سودانايل:
2024-07-02@00:23:07 GMT

المنهج والتجارب معضلة السياسيين

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

أن السبب الرئيس للأزمة السياسية السودانية ناتج عن ضعف الإنتاج الفكري و الثقافي للقوى السياسية بتياراتها المختلفة، الذي انعكس سلبا على النخب السياسية و جعلها تعجز عن إدارة الأزمة و لا تجعلها تنحرف نحو العنف. أن قراءة الواقع و معرفة مكنزماته و تناقضاته يعطيها مساحة كبيرة على المناورة في تمرير أجندتها الجوهرية، و في نفس الوقت تواصل حوارها مع القوى المخالفة لها في الرؤية، و كان لها أن تثبت المنهج النقدي كأداة تتبصر بها الطريق و معرفة الأسباب التي تصنع عوائق في المسار، أو حتى إذا جاءت قيادات جديدة للساحة السياسية؛ تكون مستوعبة التجارب السابقة، و أيضا أسباب فشلها و التحديات التي كانت قد واجهة قوى التغيير في مسيرتها التاريخية، و الملاحظ أن كل فترة جديدة ترفع فيها الأحزاب شعارات جديدة، في اعتقاد أن هذه الشعارات يمكن أن تكون بديلا للبرنامج أو المشروع السياسي المفصل الذي يجب أن يتبناه المواطن و يعرف دوره فيه، لكي يدعمه و يقف معه، و هي الطريقة الانسب لخلق الوعي الجديد و طريقة التفكير المطلوبة للمرحلة، و تصبح دافعة قوية لتوسيع قاعدة المشاركة.

إلا أن الأحزاب درجت في كل مرحلة جديدة تتبنى ذات الثقافة السياسية التي كان قد خلفها النظام السابق بوقع الحافر على الحافر، الأمر الذي يشكل لها تحديا كبيرا تعجز ذات لعقلية تجاوزه في مسيرة العمل. حيث يصبح هناك فارقا كبيرا بين الشعار المرفوع و اسلوب العمل المناهض له، الأمر يوقع حالة الاضطراب في العمل السياسي و يؤدي إلي الانقسامات.
أن عدم قدرة الأحزاب الاستفادة من التجارب التاريخية، يعود إلي أن النخب السياسية التي تتولى قيادة العمل السياسي عجزت الاستفادة من المنهج النقدي و تبنيه كأداة للتغيير، باعتبار أن صاحبه يجعله ملما بكل جوانب المشكل و الأشياء المؤثرة فيه سلبا و ايجابا، مما يسبب الخلل في توظيف القدرات، و التقاعس عن البحث لمعرفة أسباب الفشل و معرفة كيف التغلب على التحديات، يتسبب في العجز عن انجاز المهام المطلوبة. أن تقديم مشروع سياسي من قبل الأحزاب مسألة في غاية الأهمية، لآنه يشكل حجر الزاوية لنقد القوى التي تقبض على مفاصل السلطة، و يغدو الأداة التي بموجبها تحاكم مشروعها الذي كانت قد قدمته إذا نجح أو أخفق فيه، و لكن لا يمكن محاكمة عمل دولة من خلال شعارات تتعدل و تتغير حسب الأحداث و حسب مزاج السلطة. أن استمرارية العملية النقدية من قبل كل من الأحزاب - منظمات المجتمع المدني - الإعلام - الصحافة و المثقفين بهدف التعرف أول بأول على الأخطاء التي تقع من خلال التطبيق أو العمل، و أيضا تهدف إلي فحص الأدوات إذا كانت صالحة في أداء مهامها أم تحتاج إلي التغيير، و حتى الشعارات التي يمكن أن تشكل خطورة على البرنامج السياسي، أو تمنع و تخوف المتابعين و المواطنين من الاقدام على العملية النقدية. هذه العملية هي التي سوف تنتج ثقافة ديمقراطية من خلال الممارسة و التنظير.
أن تبني المنهج النقدي من قبل الأحزاب السياسية لأنه يشكل أساسا جوهريا للعملية الديمقراطية، و لم يكن المنهج مطروحا في أجندة القوى السياسية للنقاش، لأنها لم تعتمده تاريخيا و لم تقدم على استعماله. و المعتمد هو المنهج التبريري الذي يبحث عن شماعات لتعليق الأخطاء عليه. و أن القوى السياسية في السودان طوال مسيرتها التاريخية ظلت تتهرب منه. كان المتوقع عندما سقط نظام الإنقاذ؛ أن يقدم كل حزب سياسي كان معارضا للإنقاذ كتابا نقديا لمسيرة الإنقاذ في السياسة الداخلية و الخارجية و الاقتصاد و القوانين و الثقافة الشمولية، و تقديم نقد للحركة الإسلامية كحزب اتخذ من الانقلاب مسارا للوصول للسلطة، و أيضا نقد لمرجعيتها الفكرية لمعرفة إذا كانت مناهضة للديمقراطية أم تستطيع التكيف معها، هذا الكتاب النقدي يصبح في مواجهة عناصر النظام السابق و الضغط عليهم أن يعترفوا بتلك الأخطاء، و كيفية تجاوزها في المستقبل، لكي تتسق مع التحول الديمقراطي. كانت القوى السياسية خلقت بيئة حوارية مناسبة للصراع الفكري و الثقافي بعيدا عن التحديات التي تقوض النظام الديمقراطي، أو تتسبب في خلق التحديات التي تزعزعه.
أن تجربة الأربعة سنوات الماضية و التي أدت للحرب، تحتاج إلي دراسة و تقييم فكري و ليس سياسي. التقييم الفكري يعتمد على المنهج النقدي في الإلمام بكل جوانب القضية و ليس الهدف منه أن يدين و يشجب و يستنكر.. المصطلحات التي تبين حالة العجز، و لكنه يبين الأسباب التي قاد للعجز الذي تسبب في عدم انجاز المهام دون محاباة. أما التقييم السياسي يجعل اصحابه يبحثون على شماعات لتعليق أخطائهم عليها، أي استخدام التبرير المنهج الذي تحبه النخب السياسية. أن غياب المنهج النقدي هو الذي أدى للغلو و الشطط و حالة الاستقطاب الحادة، ليس وسط السياسيين أيضا بين المثقفين و آهل الرأي، و كل يحاول أن يبرر ساحته و يرمي في ساحة الآخرين. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أبرز ما قاله اللواء العرادة للقوى السياسية والحزبية وما شدد عليه

