سودانايل:
2024-12-24@05:55:22 GMT

المنهج والتجارب معضلة السياسيين

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

أن السبب الرئيس للأزمة السياسية السودانية ناتج عن ضعف الإنتاج الفكري و الثقافي للقوى السياسية بتياراتها المختلفة، الذي انعكس سلبا على النخب السياسية و جعلها تعجز عن إدارة الأزمة و لا تجعلها تنحرف نحو العنف. أن قراءة الواقع و معرفة مكنزماته و تناقضاته يعطيها مساحة كبيرة على المناورة في تمرير أجندتها الجوهرية، و في نفس الوقت تواصل حوارها مع القوى المخالفة لها في الرؤية، و كان لها أن تثبت المنهج النقدي كأداة تتبصر بها الطريق و معرفة الأسباب التي تصنع عوائق في المسار، أو حتى إذا جاءت قيادات جديدة للساحة السياسية؛ تكون مستوعبة التجارب السابقة، و أيضا أسباب فشلها و التحديات التي كانت قد واجهة قوى التغيير في مسيرتها التاريخية، و الملاحظ أن كل فترة جديدة ترفع فيها الأحزاب شعارات جديدة، في اعتقاد أن هذه الشعارات يمكن أن تكون بديلا للبرنامج أو المشروع السياسي المفصل الذي يجب أن يتبناه المواطن و يعرف دوره فيه، لكي يدعمه و يقف معه، و هي الطريقة الانسب لخلق الوعي الجديد و طريقة التفكير المطلوبة للمرحلة، و تصبح دافعة قوية لتوسيع قاعدة المشاركة.

إلا أن الأحزاب درجت في كل مرحلة جديدة تتبنى ذات الثقافة السياسية التي كان قد خلفها النظام السابق بوقع الحافر على الحافر، الأمر الذي يشكل لها تحديا كبيرا تعجز ذات لعقلية تجاوزه في مسيرة العمل. حيث يصبح هناك فارقا كبيرا بين الشعار المرفوع و اسلوب العمل المناهض له، الأمر يوقع حالة الاضطراب في العمل السياسي و يؤدي إلي الانقسامات.
أن عدم قدرة الأحزاب الاستفادة من التجارب التاريخية، يعود إلي أن النخب السياسية التي تتولى قيادة العمل السياسي عجزت الاستفادة من المنهج النقدي و تبنيه كأداة للتغيير، باعتبار أن صاحبه يجعله ملما بكل جوانب المشكل و الأشياء المؤثرة فيه سلبا و ايجابا، مما يسبب الخلل في توظيف القدرات، و التقاعس عن البحث لمعرفة أسباب الفشل و معرفة كيف التغلب على التحديات، يتسبب في العجز عن انجاز المهام المطلوبة. أن تقديم مشروع سياسي من قبل الأحزاب مسألة في غاية الأهمية، لآنه يشكل حجر الزاوية لنقد القوى التي تقبض على مفاصل السلطة، و يغدو الأداة التي بموجبها تحاكم مشروعها الذي كانت قد قدمته إذا نجح أو أخفق فيه، و لكن لا يمكن محاكمة عمل دولة من خلال شعارات تتعدل و تتغير حسب الأحداث و حسب مزاج السلطة. أن استمرارية العملية النقدية من قبل كل من الأحزاب - منظمات المجتمع المدني - الإعلام - الصحافة و المثقفين بهدف التعرف أول بأول على الأخطاء التي تقع من خلال التطبيق أو العمل، و أيضا تهدف إلي فحص الأدوات إذا كانت صالحة في أداء مهامها أم تحتاج إلي التغيير، و حتى الشعارات التي يمكن أن تشكل خطورة على البرنامج السياسي، أو تمنع و تخوف المتابعين و المواطنين من الاقدام على العملية النقدية. هذه العملية هي التي سوف تنتج ثقافة ديمقراطية من خلال الممارسة و التنظير.
أن تبني المنهج النقدي من قبل الأحزاب السياسية لأنه يشكل أساسا جوهريا للعملية الديمقراطية، و لم يكن المنهج مطروحا في أجندة القوى السياسية للنقاش، لأنها لم تعتمده تاريخيا و لم تقدم على استعماله. و المعتمد هو المنهج التبريري الذي يبحث عن شماعات لتعليق الأخطاء عليه. و أن القوى السياسية في السودان طوال مسيرتها التاريخية ظلت تتهرب منه. كان المتوقع عندما سقط نظام الإنقاذ؛ أن يقدم كل حزب سياسي كان معارضا للإنقاذ كتابا نقديا لمسيرة الإنقاذ في السياسة الداخلية و الخارجية و الاقتصاد و القوانين و الثقافة الشمولية، و تقديم نقد للحركة الإسلامية كحزب اتخذ من الانقلاب مسارا للوصول للسلطة، و أيضا نقد لمرجعيتها الفكرية لمعرفة إذا كانت مناهضة للديمقراطية أم تستطيع التكيف معها، هذا الكتاب النقدي يصبح في مواجهة عناصر النظام السابق و الضغط عليهم أن يعترفوا بتلك الأخطاء، و كيفية تجاوزها في المستقبل، لكي تتسق مع التحول الديمقراطي. كانت القوى السياسية خلقت بيئة حوارية مناسبة للصراع الفكري و الثقافي بعيدا عن التحديات التي تقوض النظام الديمقراطي، أو تتسبب في خلق التحديات التي تزعزعه.
أن تجربة الأربعة سنوات الماضية و التي أدت للحرب، تحتاج إلي دراسة و تقييم فكري و ليس سياسي. التقييم الفكري يعتمد على المنهج النقدي في الإلمام بكل جوانب القضية و ليس الهدف منه أن يدين و يشجب و يستنكر.. المصطلحات التي تبين حالة العجز، و لكنه يبين الأسباب التي قاد للعجز الذي تسبب في عدم انجاز المهام دون محاباة. أما التقييم السياسي يجعل اصحابه يبحثون على شماعات لتعليق أخطائهم عليها، أي استخدام التبرير المنهج الذي تحبه النخب السياسية. أن غياب المنهج النقدي هو الذي أدى للغلو و الشطط و حالة الاستقطاب الحادة، ليس وسط السياسيين أيضا بين المثقفين و آهل الرأي، و كل يحاول أن يبرر ساحته و يرمي في ساحة الآخرين. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

