عربي21:
2025-03-14@09:03:50 GMT

دعم المحروقات في ليبيا.. الضرورة المعضلة

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

تضمنت أجندة اجتماع رئاسة الوزراء اليومين الماضيين ملف دعم المحروقات والنظر فيما تعرضه الجهات المختصة بالخصوص، ونقول أنه ومنذ الأزمة الاقتصادية مطلع الثمانينيات واستفحالها خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي وقضية الدعم على طاولة البحث لدى أصحاب القرار، وقدمت لمعالجتها العديد من الدراسات، غير أنها ظلت مسألة عصية على الحل.



منذ الانقسام السياسي العام 2014م صار موضوع دعم المحروقات حاضرا بقوة بعد أن ازداد تهريب الوقود المدعوم وذلك بسبب الفارق الكبير بين أسعاره في ليبيا وخارجها.

تأتي ليبيا في التريب الثالث عالميا من حيث رخص لتر البنزين، والذي يبلغ 3 سنتات تقريبا وفقا للسعر الرسمي للدولار مقابل الدولار، وأقل من ذلك مقارنة بسعر الدولار في السوق السوداء، ويباع البنزين في السعودية بأكثر من 30 سنتا ونحو 70 سنتا في دولة الإمارات.

كاتب المقال بالأمس ملأ خزان سيارته الخاصة والذي تبلغ سعته 60 لترا فقط بـ 9 دينار ليبي (1.7 دولار)، فيما كلفه نفس سعة خزان البنزين تقريبا في اسطنبول قبلها بأيام 1800 ليرة تركية (نحو 63 دولارا) وهو ما يعادل 330 دينارا ليبيا تقريبا!!

إن الجميع يتفقون على عدم القبول باستمرار بيع البنزين وغيره بالأسعار الحالية، وهذه مسألة حاسمة في الجدل حول دعم المحروقات، إلا أنهم يختلفون في طريق رفع الدعم والبدائل التي تقدم للمواطنين في حال رفع سعر الوقود إلى مستوى مقارب لأسعاره في دول الجوار العربي والأفريقي والأوروبي.ولأن سعر البنزين يتعدى الدولار في تونس ومالطا وإيطاليا، فإن عمليات تهريب وإتجار واسعة تقع وتشرف عليها شبكات معقدة تتداخل فيها أطراف محلية وخارجية لتستفيد من فارق السعر الكبير بين دولة المصدر والدول المستقبلة، وبحسب بيانات رسمية فإن تهريب الوقود يكلف الخزانة الليبية نحو 30 مليار دينار في السنة.

وبرغم الخسائر الكبيرة إلا أن قرارا لم يتخذ لوقف هذا الهدر الكبير، ولن يكون مبررا الخوف من ردود الفعل الشعبية تجاه معالجة مسألة دعم المحروقات، فقد تم رفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية، وتكيف الليبيون مع هذه القرار.

وبالعودة إلى آراء الخبراء الاقتصاديين وغيرهم، فإن الجميع يتفقون على عدم القبول باستمرار بيع البنزين وغيره بالأسعار الحالية، وهذه مسألة حاسمة في الجدل حول دعم المحروقات، إلا أنهم يختلفون في طريق رفع الدعم والبدائل التي تقدم للمواطنين في حال رفع سعر الوقود إلى مستوى مقارب لأسعاره في دول الجوار العربي والأفريقي والأوروبي.

ما يدعو إليه العديد من الخبراء هو الرفع التدريجي لسعر المحروقات في مقابل بدائل تعوض المواطن الخسائر وتخففه عنه عبء الزيادة المقررة في السعر، وقال وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية أن اللجنة التي كلفت لدراسة هذا الموضوع اقترحت عدة بدائل منها اعتماد بطاقة او كوبون الوقود والذي يمنح كل فرد أو أسرة كمية محدودة من الوقود بالسعر المدعوم الحالي، وما ما عداها من زيادة في استهلاك الوقود تتحصل عليه بالسعر بعد رفع الدعم.

