موقع النيلين:
2024-12-29@09:20:06 GMT

عن وضع الحرب في السودان

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

عن وضع الحرب في السودان


أدركت الميليشيا الخطأ العسكري الذي وقعت فيه بمواصلة القتال في الخرطوم من بعد خسارتها في معركة القيادة العامة في ١٥-١٦ أبريل وركزت أغلب جهودها العسكرية في دارفور حيث تمكنت من إسقاط ٣ فرق عسكرية (نيالا، زالنجي والجنينة) في وقت قياسي مُتوقع، حيث تملك الميليشيا الأفضلية في دارفور وإذا ما كانت الميليشيا قد هجمت على حاميات دارفور في صبيحة ١٥ أبريل كان بإمكانها إسقاط كل دارفور في ٣ أيام بدون مجهود يذكر في استغلال لفرصة خاطفة،

ولكن التوجه للخرطوم ربما كان الخيار الأنسب سياسياً كما أن خطة انقلابهم كانت محكمة ولو لا لطف الله ثم بسالة المرابطين في القيادة العامة كان من الممكن أن نكون الآن في مملكة آل دقلو، فاسقاط الخرطوم يأتي بنافذة صغيرة مدتها ٢٤ ساعة، عليك في هذه الساعات الاستيلاء على القصر، الإذاعة، المدرعات، القيادة العامة، المهندسين ووادي سيدنا،

أما إذا فشلت خطتك في خلال هذه الفرصة الضيقة فستجد نفسك في حرب طويلة أمام أكثر مدن السودان احتواءاً على المعسكرات التي ستكون قد رفعت من جاهزيتها في خلال هذه الساعات، حيث تملك الخرطوم حوالي 17 معسكراً (غير شاملة المرافق العسكرية الأخرى) يتبع للجيش، تمكن الدعم السريع في خلال ٦ أشهر من الهجمات المتواصلة من إسقاط 4 من هذه المعسكرات ولم يتمكنوا حتى الآن من إسقاط المعسكرات الثلاث الكبرى (المدرعات، المهندسين ووادي سيدنا).

التوجه إلى دارفور قرار عسكري سليم، ولكن تكلفته السياسية عالية، فحيث يمكنك في الخرطوم -بمعاونة اذرعك السياسية والإعلامية- من إيجاد تبريرات وغطاءات لبربرية الميليشيا، ولكن في دارفور فإنك لن تتمكن من تبرير المجازر والتطهير العرقي الذي لا يمكنك السيطرة عليه حيث سيكون هذا أحد المحركات الأساسية لأفراد الدعم السريع في دارفور كما شاهدنا بالفعل المجازر التي يرتكبونها هناك، وهذا أمر كان يدركه حميدتي جيداً، حيث انحسر القتال في دارفور في تأمين خطوط الإمداد من أفريقيا الوسطى، تشاد وليبيا ولم تسعى الميليشيا للتمدد هناك حتى أتى عبد الرحيم وبدأ التوسع ليفتح بهذا صندوق باندورا الذي لن يتمكن أحد من توقع ما سيخرج عنه مهما كان ضليعاً في التحليل.

فشلُ منبر جدة في الوصول إلى هدنة/وقف إطلاق نار أمر متوقع، فالميليشيا لا تود الخروج من منازل المواطنين وهو الشرط الأساسي في اي عملية وقف إطلاق نار طويلة الأمد، ويبدوا أن المنبر كان مجرد استعراض دبلوماسي من الوساطة في لعب دور صانع السلام حتى أجلٍ لاحق.

