"إسرائيل ارتكبت جريمة حرب".

"موسى فقي محمد"، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تعليقا على قصف المستشفى المعمداني في غزة.

في فبراير/شباط الماضي، وقبل ثمانية أشهر من عملية "طوفان الأقصى"، انطلق وفد إسرائيلي برئاسة "شارون بارلي"، نائبة مدير دائرة أفريقيا في الخارجية الإسرائيلية، إلى العاصمة الإثيوبية لحضور القمة الأفريقية.

وبينما رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد اشتية" جالس بين رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "موسى فقي" والأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش"، فوجِئت "شارون" بضباط وحراس أمن يطلبون منها مغادرة القاعة على مرأى ومسمع الجميع، ليكون "اشتية" شاهدا على حادثة الطرد التي سعى إليها كلٌّ من الجزائر وجنوب أفريقيا اعتراضا على مشاركة الوفد الإسرائيلي. لم تكن تلك الضربة على شدتها أقسى ما واجهته دولة الاحتلال في القارة السمراء، فقبل نحو عام، قرر الاتحاد الأفريقي تعليق منح إسرائيل صفة "عضو مراقب"، بعدما فشلت الأخيرة في حشد الأصوات المطلوبة من الدول الأعضاء، رغم أنها تحتفظ بعلاقات رسمية مع 46 دولة عضوا في الاتحاد الأفريقي (1).

 

حين شنَّت المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجومها المفاجئ على دولة الاحتلال، ماجت معظم الدول الغربية غضبا، وتبنَّى إعلامها الرواية الإسرائيلية كاملة، بما في ذلك روايات زائفة مثل قطع رؤوس الأطفال التي ثبت كذبها. وفي مقابل الاصطفاف السياسي والإعلامي الغربي وراء إسرائيل وتسليحها دون شروط، وقفت أفريقيا على النقيض تماما، فمن بين كل الدول الأفريقية التي تمتلك علاقات مع تل أبيب، لم يدعم الاحتلال علنا سوى أربع دول: كينيا وزامبيا والكونغو وغانا. ولم يسلم قادة تلك الدول من هجوم بعض الصحف المحلية التي ربطت بين تجربة الاستعمار الأوروبي في أفريقيا وما يعانيه الفلسطينيون من الاحتلال الإسرائيلي (2). وظهر موقف القارة مُعلَنا في تصريح رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي "موسى فقي"، الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، كما طالب بوقف العدوان دون شروط مسبقة، فضلا عن العديد من التصريحات التي صدرت على لسان مسؤولين أفارقة وتضمنت دعما واضحا لفلسطين وانتقادا لممارسات الاحتلال الإسرائيلي (3).

 

قِلة دعمت إسرائيل منذ وصول روتو إلى السلطة أواخر العام الماضي اختار الرئيس الجديد تحصين نفسه بالتحالف الوثيق مع الغرب في أفريقيا من بوابة دعم المصالح الإسرائيلية في القارة. (الصورة: مواقع التواصل)

ومع ذلك، ظهرت هناك بعض الأصوات الناشزة التي كسرت موسيقى الصوت الأفريقي الموحد. على سبيل المثال، لم يستغرق الرئيس الكيني "وليام روتو" وقتا طويلا بعد عملية "طوفان الأقصى" حتى سارع إلى إصدار بيان أدان فيه هجمات المقاومة، وأكد تضامنه الكامل مع إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، وحثَّ المجتمع الدولي على محاسبة الفصائل التي وصفها بـ"الإرهابية" (4).

 

سارع الإعلام الغربي إلى الاحتفاء بتصريحات روتو، مُحاوِلا تصوير موقف القارة وكأنه مُنقسِم حيال القضية الفلسطينية، لكن أصوات التضامن مع فلسطين سرعان ما خرجت من كينيا نفسها على لسان رئيس القضاة الكيني الأسبق ويلي موتونغا الذي انتقد تصرف روتو بوصفه مخالفا للدستور الكيني، قائلا إنه اتخذ موقفه دون الرجوع للشعب الكيني، وقارن بين استعمار بريطانيا السابق لكينيا واحتلال إسرائيل لفلسطين (5). وعقب بيان روتو نظَّم معارضون وقفة احتجاجية على ضوء الشموع تضامنا مع الشهداء الفلسطينيين الذين قضوا منذ بدء الحرب (6)، ما يُعَدُّ امتدادا لتظاهرات عدة شهدتها البلاد ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية.

