موقع 24:
2024-10-06@17:49:00 GMT

أطفال في قلب الجحيم

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

أطفال في قلب الجحيم

لا تقتصر نتائج الحروب والنزاعات التي نتابعها في أنحاء متفرقة حول العالم على الخراب والدمار الذي يلحق بالبنى التحتية والمباني، والموت الذي يتعرض له المدنيون هنا أو هناك، والعاهات التي تلازم الجرحى طول العمر وتحولهم إلى كائنات عاجزة.


 ولا تقتصر أيضاً على الانهيار الاقتصادي الذي يضاعف الأزمات ويزيد من معاناة الشعوب والحكومات، ولا على المدن التي تتحول إلى ساحات للمعارك وتصفية الحسابات وهدف مستباح لأنواع مختلفة من الأسلحة المحرمة دولياً.

. بل تمتد إلى المستقبل لتنقل الكراهية من جيل إلى جيل وتشرعن العنف والتطرف.

نعم، الحروب تقتل روح الحياة، وتدمر البراءة عند الأطفال الذين قادتهم أقدارهم للوجود في أماكن المعارك لتحصدهم، أو تشلهم آلات القتل التي تستخدمها الأطراف المتحاربة، ينطبق ذلك على ما يحدث في أوكرانيا وفي السودان، وما حدث في العراق وأفغانستان وفيتنام وغيرها.. وما حدث في عواصم الخريف العربي، التي تحول خلالها الشقيق إلى عدو، وتقاتل الجار مع جاره، وانتشرت الأحقاد بين أبناء الأمة الواحدة والدولة الواحدة بل وأبناء العائلة الواحدة.
ورغم كل ما تعرضت له الطفولة خلال الحروب والنزاعات والفتن التي تجوب العالم، فإن ما يحدث للأطفال في غزة حالياً غير مسبوق، المشاهد التي نطالعها يومياً للصغار هناك تختلف عن أي مشاهد نقلتها الكاميرات من قبل، نراهم يومياً وقد فتكت ببعضهم آلة الحرب وحولتهم إلى أشلاء، وخطفت من بعضهم الأشقاء والأهل وأصبحوا بلا أسرة ولا سند، وشردت الكثيرين وأجبرتهم على ترك البيت والكتاب والانتقال إلى مجهول لا يدركونه. جعلت من اللقمة وشربة الماء حلماً بعيد المنال، حرمتهم من النوم وأثارت فيهم الرعب.

مشاهد تثير في داخلنا تساؤلات، وفي ذات الوقت تضع إجابات يقينية عن تساؤلات مطروحة منذ عقود أمام من يهمهم الأمر. كل متابع لديه تساؤلاته عن مصير من فقد أهله وذويه، وكيف سيستكمل رحلة الحياة من فقدَ أعضاء من جسمه أو خرج من الحرب بعجز كلي أو جزئي، وما الذي سيحكيه من سينجون من هذه الحرب لأولادهم مستقبلاً إن لم يشهدوا حروباً قادمة أشد وطأة؟
السؤال الذي يتكرر منذ عقود بلا إجابة حاسمة هو: ما السر وراء تزايد موجات العنف والتطرف والإرهاب والكراهية؟ حرب غزة اليوم أجابت بوضوح؛ الأطفال الذين يعيشون هذا الرعب ونراهم على الشاشات يرتجفون خوفاً وهلعاً ربما لن يكونوا دعاة سلام، ليس ذنبهم إن كرهوا الآخر، رافضين لوجوده، متخذين العنف وسيلة للرد على من شردهم وقتل أهلهم واغتال براءتهم وسلب منهم إنسانيتهم.
الأمين العام للأمم المتحدة وصف الوضع في غزة ب «مقبرة الأطفال»، وغيره من ساسة وزعماء العالم وصفوه بالكارثي، فكيف سيكون إحساس من يعيشون في قلب الجحيم، وكيف سيكون إحساس الطفل الذي وجد نفسه طرفاً في حرب لا يستوعب شيئاً عنها، ولا يدرك طبيعة الأسلحة المستخدمة فيها؟ حرب جعلت من الصغار كباراً من هول ما يعيشون، ومشاهد الأشلاء والجثث والدماء تسرق منهم براءتهم والنار التي تحاصرهم وتدفع أهاليهم للهروب بهم إلى مناطق ينشدون فيها أماناً غير موجود.
بالأرقام، الأطفال هم أصحاب النصيب الأكبر من القتل والإصابة، وكأنهم المستهدفون إذ سقط منهم الآلاف، وكأنها حرب للقضاء على المستقبل أكثر من استهدافها للحاضر. في 20 من الشهر الجاري سيحتفل العالم باليوم العالمي للطفولة، ولا ندري أي طفولة سيحتفلون بها ونحن نراها هدفاً للمتصارعين والمتحاربين في أرجاء الدنيا، وما هو وضع أطفال غزة خلال هذا الاحتفال؟ الإجابة عند الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بالطفولة والتي تعي أن ما يتعرض له الصغار في غزة يعجز عن احتماله الكبار في العالم بأسره.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

دموع تحت القصف.. قصة ياسمينا وأمنيتها التي ضاعت وسط لهيب المعارك

في لحظة تبدو كأنها أطول من الزمان نفسه، اختزلت الطفلة ياسمينا نصار كل أحلامها البريئة على قصاصة ورقية، كتبتها بيدها الصغيرة المرتجفة: "أمنيتي أن أبقى بخير أنا وعائلتي في الحرب"، هذه الكلمات الموجعة التي سطرتها قبل أن يطالها القصف الإسرائيلي، الذي لم يفرق بين منزل وعائلة، بين كبير وصغير، كان قدرها أن تتحول هذه الأمنية إلى ذكرى، بعد أن استشهدت في غارة طالت منزلها في النبطية جنوبي لبنان.

