التلويح بحل الدولتين لن يوقف العدوان
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
التلويح بحل الدولتين لن يوقف العدوان
هناك ما يربط العالم العربي والإسلامي ويوحده ويرشحه لأن يكون كتلة وقوة فاعلة ومؤثرة إن أراد.
القمة العربية الإسلامية كان المفروض أن تعادل موضوعيا الموقف الأمريكي والأوروبي بما يؤدي لمزيد من التفكك والتباعد بين أطرافه.
بيان القمة يقدم تنازلات مجانية للاحتلال، بينما كان يحتاج لفرض ضغوط ورفع السقوف بدلاً من ذلك؛ مفارقة مضحكة ومبكية في الآن ذاته.
لم تعلن القمة وقف التطبيع فكيف لها أن توقف الحرب أو تضغط على أمريكا الشريك الفعلي في الحرب الإسرائيلية بالحديث عن ضرورة الامتناع عن تزويدها بالسلاح والذخائر؟!
* * *
لم تعلن القمة العربية الإسلامية وقف التطبيع أو اتفاقات التعاون الاقتصادي مع الكيان المحتل؛ فكيف لها أن توقف الحرب، أو أن تضغط على أمريكا الشريك الفعلي في غرفة الحرب الإسرائيلية بمجرد الحديث عن ضرورة الامتناع عن تزويدها بالسلاح والذخائر؟!
لن توقف الدول العربية العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية بالحديث عن حل الدولتين، الامر الذي أحرج الدول الإسلامية والعربية التي لا تعترف بـ"إسرائيل" كبنغلادش وإندونيسيا وماليزيا وباكستان والعراق وتونس؛ فالبيان يقدم تنازلات مجانية للاحتلال، في وقت كان يحتاج فيه الى فرض ضغوط ورفع السقوف بدلاً من ذلك؛ مفارقة مضحكة ومبكية في الآن ذاته.
وقف الحرب يتطلب إجراءات على الارض تهدد بسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني كإجراء سياسي ممكن؛ إلى جانب المطالبة بطردها أو تجميد عضويتها وتمثيلها السياسي في عدد من المؤسسات والمنظمات الدولية.
إلى جانب ذلك كله؛ كان الأجدى التلويح بوقف كافة أشكال التعاون السياسي الاقتصادي والامني مع الولايات المتحدة الأمريكية، فهي الطرف الذي يقود المواجهة، ويوفر الغطاء للكيان الإسرائيلي لمواصلة عدوانه.
القمة العربية الإسلامية كان من المفروض أن تمثل معادلا موضوعيا للموقف الأمريكي والأوروبي بشكل يساعد على مزيد من التفكك والتباعد بين أطرافه؛ بعد ان وضعت باريس مسافة معقولة عن الولايات المتحدة وبريطانيا من خلال مؤتمر باريس الخميس الفائت؛ وبعد أن بدأت دول الاتحاد الأوروبي تظهر تململا من الحرب والعدوان الإسرائيلي.
نجحت غزة في جمع العرب، ولكنهم لم ينجحوا في اتخاذ موقف التلويح بموقف قوي تحسب له القوى الكبرى حسابا حقيقيا، فمعركة غزة مثلت فرصة لاستعراض الاوراق المؤثرة التي تملكها الدول العربية والإسلامية بشكل كان يمكن أن يدفع القوى الدولية؛ خصوصا الصين وروسيا، إلى جانب القوى الصاعدة كالبرازيل والهند وكوريا الجنوبية واليابان؛ لأخذهم على محمل الجد، وأخذ مصالحهم القريبة والبعيدة بعين الاعتبار عند التعامل مع المنطقة العربية والكتلة الإسلامية ومصالحها الحيوية المشتركة.
رغم ذلك كله؛ فإن اجتماع الدول العربية والإسلامية حول طاولة واحدة؛ لمناقشة العدوان على غزة، ورفضهم استهداف المدنيين؛ مثل خطوة مهمة لدول اعتبر كثير منها أن قضية فلسطين ليست من أولولياته قبل ما يقارب شهرا ونصفا من الآن، وهي خطوة تؤكد أن هناك ما يربط العالم العربي والإسلامي ويوحده ويرشحه لأن يكون كتلة وقوة فاعلة ومؤثرة إن أراد.
*حازم عياد كاتب صحفي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الاحتلال العدوان حل الدولتين حل الدولتين الكيان الصهيوني القمة العربية الإسلامية وقف التطبيع العالم العربي والإسلامي قضية فلسطين
إقرأ أيضاً:
حرب الكيزان – مليشيات الكيزان: المشهد الختامي لنهاية الحركة الإسلامية في السودان
د. احمد التيجاني سيد احمد
مقدمة
@أتناول باختصار الدور المدمر الذي لعبته الحركة الإسلامية في السودان منذ استقلاله، حيث استغلت الدين كأداة لتحقيق مكاسب سياسية وأجهضت محاولات التحول الديمقراطي، مع تفكيك مؤسسات الدولة ونهب مواردها. الحرب الحالية بين الجيش المودلج وقوات الدعم السريع تكشف عن تصدعات داخلية عميقة في منظومة الحركة، مما يفتح الطريق أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء السودان على أسس مدنية ديمقراطية.
