حسني محلي دفعت العلاقات التركية – الإماراتية الأوساط السياسية إلى الحديث عن دور فعال ومؤثر للإمارات من أجل تحقيق المصالحة السورية – التركية بعدما فشلت إيران وروسيا في ذلك. تشهد العلاقات التركية – الإماراتية تطورات مثيرة منذ الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الإمارات محمد بن زايد إلى أنقرة في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وكررها في 10 حزيران/يونيو الماضي، إذ التقى الرئيس إردوغان، وحضرا معاً المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين مانشستر سيتي الإنكليزي وإنتر ميلان الإيطالي، قبل أن يبحثا في المزيد من التنسيق والتعاون الشامل في العلاقات الاستراتيجية.

ويستعد الرئيس إردوغان للتوقيع على العديد من الاتفاقيات خلال زيارته أبو ظبي هذا الأسبوع، بعد أيام على الزيارة التي قام بها نائبه جودت يلماز ورافقه وزير المالية محمد شيمشاك. وقيل إن يلماز وشيمشاك أقنعا حكام الإمارات بالمزيد من الاستثمارات في تركيا بعد المعلومات التي تحدثت عن مساعدات مالية بقيمة 10 مليارات دولار تم إيداعها في المصرف المركزي التركي قبل الانتخابات الأخيرة. ولكن هذا المبلغ والمبالغ التي وصلت من روسيا والسعودية لم تكن كافية لتغطية العجز الخطر في احتياطيات المصرف من العملات الأجنبية، وأهمها الدولار، في الوقت الذي تتحدث المعلومات عن رغبة أبو ظبي في شراء العديد من مؤسسات القطاع الحكومي التركي، وأهمها شركة الخطوط الجوية والشركة الوطنية للبترول وبعض الموانئ. هذا على الصعيد المالي والاقتصادي في العلاقات التركية – الإماراتية، التي يعرف الجميع أن محمد بن زايد يريد لها أن تدعم سياسات الإمارات في المنطقة كمنافس حقيقي وقوي لقطر، وأحياناً السعودية. ودفعت هذه الحسابات الأوساط السياسية والدبلوماسية إلى الحديث عن دور فعال ومؤثر للإمارات من أجل تحقيق المصالحة السورية – التركية، بعدما فشلت في ذلك كل من إيران وروسيا عبر مسار أستانة واتفاقيات سوتشي واللقاءات الرباعية على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء المخابرات. ولا بد من التذكير بالعلاقات المميزة بين ابن زايد والرئيس الأسد الذي كانت أبو ظبي محطته الأولى في الانفتاح عربياً، إذ يتوقع البعض لهذه العلاقات أن تكون كافية لإقناع الرئيس الأسد بضرورة اللقاء القريب مع الرئيس إردوغان، بعدما نجح ابن زايد في إقناع حليفه الرئيس السيسي بفتح السفارة المصرية في أنقرة، في بداية الأسبوع الجاري وقبل فتح السفارة المصرية في دمشق. يتوقع الإعلام التركي المعارض لابن زايد أن يقنع الرئيس إردوغان بتلبية بعض الشروط والمطالب السورية قبل لقائه الرئيس الأسد، ويتوقع له البعض أن يكون مرناً في موضوع اللقاء بالرئيس إردوغان، وبوساطة إماراتية مدعومة من محمد بن سلمان والرئيس السيسي، وسط المعلومات التي تتحدث عن قمة إقليمية تهدف إلى جمع الأسد بإردوغان. وسبق أن تحدثت المعلومات عن مساعدات مالية كبيرة من الإمارات لدمشق في الوقت الذي تتبنى أبو ظبي تطبيق مقررات القمة العربية الأخيرة الخاصة بسوريا، وبليبيا أيضاً، حيث الوجود العسكري التركي، وضد الوجود المصري المدعوم إماراتياً وسعودياً، وهما معاً مع قوات خليفة حفتر. ومع انتظار النتائج المحتملة لزيارة إردوغان إلى أبو ظبي التي ستدفع له ما يشاء من الدولارات كثمن الانسحاب التركي من الأراضي السورية ووقف كل أنواع الدعم للمعارضة السورية، المسلحة منها والسياسية، فإن الغموض ما زال يخيم على موقف آل ثاني؛ حلفاء إردوغان منذ اليوم الأول للأزمة السورية، وكان معهم آنذاك آل سعود وآل نهيان وآخرون إلى جانب الدول الغربية عموماً. هذه الدول التي يبدو أنها ما زالت ضد الحل النهائي للأزمة السورية، وهو ما يستغله إردوغان ليرفع سقف مساوماته مع الإمارات والسعودية، اللتين تعرفان جيداً أن لا حل لهذه الأزمة إلا عبر إردوغان، اللاعب الأهم في مجمل المعادلات الإقليمية والدولية حتى بعد المصالحة السعودية – الإيرانية واحتمالات المصالحة الإيرانية – المصرية، التي قد توازن الدور التركي في سوريا وليبيا والعراق والمنطقة العربية عموماً في حال تحققت. وما دام لكل صفقة ثمنها، ومهما كان هذا الثمن عالياً، فهو قليل بالنسبة إلى حكام الإمارات والسعودية، وقبلها قطر، التي تحملت معاً أعباء ما يسمى بـ”الربيع العربي” والتي زادت على 200 مليار دولار. وقد يدفع المحمدان؛ ابن سلمان وابن زايد، ما يساوي هذا المبلغ في مقابل المصالحة التركية – السورية. ومن دون تحقيقها، يعرف الجميع أن لا حل لأي من مشكلات سوريا والمنطقة عموماً، بما في ذلك القضية الفلسطينية. ويسعى إردوغان كي يكون له فيها أيضاً دور مؤثر، وهذه المرة عبر العلاقة مع “تل أبيب”، وليس مع حماس، التي راحت ضحية المصالحة بين أنقرة والكيان الصهيوني الذي التقى رئيسه ورؤساء وزرائه ووزراؤه الرئيس إردوغان في العديد من المناسبات خلال العامين الماضيين. وثمة معلومات عن زيارة قريبة لنتنياهو إلى أنقرة، ولكنها تأخرت بسبب الوضع الإسرائيلي داخلياً، والسياسات الهمجية للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما لم تبالِ به معظم العواصم العربية، باستثناء إصدار بيانات الاستنكار، ما دامت قد طبّعت مع هذا الكيان، وبعض منها قيد التطبيع، وهي التي لم تستعجل في التطبيع مع دمشق، ولم تساعدها على حل أزماتها الخطرة بسبب الحصار والعقوبات الأميركية والغربية، التي تعرقل معاً عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. ويعرف الجميع أن إردوغان يرى في هؤلاء اللاجئين ورقة مهمة ومربحة في مساوماته، ليس مع العواصم الأوروبية فحسب، بل أيضاً مع العواصم العربية، ومع موسكو وطهران، التي تسعى لإعادتهم إلى بلادهم، ولكن من دون جدوى، ما دام معظم هؤلاء اللاجئين في تركيا، ويرى فيهم إردوغان وفي عائلاتهم داخل سوريا حاضنة شعبية لأفكاره وسياساته في سوريا وفي المنطقة عموماً، وهو ما أشار إليه المسؤولون الأتراك عندما قالوا أكثر من مرة إن تركيا تساعد 7 مليون سوري، 3.5 ملايين منهم في تركيا، وعدد مماثل في المناطق التي يوجد فيها الجيش التركي في الشمال السوري. ويبقى الرهان على الحنكة السياسية لحكام الإمارات ومهارتهم في إقناع الرئيس إردوغان أو إجباره على تقديم تنازلات لدمشق، وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة جداً بالنسبة إليه، بعدما فشل وزير ماليته الجديد، حامل الجنسية البريطانية، في الحصول على قروض مالية عاجلة من الغرب، والسبب في ذلك عدم ثقة هذا الغرب بإردوغان وسياساته المتقلبة. وليس واضحاً ما إذا كان الإقناع الإماراتي للرئيس إردوغان في سوريا كافياً لإقناع الرئيس الأسد، في الوقت الذي يعتقد إردوغان أن أوراقه أقوى من أوراق الأسد ما دام الجميع بحاجة إليه إقليمياً ودولياً من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، فالجميع يتهربون من الضغط عليه، وإن كان في أضعف حالاته، وعلى الرغم من فوزه في الانتخابات الأخيرة التي لم تحلّ أياً من مشكلاته الداخلية، بل زادتها بلة، فقد خسرت الليرة التركية نحو 20% من قيمتها خلال شهر واحد فقط، وهو وضع لا يحسد عليه إردوغان، ويقول أتباعه وأنصاره إنَّ الغرب يغار منه ويحسده لأنه “زعيم عظيم لكلّ المسلمين والإسلاميين في العالم، حاله حال السلطان والخليفة عبد الحميد”. (بي بي سي)