 

يرتبط الموقف الرسمي الكيني إذن بالرئيس روتو الذي وصل إلى السلطة أواخر العام الماضي، ليختار توثيق تحالفاته مع الغرب وذلك من بوابة دعم المصالح الإسرائيلية في القارة (7)، وقبل نحو شهرين من "طوفان الأقصى"، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن كينيا استضافت لقاء غير مُعلن بين وزير الخارجية "إيلي كوهين" ورئيس دولة إسلامية أفريقية لم يُسمِّها من أجل بحث إمكانية التطبيع معها (8).

تظاهرات في كينيا ضد ما يحدث في قطاع غزة. (الصورة: الفرنسية)

ولا تقتصر أهمية كينيا بالنسبة للاحتلال على تقديم دعم سياسي أثناء العدوان قلَّما تجده تل أبيب في القارة، بل وشملت مؤخرا الاستفادة من عضوية نيروبي في مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي جعل لإسرائيل حليفا قويا في مواجهة إيران، لتشديد سياسات الوكالة تجاه المشروع النووي الإيراني (10).

 

وعلى المنوال نفسه، خرجت تصريحات داعمة لدولة الاحتلال من غانا وزامبيا والكونغو الذين أيَّدوا عمليات الاحتلال ضد المقاومة صراحة لاعتبارات براغماتية متعلقة بالأمن والاقتصاد، حيث تربط الكونغو بإسرائيل عبر مشاريع ضخمة في مجالات الأمن والزراعة والبنية التحتية والتكنولوجيا والتسليح، ما يُفسِّر موقفها الداعم لتل أبيب (11).

 

الحياد البراغماتي

تمتلك 30 دولة أفريقية سفارة أو قنصلية في تل أبيب، وهناك 12 سفارة إسرائيلية رسمية في القارة، لكن ذلك الزخم لم يُترجم إلى رسائل دعم كما أراد الاحتلال، وعلى غير المتوقع صاغت الدول الأفريقية مواقفها السياسية باستقلالية، وحاولت أن تُبرِز أهمية الاعتبار الإنساني دون أن تُعبر عن انحيازها للمقاومة بالضرورة، وذلك بسبب اعتماد الكثير من هذه الدول في ميزانياتها على المنح المباشرة من الغرب. ومَن لم تختر من دول القارة إدانة إسرائيل علنا، فقد فضَّلت الحياد بوصفه خيارا ينطوي على أقل الأضرار (12).

من المفارقة أن إثيوبيا، التي تُعَدُّ واحدة من الدول الأفريقية القليلة صاحبة الارتباط التاريخي الطويل والقوي بإسرائيل، لم تُفصِح عن موقف حاسم، كما امتنعت سابقا عن نقل سفارتها في الأراضي المحتلة إلى القدس امتثالا لقرار الاتحاد الأفريقي المتضامن تاريخيا مع القضية الفلسطينية، الذي حذر عام 2018 من أن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس سيزيد من حِدّة التوترات في المنطقة (13). ولا يمكن حين نتحدث عن الموقف الإثيوبي من إسرائيل تجاهل قضية الجندي الأسير لدى كتائب القسام منذ عام 2014 "أفيرا منغستو"، الذي تتهم عائلته الحكومة الإسرائيلية بتعمُّد إهماله وعدم المطالبة بإعادته لأسباب عنصرية كونه أسود البشرة ومن أصول إثيوبية.

أسوة بإثيوبيا، تبنَّت دول أفريقية كثيرة الحياد في الصراع الحالي، مثل أوغندا وتنزانيا، في حين أدان آخرون دولة الاحتلال بحذر من خلال الدعوة إلى إنهاء الصراع مع تسليط الضوء على أن احتلال إسرائيل هو سبب التصعيد في المقام الأول، وهو النهج نفسه الذي اتخذه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي نيابة عن الاتحاد، وسارت عليه دول أخرى أبرزها نيجيريا، بصفتها عضوا في منظمة التعاون الإسلامي التي تدعم القضية الفلسطينية، رغم أن هناك 50 شركة إسرائيلية تعمل داخل أراضيها، ما دعا الرئيس النيجيري السابق للتحذير من مغبة الانحياز إلى أحد الجانبين (14).

