الخليج الجديد:
2024-09-19@22:38:05 GMT

المدنيون في غزة تحت ويلات الحرب

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

المدنيون في غزة تحت ويلات الحرب

المدنيون في غزة تحت ويلات الحرب

تدّعي إسرائيل أنها تتحرك دفاعًا عن النفس في حربها ضد حماس، ولكنها تتسبب بسقوط حصيلة مروّعة من المدنيين الأبرياء.

يكشف حصار غزة الكامل، والاجتياح البرّي الإسرائيلي، عن محاولة إسرائيل خلق ظروف يُضطر فيها الفلسطينيون إلى الاختيار بين الموت أو إخلاء القطاع.

حرب إسرائيل على غزة وانتهاكها المستمر للقانون الدولي دليلٌ فشل ذريع للوسائل القانونية والسياسية والدبلوماسية الدولية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإرساء العدالة والسلام.

يصعب توقّع تطورات الأيام والأسابيع المقبلة، لكن الأكيد أن المدنيين الأبرياء يدفعون الثمن الأكبر. يجب أن يكفّ المجتمع الدولي عن غض النظر عن قتل الفلسطينيين ونزوحهم.

* * *

في 7 تشرين الأول/أكتوبر، استيقظ الفلسطينيون في غزة على نبأ الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل. وقد فوجئوا بالخبر شأنهم في ذلك شأن باقي دول العالم، بما فيها إسرائيل نفسها التي تُعرَف باستخباراتها ونظمها الأمنية المتطورة. ولكنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم على أعتاب حرب خامسة مع إسرائيل، مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي فرض "حصار كامل" على غزة في معركة ضد "الحيوانات البشرية".

تستخدم إسرائيل الآن قوتها على نحو غير مسبوق ضد المدنيين العزّل في غزة، منتهكةً بذلك القانون الإنساني الدولي مع إفلات تام من العقاب. غالبًا ما يُستخدَم استهداف حماس ذريعةً لتبرير القتل العشوائي لشرائح واسعة من السكان والتسبب لهم بإصابات وتهجيرهم من منازلهم، بالإضافة إلى الهجمات المتواصلة على الأحياء السكنية، ويُصوَّر سقوط المدنيين على أنه أضرار جانبية للحرب.

ولكن الناس في غزة ليسوا مجرد أرقام، ولا شيء يبرر إبادة عائلات بأكملها عن وجه الأرض. وفي الوقت نفسه، تُعرّض الهجمات الجوية المكثّفة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة حياة المدنيين الإسرائيليين وسائر المدنيين الأجانب المحتجزين في غزة للخطر.

وقد أوردت قناة الجزيرة نقلًا عن حركة حماس أن هذه الأخيرة عرضت الإفراج عن رهينتَين، ولكن إسرائيل رفضت استقبالهما، الأمر الذي نفته إسرائيل معتبرة أنه مجرد حملة دعائية ضدها.

بهذا المعنى، فإن استخدام إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين الأبرياء بمثابة سلاح في يدها يذهب على ما يبدو أبعد من المنطق المعلن للحرب المتمثل في القضاء على حماس، وينطوي على مسعى لتنفيذ أجندة سياسية يمينية متشددة أوسع نطاقًا قد تشمل تطهيرًا عرقيًا واسعًا للفلسطينيين عن طريق طردهم من غزة.

حتى قبل اندلاع الحرب، كان قطاع غزة يوصَف بأنه غير صالح للسكن، ولكن تضييق الحصار يُحكم الخناق أكثر فأكثر على سكّانه. تعتبر إسرائيل أن هذا النوع من العقاب الجماعي هو بمثابة تكتيك عسكري.

فالحصار الكامل لا يقطع الوقود والكهرباء عن حماس فحسب، بل قد يؤدي أيضًا إلى إضعاف معنويات المقاتلين وقدرتهم البدنية على الاستمرار في خوض المواجهة العسكرية. ويمكن أن يقود الحصار المطوّل أيضًا إلى التفكيك التدريجي للنسيج الاجتماعي في غزة من خلال الدفع بالأشخاص إلى التزاحم على الموارد الشحيحة.

والأهم هو أن سيطرة إسرائيل الكاملة على قرار السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة أو منعها من الدخول يساعد أيضًا على تشتيت الأنظار عن الفظائع التي ترتكبها ضد المدنيين. على سبيل المثال، بعيد الهجوم على المستشفى المعمداني في غزة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وفيما كانت المصادر تعمل على التحقق من هوية الجهة المسؤولة عن الاعتداء، أعلنت إسرائيل عن التوصل إلى اتفاق مع مصر للسماح بدخول شاحنات المساعدات الإنسانية عن طريق معبر رفح.

وهذه كانت خطوة سياسية على وجه التحديد، لأن حجم المساعدات لم يكن كافيًا على الإطلاق، وقد وصفه مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأنه "نقطة في محيط من الاحتياجات"، فقد كان الهدف تشتيت أنظار وسائل الإعلام عن الفظائع عبر تحويل اهتمامها نحو مسألة المساعدات.

ختامًا، يكشف الحصار الكامل على غزة، بالإضافة إلى الاجتياح البرّي الإسرائيلي، عن محاولة إسرائيل خلق ظروف حيث يُضطر الفلسطينيون إلى الاختيار بين الموت أو إخلاء القطاع.

