بعد 5 أيام من التوتر والعنف الذي ساد المدن الفرنسية، على خلفية احتاجات منددة بالعنصرية والعنف الشرطي، التي أججها مقتل الفتى العربي «نائل»ن ووسط انتقادات وجهها الإعلام الفرنسي لإدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وحضه على الاعتراف بوجود «أزمة عنصرية مؤسسية» تجاه قاطني الأحياء الفقيرة، اعتبرت وزيرة المنتدبة المكلفة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة للتجارة في فرنسا أوليفيا جريجوار، أن الأحداث التي وقعت في البلاد «تتعلق بأزمة شبابية» رافضة وصفها بأزمة طبيقية تتعلق بالضواحي الفقيرة.

أخبار متعلقة

«الجمهورية» فوق صفح ساخن.. رصاصة «عنصرية» تقتل نائل العربي وتشعل فرنسا (تقرير)

استمرار الاحتجاجات في فرنسا لليوم الخامس.. ومرشح رئاسي يحذر من «حرب أهلية»

«ماكرون» يتوعد مثيرى الشغب فى فرنسا بـ«إجراءات صارمة»

وشهدت فرنسا موجة غضب توصف بأنها الأصعب منذ احتجاجات السترات الصفراء، في اجتجاجات تواصلت لخمسة أيام تخللتها أعمال عنف وصفت بأنها الأشد منذ قرابة العقدين، وذلك إثر مقتل الشاب نائل، 17 عاما ذو الأصول الجزائرية برصاص شرطي بضاحية نانتير الباريسية، خلال نقطة مرورية.

وأثارت موجة العنف هذه أسئلة بشأن أسباب ذلك التوتر بين شبان الضواحي ومؤسسات بلادهم، وفقًا لوسائل إعلام فرنسية، أدت الحادثة، التي هزت الشارع الفرنسى، إلى تسليط الضوء على أوضاع من يسكنون الأحياء الشعبية وبينهم من ينحدرون من أصول عربية وإفريقية وما يعانونه من تهميش وتمييز؛ إذ يعانى شباب الضواحى الباريسية الفقيرة من ارتفاع معدل البطالة والفقر وافتقارهم إلى الفرص الاقتصادية، إضافة لتعرضهم لأشكال متعددة من العنصرية، أبرزها العنف الشرطى.

وفي تصريحات تلفزيونية رفضت الوزيرة الفرنسية، وصف الازمة بانها ازمة ضواحي فقيرة رافضة التعميم في ذلك كما نفت وجود عنصرية مؤسسية في الأجهزة الشرطية أو أجهزة إنفاذ القانون في فرنسا، موضحة أن الشرطي الذي أطلق النار وقتل الشاب نائل هو قيد الحبس الاحتياطي، والقانون سيأخذ مجراه، معتبرة أن الغضب نتيجة الحادث أمر مبرر، ولكن أعمال الحرق والتكسير لا تعبّر عن المأساة التي حدثت.

انتقادات

انتقدت وسائل إعلام فرنسية ردود الفعل الرسمية على الاضطرابات التي تشهدها فرنسا داعية إدارة الرئيس ماكرون إلى ضرورة الاعتراف بوجود «أزمة عنصرية مؤسسية» والعمل على إيجاد آلية لمحاورة المحتجين وامتصاص غضبهم؛ إذ اتفقت صحيفتي لوموند «LeMonde» ومجلة «L’Obs» على أن وقف دوامة العنف وتهدئة الوضع الملتهب في عموم المدن الفرنسية ورأب صدع العلاقات بين الشرطة والشباب من أحياء الطبقات الشعبية العاملة، يستلتزم حوارا، واتباع نهج مغاير معهم، يُنهي شعورهم بالتهميش وبالإهمال.

واعتبرت صحيفة «لومند» ما شهدته فرنسا من ليالٍ مأساوية تخللتها أعمال نهب وتخريب على إثر مقتل الشاب نائل، تعكس حالة غضب واسعة النطاق لدى سكان الأحياء الشعبية والطبقة العاملة من المهمشين، لافتة إلى ضرورة قراءة ما يحدث بعين مختص في العلوم الاجتماعية، لتهدئة الوضع.

وذهبت مجلة «لوبس» التي اعتبرت أن العنف واعمال الشغب التي شهدتها فرنسا لها أبعاد طبقية، ما يفسر وجود «أزمة عنصرية مؤسسية»، كما حضّت المجلة، إدارة الرئيس ماكرون على الاعتراف بالأزمة كخطوة أولى لمعالجتها.

متوسط أعمار الموقوفين يثير قلقا


ويثير متوسط أعمال الموقوفين قلقا؛ إذ اعتقلت عناصر الشرطة والدرك أكثر من ألفي شاب بتهمة إثارة الشغب، ووفقا لوزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمنان، فإن متوسط أعمار ثلث الموقوفين ليلة الخميس الماضي والبالغ عددهم 875 شخصا يبلغ 17 عام.

وبدأ الموقوفون بالمثول أمام محاكم المنطقة الباريسية، وقد تبين أن بعضهم هم تلامذة في المرحلة الثانوية، وآخرون تلامذة في معاهد مهنية، بينما يعمل بعضهم الآخر نادلين في مطاعم وحانات، وكثير منهم بالكاد بلغوا سن الـ18 عاما، وغالبيتهم ليس لديه أي سجل إجرامي، وفقا لوسائل الإعلام الفرنسية.

ليست المواجهة الأولى

موجة العنف الراهنة تماثل أحداثا شهدتها فرنسا في عام 2005، إثر مصرع مراهقين صعقا بالكهرباء في حي «كليشي سو بوا» بضاحية «سين سان دوني» الباريسية أثناء محاولتهما الفرار من الشرطة؛ إذ قالت مارتين أوبري، رئيسة بلدية مدينة «ليل»، في تصريحات تلفزيونية: إنه في تلك المرحلة «كان هناك عدد أكبر من الشبان في الشوارع وكانوا أكبر سنا. كانوا يضرمون النار في السيارات وعربات الإطفاء، لكن كان بإمكاننا أن نتواصل معهم».

وأضافت المسؤولة الاشتراكية: أنه بالمقابل فإنه في الاحتجاجات الراهنة «لدى السلطات الفرنسية عدد كبير من الأطفال» الذين «لا يمكن أن نتحاور معهم».

احتجاجات فرنسا مقتل نائل عنصرية مؤسسية ماكرون عنف الشرطة

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: احتجاجات فرنسا مقتل نائل ماكرون

إقرأ أيضاً:

الذكاء الإصطناعي وإدارة العمليات الطريق إلى كفاءة مؤسسية ناجحة

في عصر يشهد تحولات تقنية متسارعة لم يسبق لها مثيل، يظهر الذكاء الإصطناعي كأداة رئيسية تعيد تشكيل إدارة العمليات في المؤسسات بشكل يعزِّز الكفاءة والإنتاجية، ويضيف أبعادًا جديدة للابتكار.

لا يمكن إنكار أن الذكاء الإصطناعي يملك القدرة على تحقيق تحولات جذرية، لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جاهزية مؤسساتنا في المملكة لمواكبة هذه الثورة التقنية، وحول مدى استعدادنا لتحمل تبعات هذا التحول، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتقليص الوظائف مقابل تحسين الكفاءة. كان هذا عنوانا لمقال قرأته مؤخرا في Harvard Business Review للكاتب توماس ريدمان، والذي تناول بأسلوب رائع كيف يمكن لهذا التكامل بين العمليات والذكاء الإصطناعي أن يعيد صياغة مستقبل المؤسسات.

لقد أصبحت تجارب الشركات العالمية في هذا المجال، بمثابة أمثلة رائدة تُلهم المؤسسات حول العالم. فشركة “مارس ريغلي”، على سبيل المثال، لجأت إلى اعتماد تقنيات الذكاء الإصطناعي لبناء نموذج رقمي يحاكي خطوط إنتاجها، ممَّا أتاح لها تقليل الفاقد، وتحقيق تكامل سلس في سلسلة التوريد. النتيجة كانت انخفاضًا في الأخطاء التشغيلية، وارتفاعًا في رضا العملاء. مثل هذه التجارب تسلِّط الضوء على الإمكانات الهائلة لهذه التقنيات، لكنها في الوقت ذاته، تكشف عن التحدّيات التي قد تواجه المؤسسات التي لا تزال في بداية رحلتها الرقمية.

في وطننا الغالي، ومع تزايد التركيز على التحول الرقمي في إطار رؤية 2030، يبدو أن الكثير من الشركات قد بدأت بالفعل بالاستثمار في التقنيات الحديثة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه الإستثمارات موجهة نحو التحسين الحقيقي لإدارة العمليات؟ أم أن التركيز ينحصر في استخدام هذه التقنيات لتعزيز بعض الجوانب المحددة مثل التسويق الرقمي أو خدمة العملاء؟ لا شك أن إدارة العمليات بشكل متكامل ليست مجرد ترف تقني، بل هي ضرورة لتحقيق التكامل بين المهام المختلفة للمؤسسة.

