الجديد برس:

على نحو لافت، تتصاعد عمليات القوات المسلحة اليمنية باتجاه عمق كيان العدو الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يعكس قراراً سياسياً حازماً وحاسماً اتخذته القيادة اليمنية من منطلق أخلاقي إنساني وديني وسياسي بأنه لا يمكن الاستفراد بغزة، ولا يمكن الاكتفاء بالتفرج على ما يجري من إبادة جماعية لسكان غزة.

في الفترة القليلة الماضية، سجلت القوات المسلحة اليمنية 7 عمليات معلنة، 6 منها باتجاه أهداف متنوعة وحساسة في عمق كيان العدو الإسرائيلي، والسابعة تمثلت بإسقاط طائرة درون أميركية من نوع “MQ9” من قبل الدفاعات الجوية اليمنية أثناء تنفيذها مهام عدائية وتجسسية لمصلحة كيان العدو الإسرائيلي لـ”معرفة ما إذا كان الجيش اليمني يخطط لأي عمليات باتجاه إسرائيل”، كما جاء في وسائل إعلامية أميركية.

العملية السابعة تركزت على مدينة أم الرشراش “إيلات” جنوب فلسطين المحتلة. لقد أجبر العدو الإسرائيلي تحت ضغط الفيديوهات التي تسربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أن يعترف، ولو بشكل متأخر، مع محاولة التقليل من أهمية العملية ووقعها العسكري والنفسي على الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على حد سواء.

ما يؤكد ذلك هو حالة الإرباك التي عكستها الروايات الصهيونية، تارة بفرضيات أن الانفجار ناجم عن خلل فني، وتارة بـ”الاشتباه بحدث أمني” يجري التحقيق فيه، وتارة باحتمال طائرة مسيرة من نوع “صماد 3” من اليمن.

حالة الإرباك امتدت إلى الجانب التقني، ونقصد منظومات الدفاع الجوية المتطورة التي عجزت عن استشعار الصواريخ الآتية من اليمن، بدليل أن صفارات الإنذار لم تدوِ على غير العادة. ومن ناحية أخرى، البوارج البحرية الأميركية ومنظومات الدفاع في السعودية وغيرها لم تستشعر هي الأخرى، ووصلت نيران اليمن إلى “إيلات” بشكل لا غبار عليه.

وصول الصواريخ والمسيرات اليمنية إلى أم الرشراش يعني من الناحية الاستراتيجية عدة أمور نستطيع أن نلخصها في الآتي: 

– أبرز رسالة تتمثل في أنّ “إيلات” التي نقل العدو مستوطنيه إليها ليست آمنة، شأنها شأن المستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة وشمالها. وعلى المستوى العام، لم يعد هناك مكان آمن في عمق الكيان. وقد بات في حالة انكشاف استراتيجي أمام محور الصواريخ والمسيرات. 

– تعرض “إيلات” بما تملكه من أهمية اقتصادية وجيوسياسية بوجود منشآت حيوية واقتصادية فيها لعمليات من هذا النوع سيشكل هزة إضافية لاقتصاد مهزوز أصلاً، كما أن غياب البيئة الآمنة سيشكل عامل طرد لرؤوس المال والاستثمارات. 

– هذه العمليات ستدخل المنشآت الإسرائيلية داخل “إيلات” في حالة شلل. وقد بدأ ذلك بتوقف العملية الدراسية بقرار أمني عسكري وسياسي. 

– ضرب موسم السياحة في “إيلات”.

– هذا التطور يثير مخاوف الإسرائيليين أكثر، ويؤكد عدم وجود مكان آمن لهم من الجنوب إلى الشمال، من “إيلات” إلى المطلة مروراً بالوسط.

الرسالة الأكثر أهمية التي تضاعف القلق الأمني والعسكري لدى قيادات كيان العدو أن من وصل إلى “إيلات” قادر على الوصول إلى ديمونا، وإلى حيفا، وإلى أي نقطة وأي هدف في عمق الكيان.

وفي اعتقادنا، إن المفاجآت الكبرى لما تأتِ بعد. وقد نكون أمام مفاجآت كبيرة في الفترة المقبلة ما لم يتوقف العدوان على غزة، والموقف الرسمي اليمني واضح ومعلن بأن العمليات مستمرة ما استمرّ العدوان على غزة.

سيناريوهات ما بعد الضربة الاستراتيجية

هناك من يستبعد فرضية الرد الإسرائيلي في هذا التوقيت، بحكم أن العدو لا يزال يفتش بين ركام غزة عن قوة ردعه التي تهشمت وسقطت أكثر من أي وقت مضى يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي فإنه يعطي الأولوية للعدوان على غزة.

وسبق أن صرّح أحد المسؤولين الصهاينة بأن “الحوثيين يتحدوننا، ولكن تركيزنا حالياً على غزة”، بمعنى أن العدو يخشى توسيع دائرة الصراع وتعدد الجبهات والساحات، وهذا ما لم يتحقق، فكلما أوغل في الدم والجرائم في غزة، وجدنا أن دائرة النار والرد تتسع.

الفرضية الثانية أن العدو، في حال أقدم على أي حماقة باتجاه اليمن، يكون قد ارتكب أكبر خطأ في تاريخه، لأن اليمنيين ربما ينتظرون تلك اللحظة ويتمنونها لفتح الحساب بشكل أكبر وأوسع، وقد يكون البحر ميداناً أساسياً من ميادين الحساب المفتوح مع “إسرائيل”.