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة أهمية توحيد الموقف السياسي والخطاب الإعلامي للأحزاب السياسية بما يسهم في تعزيز الاصطفاف الوطني وتحقيق التماسك الاجتماعي والتلاحم الشعبي والتغلب على كافة التحديات الراهنة.

واستعرض العرادة خلال لقائه امس بقيادات فروع الأحزاب والتنظيمات السياسية بمحافظة مأرب، آخر المستجدات السياسية والعسكرية والاقتصادية في الساحة.

واشار إلى استمرار مليشيات الحوثي الإرهابية في التحشيد العسكري والتصعيد الاقتصادي وأعمال القرصنة التي تستهدف الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، واختطاف طائرات شركة الخطوط الجوية اليمنية وغيرها من الانتهاكات والجرائم الحوثية.

وشدد العرادة على ضرورة العمل على تعزيز الالتفاف الشعبي حول مبادئ الجمهورية والتمسك بالثوابت الوطنية، وتفعيل العمل المشترك بين كافة المكونات والقوى الوطنية وحشد كافة الجهود المخلصة لدعم المعركة الوطنية والمصيرية مع مليشيات الحوثي الإرهابية، داعياً إلى الاستفادة من دروس الماضي ونبذ الخلافات وتقريب وجهات النظر، والابتعاد عن المناكفات السياسية والمهاترات الإعلامية، ووضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح والاعتبارات.

وحيا عضو مجلس القيادة روح الأخوة والتوافق والتضحية بين الأحزاب السياسية بالمحافظة والتفافهم حول المبادئ والمكتسبات الوطنية المتمثلة بالثورة والجمهورية ووقوفهم للدفاع عنها إلى جانب إخوانهم في القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية، مشيداً بالموقف الوطني لقيادة وقواعد فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة مأرب الرافض لانقلاب مليشيات الحوثي منذ اللحظة الأولى، حيث التحموا مع إخوانهم من بقية الأحزاب السياسية لدعم ومساندة الجيش والأمن والمقاومة للدفاع عن المحافظة في وجه العدوان الحوثي ومليشياته الإرهابية المدعومة من إيران.

من جانبهم أكد قادة فروع الأحزاب والتنظيمات السياسية بمحافظة مأرب وقوفهم إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطة المحلية بمحافظة مأرب.

مجددين التأكيد على التمسك بوحدة الصف الوطني وتعزيز كل ما من شأنه الإسهام في جمع الكلمة وتوحيد الجهود لمواجهة مليشيات الحوثي الإرهابية المتربصة بالوطن بشكلٍ عام ومحافظة مأرب على وجه الخصوص.

مقالات مشابهة

  • مسيرة الغموض وراء ضياع ثورة ديسمبر
  • أبرز ما قاله اللواء العرادة للقوى السياسية والحزبية وما شدد عليه
  • رئيس حزب الريادة: الحكومة المرتقبة مهمتها الحرص على بناء الإنسان المصري
  • القباج ووفد البنك الدولي يتفقدان سير العمل بالتجربة المصرية في تنفيذ برنامج "تكافل وكرامة"
  • عضو الرئاسي اليمني سلطان العرادة يدعو الأحزاب إلى توحيد موقفها السياسي
  • في احتفالية ذكرى ثورة 30 يونيو.. تحالف الأحزاب يؤكد دعمه الكامل للرئيس السيسي
  • بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. الأحزاب السياسية تنظم احتفالات بكافة محافظات الجمهورية
  • موقع أميركي: هل تتجه إسرائيل نحو حرب أهلية؟
  • معادلة الضعف وكيفية الخروج؟
  • من العراق إلى غزة.. كيف يتعامل مسلمو بريطانيا مع الانتخابات؟