مدخل: إرث الحركة الإسلامية في السودان
@منذ استقلال السودان عام ١٩٥٦، استغلت الحركة الإسلامية الدين لتحقيق أهدافها السياسية، متسببة في تقويض الديمقراطية وإضعاف مؤسسات الدولة. من دعم الانقلابات العسكرية إلى سياسات التمكين، سيطرت الحركة على كل مفاصل الدولة، ومع تصاعد الحرب الحالية بين الجيش المودلج وقوات الدعم السريع، تبدو نهاية هذا النظام السياسي المهيمن وشيكة.
تغول الحركة الإسلامية على الديمقراطية
١. انقلاب مايو ١٩٦٩ : دعم النميري للتغلغل في الدولة
استغلت الحركة الإسلامية “المصالحة الوطنية” في ١٩٧٧ للتغلغل في مؤسسات الدولة.
ركزت على السيطرة على النقابات المهنية والجامعات لتقويض الحراك المدني المستقل.
٢. انقلاب يونيو ١٩٨٩ : السيطرة عبر التمكين
قادت انقلابًا عسكريًا بقيادة عمر البشير، مما أدى إلى إجهاض الديمقراطية الثالثة.
سياسة التمكين:
استبدال الكفاءات الوطنية بعناصر موالية للحركة.
تفكيك النقابات المهنية المستقلة.
تدمير مشروع الجزيرة والخطوط الجوية السودانية و البحرية
الخ.
٣. القضاء على المقاومة الشعبية والاجتماعية:
قمع الاحتجاجات
قمع احتجاجات سبتمبر ٢٠١٣ وثورة ديسمبر ٢٠١٨ باستخدام العنف المفرط.
تفكيك البنية الاجتماعية:
استهداف الطرق الصوفية والإدارة الأهلية التي كانت تمثل مقاومة مجتمعية لنفوذ الحركة.
٤. استخدام الدين كأداة للسيطرة
فرض قوانين صارمة مثل قانون “النظام العام” لتقييد الحريات، خصوصًا ضد النساء.
استغلال المنابر الدينية لتبرير القمع وتشويه المعارضين.
نهب الموارد وتفكيك مؤسسات الدولة
١. مشروع الجزيرة:
أدى الفساد وسوء الإدارة إلى انهيار المشروع الزراعي الأكبر في السودان.
٢. الخطوط الجوية السودانية:
تفكيك الشركة الوطنية وتحويل أصولها لخدمة المصالح الشخصية.
٣. السيطرة الاقتصادية:
سيطرة قيادات الحركة على البنوك وشركات الاستيراد والتصدير. تحويل الأموال العامة إلى حسابات خارجية لصالح رموز النظام.
قوات الدعم السريع: امتداد للنظام الكيزاني
تأسست قوات الدعم السريع كذراع أمني للنظام الكيزاني في 2013، بقيادة حميدتي، وكانت امتداداً لمليشيات الجنجويد التي استخدمت لقمع التمردات في دارفور وحماية نظام البشير.
دورها في فض الاعتصام: لعبت قوات الدعم السريع دوراً محورياً في فض اعتصام القيادة العامة في يوني٢٠١٩، مما أسفر عن مقتل واغتصاب المئات.
انخراطها في الحرب الأخيرة: المواجهات مع الجيش كشفت عن استمرار استخدامها كأداة لتحقيق مصالح الكيزان واستعادة السيطرة على المشهد السياسي.
دور اللجنة الأمنية الكيزانية
اللجنة الأمنية، التي تشكلت لحماية النظام الكيزاني، كانت من العوامل الرئيسية في الإطاحة بحكومة الثورة في أكتوبر ٢٠٢١
الإطاحة بحكومة الثورة: اللجنة الأمنية بقيادة البرهان، وبالتنسيق مع الدعم السريع، نفذت انقلاباً عسكرياً لإجهاض تطلعات الشعب السوداني نحو الديمقراطية.
استمرار الطغيان: بدلاً من دعم التحول الديمقراطي، واصلت اللجنة الأمنية العمل كأداة لتعزيز النفوذ الكيزاني في السودان.
التدخلات الإقليمية والدولية
أصبحت الحرب في السودان مسرحاً لتدخلات قوى إقليمية ودولية، مما ساهم في تعقيد المشهد:
مصر: عززت نفوذها السياسي والاقتصادي في السودان، مستفيدة من العلاقات التاريخية بين البلدين.
إيران، قطر، الإمارات، وروسيا: أُشير إلى تواطؤ بعض القيادات السودانية مع هذه الدول لتعزيز مواقعها في السلطة واستعادة نفوذ الحركة الإسلامية.
أدوار الحركة الإسلامية في تقويض الديمقراطية
منذ استقلال السودان في ١٩٦٩، كانت الحركة الإسلامية طرفاً رئيسياً في إفشال التجارب الديمقراطية:
١. ١٩٦٩: دعمت انقلاب جعفر النميري، مستغلة صعوده للتغلغل في مؤسسات الدولة.