 

منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة (للمرة الثانية) عام 2009، خاض بنيامين نتنياهو عدة خطوات بغية ترسيخ النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا سياسيا، وصولا إلى منحها صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي قبل تعليق القرار. وحتى على المستوى الاقتصادي، تنشط الشركات الأفريقية حاليا بصورة غير مسبوقة في القارة، حيث تتولَّى شركة "إيبوني" الإسرائيلية وضع خطة شاملة لتطوير عملية الري في رواندا، وفي كينيا تتشارك إسرائيل مع ألمانيا في تطهير بحيرة فيكتوريا، أكبر خزان للمياه العذبة في أفريقيا، وهو مشروع وفَّر الآلاف من فرص العمل في موقع البحيرة. وفي مجال الطاقة، قدمت إسرائيل الدعم التقني لإثيوبيا في مشروع سد النهضة، كما تتبنى منفردةً مشروعا ضخما لتوليد الطاقة الكهربية. هذا وتُدير إسرائيل منذ عام 2008 منظمة صحية غير ربحية يُزعم أنها استطاعت توصيل المياه العذبة النقية إلى أكثر من مليون شخص في جنوب أفريقيا (15).

 

جنوب أفريقيا.. في وجه التمدُّد الإسرائيلي

لكن دولا أفريقيا بعينها لم تكتف بالحياد أو الإدانة المُبطنة للاحتلال، لكنها أخذت الموقف الأفريقي إلى نطاق أكثر قوة، وعلى رأسها جنوب أفريقيا. فبعد 10 أيام من "طوفان الأقصى"، وبينما العالم "الحر" يصب غضبه على المقاومة الفلسطينية وكل مَن يتعاطف معها، سارت بريتوريا عكس التيار، وأجرى وزير خارجيتها اتصالا مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية"، قائلا إن المحادثة تطرقت لبحث إيصال المساعدات الإنسانية، ولعرض الوساطة لإنهاء الصراع (16). وقد فُهمت المحادثة لاحقا على أنها دعم غير مباشر للمقاومة في وجه إسرائيل، لا سيَّما مع إلقاء جنوب أفريقيا اللوم على الاحتلال في التصعيد الجاري، وذلك في وقت ظهر فيه رئيس جنوب أفريقيا وهو يرتدي الكوفية ويمسك في يده العلم الفلسطيني، إلى جانب موقف بلاده القديم الثابت بدعم القضية الفلسطينية منذ انتهاء نظام الفصل العنصري، ووصول المؤتمر الوطني الأفريقي إلى السلطة عام 1994. وقد تصاعد ذلك الموقف رويدا رويدا حتى أصبحت جنوب أفريقيا أحد أبرز الأصوات التي تنتقد إسرائيل دوليا وتُفسِد خطواتها للتوغل في أفريقيا (17).

 

لقد رسم نيلسون مانديلا أوجه التشابه بين نضال جنوب أفريقيا ضد الحكم الأبيض ونضال الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. ولكن رغم أن جنوب أفريقيا أحد أشرس منتقدي إسرائيل في القارة، فهي أيضا أكبر شريك تجاري لها في أفريقيا، ما يجعل علاقتها معقدة بدولة الاحتلال. لكن ذلك لم يمنع أن تكافح بريتوريا في الأمم المتحدة منذ أكثر من عقد لاعتبار إسرائيل دولة فصل عنصري كان آخرها العام الماضي (18). وبخلاف التحركات الدولية، دعم حزب المؤتمر الحاكم حركة مقاطعة على غرار المقاطعة الشهيرة المناهضة للفصل العنصري من أجل سحب الاستثمارات، حتى يلتزم الاحتلال باحترام القانون الدولي (19). وفي أوائل العام الجاري صوَّت البرلمان في جنوب أفريقيا لصالح قرار تخفيض مستوى سفارتها لدى إسرائيل إلى مكتب اتصال (20).

لطالما كانت أبواب القارة موصَدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي. ومع اندلاع حرب أكتوبر 1973، قطعت الدول الأفريقية المُطبِّعة علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، على اعتبار أنها تحتل أراضيَ أفريقية. غير أن عقد تلك الدول سرعان ما انفرط عقب توقيع الرئيس السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل، فبدأت جهود التقارب المعلن والخفي بين عدد من الدول الأفريقية ودولة الاحتلال، لا سيما في مجال الزراعة حيث جذبت استثماراتها العديد من البلدان الأفريقية الراغبة في تطوير اقتصادها وتعزيز أمنها في مواجهة الجماعات المسلحة أو خصومها.