وسط العجز السياسي للبرهان، والذي يمثل عاملاً مؤثراً أكبر من العسكري، فإننا قد دخلنا مرحلة جديدة من تغير قوانين فوضى الحرب، وهنالك متغيرات كثيرة تجعل التكهن بمسار الأحداث في المستقبل أمراً مستحيلاً، وإذا ما تواصل هذا العجز فإننا سنشهد المزيد من الفوضى في حالة لا نهائية من ال uncertainty.
.
.
بالنسبة لكبري شمبات، فأظن أن الجيش قد أسقطه لأن إسقاط هذا الكبري يعني قطع شريان أساسي للميليشيا، ولكن عند رؤية صور الجسر المُدمر تبادر لذهني سؤال مهم، فإن الجسر قد قُطع عن طريق تدمير أحد الدعامات في أسفل منتصف الجسر، فما هو السلاح الذي يملك زاوية هجوم مناسبة لإصابة أسفل الجسر هكذا؟ فمنذ بداية الحرب، وبحسب الترسانة الحربية التي يملكها الجيش، فإن خيارات تدمير الجسر كانت محصورة في استهدافه من الأعلى إما باستخدام قنبلة عالية التفجير (مثل بركان) أو إمطاره بقذائف مدفعية و صاروخية، ولكن تدميره من الأسفل أمر صعب، فحتى الطيران الحربي لا يمكنه الاقتراب من الكبري كثيراً بسبب كثافة المضادات الأرضية للدعم السريع، واستخدام صواريخ مضادة للدروع موجهة بالليزر يحتاج الإقتراب من محيط كبري شمبات الذي تسيطر عليه الميليشيا والذي يجعل خيار القيام بعملية نوعية أيضاً صعب.

والسؤال الأهم هو ما الذي تغير؟ فالبرهان ظلّ رافضاً إسقاط الجسر رفضاً قاطعاً رغم محاولات سلاح المهندسين الحثيثة في تقديم مقترحات تفضي لقطع الجسر بدون التسبب في ضرر يصعب إصلاحه.

كما ذكرت، فإن محاولة التنبؤ بالقادم أمر صعب، ولكن المؤكد أن العمليات الحربية ستتواصل بعنف خصوصاً في أمدرمان.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة وثبت أقدامهم وسدد رميهم.

احمد الخليفة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی دارفور

إقرأ أيضاً:

