لندن- رأي اليوم- خاص يمكن النظر لصدور بيان يوقع عليه عدد كبير من أعضاء مجلسي النواب والأعيان في الاردن وكذلك طبقة واسعة من الوزراء السابقين قبل يومين باعتباره خطوة اولى نحو مقاربة جديدة في التفكير السياسي الاردني تجاه مستجدات القضية الفلسطينية والتي يبدو انها تبرز على سطح الحدث بصورة اكثر و تنتج عنها تساؤلات حادة في المسالة الاردنية .
وليس في سياق القضية الفلسطينية والصراع فقط كلما ازدادت حمأة المواجهة وخرج عن سكته برنامج التهدئة و خفض التوتر الذي يتبناه الوزير الامريكي انتوني بلينكن. بوضوح شديد يمكن القول بان صدور مثل هذا البيان بعد بيان باسم وزير الخارجية ايمن الصفدي استعار فيه بعض العبارات السلطوية الفلسطينية ولاول مرة ايضا في تاريخ ادارة الصراع الاردني مع اسرائيل وليس الفلسطيني مقدمات لا يستهان بها قد تسترسل لاحقا في ظل الاستحقاقات التي يفرضها اليمين الاسرائيلي على شريك السلام الاردني خصوصا وان حالة نعي وطنية ونخبوية عامة في عمان برزت مؤخرا بعنوان الاجماع والتوافق علي وفاة حل الدولتين لا بل وفاة عملية السلام برمتها وبالتالي سقوط الاستراتيجية الاردنية التي تماسست على اتفاقية وادي عربة منذ عام 1994 من هنا يقرا محللون كثر مستجدات لايستهان بها في موقف النخب الاردنية شبه الرسمية واحيانا الرسمية على الاقل من القراءات التي اعقبت المواجهة الاخيرة في مخيم جنين بمعنى ان احداث جنين ساهمت مجددا في كي الوعي الاردني وفي التاسيس لحالة فصام مع واقع اسمه عملية السلام تتعايش معه المملكة منذ 30 عاما. وادت الى نوع من الصدمة في اوصال اركان لعبة عملية السلام وتداعياتها وبصورة ملموسة وسط النخب و الاوساط السياسية الاردنية وبشكل حديث جدا ولاول مرة ايضا وسط الاوساط الرسمية السياسية واحيانا البيروقراطية. كثفت أحداث مخيم جنين بهذا المعنى في مقاربات الوعي الأردني الذي وجدت فيه المؤسسة الرسمية نفسها مضطرة عمليا لتقديم اجابات متخيلة او مفترضة على اسئلة حادة بعنوان ما هي الخطوة التالية؟. و كيف ستتوفر الحماية للمصالح الاساسية للدولة الاردنية في حال انهيار الوضع القانوني في الضفة الغربية و بعد انتهاء او نفض غبار ملف ما يسمى بالتهدئة وانزياح الامور باتجاه حالة فوضى كان قد حذر منها العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني شخصيا. لكن اسرائيل تجاهلت هذا التحذير كما تجاهلته الادارة الامريكية ببلاده إستفزت شركاءها الرسميين في الاردن وهي تعبر بعد عملية مخيم جنين الاخيرة عن تضامنها مع الاحتياجات الامنية الاسرائيلية وحقها في الممارسات. والاردن وسفارته في رام الله عمليا كانا خلال الساعات القليلة الماضية من الجهات التي إطلعت على عمليات التجريف وإخراج خدمات القطاع العام مثل المياه والكهرباء في جنين عن سكتها بمعنى ان العملية العسكرية الإسرائيلية تخريبية . ولا تقتصر الى او عند المسائل الامنية و بمعنى ايضا ان لها أهداف سياسية شريرة من الصنف الذي يضرب وفي العمق المصالح الحيوية للاردن وخصوصا في الجزء المتعلق بالتحريك الديموغرافي للناس من مكان الى مكان في جغرافيا الشعب الأسير كما ورد في البيان المشار اليه حيث تلك النخب تعيد التحذير مجددا من سيناريو الترانسفير والتهجير ومخاطره على الاردن لا بل تطالب بصريح العبارة وواضحها الحكومة الاردنية بموقف يليق في مستوى ذلك التحدي. يحفل الشارع الاردني منذ تشكيل الائتلاف الاسرائيلي الاخير الحاكم بالتساؤلات الحادة وطنيا والمحرجة سياسيا للمؤسسة الرسمية. لكن أحداث مخيم جنين الأخيرة ساهمت في تكثيف تلك التساؤلات لابل في مضاعفتها و زيادتها لان الحراك بين النخب الرسمية بدأ يشارك بطرح الاسئلة بل بدأ يقر وعلنا وانطلاقا من الدور الوظيفي والاجتماعي للشخصيات التي وقعت على بيان الثلاثاء الماضي بان موقف