القدس المحتلة – شكاوى متصاعدة من "لعنة حرب غزة" بدأت في الظهور وسط الجاليات اليهودية حول العالم، على خلفية اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتصاعد التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.

ومع دخول العدوان الإسرائيلي الشهر الثاني، سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على تداعياته على الجاليات اليهودية حول العالم، حيث أجمعت أن حرب غزة تلاحق اليهود والإسرائيليين عالميا، خصوصا مع تراجع الشرعية الدولية لهذه الحرب والضغوطات التي تمارس على الحكومة الإسرائيلية لوقفها.

وإذ تتوسع دائرة المظاهرات والاحتجاجات ضد إسرائيل ونصرةً لغزة، اكتشف الإسرائيليون الذين يعيشون في أوروبا أن الحرب هزت حياتهم أيضا، في ظل ارتفاع حوادث العداء لليهود، بحسب تقرير لصحيفة "دى ماركر".


أزمة هوية

وهربا من "لعنة الحرب على غزة" ولتجنب تداعيات الحرب التي تلاحق اليهود، فقد اختار بعض اليهود في القارة الأوروبية تغيير أسمائهم في تطبيق "أوبر"، ومنهم من يخشى تثبيت "المزوزاه" وهي تميمة الباب التي تعرف بـ"العضادة اليهودية"، وبعضهم يُخفون الرموز الدينية اليهودية والإسرائيلية ويخشون حتى الحديث باللغة العبرية، وفقا لتقرير الصحيفة الإسرائيلية.

في هذا السياق، يشعر الإسرائيليون في المدن الأوروبية التي تشهد مظاهرات واحتجاجات، أن العديد من التصورات قد تحطمت، بحسب ديكلا كوهين التي تعيش في لندن منذ 7 سنوات، وتقول "هذه هي المرة الأولى منذ أن انتقلت إلى هنا، التي أسأل نفسي فيها عما أفعله هنا، إن الشعور بالانتماء والاستقرار في لندن تزعزع".

وأضاف كوهين "إنها أزمة هوية لمن اعتقد أنه كإسرائيلي يسكن في أوروبا ويدأب على تعزيز الهوية اليهودية. الكثير من الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج ويعتبرون أنفسهم مواطنين في العالم، يكتشفون الآن أنه ليس من السهل قطع هويتهم اليهودية وأصلهم الإسرائيلي".

تقرير في ملحق صحيفة "دى ماركر" عن مظاهر العداء للجاليات اليهودية حول العالم بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة (الجزيرة) مستقبل إسرائيل

منذ بداية معركة "طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الماضي، حشدت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة كل قوتها وجمعت نصف مليار دولار لإسرائيل، وهو مبلغ يعادل مساهماتها في حروب 1948 و1967 و1973 مجتمعة.

من وجهة نظر اليهود الأميركيين -بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس"- عادت إسرائيل إلى المكانة التي كانت عليها في الماضي، إذ يُنظر إليها كطفل صغير تابع ومرتبط ومتكل على الآخر، ولا تبدي القيادات اليهودية تفاؤلها بشأن مستقبل إسرائيل ما بعد الحرب.

"ماذا سيحدث بعد الحرب؟" هكذا سألت الصحيفة البروفيسور ديريك بنسلر المختص في التاريخ اليهودي الحديث، الذي أجاب قائلا "أنا غير متفائل على الإطلاق، بعد 75 عاما على حرب الاستقلال لم يكن من الممكن أن تكون الظروف أكثر اختلافا، لكن يهود الولايات المتحدة يشعرون مرة أخرى أن مصير دولة إسرائيل يعتمد على عمق جيوبهم وسخاء قلوبهم".

تقرير في ملحق صحيفة "هآرتس" حول واقع الجالية اليهودية بأميركا وسط الحرب على غزة وعلاقاتها بإسرائيل (الجزيرة) خيبة أمل

ويعترف البروفيسور بنسلر أن الحملات الأخيرة والتعبئة الكبيرة لليهود الأميركيين إلى جانب إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، قد سببت للجالية اليهودية قدرا كبيرا من الانزعاج والملاحقة، وسط مظاهرات داعمة للفلسطينيين ومناهضة لإسرائيل ومنددة بالحرب.

وفي ظل اتساع دائرة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أضاف بنسلر "نشهد بشكل رئيسي ظاهرة مثيرة للقلق تتمثل في خيبة الأمل من إسرائيل وانتقادها والابتعاد عنها خاصة بين جيل الشباب، إن استمرار احتلال الأراضي العربية وعدم تسوية الصراع مع الفلسطينيين، والتطرف الديني، والتعديلات القضائية، كل ذلك أدى إلى تفاقم وتعميق الفجوة بين إسرائيل واليهود بأميركا".

وردا على سؤال إذا ما كان هناك أيضا قلق حقيقي لدى الجاليات اليهودية بشأن استمرار وجود دولة إسرائيل، أجاب البروفيسور قائلا "أعتقد أننا نشهد بشكل أساسي شعورا قويا جدا بالذعر. ومع ذلك، لا أعتقد أن هناك قلقا حقيقيا هنا بشأن استمرار وجود دولة إسرائيل، ولكن هناك شعور بالعودة إلى أيام إسرائيل كدولة هشة وضعيفة كما كانت قبل حرب الأيام الستة".


لعنة الحرب

كطالبة يهودية، شعرت إيدن روث دائما بالأمان والترحيب في جامعة تولين في ولاية لويزيانا الأميركية، حيث أكثر من 40% من الطلاب هم من اليهود، لكن تمت إعادة النظر في كل شيء في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على "غلاف غزة" والحرب الإسرائيلية على غزة، بحسب ما نقلت عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وتعتقد روث، التي كانت في إسرائيل الصيف الماضي للمشاركة في برنامج دراسي، أن "التغيير في تجربة اليهود في الحرم الجامعي كان صادما للغاية. يأتي العديد من الطلاب إلى تولين بسبب السكان اليهود، ويشعرون بأنهم مدعومون، كونهم أغلبية لا أقلية. أعتقد أن هذا قد تغير بالتأكيد، بتنا نخشى حتى التحدث بالعبرية".

