعية التي زادت في مدن دارفور بعد احتلال الدعم السريع لأغلب مدنها،
وخطورة تمدد الحرب لبقية الأقاليم ، واتخاذها طابعا عرقيا واثنيا، مما يهدد وحدة البلاد .
3
القضية العاجلة أمام الحركة الجماهيرية وقف الحرب ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها، ومحاسبة المسؤولين عنها وعدم الافلات من العقاب الذي شجع على المزيد من ارتكاب الجرائم
. كما اشرنا سابقا الي أن الضغوط الدولية الخارجية عامل مساعد. . لكن العامل الحاسم في الحل هو الداخلي. الذي يتطلب اوسع عمل جماهيري في الداخل والخارج من أجل :
وقف الحرب واسترداد الثورة، وعودة الحياة لطبيعتها، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب .
َ- وقف قصف الجيش للمدنيين، وخروج الجيش والدعم السريع من مؤسسات الدولة ومنازل المواطنين، ومن السياسة والاقتصاد ، والاسراع في الترتيبات الأمنية لحل الجنجويد وجيوش الحركات والكيزان، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي.
- استدامة الديمقراطية والتنمية، وتعزيز السيادة والوطنية ووحدة البلاد ، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم ، ووقف نهب ثروات البلاد ، وتوجيهها لتنمية وتطوير البلاد.
- الحكم المدني الديمقراطي ، وعقد المؤتمر الدستوري الذي يتم فيه الاتفاق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية ، وغيرها ذلك من مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة .
alsirbabo@yahoo.co.uk
//////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟
بعد ست سنوات من تفجر ثورة ديسمبر ثم انتكاس مشروعها، هل يمكننا أن نقول ما قاله زعيم الثورة الصينية (من يقوم بنصف ثورة كمن يحفر قبره بيده) ؟، خاصة وأن الانقلاب العسكري عليها واندلاع الحرب، يمثلان الحصاد المر والسم الزعاف الذي تجرعه الثوار الشجعان، الذين تصدوا لطغيان رصاص الدكتاتور بصدورهم العارية، دون أن يرتعد لهم بدن أو تنهار عزيمتهم، حتى أسقطوا طاغيتين (البشير وبن عوف) في غضون أربعة وعشرين ساعة، في تصميم عنيد وإرادة قوية، ألهمت الثائرين في بلدان الجوار كيفية انتصار القلوب النابضة بحب الأوطان على السلاح، ولقنتهم الحكمة البليغة من ان القاتل الحقيقي هو الصمت عن قول الحق وليس الطلق الناري، هل يعقل أن ثوار وثورة بهذه القيم النبيلة تبيعها نخبة سياسية فاشلة، وثّق لفشلها أحد رموزها في سفر شهير عنوانه (النخبة السودانية وإدمان الفشل)، لقد باع الثورة للعسكر زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، يوم ان أمسك بيد الجنرال وقدمه للثوار في ساحة الاعتصام أمام بوابة القيادة العامة للقوات المسلحة، فابتلع الثوار الطعم وعلموا لاحقاً أنهم بيعوا بثمن بخس للجنة الأمنية لنظام الطاغية، وأن رجل الأعمال زعيم الحزب المشبوه في علاقاته التجارية مع النظام البائد، قد ارتكب خطيئة الدماء السائلة من فجر يوم مجزرة فض الاعتصام حتى لحظة انسكاب هذا المداد، لقد تحققت النتيجة الحتمية للمعادلة الصريحة التي قدمها الزعيم الصيني – الثورة الناقصة هي الطريق السالك للقبر، فلم تتعظ النخبة من تجارب الفشل السابقة، ولم تتعلم من إخفاقات الأجداد، فتسببت في سفك دماء الأحفاد، فتدفق سيل الدماء المسفوحة من رقاب الشباب وما يزال، وآخر هذه الدماء المسفوكة تمثلت في المجازر المرتكبة بحق عضوية لجان المقاومة في الأحياء، وهم يقدمون الطعام للعجزة والمسنين الذين لم يقدروا على الفرار من جحيم الحرب.
