اسيا العتروس: كانت تسمى جنين.. صارت تسمى جنين
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
اسيا العتروس كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطيني.. نستعير من الشاعر الفلسطيني والعالمي محمود درويش كلماته الخالدة التي نعود إليها لاختزال المشهد الراهن واستحضار ما آلت إليه المجازر المفتوحة في مدينة جنين التي تتعرض لعملية قتل بطيء تحت أنظار العالم … أقل من شهر فصل بين المجزرة المفتوحة التي استهدفت مدينة جنين بين مجزرة الأمس وحتى كتابة هذه الأسطر فقد بلغ عدد الشهداء بين جنين ورام الله احد عشر شهيدا و من يدري فالشيء الوحيد القابل للارتفاع تحت الاحتلال هو عدد القتلى الفلسطينيين و و هذا طبعا إضافة الى عشرات المصابين ولاشك أنه في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية والتبجح من جانب القادة العسكريين لكيان الاحتلال بأنه لا وجود لأي ضغوط دولية لوقف العملية العسكرية في جنين فان الأمر سيتواصل وعمليات القنص والاغتيالات الموجهة واستهداف المدنيين ستستمر.
. وهذا ما تؤكده الأحداث والتجارب على مدى عقود من سلطة الاحتلال الإسرائيلي الهمجي.. ما يحدث في جنين لا يحتاج الى دراية خارقة بأدبيات القانون الإنساني الدولي ولا بمفهوم جريمة الحرب المرفوضة والمدانة في كل مكان وزمان .. ما يحدث في جنين جريمة حرب كاملة الأركان باستعمال أسلحة محرمة دوليا. لكن إسرائيل لا تتورع عن استعمالها.. في المقابل يبقى مخيم جنين عنوانا لإرادة الحياة والإصرار على البقاء والتمسك بما بقي من الأرض رغم كل الممارسات الإرهابية التي تستهدف الأهالي وتستهدف شباب المقاومة الذي يقف بالمرصاد للاحتلال ويسعى الى اقتلاع موقعه وتأكيد وجوده ويرفض كل محاولات الاقتلاع والتهجير والنفي .. في معاهدات القانون الدولي تشكل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني جرائم حرب.. ولعلنا لا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن ما عاشته وتعيشه جنين من عدوان بمختلف أنواع السلاح المتوفر للجيش الإسرائيلي يتنزل في حكم جرائم الحرب المدانة والمرفوضة في كل العصور والعهود وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب الملاحقة والمحاسبة التي ترفض أن تأتي .. ما حدث في الساعات القليلة الماضية في مدينة جنين أعاد الى الأذهان ما أقدم عليه البلدوزر شارون في 2002 عندما حاصر جنين واقتحمها لتستمر المواجهات مع المقاومة على مدى إحدى عشرة يوما نال فيها الاحتلال ما ناله رغم انعدام التوازن وانعدام السلاح من المقاومة الفلسطينية الباسلة من تصد وإصرار على عدم الاستسلام للمحتل .. السلطة الفلسطينية التائهة بين الاحتلال المسعور وبين قلة الحيلة والخوف من الانهيار وصفت ما يحدث في جنين بجريمة حرب وهي فعلا جريمة حرب تستهدف المدنيين من نساء وأطفال وشباب وتستهدف البشر والشجر وتستهدف سيارات الإسعاف والمستشفيات والكهرباء والماء بما يعني أن جنين أمام عملية إبادة مخطط لها يجري تنفيذها على أرض الواقع .. إزاء ما جرى وما يجري لم تجد السلطة الفلسطينية من خلاص سوى مطالبة الجامعة العربية بعقد اجتماع طارئ اليوم لإيقاف المجزرة.. طبعا لا نريد استباق الأحداث ولسنا في إطار قراءة المجهول ولكن الحقيقة أنه سيكون من الغباء انتظار موقف أو قرار من الجامعة العربية يمكن أن يردع كيان الاحتلال أو يقف دون مواصلة ناتنياهو جرائمه المتراكمة التي يسعى من خلالها أيضا الى الهروب من أزماته السياسية الداخلية ومن الملاحقات القانونية لشخصه وزوجته بالفساد وهو بالتأكيد كسابقيه يجد خلاصه في الدم الفلسطيني المستباح لتحويل الأنظار عن فشله داخليا واقتراب موعد انهيار حكومته المتطرفة … وقد أكدت الأحداث أن افتعال الأزمات والمرور الى تأجيج الأوضاع وإعلان الحرب على الفلسطينيين كانت ولا تزال خيارا أساسيا للهروب من الأمر الواقع وتأجيل السقوط ولو الى حين وإطالة عمر الائتلاف الحاكم المتطرف .. يقول أغلب شباب جنين “لسنا عشاق الدم بل عشاق الحياة إذا استطاعنا إليها سبيلا”.. ولكن عندما يفرض على المواطن الفلسطيني الدفاع عن أرضه وعرضه وما بقي من كرامة الوجه فإنه سيضع حتما نصب عينيه هذه الكلمات الرائعة التي تغني عن كل البيانات العربية الجوفاء ويردد .. عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ. نحن بدورنا نقول كانت تسمى جنين صارت تسمى جنين .. آسيا العتروس
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
يزيد جعايصة.. قيادي في كتيبة جنين قتلته السلطة الفلسطينية
يزيد جعايصة مناضل فلسطيني ولد في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، كرّس حياته للدفاع عن وطنه والوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، سواء بالعمل المقاوم أو مواجهة الاعتقالات والملاحقات الأمنية، انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين.
قُتل برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين.
المولد والنشأةولد يزيد محمد نايف جعايصة عام 1996 في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ونشأ في ظل الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية للمخيم.
عمل في مجال التمديدات الكهربائية، وكان يُعرف بهدوئه وتوازنه في التعامل مع الآخرين، إضافة إلى قلة كلامه التي عكست شخصيته المتزنة والمتحفظة.
الفكر والتوجه الأيديولوجيتبنى جعايصة توجها قوميا فلسطينيا، فقد تأثر بالتيارات النضالية، وآمن بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر المقاومة المسلحة والرد المباشر على الاحتلال ومجازره وسيلة لتحقيق حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.
التجربة النضاليةانخرط جعايصة منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين متعهدا بالدفاع عن حقوق شعبه، فقد شكلت البيئة المحيطة به وحياته اليومية في المخيم ملامح شخصيته النضالية.
وأُصيب عام 2019 إصابة خطيرة في بطنه أثناء اجتياح قوات الاحتلال مخيم جنين. وتعرض للاعتقال مرات عدة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى ما مجموعه 4 سنوات في السجون.
واعتقل للمرة الأولى في سجن مجدو حيث قضى عامين ونصف، وواجه صنوفا من التعذيب فيه، وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، دهمت قوات الاحتلال منزله في جنين وأعادت اعتقاله، وحققت معه في مركز توقيف الجلمة لأسبوعين، ثم أصدرت محكمة سالم حكما بسجنه مدة 13 شهرا مع فرض غرامة مالية بألفي شيكل.
إعلانوأثناء فترة اعتقاله، تأجلت محاكمته 7 مرات في محاولة لإضعاف عزيمته، لكنه ظلّ ثابتا على موقفه حتى أُفرج عنه في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وبعد الإفراج عنه استهدفته قوات الاحتلال مرات عديدة، واعتبرته مطلوبا أمنيا ووصفته بأنه "خارج عن القانون".
يزيد جعايصة انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين (مواقع التواصل) الاستشهادقُتل يزيد جعايصة برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين، وسط حصار واسع فرضته الأجهزة الأمنية على المخيم قبل 5 أيام من مقتله.
ويوم استشهاده حاصرت أجهزة السلطة مستشفى جنين الحكومي، وفتشت سيارات الإسعاف، واقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع جعايصة.
وردَّ المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية العميد أنور رجب على الانتقادات الموجهة ضد الأجهزة الأمنية في جنين، بأنها "حققت نجاحات كبيرة" في حفظ نظام المدينة والمخيم ضد من وصفهم بـ"الخارجين على القانون" في إشارة إلى مقاومي الاحتلال.