على الرغم من ذلك، فإن التحدِّيات التي تواجه المؤسسات في المملكة ليست بسيطة. أحد أبرز هذه التحديات، كما أبلغني به بعض المدراء في بعض المؤسسات، هو غياب التنسيق بين الأقسام المختلفة داخل المؤسسة، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعطيل العمليات بدلاً من تحسينها. عندما تعمل كل إدارة بمعزل عن الأخرى، فإن البيانات تصبح مشتتة وغير متناسقة، ممّا يجعل من الصعب استخدام الذكاء الإصطناعي، أو أي تقنية أخرى، لتحقيق التحسين المطلوب.

التحول نحو الذكاء الإصطناعي، ليس مجرد قرار تقني؛ بل هو عملية تغيير شاملة تحتاج إلى إدارة واعية ومتكاملة. إدخال مثل هذه التقنيات، يتطلب تدريب الموظفين، وتغيير العقليات التقليدية، وإقناع أصحاب المصلحة بجدوى هذا الاستثمار. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني. فالذكاء الإصطناعي قد يؤدي إلى تقليص عدد الوظائف التقليدية، وهو أمر قد يُنظر إليه باعتباره سلبيًا في سوق العمل بصفة عامة، حيث تسعى الحكومات إلى خلق المزيد من الفرص الوظيفية لمواطنيها.

لكن هل يمكننا أن ننظر إلى هذا الأمر من زاوية مختلفة؟ بدلاً من القلق بشأن فقدان الوظائف، يمكننا أن نعتبره فرصة لإعادة تأهيل الموظفين، وتدريبهم على مهام جديدة تتناسب مع احتياجات السوق الرقمي. فالتقنيات الحديثة ليست عدوًا للعنصر البشري، بل يمكن أن تكون أداة تمكين تعزِّز من قدراته وتفتح له آفاقًا جديدة.

تبنِّي الذكاء الإصطناعي في إدارة العمليات، ليس مجرد خيار إضافي للمؤسسات في المملكة، بل هو ضرورة لتحقيق تنافسية أكبر في سوق عالمي يتجه نحو الرقمنة بوتيرة متسارعة. لكن نجاح هذا التحول، يعتمد على مدى استعدادنا كمؤسسات ومجتمع للتعامل مع تحدِّياته، وتبنِّي فرصه. نحن بحاجة إلى استراتيجية متكاملة لا تقتصر على توفير التقنيات، بل تمتد إلى بناء القدرات، وتعزيز الوعي، وتشجيع الابتكار.
إن مستقبل المؤسسات بشكل عام، مرهون بقدرتها على تحقيق التوازن بين الكفاءة والإنتاجية من جهة، والمحافظة على قيمة العنصر البشري من جهة أخرى. الذكاء الإصطناعي ليس نهاية الطريق للوظائف التقليدية، بل هو بداية لمرحلة جديدة يمكن أن تحقق فيها المؤسسات الريادة في عصر يعتمد على التكنولوجيا كركيزة أساسية للنجاح.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الإصطناعي وإدارة العمليات الطريق إلى كفاءة مؤسسية ناجحة
  • كواليس أزمة مسلسل غادة عبد الرازق.. لماذا انسحب النجوم؟
  • ترامب: أمرنا بضربات جوية على مقاتلين داعش في الصومال
  • مقتل سيدة على يد شريكها.. إسبانيا تسجل أول ضحية للعنف ضد النساء لعام 2025
  • بعد 483 يوماً من جحيم لا يمكن تصوره..ماكرون: أتقاسم الفرح مع أقارب الرهينة الإسرائيلي الفرنسي
  • ماكرون يعرب عن سعادته بإطلاق سراح المحتجز عوفر كالديرون من غزة
  • إيمانويل ماكرون: نبذل كل ما في وسعنا لإطلاق سراح محتجز يحمل الجنسية الفرنسية
  • ماكرون: نبذل ما في وسعنا لإطلاق سراح محتجز يحمل الجنسية الفرنسية من قطاع غزة
  • إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب
  • ماكرون يؤكد لنيجيرفان بارزاني مواصلة دعم فرنسا للعراق والكيان الدستوري لكوردستان