 

طمعت دولة الاحتلال في التوسُّع داخل أفريقيا واستغلال ثرواتها الهائلة فضلا عن اختراق كتلتها العددية الضخمة في المحافل الدولية، التي لطالما كانت شوكة في خاصرة الاحتلال حين كانت القارة كلها متعاطفة مع الفلسطينيين على مدار عقود، إلى جانب اصطفافها في الأمم المتحدة خلف القرارات التي تدعم الموقف العربي. ولكن يبدو أن "طوفان الأقصى" والتعاطف الدولي الضخم مع القضية الفلسطينية أعاد معظم دول القارة إلى موقفها القديم، وأرجع العلاقات مع دولة الاحتلال خطوات واسعة إلى الخلف.

—————————————————————————————————————

المصادر Bennett, Lapid push diplomatic efforts to stop African Union ouster for Israel. MUTUNGA: I cry for Palestine, let’s stand with them. AU head Faki Mahamat accuses Israel of war crimes in Gaza. William Samoei Ruto. MUTUNGA: I cry for Palestine, let’s stand with them. Kenyans hold candlelit vigil in solidarity with Palestine amid deuterating situation in Gaza Strip. In Nairobi, FM said to meet with leader of African country with no ties to Israel. KENYA AND US FINALIZING TRADE DEAL. US tells Kenya to publicly support Israel or forget free trade deal. In Nairobi. خلال زيارته إلى إسرائيل، رئيس الكونغو يقول أنه يسعى إلى "توثيق العلاقات الأمنية والزراعية". بيان رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي حول فلسطين. من هم الرهائن الإسرائيليون "المنسيون" في قطاع غزة؟ The former Nigerian president warns. The Popularity Contest of War. South Africa says it discussed aid with Hamas leader, denies reports of support. South Africa / Israel. South Africa calls for Israel to be declared an ‘apartheid state’. ANC international conference backs boycott. South Africa’s parliament votes to downgrade diplomatic ties with Israel.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رئیس مفوضیة الاتحاد الأفریقی الاحتلال الإسرائیلی القضیة الفلسطینیة الدول الأفریقیة دولة الاحتلال طوفان الأقصى جنوب أفریقیا فی أفریقیا فی القارة تل أبیب التی ت

إقرأ أيضاً:

صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”