معضلة تؤرق الاقتصاديين في الولايات المتحدة.. هل يضع ترامب حلولا لسقف الدين؟

لا زالت مشكلة الدين تؤرق الساسة والاقتصاديين في الولايات المتحدة، وخاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالن، ويعود وضع حدا لسقف الدين إلى عام 1917 عندما وضع الكونجرس الأمريكي لأول مرة سقفا للدين، وهو الحد الأقصى للاقتراض الحكومي الذي يفرضه الكونجرس في الولايات المتحدة، ويعتبر أداة لضبط الإنفاق العام.

دفع الدين إلى الارتفاع

سقف الدين الأمريكي، ناقشه تقريرا عرضته قناة «القاهرة الإخبارية» بعنوان «سقف الدين.. معضلة تؤرق الساسة والاقتصاديين في الولايات المتحدة»، ومع مواصلة المشرعين سن قوانين لإنفاق أموال أكثر مما تجنيه الحكومة، يتعين على وزارة الخزانة اقتراض المزيد، ما يدفع الدين إلى الارتفاع.

موضوع سقف الدين

وفي خضم الأزمات المالية التي تعصف بالولايات المتحدة الأمريكية، يبزر موضوع سقف الدين كمعضلة تؤرق الساسة والاقتصاديين، ومع اقتراب الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من تولي سدة الحكم، فقد دعا إلى إلغاء هذا السقف معتبرا ذلك أذكى قرار يمكن أن يتخذه الكونجرس.

ويرى الرئيس الأمريكي الذي سيتولى سُدة الحكم في 20 يناير المقبل، أن التخلص من سقف الدين سيمنح الحكومة مرونة أكبر في تمويل برامجها دون قيود، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد وتجنب الأزمات المرتبطة بتجميد الإنفاق.

وفي يونيو 2023، علّق المشرعون سقف الدين حتى بداية عام 2025 واعتبارا من 2 يناير، لم تتمكن وزارة الخزانة من رفع سقف الدين العام، والذي تجاوز 36 تريليونات دولار، ومع استمرار الحكومة الفيدرالية في الإنفاق بشكل أكثر مما تجنيه، ستعتمد الوزارة على احتياطياتها النقدية التي بلغت 38 مليارات دولار للوفاء بالتزاماتها مثل سداد مستحقات حملة سندات الخزانة ومعاشات المتقاعدين والمحاربين القدامى.

مقالات مشابهة

  • دوخيني يا لمونة: مأساة المعتقلين السياسيين في مصر
  • مستقبل المقاومة  …!؟ بين التسليم والعقيدة والتعقيد
  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • بالعون: العمل مع الأمم المتحدة ضرورة لحلحلة الأزمة السياسية الليبية
  • تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين لقيادتنا السياسية
  • تحالف الأحزاب يثمن رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة.. ويؤكد: سنظل داعمين للقيادة السياسية
  • معضلة تؤرق الاقتصاديين في الولايات المتحدة.. هل يضع ترامب حلولا لسقف الدين؟
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • طارق صالح يناقش مع بن دغر ''الإنتهاء من اعداد البرنامج السياسي'' لتكتل الأحزاب اليمنية
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني