صدى البلد:
2025-04-17@01:22:52 GMT

هند عصام تكتب: الملكة الشقراء أجمل نساء الأرض

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

فك شفرة التاريخ والتعرف علي الحياة الفرعونية في مصر القديمة خلف القناع يثير فضول العالم بأسره قد لا نكون قادرين حقا علي عبور الزمان لمقابلتهم ولكننا نبحث باستمرار عن فرصاً لنعرف كيف كانت حياتهم وكأن أجدادنا المصريين كانوا علي علم بفضولنا وفضول  العالم نحونا ولذلك برعو في نقل أسرار الحضارة لنا بكل الطرق من خلال أجسادهم المحنطة والنقش علي جدران المقابر والمعابد، بالإضافة إليّ  البرديات والاثار الثمينة التي لم تترك شيء إلا ودونته ولذلك سنظل  أعظم حضارة في العالم لم ولن تندثر أبداً نحن الغائبين الحاضرين بأجسادنا المحنطة وأرواح أثارنا الثمينة ولذلك حاذر كل الحذر وأنت بتدوس على تراب مصر فكل حبة رمل في مصر بتحكي تاريخ اجدادنا المصريين القدماء وكل شبر في أرض مصر بداخله حكاية عظيمة لملوك وملكات مصر العظيمة ،وكلما أعتقدنا أننا قد انتهينا من حكايات ملكات مصر الفرعونية تأتى لنا ملكة عاتبة علينا كيف لا نروي حكاياتها للأحفاد وهي الملكة خنت كاوس هيا بنا نتعرف علي قصتها .


ولدت الملكة خنت كاوس في القرن 26 قبل الميلاد واسمها يعني (مقدمة أرواحها)  و هي أبنة الملك منكاورع صاحب الهرم الثالث  
وتم وصف شكل الملكة خنتكاوس، والتى كان يسميها المؤرخون اليونان بـ«نيتوكريس» حيث قال عنها إنها أجمل النساء الارض ، شقراء لها وجنتان ورديتان، وهى التى بنت الهرم الرابع. 
وهي أول ملكة كتبت على باب هرمها  ألقابها، ومنها «ملك الوجهين القبلى والبحرى والأم الملكية وبنت الإله وكل شيء تأمر به يُنفذ لأجلها» ، ونلاحظ أنها أطلقت على نفسها لقب "ملك" وليس "ملكة"، كما فعلت من بعدها حتشبسوت فى الأسرة الثامنة عشرة وحظيت خنتكاوس بألقاب عديدة منها أم الملك وأم ملك مصر العليا والسفلى أو ملكة مصر السفلى والعليا ووالدة ملك مصر العليا والسفلى ، ويقال أنها كانت الأميرة وريثة الدم الملكى ، ولم يكن لمنكاورع ابن ذكر من زوجته الرئيسة عند وفاته ، فخلفه على العرش ابنه شبسسكاف من احدى محظياته وهي زوجة غير رئيسة  ،  حيث لم يكن يحق لرجل أن يتولى الحكم إلا لو كان يحمل الدم الملكى أى من أب وأم ملكيين.  فتزوج شبسسكاف من أخته خنت كاوس  ليدعم جلوسه على العرش في عصر الاسرة الرابعة  ، لان الملكة خنتكاوس  كانت أبنة لأبوين ملكيين وكان الدم الملكى يجرى فى عروقها، فأمها وأبوها ملكيان، وأى منافس لها لا يتمتع بما لها من أحقية ، وأنجبت منه ابنه ووريثه على العرش جدفبتاح وكان طفلا صغيراً فحكمت له كوصية على عرشة ، لكنه يموت صغيراً ويشاء الله أن ينتهى حكم شبسسكاف أيضا دون وريث ذكر ، فتنفرد خنتكاوس بالعرش قرابة عامين 2479-2477ق.م مره أخري ، وكل الشواهد تؤكد أن الملكة خنتكاوس حكمت مصر كملك مستقل ،  وأخرى تشير الى انها كانت مجرد زوجة ملك وام ملك ، خاصة وان اسمها لم يظهر مكتوبا داخل الخرطوش الملكى قط ، ولكن  يتفق جميع علماء الاثار على أن الملكة خنتكاوس  صاحبة دور مهم فى انتقال السلطة سلميا بين الاسرتين الرابعة والخامسة ، ثم تزوجة من الملك أوسر كاف كبير كهنة رع وقد تزوجها أوسر كاف بعد وفاة زوجها كى يضمن الوصول إلى عرش مصر وتأسيس أسرة جديدة هى الأسرة الخامسة  ، لتنقل اليه شرعية العرش للمرة الثانية ، لكن فى هذه المرة لاسرة جديدة لم تكن ذات أصول ملكية ليبدأ عهد جديد هو عصر الاسرة الخامسة ، لذا كانت الملكة خنت كاوس هى همزة الوصل بين الأسرتين الرابعة والأسرة الخامسة.  وأنجبت  خنتكاوس من أوسر كاف ولدين هما ساحورع ونفريركارع وهما الملكان الثانى والثالث من الأسرة الخامسة. أما الدور الأهم للملكة خنتكاوس فهو حفاظها على العرش ونقل السلطة سلمياً بين أسرتين ، وقد أدى هذا الى ترويج دعاية دينية سياسية لنشأة ملوك الأسرة الخامسة الذين ينحدروا إلي أصل غير ملكى بل كان أولهم أوسر كاف  كاهناً لرع، فادعى هو وابناؤه انهم أبناء الاله رع من كاهنه رع المدعوة "رودجدت"، كما فعل أن ابن خوفو «حرددف» جاء لأبيه بساحر متنبئ يُدعى «ددي» والذى قال للملك «إن ابنك سيحكم وابن ابنك سيحكم ثم واحد منهم». وجاء أوسر كاف وأبنائه بساحر أوهم الشعب  وقال الساحر إن هؤلاء الأولاد الثلاثة سوف تنجبهم زوجة كاهن «رع» التى حملتهم من الإله نفسه، ثم تسميهم الإلاهات بأسماء تشبه فى لفظها أسماء الملوك الثلاثة الأوائل للأسرة الخامسة وهم أوسر كاف وساحورع وكاكاو، وأن الإله وعد الأم بأنهم سيحكمون، وأن أكبرهم سيكون كاهنًا أكبر لعين شمس.


ومن المحتمل جدًا أن تكون "خنتكاوس" قد تزوجت كاهنًا من كهنة عين شمس العظماء، وبذلك يكون الدم الملكى فى أولادهما، وعزز هذا كهنة «رع» الذين أخذ حظهم يرتفع، لذا أصبح الملك يسمى «ابن الشمس»، وربما ادعى الملك أنه هو ابن الشمس الحقيقي، لأن والده كاهن الإله "رع" .
كما أن يرى أغلب الآثاريين أن الكاهنه رع المدعوة "رودجدت "
هي نفسها الملكة خنتكاوس ، لكن هذه القصة لم تدون كتابة الا فى نهاية عصر الاسرة الثانية عشرة اى حوالى سبعمائة عام من بداية الاسرة الخامسة. ونالت الملكة خنتكاوس قداسة وتوقيرا واحتراما كبيرا فى عصر الأسرة الخامسة لدرجة أنه تسمت إحدى ملكات هذه الأسرة باسمها، وعرفت باسم «خنت كاوس الثانية»، زوجة ابنها الملك نفر إير كارع كاكاى . توفيت الملكة  خنتكاوس في القرن 26 قبل الميلاد ودفنت فى قبرها الفخم بالجيزة والذى يقع الى جوار الطريق الصاعد لهرم أبيها الملك منكاورع . وفي 4 يناير 2015، اكتشف أثريون بالتشيك مقبرتها ، حيث كانت مقبرة خنت كاوس مدفونة في أبو صير، كما توجد العديد من أهرامات فراعنة الأسرة الخامسة، من بينهم نفر إف رع، عثر على المقبرة بالقرب من المجمع الجنائزي لنفر إف رع بواسطة فريق أثري تشيكي بقيادة ميروسلاف بارتا من جامعة تشارلز، براغ، بالتعاون مع الأثريين المصريين، حيث كان اسم خنت كاوس وترتيبها منقوشا على الجدران الداخلية للمقبرة، ربما بواسطة البنائين، وكذلك الرسومات الموجودة عرفتها على أنها "زوجة الملك" و"أم الملك"، وهذا يعنى أن ابنها تولى العرش، كما أن التماثيل والأواني الحجرية الأربعة والعشرون، بالإضافة لأربع أواني نحاسية تم العثور عليهم في المقبرة .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: على العرش

إقرأ أيضاً:

الدكتورة أمل جمال تكتب: سحر الواقع وشخصيات من لحم ودم.. قراءة في حكايات ياسر الغبيرى "ليالي الطين"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق أن تعرف ياسر الغبيري إنسانيا، هو أن تتعرف على ماسة متعددة الوجوه تشع جمالا حين تتأملها من أية زاوية. فهو الأكاديمي باحث الدكتوراه، وهو الصحفي النابه أوسطي الصحافة الثقافية وفارسها، وهو الإنسان الذي تفتخر بمعرفته وتتحدث معه وعنه بنفس أريحية الحديث عن ابن خالتك أو ابن عمك أو جارك الخلوق الذي تربى معك في نفس الشارع، وهو ابن الصعيد الذي ربما لم تزره طوال عمرك. ولا تعرف عنه سوى الصورة النمطية المتلفزة. وجه جديد نتعرفه لياسر الغبيري اليوم حين يفاجئنا كأديب ويقدم لنا مجموعته القصصية (ليالي الطين) من قلب الجنوب، وواقعه الأرض التي تحتفظ بأسرارها، والناس الذين يعيشون على فطرةٍ ممزوجة بالحكمة وتقاليد تشعر بها معاشة لا مكتوب عنها. تنبثق هذه القصص من واقعٍ حقيقي عايشه الناس وسكن الذاكرة الجمعية لأهالي الصعيد.الدكتورة أمل جمالعشر قصص تتكون منها المجموعة وتحمل عناوين مختلفة هي (سعيكم مشكور - غواية - ليالي الطين - محرقة- نوفل الخط- الخروج الأخير- قُبلة مفقودة - ثأر صفية - سيدنا الولي- بضاعة الله) لتأخذنا في رحلة لا تسعى إلى الحكي فقط؛ بل إلى ما هو أبعد: فهي تلتقط التفاصيل الصغيرة التي تصنع المصائر، وتُعلي من قيمة الحق والخير في وجه القسوة والخطأ. ولأنها قصص من لحم الناس ودمهم فلا شك أننا، ستجد بين ثنايا السطور نبض الأرض، وصدى الصدق، وحكمة الأجداد.

 

روح الواقع/ سحر المكان

 يقول الروائي الكبير بهاء طاهر: "لا تستطيع الكتابة عن شخص دون أن تكتب عن المكان الذي نشأ فيه، فالمكان في الصعيد، تحديدًا، ليس حيّزًا جغرافيًا، بل قدر يُكتب مع الميلاد"، والمكان ليس مُجرّد موقع للأحداث فقط وإنما مشاركًا وفاعلًا ومحددًا لعلاقة الإنسان بجذوره، يُضيء داخل النص أيضًا وليس إطارًا للأحدا. يتعامل ياسر مع المكان من مستويين. المستوى الأول لا يصف المكان جغرافيًا معتمدًا على المطبوع في الذهن عنه فيقدمه مجردًا، يُشبه أي مكان وكل مكان مثل مكتب البريد والمباني الحكومية التي يقومون بترميمها وتجديدها كما في قصة سعيكم مشكور- ومقر الجريدة ومكب النفايات كما في قصة محرقة. البيوت والشقق العادية كما في قصة غواية وقصة قبلة مفقودة. حتى الكمين وقوة الحراسة والجبل الذي عاش فيه نوفل الخط والأماكن بالقاهرة. المستوى الثاني يعتني به ويعمد أن يقدمه لنا حين يشتبك المكان مع الشخصيات في الحدث. لأن المكان يُسهم في تشكيل السرد من خلال ما يخفيه أيضًا لا ما يظهره فقط لنا كقراء، كما جاء في وصف غرفة الجدة سمرة في قصة (الخروج الأخير) أشار إلى أنها غرفة لا تخرج منها الجدة العجوز التي ترفض أن يتذكرها الأهل فقط في الأعياد. ترفض علاقة الآخرين بها من قبل الواجب وترفض أن يدخل غرفتها إلا من يحبها بشكل حقيقي وكأن هذه الغرفة هي مملكتها أو درعها في مواجهة زيف العلاقات، وحينما قررت أن تخرج كان خروجها الأخير إلى المقابر.

المكان الآخر الذي اختصه (ياسر) بعنايته في الوصف جاء في قصة (ثأر صفية) وصف بيت صابر الحارس الليلي لمصنع الجلود، وزوج صفية وأبو الشاب حسين الذي قتل غدرا رغم تضحيات الأم وتربيتها له يتيمًا. كان من الضروري أن يرسم مكان الأحداث لنرى جيدا من أين جاءت الرصاصة وأين اختبأ الغادر ببندقيته وأين كان ينام. والمكان الذي فرت منه صفية بابنها واعتزالها العائلة بعد ما حدث لتنجو بابنها من قدر القتل وتنجو بنفسها من نار الثأر التي أبت إلا أن تطالها بعد قتل ابنها. هنا نجد المكان قد تحول إلى شاهد على الجريمة ومشاركًا فيها حين احتوى القتلة والضحايا. وهنا نذكر قول فلاديمير نابوكوف "وصف المكان هو ما يثبت القصة في الذاكرة. يمكننا أن ننسى الحبكة، لكننا لا ننسى الغرفة التي دارت فيها المواجهة".

غلاف المجموعة القصصية "ليالي الطين"الأحداث

تتنوع الأحداث وتتسارع في "ليالي الطين" بلغة صحفية سريعة ودالة تضرب تقصد قلب الهدف كطلقة، ولا تستهلك وقت القارئ في سرد مترهل وهو ما أعتقد أنه تأثير الكتابة الصحفية التي استشعرتها في مشروع قتل جارة للكاتب الكبير صبري موسي. في هذه المجموعة لا نروي خيالًا جامحًا ولا أحداث تنبع من فراغ بل من واقع حقيقي، نسجت ونضجت تحت شمس الصعيد. أحداث تحمل في طياتها الأمل والإحباط والتقاليد والهروب منها والغدر المحبة باختصار تقدم القسوة والعادلة في آنٍ معًا. في قصة "سعيكم مشكور" نرى انتظار بطلها خمسة عشر عامل لنشر إبداعه في مجلة زهرة الخليج ونرى أمله الذي لم يمت لأنه مؤمن بالكتابة وبأهمية ما يكتبه وقيمته. لنفاجأ في النهاية بالرسائل التي أرسلها بعلم الوصول إلي المجلة مُلقاة في أجولة مكتب البريد في النفايات حينما كانوا بصدد تجديده هو وشباب العائلة. فيسخرون مما حدث له وما فعله ليقدموا له العزاء في حلم عمره خمسة عشر عاما.  نرى مجنون القرية أو بركتها الذي يُضحكنا ويحيرنا ويبكينا في تنقله من حال الي حال وبكتابة واقعية تحمل تراثنا من الإيمان ببركة هؤلاء وخوفنا من كراماتهم وعطفنا عليهم وإن شتمونا أو دعوا لنا بالخير أو شاركونا أحداثا وفق مزاجهم وأهوائهم.

أما أهم ما يميز الصعيد من عادات قديمة وهو الثأر فيقدمه في قصة ثأر صفية لنرى كيف تهرب صفية بولدها من قدر الثأر وتبتعد به ليكون ملاكا طيب القلب لا يحمل غلا ويربي الحمام فتقنتصه رصاصة الغدر من عائلته التي فرت منها أمه به (أعمامه وأخواله) لتنفجر بعدها وتنطلق كذئبة مجروحة تقتل قاتل ابنها وتعود للعائلة التي قتلت زوجها وابنها وتتحدى. نرى في قصة الغواية، الخيبة والغوص في النفوس البشرية وقتل الاب لابنه في نهاية غير متوقعة. الإحباط في وقت كورونا وتصوير الحياة في القرى وقتها وهروبهم من المدينة ثم العودة لأعمالهم لنجد البطل قد فقد جميع أوراقه الرسمية وأوراق عائلته. أما "ليالي الطين" القصة التي يحمل عنوانها الكتاب فأهمهم على مستوى السرد لأنها حكاية دائرية تبدأ بالنهاية ثم ندخل لتفسير الأحدان لنصل إلى نفس النقطة. في مشهدية أشبه بالأحداث اليونانية القديمة حينما ضربتها على وجهها ليلي العجوز وهي تضع الطين على رأسها ووجهها لموت ابنها لإهمالها فيه وسلوكها المشين. وكان ما حدث كان عقابًا إلهيًا مُدويًا أمام القرية كلها. 

في تفاصيل كل قصة، يقدم ياسر رؤيته للأحداث بحيادية وفي نهاية كل قصة، يأتي الجواب، صارخًا، مؤلمًا، لكنه دائمًا مُستحق. لا تهدف القصص إلى وعظٍ مباشر، بل تُمسك القارئ من يده وتُريه اختيارات البشر، وكيف تأتي العدالة – ولو بعد حين إلى مواضعها المستحقة.