محاكمة علي كوشيب: بارقة أمل لضحايا الإبادة الجماعية في دارفور

تقرير: حسن إسحق

تمثل محاكمة علي كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية خطوة مهمة في مسار العدالة لضحايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في دارفور. هذه المحاكمة ليست فقط فرصة للكشف عن الفظائع التي ارتكبت خلال النزاع، بل أيضًا بارقة أمل للضحايا الذين ظلوا يطالبون بالإنصاف في ظل غياب أجهزة عدلية نزيهة في السودان. عبر تقديم كوشيب للمحاكمة، تسعى المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة الدولية ومحاسبة المتورطين، مما يؤكد أن الجرائم الكبرى لا تسقط بالتقادم، ويعيد الأمل في بناء نظام قضائي قادر على التصدي للجرائم وضمان حقوق الإنسان.
تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 بموجب ميثاقها لمحاكمة المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم، وضمان العدالة للضحايا عبر محاكمات عادلة تدعم جهود المحاكم الوطنية. وتختص المحكمة بملاحقة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، التي تشمل قتل أو إلحاق أذى شديد بهدف إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية بشكل كلي. كما تشمل الجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب بشكل منظم ضد المدنيين، مثل القتل والاغتصاب والإبعاد القسري. إضافة إلى ذلك، تلاحق المحكمة جرائم الحرب التي تنتهك اتفاقية جنيف لعام 1949 وقوانين النزاعات المسلحة.
الجرائم المنسوبة إلى علي كوشيب
تمثل محاكمة محمد علي عبدالرحمن، المعروف بعلي كوشيب، أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي محطة مفصلية في مسار تحقيق العدالة لضحايا الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور. تُوجه إليه تهم تتعلق بجرائم ارتُكبت خلال عامي 2003 و2004، في ذروة النزاع المسلح بين الحكومة المركزية وحركة تحرير السودان. في تلك الفترة، أشرفت قوات الجنجويد بقيادة كوشيب على حملات اعتقال وتعذيب واسعة النطاق استهدفت المدنيين في منطقتي مكجر ودليج بوسط دارفور. وتشمل قائمة الاتهامات الموجهة إليه الاغتصاب، والقتل، والنهب، والتعذيب، إلى جانب مسؤوليته عن تنفيذ هجمات مروعة على قرى في منطقة وادي صالح خلال أغسطس 2003، مما يجعله متهمًا بارتكاب 31 جريمة جسيمة.
يؤكد عبدالله إسحق، أحد ذوي الضحايا، أن محاكمة علي كوشيب تمثل دليلًا على أن حقوق الضحايا لن تُنسى بمرور الزمن، وأن كل من تورط في جرائم دارفور سيواجه العدالة عاجلًا أو آجلًا. عبّر إسحق عن شعوره بالفرح والأمل في أن تصبح المحاسبة واقعًا لا مفر منه، مشيرًا إلى أن هذه المحاكمة قد تفضح تورط أفراد آخرين في تلك الجرائم. وشدد على أن تحقيق العدالة هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراعات الطويلة التي أنهكت السودان.
تحديات العدالة المحلية والحاجة للتعاون الدولي
أكد المحامي والمدافع القانوني عثمان صالح أن تقديم علي كوشيب للمحكمة الجنائية الدولية يمثل فرصة حقيقية لبداية تحقيق العدالة داخل السودان، خاصة في ظل غياب أجهزة عدلية نزيهة قادرة على التصدي للجرائم الكبرى. وأوضح أن هذه الجرائم غالبًا ما تتم بتوجيهات من كبار القادة الذين يتجنبون المحاسبة، مما يجعل الآليات الدولية الخيار الوحيد لضمان حقوق الضحايا وإنصافهم.
وفي ذات السياق، شدد الدكتور فادي العبدالله، المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، على ضرورة تعاون السودان مع المحكمة. وأشار إلى أن الأدلة المقدمة تشمل وثائق وشهادات وصورًا، داعيًا المجتمع الدولي إلى الضغط على الحكومة السودانية لتسليم المطلوبين، وعلى رأسهم عمر البشير وأحمد هارون، لتحقيق العدالة.
كما أشار عثمان صالح إلى أهمية المحكمة الجنائية الدولية كأداة لملاحقة القادة المتورطين في الانتهاكات، موضحًا أن إصدار مذكرات توقيف يجعلهم أكثر حذرًا في تحركاتهم. ومع ذلك، لفت إلى أن المصالح السياسية الدولية قد تعرقل أحيانًا عمل المحكمة، التي تعتمد بشكل كبير على تعاون الدول لتنفيذ أحكامها.
الأمل الأخير لضحايا دارفور
أما المحامي عبدالباسط الحاج، فقد وصف المحكمة الجنائية الدولية بأنها الملاذ الأخير لضحايا دارفور، خصوصًا بعد خيبة الأمل في النظام القضائي الوطني، الذي لم يتحرك لمحاسبة المسؤولين المنتمين إلى النظام السابق. وأكد عبدالباسط أهمية توثيق الجرائم وحفظ الأدلة لضمان استخدامها مستقبلاً، مشيرًا إلى أن الإجراءات الطويلة للمحكمة تسببت في إحباط البعض، لكنها لا تزال الأمل المتبقي للضحايا.
الخلاصة
التغيرات السياسية الأخيرة في السودان فتحت المجال لتعاون أوثق مع المحكمة الجنائية الدولية. زار مسؤولون من المحكمة السودان، بقيادة المدعي العام، لبحث التعاون بشأن المحاكمة الجارية لكوشيب وتسليم مطلوبين آخرين. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستختار السلطات السودانية محاكمة المطلوبين داخليًا أم تسليمهم للمحكمة؟

ishaghassan13@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم منذ بدء الصراع
  • السودان: وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم منذ بداية الصراع
  • الأولى منذ اندلاع الحرب..وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم
  • منذ بدء النزاع.. وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم
  • وصول أول قافلة مساعدات إلى جنوب الخرطوم منذ بدء النزاع في السودان  
  • هل تفعل واشنطن ما يكفي لمساعدة السودان؟
  • الجيش السوداني يتوغل في وسط الخرطوم بحري، والمبعوث الأممي إلى السودان ينهي زيارته لبورتسودان دون تحقيق اختراق
  • السودان فوق والمشتركة فوق
  • وزير الخارجية السوداني: وساطة أردوغان بين الخرطوم وأبو ظبي واعدة وإيجابية
  • محاكمة علي كوشيب: بارقة أمل لضحايا الإبادة الجماعية في دارفور