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الرئیس إردوغان فی ذلک

إقرأ أيضاً:

الخارجية : إن الجمهورية العربية السورية، التي عانت على مدى ال ۱۳ سنة الماضية، من حرب كونية هدفت لتدمير دولتها وكسر إرادة شعبها بذريعة ادعاء الغرب الكاذب بحماية الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارساته الإرهابية المماثلة لتلك التي مارسها الصندوق الوطني للديمق

2024-09-18haninسابق وزارة الخارجية والمغتربين : في الوقت الذي تتشدق فيه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بمفاهيم حرية التعبير والديمقراطية، وتسكت صوت الحق الذي نادت به شعوب بلادها نصرة للحق الفلسطيني في وجه الإجرام الصهيوني، فإن الغرب يستمر في توظيفه لمفهوم نشر الديمقراطية وحمايتها وتعزيزها كأداة لإخضاع دول العالم وكسر إرادة شعوبها انظر ايضاًوزارة الخارجية والمغتربين : في الوقت الذي تتشدق فيه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بمفاهيم حرية التعبير والديمقراطية، وتسكت صوت الحق الذي نادت به شعوب بلادها نصرة للحق الفلسطيني في وجه الإجرام الصهيوني، فإن الغرب يستمر في توظيفه لمفهوم نشر الديمقراطية وحمايتها وتعزيزها كأداة لإخضاع دول العالم وكسر إرادة شعوبها