٢. ١٩٨٩: نفذت انقلاباً عسكرياً بقيادة البشير، ما أدى إلى إجهاض التجربة الديمقراطية الثالثة.
٣. ٢٠٢١: عبر اللجنة الأمنية والدعم السريع، أجهضت الحكومة الانتقالية التي جاءت بعد الثورة.
دور الاتحاد الأفريقي وموقفه الصارم
القرار الأخير للاتحاد الأفريقي برفض الانقلابات العسكرية وفرض تدابير صارمة ضدها يعكس موقفاً صارماً تجاه الحركات التي تقوض الديمقراطية، بما في ذلك الحركة الإسلامية.
دعم الاستقرار: يسعى الاتحاد الأفريقي إلى إنهاء النزاعات المسلحة في السودان، عبر إرسال قوات سلام لحماية المدنيين ودعم الانتقال الديمقراطي.
الأحداث والتطورات منذ ١٥ أبريل٢٠٢٣
في ١٥ أبريل ٢٠٢١، اندلعت مواجهات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). الصراع كشف عن عمق الانقسامات داخل الأجهزة التي كانت تُعتبر أدوات الحركة الإسلامية، مما أدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والإنسانية في البلاد.
تحليل الوضع الراهن: شواهد على نهاية الحركة الإسلامية
١. انقسامات داخلية: الحرب بين الجيش والدعم السريع أظهرت تصدع القوى التي كانت تدعم الحركة الإسلامية.
٢. ضغوط دولية وإقليمية: العقوبات الاقتصادية والمطالبات الجنائية الدولية أضعفت موقف الحركة.
٣. الرفض الشعبي: الثورة السودانية في ديسمبر 2018 كانت تعبيراً عن رفض الشعب الكامل لحكم الكيزان.
تداعيات الحرب الراهنة: تفكك أدوات التمكين
١. انهيار التحالف الكيزاني
الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع يعكس تصدعات داخلية عميقة في بنية الحركة.
فشل اللجنة الأمنية وقوات الدعم السريع في فرض السيطرة.
٢. الضحية هي الشعب السوداني
تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية.
انهيار البنية التحتية نتيجة عقود من الفساد وسوء الإدارة.
محاولات استعادة النفوذ: هل يمكن إعادة إنتاج النظام
*استغلال الأزمات:
توظيف الحرب كذريعة لإعادة إنتاج خطاب سياسي جديد.
*التحالفات الإقليمية:
- الاعتماد على دعم دول مثل إيران وقطر لتعزيز موقفها داخليًا
*تشويه المعارضة:
- استخدام الإعلام الموالي لتقويض أي توجه نحو الديمقراطية.
شواهد النهاية الوشيكة للحركة الإسلامية
تفكك داخلي:
الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع تعكس فشل أدوات الحركة.
رفض شعبي واسع:
ثورة ديسمبر ٢٠١٨ أكدت الرفض القاطع لحكم الحركة الإسلامية.
ضغوط دولية:
العقوبات الدولية والمطالبات بمحاسبة رموز النظام ساهمت في تقليص نفوذ الحركة داخليًا وخارجيًا.
الاستنتاجات
نهاية الحركة الإسلامية كنظام سياسي: الحرب والانقسامات الداخلية تشير إلى انتهاء قدرتها على السيطرة.
الفرصة للتحول الديمقراطي: يجب استغلال ضعف الحركة الإسلامية لتحقيق تحول سياسي يعكس تطلعات الشعب السوداني.
محاسبة تاريخية: الكشف عن دور الحركة الإسلامية في إفشال الديمقراطية ومساءلة رموزها هو ضرورة لتحقيق العدالة.
يمثل الصراع الحالي نقطة تحول في تاريخ السودان، حيث تلوح في الأفق نهاية الحركة الإسلامية كقوة سياسية. مع ذلك، يبقى المستقبل مرهوناً بقدرة القوى الوطنية والإقليمية على العمل معاً لبناء سودان جديد يقوم على أسس الديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة.
التوصيات لبناء سودان جديد
١. تفكيك بنية التمكين:
ًإعادة هيكلة المؤسسات العامة لتخليصها من النفوذ الكيزاني.
- محاسبة رموز الحركة الإسلامية على الجرائم ونهب الموارد العامة.
٢. إحياء الإدارة الأهلية والطرق الصوفية:-
إعادة الاعتبار لدورها في تعزيز التماسك الاجتماعي ومقاومة الاستبداد.
٣. دعم التحول الديمقراطي: -
- تأسيس نظام مدني قائم على مبادئ الحرية، العدالة، والمساواة.
الخاتمة
** على مدى عقود، استخدمت الحركة الإسلامية السودان كأداة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب الشعب ومؤسسات الدولة. ومع تصاعد الصراعات الداخلية والانقسامات بين أدواتها، تتراجع قدرتها على البقاء كنظام سياسي مهيمن. السودان الآن أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء على أسس ديمقراطية تضمن العدالة، الحرية، والتنمية المستدامة.
د. احمد التيجاني سيد احمد
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ روما إيطالياً
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com