وقد بدأت تجليات هذا السيناريو مع أول محاولة أميركية عبر إرسالها طائرة “MQ9” بهدف الرصد والتجسس، وربما تنفيذ عمل عسكري أو أمني، فكان الرد سريعاً بإسقاط تلك الطائرة (تبلغ قيمتها 32 مليون دولار)، وبما عكس جاهزية يمنية عالية لمواجهة أي سيناريو محتمل.

وفي حال استخدمت أميركا بارجاتها وقطعها العسكرية الموجودة في البحر لتهديد اليمن، فقد تكون تلك البوارج هدفاً أيضاً، بمعنى أنَّ اليمن، كما كل المحور، جاهز لكل الخيارات وكل السيناريوهات، وكلما توسعت المعركة توسعت دائرة التهديد للمصالح والقواعد والحضور الأميركي في المنطقة، وهذا بكل تأكيد سينعكس على حلفائها، بما فيهم “إسرائيل”. 

السؤال الذي قد يطرحه البعض: ما مصلحة اليمن الذي خرج من حرب عمرها 9 سنوات ولما تنتهِ بعد بالدخول في هذه المواجهة المفتوحة على كل الاحتمالات، وفي مواجهة مباشرة مع أميركا و”إسرائيل”؟ 

قد يكون مبرراً لليمن بالحسابات السياسية والمادية أن يعفي نفسه من المسؤولية، بذريعة أنه منشغل بوضعه ومشكلاته في ظل العدوان والحصار القائمين… لكنه لم يفعل ولم يتنصل، بل قفز بدفع شعبي تمثل بمسيرات مليونية لحمل لواء فلسطين، ليس لخطف الأضواء، إنما من منطلق تحمل المسؤولية التاريخية والدينية والأخلاقية والإنسانية، فكان حاضراً مع فلسطين بالمال والسلاح، وحاضراً لأن يكون معها بالدم وفي الميدان لولا الصعوبات الجغرافية وبعد المسافة، فجاءت الطائرات والمسيرات من اليمن إلى فلسطين المحتلة لتطوي كل الصعوبات والمسافات، وتسجل موقفاً مسانداً لغزة المظلومة والمتروكة، ولتؤكد إلى جانب محور المقاومة أن “إيلات” ليست آمنة، وأن فلسطين المحتلة ليست آمنة.

*الميادين نت – علي ظافر

(الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً)

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی فلسطین المحتلة کیان العدو على غزة

إقرأ أيضاً:

الحوثيون يعلنون مهاجمة “هدف حيوي” بميناء إيلات

#سواليف

قال المتحدث العسكري باسم #الحوثيين #يحيى_سريع -اليوم السبت- إن جماعته هاجمت “هدفا حيويا” في ميناء #إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر “بعدد من #الطائرات_المسيرة”.

وأوضح سريع -في بيان متلفز- أن قوات الجماعة “نفذت عملية عسكرية استهدفت هدفا حيويا للعدو الإسرائيلي في منطقة أم الرشراش (إيلات) جنوبي فلسطين المحتلة (إسرائيل) بعدد من الطائرات المسيرة”.

وأضاف المتحدث العسكري للحوثيين أن “العملية حققت أهدافها بنجاح” دون توضيحات بشأن طبيعة الأهداف.

مقالات ذات صلة الأردن يسحب ترشيح فيلم “حلوة يا أرضي” للأوسكار 2024/11/16

وأكد استمرار قوات الجماعة “في تنفيذ عملياتها العسكرية ضد العدو الإسرائيلي وكذلك الاستمرار في فرض #الحصار البحري ضمنَ منطقة العمليات البحرية المعلن عنها سابقا”.

وشدد سريع على أن “هذه العملياتِ لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة ووقف العدوان على لبنان”.

يُذكر أن الحوثيين أعلنوا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيرات فضلا عن استهداف مواقع بإسرائيل، وذلك في إطار التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام لعدوان إسرائيلي أسفر حتى الآن عن أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني.

وردا على هجمات الحوثيين، بدأت واشنطن ولندن -منذ مطلع 2023- شن غارات جوية وهجمات صاروخية على مواقع تابعة لهم باليمن، وهو ما قابلته الجماعة بإعلان أنها باتت تعتبر كافة #السفن_الأميركية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية، وتوسيع هجماتها للسفن المارة بالبحر العربي والمحيط الهندي أو أي مكان تصله أسلحتها.

مقالات مشابهة

  • جديد ميدان لبنان.. غاراتٌ إسرائيليّة تطالُ هذه المناطق (تغطية مباشرة)
  • الحوثيون يعلنون مهاجمة “هدف حيوي” بميناء إيلات
  • واقع الهزيمة يحاصِرُ أمريكا من ميدان المواجهة إلى فضاء السردية.. “اليمن مخيف”
  • القصف مستمر.. مناطق تتعرّض لغارات وهذه آخر المستجدات (تغطية مباشرة)
  • مستشار ترامب: مصلحة بريطانيا مع أمريكا وليس الاتحاد الأوروبي
  • فصائل عراقية مسلحة تعلن شن هجوم على هدف حيوي في إيلات جنوبي إسرائيل بواسطة الطيران المسيّر
  • إصابة مباشرة لمنزل في مستوطنة نهاريا شمال إسرائيل جراء قصف بمسيرة
  • مسؤول في “البنتاغون”: اليمن أصبح يمتلك تكنولوجيا صناعة الصواريخ الباليستية التي تستحوذ عليها الدول المتقدمة فقط
  • الصاروخ سقط مباشرة أمام مواطنين... شاهدوا بالفيديو لحظة إستهداف إسرائيل لحدث بيروت
  • أمريكا و10 دول: التغير المناخي يفاقم مشاكل اليمن