الحكومة الرسمية لايزال قاصرا عن مواجهة التحدي . وبأن ما يحاول تنفيذه على الأرض تحت عنوان حسم الصراع اليميني الاسرائيلي هو مقدم لحل وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب الاردني و على حساب الدولة الاردنية لاحقا . والاستمرار في طرح هذه الاسئلة لا بل تسللها وزحفها من اوساط حزبية وعشائرية ثم الى اوسط نخبوية رسمية او شبه رسمية يعني ان القلق بالأطنان في الحالة النخبوية والوطنية الاردني. ويؤسس لحالة غير مسبوقة من التيقن ضمن حقائق ومستجدات الواقع الموضوعي وغياب اليقين عن مرحلة ما بعد 1994 حيث اتفاقية وادي عربة التي قال ألاسلاميون مثلا علنا انها لم تعد قائمة في الواقع الموضوعي . وهذا الوضع قابل للانفتاح على مشكلات اكثر تعقيدا في الايام والاسابيع القليلة الماضية لا بل يضغط وبشدة على الحبل العصبي للعادات والتقاليد الدبلوماسية والرسمية الاردنية. بدلالة ان وزير الخارجية ترك كل السيناريوهات التي ترتبط بموقف الاردني المعتاد في المسالة الاسرائيلية و في ملف الصراع. واضطر للتوقيع على بيان القيادي الفلسطيني حسين الشيخ يتحدث فيه عن طلب الحماية للشعب الفلسطيني من المجتمع الدولي.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
هتافات طائفية في الملاعب الاردنية تكشف عن كراهية عربي للعراق والشيعة
26 مارس، 2025
بغداد/المسلة: يشهد الوسط الرياضي والاعلامي موجة من الجدل عقب مباراة منتخب العراق وفلسطين ضمن تصفيات كأس العالم 2026، التي أقيمت يوم 25 مارس 2025 على ملعب عمان الدولي بالأردن، حيث انتهت بفوز فلسطين بنتيجة 2-1.
ويبرز الخبر اللافت اطلاق جماهير فلسطينية وأردنية هتافات طائفية ضد العراق بعد المباراة، تضمنت عبارات مسيئة مثل “يا عراقي يا ك… يلا روح على بغداد”.
ويتجاوز الحدث مجرد مباراة كرة قدم، إذ يعكس تصاعد التوترات الطائفية التي تظهر في لحظات الانفعال الجماهيري. ويثير هذا السلوك تساؤلات حول مدى تأثير الانقسامات المذهبية على العلاقات بين الشعوب العربية، رغم الروابط التاريخية والدعم العراقي. ويؤكد المشهد أن الرياضة، التي تُفترض أنها جسراً للوحدة، تتحول إلى منصة لتصريف الخلافات العميقة.
ويثير سلوك الجماهير العربية تجاه العراق تساؤلات حول أسباب نكران الجميل رغم تاريخ طويل من الدعم العراقي. ويعود ذلك جزئياً إلى النظرة المذهبية التي تطغى على العلاقات، حيث يرى البعض العراق ككيان شيعي متمايز، مما يغذي التوترات ويحجب الاعتراف بمساهماته التاريخية كالمساعدات النفطية والمالية لدول مثل الأردن وفلسطين.
وتتفاقم هذه النظرة بفعل الدعاية السياسية التي استهدفت العراق خلال عقود، خصوصاً بعد حروبه وأزماته، مما جعل إرثه الإيجابي يُنسى لصالح صور نمطية سلبية.
ويلعب التعصب دورا كبيرا، إذ لا تعي أجيال جديدة حجم الدعم الذي قدمته بغداد، كما أن التنافس الرياضي والسياسي يحول أحياناً الامتنان إلى عداء علني.
ويضع المحللون هذه الهتافات في سياق نظرة بعض الجماهير إلى العراق ككيان مذهبي مختلف، وهو ما عبر عنه مشجعون اردنيون وفلسطينيون وسورية هتفوا بسبب شعارات مذهبية مرتبطة بتاريخ من الصراعات. ويرى البعض أن هذه النظرة تتجاهل دعم العراق التاريخي للقضية الفلسطينية، بما في ذلك المساعدات المالية والنفطية التي قدمتها بغداد لدول عربية على مدى عقود.
و هذه الواقعة ليست حدثاً عابراً، بل تعبير عن انقسامات تتفاقم وكره عربي واضح للعراق والشيعة تحديدا.
وتشير الأرقام إلى أن العراق قدم مساعدات تجاوزت مليارات الدولارات لدول عربية منذ سبعينيات القرن الماضي، بحسب تقارير اقتصادية كما قدم عراقيون ارواحهم من اجل القضية الفلسطينية، لكن ذلك لم يمنع الكراهية العربية للعراق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author

Admin
See author's posts