قالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، تهزها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عاصفة من الغضب ضد وحشية الاحتلال الإسرائيلي، يغذيها انفجار البطالة والتضخم وصور القصف على غزة التي أعادت إلى الأذهان صدمة النكبة عام 1948، حتى إن الذين لم يؤمنوا بالمقاومة من قبل، لم تعد الحرية قابلة للتفاوض لديهم.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مبعوثتها الخاصة إلى الضفة الغربية لورانس ديفرانو- أن الجدار الخرساني الذي يحيط بالضفة الغربية أطبق بشدة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على الشباب الفلسطيني، بسبب حواجز الطرق، حيث يستهدف الجنود الإسرائيليون العصبيون أي شخص يجرؤ على طلب المعلومات، ويدوم الانتظار لساعات قبل إعادة فتح الطريق.

ورغم أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن له تداعيات كبيرة على الضفة الغربية التي تديرها فتح، حيث يقيم 3 ملايين نسمة ثلثاهم تحت سن الـ30، وبلغ معدل البطالة بين هذه الفئة 44% في عام 2019، خاصة أن الصراع في غزة تسبب خلال شهر واحد -وفق تقديرات منظمة العمل الدولية- بخسارة ربع الوظائف في الضفة الغربية، أي 208 آلاف عاطل إضافي، مع ارتفاع تكاليف المعيشة إلى مستويات هائلة.


غزة صغيرة

في مركز للحلاقة بجنين، يمازح رامي (30 عاما)، الذي يعمل سائق شاحنة، مبعوثةَ الصحيفة قائلا إنه يرغب في العيش في بلجيكا وزيارة سويسرا، وغير بعيد منه تقول آية (19 عاما) التي تدير منصة لمنتجات التجميل في جنين، "كان هدفي أن أبدأ عملي الخاص في مجال العطور، لكن لم يعد هناك شيء يعمل في فلسطين. نحن نتعرض دائما لخطر الهجمات والقصف"، مضيفة "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم يعد هناك شيء ممكن هنا إلا الحرب".

ويضرب الجيش الإسرائيلي كل ليلة تقريبا مخيم جنين للاجئين، مركز المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، حيث قُتل حوالي 30 شخصا في أسبوعين، وحيث السلطة الفلسطينية عاجزة عن حماية السكان من انتهاكات المستوطنين الذين حفزتهم الحرب على التصرف، يقول إسماعيل (25 عاما) الذي يعمل في الحكومة الفلسطينية "أنا حزين على كل الأرواح التي فقدت. لكن كل أصدقائي ابتهجوا بالهجوم واحتجاز الأسرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. إنها كرّة عادلة بعد كل الاغتيالات التي ارتكبها المستوطنون والجيش خلال العامين الماضيين".

وتقول نجاة، معلمة الرياضيات، التي تتأهب لحضور جنازة ابن صديقتها المفضلة "ما يحدث هنا فظيع، جنين أصبحت مثل غزة صغيرة"، وتسرد أسماء المراهقين الذين ماتوا في الأيام السابقة، مبدية قلقها بشأن الصحة العقلية لطلابها في المدرسة الابتدائية، ومع ذلك يقال إن غولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة كانت مخطئة، عندما قالت إن "الفلسطينيين الكبار سيموتون وسينسى الشباب".


لا شيء يرجى من الخارج

وفي نابلس ثاني مدن الضفة الغربية، لم يعد هناك سائح في الشوارع المحصنة ولا بين الآثار الرومانية، ويستمر انقطاع الماء والكهرباء، يقول أحمد (26 عاما) الذي يبيع اللبن ويعيش مع والديه و5 من إخوته في شقة من 3 غرف في مخيم عسكر للاجئين، الذي تعرض لاقتحام الجيش الإسرائيلي في الصباح نفسه، "كان والدي يحتفظ بمفتاح المنزل في يافا. ولم يتخل أبدا عن فكرة العودة. وأود أن يكون لدي عملي الخاص وأن تكون لدي عائلة"، مضيفا أنه يرغب في زيارة القدس، لكن ذلك مستحيل بدون تصريح خاص.

كما هو الحال في كل يوم تقريبا، تنظم مظاهرة في نابلس دعما للفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف في غزة، تقول جلاء أبو عرب (29 عاما)، رئيسة تحرير مجلة دوز الإلكترونية التي يتابعها مليون قارئ على شبكات التواصل الاجتماعي، إن الفلسطينيين صُدموا بمدى سهولة اختراق حماس لإسرائيل، التي يفترض أنها تمتلك أحد أفضل الجيوش في العالم، ولكن "عنف الرد الإسرائيلي دفعنا من بعد إلى آخر"، موضحة "عندما تلقينا الصور الأولى لهجوم حماس لم ننشرها على الفور، اعتقدنا أن ذلك مستحيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

الصحف العالمية: تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتحريض على الإبادة وارتفاع حوادث القتل في الضفة الغربية

أوردت الصحف العالمية تحذيرات منظمات الإغاثة من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، مع تزايد الخطاب التحريضي على الإبادة في إسرائيل وارتفاع حوادث قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية. 