فيما تواصل القوات الإسرائيلية الهجوم البرّي والجوي، يُتوقَّع حدوث دمار إضافي في المناطق الشمالية والوسطى في غزة لتفكيك شبكة الأنفاق التي بنتها حماس تحت الأرض وتدمير قدراتها العسكرية.

لقد أصدرت إسرائيل بالفعل أوامر لأكثر من مليون فلسطيني لإخلاء شمال غزة، وتواصل شن هجمات جوية على كامل أراضي القطاع. ولكن من المحتمل جدًا أن يمتد الغزو البري إلى جنوب غزة، بهدف دفع أكبر عدد ممكن من العائلات الفلسطينية إلى الفرار إلى صحراء سيناء.

الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي هي دليلٌ على الفشل الذريع للوسائل القانونية والسياسية والدبلوماسية الدولية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإرساء العدالة والسلام في المنطقة. يصعب توقّع التطورات في الأيام والأسابيع المقبلة، ولكن الأكيد هو أن المدنيين الأبرياء يدفعون الثمن الأكبر.

يجب أن يكفّ المجتمع الدولي عن غض النظر عن موت الفلسطينيين ونزوحهم، وينبغي عليه العمل من أجل حماية المدنيين، من خلال التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإلى تسوية سلمية عن طريق التفاوض. يجب وضع حد لدورة العنف، قبل بلوغ نقطة اللاعودة.

*د. منى جبريل باحثة في الاجتماع بمركز أبحاث الأعمال، جامعة كامبريدج البريطانية.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة الموت 7 أكتوبر المستشفى المعمداني في غزة الحصار الكامل إخلاء القطاع الهجوم البري على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

عاجل | ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي: المجلس السياسي الأمني يصدق على أهداف الحرب لتشمل إعادة سكان الشمال لبيوتهم

وسعت إسرائيل الأهداف المعلنة لحرب غزة لتشمل تميكن السكان الإسرائيليين في الشمال من العودة إلى مساكنهم، وذلك رغم التحذيرات الأميركية من توسيع الحرب.

وذكر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مجلس الوزراء الأمني المصغر وافق على القرار.

وجاء ذلك بعد يوم من اجتماع وزير الدفاع الإسرائيلي الإسرائيلي يوآف غالانت مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لبحث التطورات على الحدود الإسرائيلية مع لبنان، في ظل تصاعد الخلاف داخل حكومة الاحتلال بشأن توسيع العملية العسكرية في لبنان.

وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن غالانت اجتمع مع هوكشتاين في محاولة أخيرة لمنع حدوث تصعيد كبير على الجبهة الشمالية، وأفادت بأن غالانت قال للمبعوث الأميركي إن العمل العسكري هو السبيل لإعادة سكان الشمال.

وأفادت أيضا بأن هوكستين قال لغالانت إن معركة واسعة ضد لبنان لن تعيد الأسرى وستعرض إسرائيل للخطر.

وأضافت أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن فرصة التوصل إلى تسوية في لبنان، من دون وقف إطلاق النار في غزة، ضئيلة.

من جانبه، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمبعوث الأميركي إن تل أبيب تقدر دعم واشنطن، لكنها ستفعل ما يلزم لإعادة السكان شمالا وحماية أمنها، مضيفا أنه لا يمكن إعادة السكان إلى الشمال دون تغيير جذري في الوضع الأمني.

وكان هوكشتاين وصل إلى إسرائيل في وقت سابق أمس الاثنين، وبعد وصوله إلى تل أبيب، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي نظيره الأميركي لويد أوستن، في اتصال هاتفي، أن فرص التوصل إلى تسوية تنهي المواجهات مع لبنان تتلاشى مع استمرار حزب الله في ربط نفسه بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية أن واشنطن تريد منع اندلاع حرب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وزادت في الأيام الأخيرة الدعوات في إسرائيل لشن حرب على حزب الله في لبنان، بالتزامن مع تصاعد هجماته الصاروخية على مستوطنات الشمال بينها ما لم يسبق إخلاؤها من المستوطنين.

وبينما تحاول واشنطن التوسط في اتفاق تهدئة بين إسرائيل ولبنان، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في العاشر من يوليو/تموز الماضي إن حماس تفاوض عن نفسها وبالنيابة عن كل الفصائل الفلسطينية، وما تقبل به حماس نقبل به جميعا.

مقالات مشابهة

  • أول رد من حماس على المقترح الإسرائيلي الذي يتضمّن "إبعاد السنوار"
  • صفقة «الممر الآمن».. إسرائيل تطرح مقترحاً جديداً في غزة
  • إسرائيل بين غطرسة القوة ونتائج الطوفان.. قراءة في كتاب
  • الدويري .. القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة يعترف بصدق السنوار
  • كيف أقر القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة بصدق السنوار؟.. الدويري يجيب
  • وسائل الإعلام الألمانية تطالب إسرائيل بالسماح لها بالدخول إلى غزة
  • خالد مشعل: الجيش الإسرائيلي في حالة استنزاف
  • عاجل | القائد السابق لفرقة غزة بالجيش الإسرائيلي: حماس تنتصر في هذه الحرب
  • عاجل | ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي: المجلس السياسي الأمني يصدق على أهداف الحرب لتشمل إعادة سكان الشمال لبيوتهم
  • السنوار يؤكد جاهزية حماس لـ"معركة استنزاف طويلة" مع إسرائيل في غزة