وفي مؤشر آخر على لعنة الحرب التي تلاحق اليهود في أميركا، ظهرت كتابات على الجدران في حرم جامعة "نيو أورليانز" تحمل رسالة "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر"، وهو هتاف شائع في المظاهرات التي ينظمها النشطاء المؤيدون للفلسطينيين والمناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة.


طفح الكيل!

في القارة الأوروبية وكندا، تبدو الصورة أكثر تعقيدا للجاليات اليهودية وللإسرائيليين، بحسب ما وثق الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت" في تقريره الذي اعتمد على إفادات للعديد من اليهود.

وقال رئيس الجالية اليهودية في مونتريال الكندية يائير شلاك "تم إطلاق النار على مدرستين يهوديتين مؤخرا، نواجه الآن واقعا مختلفا، الجالية اليهودية -بسبب الحرب على غزة- تتعرض للهجوم، ومعاداة السامية ليست مشكلة يمكن لليهود حلها. هناك مظاهرات مناهضة وضد الحرب في كل مكان".

وأضاف شلاك  إنها "أوقات صعبة بالنسبة لليهود في جميع أنحاء العالم، لقد غمرتنا الشكايات من الطلاب وأولياء الأمور في أوروبا وكندا بشأن الملاحقة لليهود والمظاهرات والاحتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، لا يمكننا حل مشكلة معاداة السامية، لا يمكننا تحمل ذلك، لقد طفح الكيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على غزة

إقرأ أيضاً:

بعد تحرره من السجون الإسرائيلية.. زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى العالم

#سواليف

أكد الأسير الفلسطيني المحرر #زكريا_الزبيدي أن حرية #الشعب_الفلسطيني قد طال انتظارها، موجها رسالة إلى المجتمع المدني والعالم بوقف المآسي ومنح #الفلسطينيين حقهم وحريتهم في دولة مستقلة.

وقال الزبيدي في مقابلة مع “تلفزيون فلسطين”: “حرية شعبنا الفلسطيني طالت، رسالتي من هنا إلى المجتمع المدني والعالم ولكل إنسان حر: يكفي! بعد 60 ألف شهيد وهدم قطاع #غزة بالكامل والآن مخيم جنين، وجرحى بالآلاف، آن الأوان لأن يحصل شعبنا الفلسطيني على حقه وحريته كما حصلنا عليها، عبر إقامة #دولة_فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.

وأضاف: “آن الأوان لأن يتخلص شعبنا الفلسطيني من هذا #الاحتلال وعذاباته، وضع #الأسرى صعب جدا، أنا خرجت من عزل (سجن انفرادي) استمر 3 سنوات.. لم أر الأسرى ولكن ما رأيته على جسدي هو عبارة عما يحصل لأسرانا البواسل داخل السجون”.

مقالات ذات صلة أراضٍ للبيع بالأقساط لموظفي الحكومة في الأردن / تفاصيل وشروط 2025/01/31

وتابع الزبيدي: “أروني (الإسرائيليين) من خلال إعلامهم ما حصل في قطاع غزة، الوضع صعب جدا، الآن يجب أن تتضافر كل أطياف شعبنا الفلسطيني، السلطة الفلسطينية والفصائل والمنظمات الأهلية ومنظمة التحرير، يجب العمل على إعادة أبناء شعبنا في قطاع غزة إلى بيوتهم سالمين غانمين، فالأمن هو المنزل يجب إعادة إعمار قطاع غزة وإعادة الأمن للشعب الفلسطيني”.

وأطلقت السلطات الإسرائيلية يوم الخميس سراح زكريا الزبيدي أحد أبرز قيادات حركة “فتح” وقائد “كتائب شهداء الأقصى” بالضفة الغربية، ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل الأسرى مع حركة “حماس”.

وقالت صحيفة عبرية في وقت سابق الخميس، إن الجيش الإسرائيلي سيمنع الأسير الفلسطيني زكريا الزبيدي من العودة إلى مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة بعد إطلاق سراحه في عملية التبادل.

وأشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” إلى أن “الجيش الإسرائيلي سيمنعه من دخول مخيم جنين للاجئين، حيث يدور القتال منذ أكثر من أسبوع وإن كان سيمكنه الوصول إلى مسقط رأسه في جنين”.

وكان قد اعتقل الجيش الإسرائيلي الزبيدي عام 2019، ووصفه مسؤول كبير في المخابرات الإسرائيلية بأنه “قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة”.

ونجح الزبيدي بالهروب من زنزانته عبر نفق مع 5 من رفاقه في الأسر من سجن جلبوع الإسرائيلي في 6 سبتمبر 2021، في عملية وصفها مراقبون بـ”الأسطورية” قبل إعادة اعتقاله بأيام.

وفي 19 ينايرالجاري، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين “حماس” وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، ويتكون الاتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • أستاذ علوم سياسية: الحكومة الإسرائيلية مارست كل أنواع الكذب والتضليل
  • صحة غزة تُصدر آخر إحصائيات الحرب الإسرائيلية على القطاع
  • 83 مليون دولار يوميا.. كشف إجمالي خسائر إسرائيل من العدوان على غزة
  • يديعوت تكشف تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
  • بعد تحرره من السجون الإسرائيلية.. زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى العالم
  • «الموساد» تطارد خبيراً مصرياً دولياً لتوثيقه جرائم الحرب في غزة