صنعاء ـ يمانيون
عُقد بصنعاء اليوم، المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير” بمشاركة واسعة من أكثر من 50 ناشطً وباحثًا وأكاديميًا من مختلف دول العالم، تأكيدًا على رفض مؤامرة التهجير، وانتصارًا للمقاومة.
وفي افتتاح أعمال المؤتمر، أكد عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى ضيف الله الشامي، أهمية المؤتمر الدولي لتدارس قضية الصراع العربي الإسرائيلي، والموقف اليمني المساند لعملية “طوفان الأقصى”، والانتصار للشعب والقضية الفلسطينية.
واستعرض قضية الصراع العربي الإسرائيلي في فكر الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.. مبينًا أن المسيرة القرآنية انطلقت في يوم القدس العالمي في 27 رمضان 1422هـ الموافق 12 ديسمبر 2001م، ومحاضرة يوم القدس العالمي التي تُعد أول المحاضرات في سلسلة محاضرات تعتبر هي المشروع الثقافي للمسيرة القرآنية
وأوضح الشامي، أن قضية فلسطين لم تغادر فكر وتوجهات السيد القائد منذ انطلاق المسيرة القرآنية عام 2001م، وعلى خطى أخيه الشهيد القائد مضى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في هذا الطريق بالقول والفعل وكان حقًا سيد القول والفعل.
وتطرق إلى شواهد من اهتمام السيد القائد بالقدس والقضية الفلسطينية وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، حيث لا تكاد تخلو محاضرة أو خطاب دون أن يركز على هذه القضية، والدعوة للجهاد بالمال والكلمة والنفس.
كما استعرض أبرز مراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين حتى عملية “طوفان الأقصى”، ومنها انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل – سويسرا في أغسطس 1897م برئاسة تيودور هرتزل الذي حدد في خطاب الافتتاح أن هدف المؤتمر هو وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود وما تلاه من مؤتمرات واجتماعات وصولاً إلى إعلان نشأة الكيان الإسرائيلي عام 1948م، بعد انتهاء الانتداب البريطاني.
وعرّج عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى، على الموقف اليمني المساند لعملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وانطلق معها الموقف اليمني لدعمها ومساندتها بالموقف السياسي والعسكري والشعبي، على لسان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عقب انطلاق العملية مباشرة وبكل شجاعة وصدق وقوة وثبات.
وبين أن السيد القائد أعلن عن منع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي من العبور عبر البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وبالاتجاه المحاذي لجنوب أفريقيا نحو كيان العدو الغاصب.. مؤكدًا أن إعلان قائد الثورة للموقف اليمني، جاء في وقت تفرج العالم العربي والإسلامي والدولي على ما يرتكبه العدو الصهيوني من مجازر وحرب إبادة جماعية وانتهاكات وتدمير وقتل للنساء والأطفال بغزة في سابقة لم يشهد لها تاريخ الصراعات مثيل.
وقال “يكاد الموقف اليمني هو الوحيد الذي انتهج هذا النهج وقرر المضي قدَما وفي مراحل تصعيدية حتى إيقاف العدوان الصهيوني على غزة “.. مستعرضًا نبذة عن الموقف اليمني المساند لغزة والمتضمن استمرار القوة الصاروخية بالقوات المسلحة اليمنية في إطلاق الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات المسيرة على أهداف عسكرية إسرائيلية مختلفة في أم الرشراش ومناطق جنوب فلسطين المحتلة.
وبين الشامي، أن الموقف اليمني المساند لغزة، تضمن أيضًا استمرار إغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي والمحيط الهندي أمام حركة الملاحة الإسرائيلية سواء للسفن الإسرائيلية أو تلك السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة وكذا استمرار استهداف السفن والبوارج الأمريكية والبريطانية المتواجدة أو العابرة للبحر الأحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي في إطار الدفاع عن النفس والرد على العدوان بمثله، والتأكيد على أن حرية الملاحة البحرية آمنة ومفتوحة لجميع دول العالم عدا الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل.
وفي افتتاح المؤتمر الذي حضره وكيل وزارة الخارجية السفير إسماعيل المتوكل، ورئيس الفريق الوطني للتواصل الخارجي السفير الدكتور أحمد العماد، أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بصنعاء معاذ أبو شمالة، أنه بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ما يزال العدو الصهيوني يماطل في تنفيذ الاتفاق، مستغلًا الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب عجز عن تحقيقها في الحرب كتهجير أهل فلسطين عن أرضهم وهذه جريمة ضد الإنسانية.
وأوضح أن العدو الصهيوني يمنع دخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة أمام مرأى ومسمع العالم، بدعم أمريكي واضح، وهذا انقلاب على الاتفاق وابتزاز رخيص.. مؤكدًا الحرص على الوحدة الفلسطينية وهو موقف ثابت بأن اليوم التالي للحرب لن يكون إلا فلسطينيًا خالصًا ورفض أي مشاريع أخرى أو أي شكل من الأشكال غير الفلسطينية، وكذا رفض تواجد القوات الأجنبية على قطاع غزة.
وقال “إننا نرسل رسالة إلى الملوك والرؤساء العرب الذين سيجتمعون غدًا في قمتهم ونؤكد لهم أننا معكم في الموقف الرافض لتهجير شعبنا من غزة والضفة الغربية، وأن هذا المشروع وغيره من المشاريع تهدف لتعزيز سيطرة العدو على الأقصى والأرض الفلسطينية”.
واعتبر أبو شمالة، تلك المشاريع جرائم ضد الإنسانية تعززّ شريعة الغاب.. مؤكدا أن أفضل الوسائل لمواجهة المشروع الصهيوني الإجرامي، يتمثل في الضغط لاستمرار وصول مواد الإغاثة للشعب الفلسطيني المنكوب والمشاركة الفاعلة في إعادة إعمار قطاع غزة.