وتعد هذه التطورات بمثابة نقاط حرجة تشير إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والحقوقية في الأراضي الفلسطينية.

‏جلسة لمحكمة العدل الدولية للنظر في قرار إسرائيل حظر وكالة الأونروا في غزة الثوابتة: الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مرحلة كارثية والمجاعة تقترب الأزمة الإنسانية في غزة: نفاد الغذاء والتهديدات المتزايدة

نقلت صحيفة غارديان البريطانية تحذيرات منظمات الإغاثة بشأن تدهور الوضع في غزة، مشيرة إلى أن استمرار الحصار الإسرائيلي قد يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية.

وأكد العاملون في مجال الإغاثة أن مخزون المواد الغذائية الذي تم توفيره لأشهر للمطابخ الجماعية قد نفد بالكامل.

تُعد هذه المطابخ الملاذ الأخير للسكان في غزة للحصول على الغذاء الضروري. وأكد مسؤول أممي للصحيفة أن خبرته في التعامل مع الأزمات السابقة تؤهله للتأكيد على أن الوضع في غزة يتدهور بسرعة.

تحريض على الإبادة في الإعلام الإسرائيلي

في الوقت نفسه، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالًا يُنبّه إلى أن التحريض الإسرائيلي على الإبادة الجماعية في غزة يكتسب زخمًا متزايدًا. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الحديث عن الإبادة الجماعية أصبح شائعًا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتعتبر بعض وسائل الإعلام أن هذه التصريحات ليست فقط مقبولة بل مشروعة، وهو ما يعكس تغيّرًا في سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين. 

أصبح قتل المعتقلين وتجويع الشعب الفلسطيني أمرًا مقبولًا علنًا في الإعلام الإسرائيلي، وهو تحول خطر يعكس مدى التصعيد في الخطاب الإسرائيلي.

ارتفاع حوادث القتل في الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، أفادت صحيفة لوموند الفرنسية بتزايد حوادث قتل الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن قتل شاب فلسطيني برصاص الاحتلال أصبح أمرًا شائعًا.

 وقد تغيرت قواعد الاشتباك بالنسبة للجيش الإسرائيلي، حيث كان الجنود في السابق يطلقون النار في الهواء أو على الأرجل في حال الشعور بالتهديد، لكنهم أصبحوا الآن يصوبون بهدف القتل. 

وارتفعت حوادث القتل بشكل ملحوظ بعد الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر 2023، مما يعكس تصعيدًا في المواجهات الميدانية.

اتهامات سياسية في إسرائيل: الجمود في العمليات العسكرية

من جانب آخر، تطرقت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى اتهامات رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بشأن سياسته العسكرية في غزة، والتي أسفرت عن حالة الجمود التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي. 

وأكد بينيت أن تجنيد الحريديم كان من شأنه تخفيف العبء على الجيش المنهك ويسهم في دفع العملية العسكرية التي دخلت في حالة ركود.

التحديات السياسية الدولية: ترامب في مواجهة الأزمات

على الصعيد الدولي، أفادت صحيفة واشنطن بوست بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تواجه تحديات كبيرة في السياسة الخارجية، مع التركيز على الأزمات في غزة وأوكرانيا وإيران. 

وأشار المقال إلى أن ترامب كان قد قدم نفسه كـ "رجل صفقات" ووعد بحل الكثير من القضايا بسرعة، إلا أن بعد مرور 100 يوم من توليه الحكم، لا تزال العديد من القضايا العالقة، بما في ذلك ملف غزة.

 

مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
  • الصحف العالمية: تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتحريض على الإبادة وارتفاع حوادث القتل في الضفة الغربية
  • ضمن الاعتداءات.. قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • الصحة الفلسطينية: أكثر من 52 ألف قتيل في غزة منذ السابع من أكتوبر
  • اندلاع حرائق كبيرة في منطقة وادي القلط شرقي الضفة الغربية
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج التحقيق في هجوم السابع من أكتوبر
  • شبكات الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية بنية تحتية لفرض الضم
  • تصعيد مستمر للاحتلال في مدن الضفة الغربية