آخر الأخبار 2024-09-18وزارة الخارجية والمغتربين : في الوقت الذي تتشدق فيه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بمفاهيم حرية التعبير والديمقراطية، وتسكت صوت الحق الذي نادت به شعوب بلادها نصرة للحق الفلسطيني في وجه الإجرام الصهيوني، فإن الغرب يستمر في توظيفه لمفهوم نشر الديمقراطية وحمايتها وتعزيزها كأداة لإخضاع دول العالم وكسر إرادة شعوبها 2024-09-18منافسات قوية وخامات جديدة ببطولة اللاذقية بالكاراتيه 2024-09-18وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الدكتور فراس الأبيض: حصيلة الشهداء حتى الآن هي 12 شهيداً بينهم طفلان جراء تفجير العدو الإسرائيلي للأجهزة الاتصالات 2024-09-1886 ألف طن… مجمل إنتاج الخضار الصيفية المسوقة في الحسكة 2024-09-1841272 شهيداً في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة 2024-09-18أحزاب وفصائل المقاومة الفلسطينية: العدوان السيبراني الإسرائيلي على لبنان جريمة حرب موصوفة 2024-09-18يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات 2024-09-18ُطبِعَ بعد رحيله.. مجتمعنا بين الحداثة وما بعد الحداثة كتاب للعلامة مروان المحاسني 2024-09-18كنعاني: ما يرتكبه الكيان الصهيوني في غزة دليل على انعدام الأمن المنظم في العالم 2024-09-18محافظة القدس: الاحتلال نفذ 320 عملية هدم في القدس منذ تشرين الأول الماضي

مراسيم وقوانين الرئيس بشار الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الوزارة في سورية 2024-09-14 الرئيس الأسد يصدر المرسوم التشريعي رقم (26) القاضي بتحديد مهام وعمل عناصر الضابطة الحراجية 2024-09-12 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً يمنح الأطباء طلاب الدراسات العليا تعويض طبيعة عمل 100 بالمئة 2024-09-04الأحداث على حقيقتها عدوان إسرائيلي بالصواريخ يستهدف عدداً من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى 2024-09-09 إصابة أربعة مواطنين بانفجار لغم من مخلفات الإرهاب بدير الزور 2024-09-01صور من سورية منوعات العاصفة بوريس تعرقل حركة القطارات في النمسا 2024-09-15 إيران تطلق بنجاح قمراً صناعياً جديداً 2024-09-14فرص عمل الخارجية والمغتربين تعلن عن إجراء مسابقة لتعيين 25 عاملاً في السلك الدبلوماسي 2024-07-24 السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة توظيف بفرعها بحمص 2024-06-27الصحافة من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً.. بقلم: د. بثينة شعبان 2024-09-09 صفعة غزاوية في الضفة.. بقلم: منهل إبراهيم 2024-09-06حدث في مثل هذا اليوم 2024-09-1818 أيلول 1961- مقتل الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد إثر سقوط مروحيته 2024-09-1717 أيلول 1948 – منظمة شتيرن اليهودية تغتال وسيط الأمم المتحدة لفلسطين الكونت فولك برنادوت 2024-09-1616 أيلول 1982- قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب مجزرة (صبرا وشاتيلا) في لبنان 2024-09-1515 أيلول 1982- قوات الاحتلال الإسرائيلي تجتاح العاصمة اللبنانية بيروت وتحتلها 2024-09-1414 أيلول 1960- العراق وإيران والسعودية والكويت وفنزويلا يؤسسون منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) 2024-09-1313 أيلول – اليوم العالمي للقانون
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الخارجية : إن الجمهورية العربية السورية، التي عانت على مدى ال ۱۳ سنة الماضية، من حرب كونية هدفت لتدمير دولتها وكسر إرادة شعبها بذريعة ادعاء الغرب الكاذب بحماية الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارساته الإرهابية المماثلة لتلك التي مارسها الصندوق الوطني للديمق
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • مؤسسة "غيتس": الإمارات شريك رائد في مواجهة الأمراض التي تهدد المجتمعات
  • الرئيس التنفيذي لمؤسسة “غيتس”: الإمارات شريك رائد في مواجهة الأمراض التي تهدد المجتمعات
  • تركيا: موعد ومكان الاجتماع بين إردوغان والأسد لم يُحدد حتى الآن
  • الإمارات تدين محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب
  • الإمارات‬⁩ تدين محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب
  • الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت في الفكر الإسلامي
  • الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت الفكر الإسلامي من مصر
  • الإمارات تدين حادثة الطعن التي تعرض لها رئيس القمر المتحدة