رعب الطفولة تحت القصف

ياسمينا، ابنة الأحلام البسيطة، التي لم تطلب شيئًا سوى النجاة، لخصت في رسالتها حالة الذعر والخوف الذي يعيشه أطفال لبنان وغزة وكل مناطق الصراع. أمنيتها الصغيرة أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها الآلاف، البعض قرأ فيها براءة الطفولة، والبعض الآخر رأى فيها صرخة ضد الحروب والاعتداءات.

لكن الأكيد، أن هذه الورقة حملت مشاعر طغت على كل الحدود، مشاعر امتزجت فيها البراءة بالخوف، بالحنين إلى الحياة، حتى أصبحت رمزا لمعاناة الطفولة في عالم يغلق عينيه عن الأوجاع اليومية.

غضب على مواقع التواصل.. وتساؤلات حول ضمائر العالم

صورة ياسمينا ورسالتها أيقظت الغضب لدى الكثيرين، الناشطة ليال علّقت على الصورة قائلة: "هذا هو بنك أهداف الكيان الصهيوني"، فيما عبّر المؤثر خالد صافي بمرارة عن حجم السخرية التي تُمارس في السياسة الدولية، قائلًا: "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، لذلك قتلت هؤلاء الأطفال في لبنان وما زالت تحصد الأرواح".

لم تكن ياسمينا وحدها، بل تمثل قصة ياسمينا "اللبنانية" قصة "ياسمينة" غزة والشام والضفة، الطفولة العربية التي تمزقت أحلامها أمام العنف. كما قال أيمن، أحد المغردين: "كان الياسمين في أرض العرب يتمنى حياة تليق بتلك الطفولة البريئة، إلا أن للإجرام رأيًا آخر".

وحشية الاحتلال وعنف الصمت الدولي

في ظل تصاعد الاعتداءات، أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل في "قائمة العار" لارتكابها انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في غزة، واليوم يُعاد المشهد في لبنان، حيث أكدّت الأمم المتحدة أن خمسين طفلًا قضوا جراء الغارات الإسرائيلية، وهو أمر وصفته بالخطير، يبرز هذا التصريح حجم المأساة والانتهاكات المتكررة بحق الأطفال، الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم ولدوا في مناطق النزاع.

الناشطة فاطمة سالاري صرحت بغضب: "إن الطبيعة الوحشية لإسرائيل وإيمانها بتفوقها على غيرها من الأمم يسمح لها بارتكاب أي جريمة، كما أن الدعم والغطاء غير المشروط من أميركا يسمح لها بغزو لبنان". كلمات فاطمة تأتي لتلخص مشاعر الغضب والإحباط من التواطؤ الدولي الذي يسمح بتمرير هذه الجرائم.

مشهد ياسمينا.. شهادة على الإنسانية المهدورة

قصة ياسمينا نصار هي قصة الآلاف من الأطفال الذين عاشوا وماتوا تحت القصف، رسالة ياسمينا الأخيرة ليست مجرد كلمات، بل صرخة إنسانية هزت الضمائر، وعرت القلوب التي تأقلمت مع مشهد الدماء، هذه القصاصة البسيطة المليئة ببراءة الطفولة، تدمرنا، وتبكينا، وتدفعنا لإعادة التفكير في واقع يبدو فيه الموت هو الإجابة الوحيدة لأحلام الحياة.

الأطفال ليسوا أرقامًا في بيانات الحرب، ياسمينا لم تكن رقمًا، كانت روحًا نابضة، كانت أملًا، حلمت بالحياة، وذهبت ضحيةً لصراعٍ لم تختره.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذّر من تحديات كبيرة تواجه أطفال غزة
  • من هم أطفال القمر؟.. مرض نادر يشوه وجه المُصاب ويعرضه للسرطان
  • دراسة: نصف السعرات الحرارية التي يحصل عليها الأطفال مصدرها الأطعمة المصنعة
  • جرحى معظمهم أطفال بـ”انفجار غامض” شمالي العراق
  • أطفال في محاكاة لحرب أكتوبر احتفالاً بالنصر.. «زرع العلم.. طرح الأمل»
  • دموع تحت القصف.. قصة ياسمينا وأمنيتها التي ضاعت وسط لهيب المعارك
  • “الصحة العالمية”: أطفال غزة يجب ان يحصلوا على الجرعة الثانية من لقاح شلل الأطفال
  • دراسة: قصر النظر يطال 1 من كل 3 أطفال في العالم
  • منظمة الصحة العالمية تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال
  • أطفال غزة هدف قناصة الاحتلال الإسرائيلي.. أطباء يروون لـ«الوطن» تفاصيل المأساة