السودانيون حالمون ومنهم العاطفيين، منذ أكتوبر حتى ديسمبر، يحتفون بالأهازيج ويلونون شوارع النصر برايات الفرح الأسطوري احتفاءً بثوراتهم، لكنهم ليسوا بشديدي البأس في إعمال سيف الشرعية الثورية في بتر رؤوس الطغيان، كما هو حال ثوار جميع الثورات، فثوارنا تجدهم يرأفون بمن بطش بهم وسفك دمهم وانتهك عرضهم واغتصب ارضهم، فعلى الرغم من الظلم والعدوان المؤكد للمنظومة البائدة والفاجرة، إلّا أنهم لم يتركوا ثورتهم تكتمل بالخلاص من الطغاة، كما تخلص الشعب الروماني من الدكتاتور شاوسسكو وقرينته، ولأول مرة تعتمد ثورة (وطنية) على المؤسسات القضائية والعدلية لذات الحكومة الفاسدة التي أسقطتها، في محاكمة نفس الرموز الحكوميين الفاسدين والمجرمين، الذين وضعوا القوانين والنظم لتلك المؤسسات، لقد تعاملت الحكومة الانتقالية التي جاءت بها ثورة ديسمبر بلامبالاة سافرة، لا تتناسب وحجم التضحيات التي قدمها الثائرون، فعقدت جلسات محاكمات لرموز النظام البائد في حلقات درامية مسجلة، من داخل قاعة المحكمة التي هي الأقرب في هيئتها لمحاكم مسرحيات عادل إمام الكوميدية، فكثيرون من أبناء الشعب تعرضوا للاعتقال والتعذيب داخل بيوت الأشباح، التي أسسها المتهمون الماثلون أمام المحكمة المهزلة، التي يدخل لبهوها هؤلاء المتهمون الكبار بكامل زيهم (الوطني) الناصع البياض، يتضاحكون ويصدرون النكتة من كبيرهم الذي اعتاد على فعل ذلك، حينما كان حراً طليقاً، قبل أن يلج الفندق ذا الخمس أنجم (السجن)، كانت سلسلة محاكمات رموز فساد الحكم الاخواني بمثابة المسلسل اليومي المخصص لإمتاع المشاهدين، حقيقة كانت ديسمبر نصف ثورة وربما ربعها، لأنها امسكت بالعصا من منتصفها، ولم تجرؤ على إعمال سيف الشرعية الثورية المفرق بين الحق والباطل، لذلك انتقم فلول النظام البائد من المدنيين عامة في الحرب التي اشتعلت نسبة لتراخي حكومة الثورة.
الحرب أرّخت لاندلاع ثورة مسلحة حقيقية في الخامس عشر من ابريل قبل عام ونصف، حين حاول فلول النظام البائد العودة بكامل عدتهم وعتادهم للاستيلاء على الحكم، بمحاولتهم اليائسة والفاشلة في إزاحة القوة العسكرية الوحيدة التي تضامنت مع مشروع التغيير الذي أعلنته ديسمبر، وفي ظل الانقسام الذي أحدثته الحرب بين المكونات الاجتماعية والسياسية، لن يجد ثوار ديسمبر بد من الانخراط في صفوف هذه القوات العسكرية الرافضة لعودة الحرس القديم، حتى يستأصلوا الوجود الكارثي لكادر النظام البائد، القوات العسكرية المحاربة بكل ضراوة لكتائب البراء بن مالك الداعشية المختطفة للجيش، القوات العسكرية الداعمة لاتفاق الإطار الذي أدى لتفجر الحرب بسبب تعنت قادة الجيش المخطوف، الرافضين لإبعاد المؤسسات العسكرية عن الشأن المدني، فلكي يحقق الديسمبريون أهداف ثورة ديسمبر – الحرية والسلام والعدالة – لا مفر لهم من أن يضعوا يدهم على يد القوات الوطنية التي تحارب الفلول الآن، الرافعة لشعار الديمقراطية والحكم المدني، فالنصف الآخر للقمر لا يكتمل إلّا باكتمال تضافر الجهود، والاصطفاف مع ثوار ابريل، الرافعين لشعار ثنائية النصر والشهادة، ولتمام النصف الآخر لبدر الثورة من الضروري العلم، بالجهة الضامنة لاستشراف قيم الحرية بعد انقضاء أجل الحرب، وهي القوات المؤمنة بالسلام والعدالة الاجتماعية.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com