كما أكد أن معركة “طوفان الأقصى” ستبقى خالدة في تاريخ الشعب الفلسطيني كونها تكللت بترسيخ حق فلسطين في المقاومة أمام آلة الإجرام الصهيونية، وكسرت هيبة العصابة الصهيونية بتدمير المقاومة الفلسطينية لفرقة غزة في ساعات محدودة.
وأفاد ممثل حركة حماس بصنعاء، بأن “طوفان الأقصى”، أحيا في الأمة روح العزة والكرامة عندما شاهد الجميع البطولات الأسطورية للمقاومة الفلسطينية والصمود الذي أذهل العالم.
وألقيت كلمات من قبل أكاديميين وباحثين وناشطين وحقوقيين وسياسيين من مختلف أنحاء العالم، أشارت في مجملها إلى أهمية الحديث باسم الضمير الإنساني العالمي لحماية حقوق الإنسان ودعم الحق المشروع لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس والوقوف بحزم ضد مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة.
وأكدت أن معركة طوفان الأقصى هي امتداد لحركة النضال للشعب الفلسطيني منذ 76 عاماً لمقاومة التهجير والتطهير العرقي ومصادرة حقوقه الوطنية في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وأشارت الكلمات إلى المعاناة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس وغيرها من المناطق الفلسطينية، وما يفرضه العدو الصهيوني من حصار على السكان، ما يتطلب تكاتف الجهود لدعم صمود الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته.
وشددت على ضرورة رفض مخططات التهجير للفلسطينيين من أرضهم وبلادهم، والتأكيد على حقهم في الحياة والحرية والاستقلال وفقًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي.. معبرة عن التطلع لحل عادل وشجاع للقضية الفلسطينية والعمل على رفع معاناة الفلسطينيين وتحقيق سلام مستدام يضمن لهم السيادة والاستقلال.
ودعا المتحدثون من مختلف دول العالم، المجتمع الدولي للوفاء بالتزامته في حماية الشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى بلاده بأمان والتأكيد على الحل والسلام الدائم.. لافتين إلى ضرورة توحيد أصوات أحرار العالم والناشطين ورفض الخطة الأمريكية للتهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم ووطنهم.
واعتبرت الكلمات مؤامرات التهجير للفلسطينيين، جريمة مخالفة لجميع المبادئ والقيم والمواثيق الإنسانية والقانون الدولي الإنساني.. مشددة على ضرورة تعزيز دور المقاومة الفلسطينية وإسنادها بما يسهم في الحفاظ على القضية الفلسطينية ومنع التهجير.
وأكدت أن معركة “طوفان الأقصى” جاءت رداً على الانتهاكات والأعمال الإرهابية الصهيونية وضد سياسة التطهير العرقي والفصل العنصري للكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
وتطرق المتحدثون إلى الاعتداءات الصهيونية المستمرة على الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس، وما يُمارسه من انتهاكات تجاوزت كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، ضاربًا بها عُرض الحائط.. داعين المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره وتحمل مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة والوقوف ضد مخططات التهجير الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأشادت الكلمات بالإنجازات التي حققتها القوات المسلحة اليمنية في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني تحت شعار “لستم وحدكم” وفي إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي تُوجت بمسيرات مليونية وتبرعات شعبية وتعبئة عامة وصلت إلى أكثر من 14 ألفًا و720 مظاهرة ومسيرة مليونية، وتخريج أكثر من مليون متدرب ضمن مسار التعبئة وصولاً إلى مواجهة في البحرين الأحمر والعربي والوصول إلى المحيط الهندي.
وتطرقت إلى مسارات الجبهة اليمنية في دعم وإسناد غزة التي أثمرت عن إطلاق أكثر من 1150 صاروخا وطائرة مسيرة وعشرات الزوارق البحرية خلال عام أطلقتها القوات المسلحة اليمنية على السفن التابعة للكيان الصهيوني والمرتبطة به وكذا السفن الأمريكية والبريطانية وصولاً إلى استهداف أكثر من 213 سفينة منها أربع حاملات طائرات أمريكية نتج عنها تعطل كامل لميناء “أم الرشراش” بنسبة 100 بالمائة، فضلاً عن تمكن العمليات الجوية اليمنية من إسقاط 13 طائرة أمريكية “أم كيو9″، أربعة أضعاف ما تم إسقاطها خلال العدوان الأمريكي، السعودي والإماراتي على اليمن في تسع سنوات.
تخلل المؤتمر الذي حضره ممثلو الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية والفصائل الفلسطينية، عرض عن الموقف اليمني المشرف في مساندة الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة، وإسناد مقاومته الباسلة، ومراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين حتى عملية “طوفان الأقصى”.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب اللبناني: إسرائيل أقامت منطقة محتلة جديدة على الحدود الجنوبية للبلاد
  • لماذا يصعق الناس من الشيخ عندما يضل الطريق؟!
  • 9 تحديات كبيرة تواجه القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  • أوروبا تعبر عن خشيتها من سحب أمريكا لجنودها من القارة
  • لماذا فعل ترامب ذلك مع زيلينسكي؟
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • "المنظمات الأهلية الفلسطينية": قرار إسرائيل بوقف المساعدات لغزة سيكون له تداعيات خطيرة
  • أوروبا على حافة الهاوية: الخلاف بين أمريكا وأوكرانيا يضع القارة العجوز في دائرة الضوء
  • رئيس الوزراء المصري يؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية