معركة السموع بين الأردن وإسرائيل.. لم تتعد 5 ساعات ومهدت لحرب 1967
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
تعتبر معركة السموع، التي اندلعت صبيحة الأحد 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 بين الجيش الأردني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، واحدة من المعارك التي أثارت انتقادات عالمية واسعة وأحدثت انقساما في الأوساط الإسرائيلية، إذ اعتبرت أكبر عملية عسكرية إسرائيلية تلت العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، واعتبرت من العوامل التي ساهمت في اندلاع حرب يونيو/حزيران 1967.
نفذت إسرائيل عدوانها على قرية السموع بذريعة وجود جيوب للعمل الفدائي الفلسطيني فيها. وتتمركز القرية جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية التي كانت تابعة للمملكة الأردنية الهاشمية، وكانت منطلقا للفدائيين للقيام بعدة عمليات عسكرية في العمق الإسرائيلي.
الأسبابلتنفيذ هجومها على قرية السموع تذرّعت إسرائيل بحادثة انفجار لغمين بالقرب من قرية "بتير" الريفية الفلسطينية، وهي من قرى الريف الغربي لمحافظة بيت لحم، وتسبب اللغم الأول بخروج قطار شحن إسرائيلي عن خطه، بينما تسبب الثاني بانفجار سيارة عسكرية أدى لمقتل 3 جنود، فحمّلت إسرائيل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مسؤولية ذلك.
ارتكزت إسرائيل على هذين الانفجارين "لدعم قرائنها" على وجود قاعدة للعمل الفدائي في بلدة السموع، وقالت إن الفدائيين نفذوا عدة عمليات عسكرية في العمق الإسرائيلي.
واختلفت الآراء حول الأسباب غير المعلنة لهذه المعركة -التي اعتبرت الأكبر بعد العدوان الثلاثي على مصر- إذ مهدت لحرب 1967، وهناك من يرى أنه تم استدراج الجيش الأردني للحرب بهدف تقييم قوة رده العسكرية وكشف أساليبه وخططه القتالية، كما اعتبرت هذه المعركة أيضا اختبارا لجدية اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وجزءا من خطة مسبقة لعدوان قادم شامل، تمثّل لاحقا في حرب يونيو/حزيران 1967.
بداية المعركةصبيحة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 احتشدت قوات اللواء المدرع الإسرائيلي السابع على الحدود الأردنية، واجتاز الإسرائيليون خطوط الهدنة، وبمساندة أسراب عدة من الطائرات المقاتلة دخلت قوة بقيادة العقيد يواف شاهام، مكوّنة من 400 جندي محمولين في عربات عسكرية و20 دبابة، وانقسمت إلى قوتين، اتجهت الأولى إلى قرية السموع بينما ذهبت الثانية باتجاه آخر قصد التضليل.
رصدت المواقع الأردنية عمليات الحشد الإسرائيلية وتحركت وحدات مدرعة على الحدود الأردنية أنذرت بالهجوم، ومع إدراك القيادة الأردنية للبداية الفعلية للتحركات الإسرائيلية تحركت قوتان من الجيش الأردني باتجاه السموع، الأولى عن طريق الظاهرية، والثانية عن طريق "يطا" تحت قصف الطيران الإسرائيلي.
ورغم محاولة سلاح الجو الأردني توفير الحماية والتغطية الجوية اللازمة بإرساله 3 طائرات من طراز "هوكر هنتر"، فإن ذلك كان من دون تأثير يذكر على سير المعركة نظرا للعدد الكبير للطائرات الإسرائيلية.
اتجهت 7 دبابات إسرائيلية نحو موقع "رجم المدفع" الأردني ودمرته بالقذائف المدفعية، وحصل الأمر نفسه في موقع خربة المركز وخربة الطوافي وقرية رافات، كما تقدمت أرتال مدرعة من الدبابات ثم المشاة المحمولة نحو بلدة السموع وخربة الأصيفر، حيث وقعت مواجهة مع القوات الأردنية على المحورين، وتمكنت من رد الرتل المتقدم نحو الأصيفر على أعقابه.
وتمكنت القوة العسكرية الإسرائيلية الزاحفة على 3 محاور نحو بلدة السموع من التغلب على المقاومة الأردنية في قرية رافات والمتابعة إلى السموع، وطوقت القرية لقطع الطريق على الإمدادات والمساندة، ودخلت وبدأت بنسف منازلها.
أبدى أهل القرية والقوات الأردنية المتمركزة في قرية السموع مقاومة شديدة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، كما دفعت القيادة العسكرية الأردنية بقوات إضافية لإسناد حامية السموع العسكرية، وقد تعرّضت هذه القوة أثناء تحركها إلى قصف جوي إسرائيلي مكثّف، وكمائن نشرها العدو على محاور التقدم لمنع الأردنيين من التدخل في الوقت المناسب.
ورغم التفوق الجوي الإسرائيلي وسيطرته الميدانية على ساحة المعركة، إضافة إلى تقدم قواته البرية ومهاجمة رافات والأصيفر والسموع وغيرها من المواقع في الضفة الغربية، فإن المقاومة الفلسطينية، بالتعاون مع الطيران الأردني، تمكنت من إسقاط 3 طائرات إسرائيلية من نوع "ميراج"، وألحقت بالقوات الإسرائيلية خسائر بشرية ومادية بلغت أكثر من 50 إصابة بين قتيل وجريح وتدمير 10 دبابات و12 سيارة وناقلة جنود مدرعة.
وأدت مقاومة القوات الأردنية إلى تراجع القوات الإسرائيلية قبل الانسحاب النهائي الذي تم على الساعة 10 قبل ظهر يوم العدوان نفسه، في حين قدرت خسائر المقاومة باستشهاد عدد من الأهالي المدنيين وبضعة عناصر من الجيش الأردني وفقدان طائرة مقاتلة وتدمير بعض المنازل في قريتي السموع ورافات.
القوات الإسرائيلية انسحبت خلال أقل من 5 ساعات من بدء عمليتها العسكرية في قرية السموع (الجيش الإسرائيلي) الخسائر البشريةمن الجانب الأردني والفلسطيني استشهد في هذه المعركة 13 جنديا وجرح في المعركة قائد لواء حطين العقيد بهجت المحيسن، إلى جانب 22 عسكريا، كما أحصت عدة عائلات شهداء منها، مثل عائلة العوران وعريقات والعثامين والعموش والختاتلة وشموط وصدقة والسويطي والخليفات وغيرها.
ومن الجانب الإسرائيلي بلغت الخسائر البشرية أكثر من 50 جنديا بين قتيل وجريح.
النتائج السياسيةعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 لسماع الشكوى التي تقدّم بها الأردن، ووجه الدعوة لسماع الرد الإسرائيلي.
وبعد جلسة الاستماع للجانبين قال ممثل المملكة المتحدة (بريطانيا) إنه والوفد المرافق له لم يجدوا أي مبرر لهذا "العمل العسكري الانتقامي غير المحسوب وغير المتناسب كليا، الذي اقترفته إسرائيل ضد الأردن".
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، طالب مجلس الأمن الدولي المراقبين العسكريين الملحقين لديه بإعداد تقرير عن النتائج التي توصلوا إليها بشأن الهجوم الإسرائيلي وقدم التقرير إلى مجلس الأمن بعد بضعة أيام.
وفي سابقة دولية انضم الاتحاد السوفياتي إلى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لإدانة الهجوم الإسرائيلي، بينما وصف السفير الأميركي آنذاك آرثر كولد برك الهجوم بأنه "لا يغتفر"، ودعا إلى إصدار قرار أممي يشجب ما قامت به "إسرائيل".
في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم (228) الذي يستنكر بالإجماع "الخسائر في الأرواح والأضرار البالغة التي لحقت بالممتلكات نتيجة لتحرك القوات الإسرائيلية".
واعتبر القرار هذا التحرك العسكري الإسرائيلي "انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ولاتفاقية الهدنة بين إسرائيل والأردن"، مشددا على "أن العمليات الانتقامية الإسرائيلية لا يمكن السكوت عليها، وأنها لو تكررت، فسيتخذ مجلس الأمن تدابير أكثر فاعلية من أجل ضمان عدم تكرار هذه الأفعال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القوات الإسرائیلیة الجیش الأردنی مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
عاجل - مسعف فلسطيني يكتشف أن ضحية الغارة الإسرائيلية التي ينقلها هي والدته
في مشهد مؤلم وسط تصاعد المآسي في غزة، عاش المسعف الفلسطيني عبدالعزيز البرديني لحظات صادمة حين أدرك أن الضحية التي ينقلها بعد غارة إسرائيلية، ليست إلا والدته التي كانت من بين ضحايا الهجوم. استهدفت الغارة الإسرائيلية سيارة في منطقة المغازي وسط قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، لتكشف هذه الحادثة عن واحدة من أبشع صور المعاناة اليومية التي يعيشها السكان في القطاع.
الغارة وأول لحظات الصدمةوقع الهجوم في ساعات الصباح عندما استهدفت القوات الإسرائيلية سيارة مدنية في منطقة المغازي، ما أسفر عن سقوط ثلاثة أشخاص، بينهم والدة المسعف عبدالعزيز. لم يكن يعلم عبدالعزيز حين هرع كالمعتاد إلى المستشفى لنقل الضحايا، أن والدته كانت من بين الجثث التي ينقلها؛ إذ اعتقد في البداية أنها ضحية أخرى من ضحايا الغارات المكثفة التي تشهدها غزة.
وبعد دقائق من وصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى، وأثناء تفقده للضحايا لتقديم الإسعافات، بدأ يدرك بعض التشابهات الملامح بين الضحية ووالدته. لحظات قليلة كانت كافية ليحسم الشك باليقين، عندما تبيّن له أن الجثة التي كان ينقلها هي بالفعل لوالدته التي قضت في هذا الهجوم.
مشاهد متكررة وسط تصاعد الضحاياهذه الحادثة هي واحدة من مشاهد مآسٍ لا تكاد تتوقف في غزة. فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الضحايا حتى الآن أكثر من 43 ألف قتيل منذ بدء العمليات العسكرية. وتعيش المستشفيات لحظات مشابهة باستمرار، مع استمرار سقوط الضحايا من مختلف الأعمار، ما يفاقم حالة الفجيعة بين الأسر، ويجعل من غزة ساحة لأبشع تجليات الألم والوجع الذي لا يعرف حدودًا.
حياة المسعفين بين الواجب والخطرالواقع الذي يعيشه المسعفون في غزة أصبح أصعب من أي وقت مضى، حيث يتوجب عليهم أداء واجبهم الإنساني رغم الخطر المستمر الذي يتربص بهم وعائلاتهم. يعملون ليل نهار لإنقاذ أرواح الآخرين، بينما قد يفقدون في أي لحظة أحد أحبائهم، دون أن تتاح لهم الفرصة لمواساة أنفسهم أو حتى أخذ الوقت للحزن.
تُبرز قصة عبدالعزيز البرديني تضحيات المسعفين، الذين يتحملون أعباءً نفسية وجسدية فوق طاقتهم، من أجل إنقاذ أرواح أبناء وطنهم. ففي غزة، كل لحظة جديدة تأتي بمعاناة جديدة، وكل مسعف يمكن أن يجد نفسه في موقف عبدالعزيز، بين مأساة شخصية وواجب لا يمكن التخلي عنه.