ياسر الغبيريالشخصيات

الشخصيات في هذه القصص من نساء ورجال، من شيوخ وشباب، من أغنياء وفقراء يسيرون في طرق المعرفة جيدًا يشعرون بما نشعر به يحلمون مثلنا ويخطئون مثلنا ولديهم آمال مثلنا وفي النهاية يجدون ما يستحقونه لأن الأبواب في القصص كما في الحياة لا تغلق دون حساب. الشخصيات في "ليالي الطين" ليسوا مجرد أدوات لتحريك الأحداث، بل هي جوهر روح العمل، النبض الذي يحرّك الأحداث، والصراع الذي يمنح النصّ حيويته.
تتشكل الشخصيات هنا بشكل واقعٍي ملموس، يحمل الملامح الحقيقية دونما تجميل: الطيبة الصافية التي لا تتزيّن بالكلمات مثل شخصية حسين في ثأر صفية. وعلاقة الجارتين الأمهات في "ليالي الطين"، والشرّ الذي لا يصرخ، بل يتسلل كالحيات بمكرها وغدرها في قاتل حسين ونوفل الخط وأخيه تاجر السلاح وكيف أضمروا الغدر بأخيهم بتسليمه للشرطة بعدا أن صار متوحشًا دمويًا هاربًا من أحكام بالإعدام ولا يهاب أحدا، نرى الحلم الجميل البسيط للبنات العاملات في جمع البصل وقصة الحب العفيفة في "ليالي الطين" ونرى عكسها في نفس القصة ونرى كيف تفاعلت كل شخصية مع الأخرى، سواء بالغواية أم الطهر أو عذاب الضمير. 

تتفاعل هذه الشخصيات مع الأحداث لا كمتفرجين؛ بل كمشاركين في صناعة الحدث، وكاشفين لما تحجبه الحياة اليومية من صراعات كامنة. الطيّب في القصص يُقدَّم كإنسان له وجعه وأمله، وانكساره، وانتصاره، وصبره مثل على في "سعيكم مشكور" وياسمين في "غواية". أما الشرير فلا يقدم كشرير فقط؛ بل كشخصية لديها أسبابها الخفية؛ مثل “صبري” الذي قتل ابنه ودفنه في بيته وسافر وشخصية “قمر” بحقدها وجمالها وسلوكها المشين تثري. وحتى نوفل الخط الدموي. ناهيك عن الطيبة التي تتحول إلى وحشية نتيجة الألم القاسي الذي صنع منها ما هي عليه مثل "صفية" بعد قتل ولدها وزوجها من قبله في قصة "ثأر صفية". 

تفاعل هذه الشخصيات بتعقيداتها النفسية، لا تثري القصص فقط؛ بل تمنحها بعدًا إنسانيًا، يجعل القارئ متورطًا، لا يُدين بسهولة ولا يتعاطف بسهولة؛ بل يُفجّر أسئلة: من المسؤول؟ هل يكفي أن تكون طيبًا دائمًا؟ هل الطيبة هي المنقذ؟ وهل يستحق الشر دائمًا العقاب حين نتذكر صفية؟
هذه الأسئلة هي ما تجعل هذه القصص مرآة للواقع، لا للخيال، وتجعل القارئ شريكًا في الحكم، لا مشاهدًا للأحدث فقط.

ختاما

هذه المجموعة بشكل عام لا تهدف إلى الإدانة ولا تتعالى على الواقع؛ بل تغوص فيه لتستخرج الدروس وتقدمها ببساطة الصدق وتبتعد عن العظة.عند لحظة الكشف، أو العقاب، أو الجزاء، لترسّخ في ذهن القارئ فكرة واحدة: أن للحق صوتًا وأن للخطأ ثمنًا، وإن طال الانتظار وكأنها تقول لنا في الصعيد لا تموت الحكاية إلا بعد أن تأخذ العدالة مجراها.

مقالات مشابهة

  • أجمل عبارات تهنئة بعيد القيامة المجيد 2025.. كلمات تفيض بالمحبة والسلام
  • “الوصل” تكتب فصلاً جديدًا في مستقبل التنقل الذكي وتُطلق جيلي EX5 المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأردن
  • تحياتنا الطيبات الزاكيات الى (الميرم هنادي) في علياء الشهادة ومراقيها
  • بمناسبة عيد ميلادها.. أشرف زكي لروجينا: "كل سنة وإنتي أجمل زوجة وأروع ممثلة"
  • هند عصام تكتب: الملك زوسر
  • تركيا.. شبكة تتاجر ببويضات الشابات!
  • حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب
  • خايفة من الحسد.. «جورجينا رودريجيز» تكتب على يدها «ابعد عنا الشر آمين»
  • لفتة إنسانية لـ”ملكة الإحساس” تثير تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل
  • الدكتورة أمل جمال تكتب: سحر الواقع وشخصيات من لحم ودم.. قراءة في حكايات ياسر الغبيرى "ليالي الطين"