آلة زمن للتنوع البيولوجي.. نظرة ثاقبة على قرن من الخسارة
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
استخدم العلماء الحمض النووي لأول مرة كـ"آلة للزمن" لتسليط الضوء على قرن من التغير البيئي في بحيرة مياه عذبة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة والتلوث، مما يؤدي إلى خسارة لا رجعة فيها للتنوع البيولوجي.
ويتكون الفريق الدولي الذي أجرى الدراسة من باحثين من جامعة برمنغهام البريطانية، بالتعاون مع جامعة جوته في فرانكفورت الألمانية، واعتمد نهجهم على استخدام الذكاء الاصطناعي لدراسة التنوع البيولوجي القائم على الحمض النووي، ومتغيرات المناخ والتلوث.
وكما يقول بيان صحفي صادر عن جامعة برمنغهام، فقد استخدم الباحثون الرواسب من قاع بحيرة في الدانمارك لإعادة بناء سجل 100 عام عن التنوع البيولوجي والتلوث الكيميائي ومستويات تغير المناخ من عمرها. وتتمتع هذه البحيرة بتاريخ من التحولات الموثقة جيدا في نوعية المياه، مما يجعلها تجربة طبيعية مثالية لاختبار آلة الزمن الخاصة بالتنوع البيولوجي.
ومن خلال نشر النتائج التي توصلوا إليها والتي نشرت في دورية "إي لايف"، كشف الباحثون أن الرواسب تحمل سجلا مستمرا للإشارات البيولوجية والبيئية التي تغيرت بمرور الوقت من البيئات "شبه" البكر في بداية الثورة الصناعية إلى الوقت الحاضر.
وقد استخدم الفريق الحمض النووي البيئي (المواد الوراثية التي خلفتها النباتات والحيوانات والبكتيريا) لبناء صورة لمجتمع المياه العذبة بأكمله. وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، قاموا بتحليل المعلومات، جنبا إلى جنب مع بيانات المناخ والتلوث، لتحديد ما يمكن أن يفسر الخسارة التاريخية للأنواع التي عاشت في البحيرة.
ووجد الباحثون أن الملوثات -مثل المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات- إلى جانب الزيادات في درجة الحرارة الدنيا (زيادة قدرها 1.2-1.5 درجة) تسببت بأكبر قدر من الضرر لمستويات التنوع البيولوجي فيها.
الفريق استخدم الحمض النووي البيئي لبناء صورة لمجتمع المياه بأكمله (الأوروبية) معرفة للماضي.. بصيرة للمستقبلوقالت نيامه إيستوود المؤلفة الرئيسية وطالبة الدكتوراه في جامعة برمنغهام: "إن فقدان التنوع البيولوجي الناجم عن هذا التلوث وارتفاع درجة حرارة المياه قد يكون لا رجعة فيه، حيث لن تتمكن جميع الأنواع التي عثر عليها في البحيرة منذ 100 عام والتي فقدت، من العودة. لذا ليس من الممكن إعادة البحيرة إلى حالتها الأصلية، على الرغم من أن البحيرة تتعافى. ويُظهر هذا البحث أنه إذا فشلنا في حماية التنوع البيولوجي، فقد نفقد الكثير منه إلى الأبد.
وقال الدكتور جياروي تشو المؤلف الرئيسي المشارك والأستاذ المساعد في المعلوماتية الحيوية البيئية بجامعة برمنغهام: لقد أظهرنا قيمة الأساليب القائمة على الذكاء الاصطناعي في فهم الأسباب التاريخية لفقدان التنوع البيولوجي. ومن خلال التعلم من الماضي، يمكن لنماذجنا الشاملة أن تساعدنا على التنبؤ بالخسارة المحتملة للتنوع البيولوجي مستقبلا.
ويقوم الباحثون حاليا بتوسيع دراستهم الأولية على بحيرة واحدة لتشمل بحيرات في إنجلترا وويلز. وستساعدهم هذه الدراسة الجديدة على فهم مدى قابلية تكرار الأنماط التي لاحظوها، وبالتالي، كيف يمكنهم تعميم النتائج التي توصلوا إليها بشأن التلوث وتغير المناخ على التنوع البيولوجي للبحيرات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التنوع البیولوجی الحمض النووی
إقرأ أيضاً:
بعد 40 عاماً من البحث.. فك شفرة جينات الإنفلونزا
ربما يكون العلماء أقرب من أي وقت مضى إلى القضاء على الإنفلونزا بشكل دائم، بعدما ألقى باحثون في فرنسا نظرة رائدة داخل العالم المعقد لفيروس "الإنفلونزا أ"، وكشفوا كيف يقوم بتغليف وحماية مادته الوراثية.
وبعد ما يقرب من 40 عاما من البحث، قدمت دراسة للمرة الأولى رؤية مذهلة لكيفية بناء الفيروس لبنيته الداخلية، ما قد يفتح آفاقاً جديدة لمكافحة العدوى الفيروسية، وصنع أدوية أفضل لموسم الإنفلونزا.
وبحسب "ستادي فايندز" استخدم الباحثون تقنيات التصوير المتطورة، وأنشأ العلماء الخريطة الأكثر تفصيلاً حتى الآن لكيفية تجميع الفيروس لمادته الوراثية.
الغلاف الفيروسيوركز فريق البحث من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وجامعة غرونوبل ألب، على التعليمات الجينية للنوكليوبروتين، وهو بروتين بالغ الأهمية يعمل كغلاف واقٍ لـ RNA الفيروسي.
وبإزالة أجزاء صغيرة من بنية البروتين، تمكنوا من إنشاء إصدارات أكثر استقراراً وأقل مرونة من الحزمة الجينية الأساسية للفيروس. وسمح لهم هذا بالتقاط صور حادة بشكل لا يصدق تكشف كيفية انزلاق المادة الوراثية عبر بنية البروتين.
وكان أحد أكثر الاكتشافات إثارة للدهشة هو مرونة العبوة الجينية للفيروس، حيث وجد الباحثون أن البروتين يمكن أن يستوعب ما بين 20 و24 كتلة بناء جينية، مع جانب واحد من البروتين أكثر قدرة على التكيف من الآخر.
المرونةوتفسر هذه المرونة كيف يمكن للفيروس أن يتغير ويتكيف بسرعة، وهو السبب الرئيسي وراء صعوبة محاربته.
وكشفت الدراسة أيضاً عن تفاعلات معقدة بين البروتين والمادة الجينية. فلا يجلس RNA (المادة الجينية) بشكل سلبي داخل البروتين فحسب، بل يساعد بنشاط في تشكيل بنية الفيروس. يعمل هذا البروتين كإسمنت وفاصل، ما يساهم في المرونة الكلية للجسيم الفيروسي.
وقال الباحثون: "يمهد هذا الاختراق الطريق لتصميم جزيئات دوائية جديدة قادرة على الارتباط بغلاف البروتين، وإضعاف الحمض النووي الريبي الفيروسي، ومنع تكاثر فيروس الإنفلونزا".