وهناك البديل النقدي، في حدود 900 دينار للفرد في السنة، بعد رفع الدعم عن المحروقات، وهو الأكثر رواجا، إلا إن اللجنة ومن ورائها وزارة الاقتصاد ومن بعدها رئاسة الوزراء لم تتوصل إلى سياسة محدودة وقرار فاصل في الموضوع، والتكهنات تدور حول تخوفات ذات طبيعة سياسية وأمنية، منها ردود الفعل الشعبية في فترة تحتاج فيها الحكومة إلى الهدوء والتأييد الشعبي، وكذلك الضغوط التي يمارسها أصحاب المصالح، فهناك نافذون في الدولة ارتبطت مصالحهم وتعاظمت ثروتهم من تهريب الوقود.

الهدر الكبير في أموال الليبيين بتهريب والاتجار في الوقود في زيادة وليس العكس، ويترتب على استفحاله تداعيات كبيرة منها تعاظم نفوذ المجموعات المهربة، حتى أن مؤسسات رسمية تتورط في تهريب الوقود وتقوم بتصديره على الملأ دون أن يتجرأ أحد على صدها. وقد لا يجدي كثيرا مواجهة هذه اللوبيات بالقوة، وهو أمر مطلوب، إلا أن هشاشة الدولة وفروقات الأسعار المغرية ستجعل من السيطرة عليها أمرا متعذرا، لهذا فإن مراجعة دعم الوقود وإعادة النظر في سعر المحروقات خيار لابد منه، إلا أنه يتطلب حكمة وروية في تطبيقه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أسعاره ليبيا الجدل ليبيا نفط أسعار جدل سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دعم المحروقات تهریب الوقود رفع الدعم إلا أن

إقرأ أيضاً:

???? شبح السيناريو الليبي وكيف ستمنع مركزية الاقتصاد تقسيم السودان على غرار ليبيا

الاقتصاد السياسي للسودان
شبح السيناريو الليبي وكيف ستمنع مركزية الاقتصاد تقسيم السودان على غرار ليبيا
إعلان الحكومة الجديدة في السودان يثير تساؤلات حول ما إذا كان البلد يسير نحو سيناريو ليبي يتمثل في وجود حكومتين متنافستين، أو أنه سيتبع مسارًا مختلفًا. ولتقييم ذلك، يجب تحليل أوجه التشابه والاختلاف الأساسية بين الوضع في السودان والأزمة السياسية في ليبيا بعد عام 2014، عندما ظهرت إدارتان متنافستان في طرابلس وطبرق، وكل منهما تدعي الشرعية

من ابرز أوجه التشابه الرئيسية بين الأزمة السودانية والليبية هو اولا طبيعة الصراع وهي صراع بين فصيلين متنافسين ذوي نفوذ عسكري حيث ان كلا البلدين شهدا تنافسًا سياسيًا وعسكريًا عميقًا. ففي السودان، يدور الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ، بينما في ليبيا كان الانقسام بين الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة.

ثانيا، التدخلات الخارجية والتأثيرات الإقليمية حيث أن كلا من السودان وليبيا يشهدان تدخلات إقليمية ودولية تدعم الأطراف المتنازعة.

ثالثا، التجزئة السياسية والانقسامات الإقليمية حيث ان السودان، مثل ليبيا، يمتلك مراكز قوة إقليمية يمكن أن تعزز الانقسام طويل الأمد.

الا ان المتأمل لطبيعة التركيبة الاقتصادية والمؤسسة للبلد يمكن أن يرى نقاط الاختلاف الاي من شأنها أن تمنع السودان من تكرار السيناريو الليبي
اولا، اختلاف الديناميكيات بين الجيش والميليشيات ففي ليبيا، كان الصراع بين فصائل سياسية ذات هياكل عسكرية قوية تمكنت من إدارة مناطقها بفعالية.اما في السودان، فإن قوات الدعم السريع تعمل كميليشيا أكثر من كونها مؤسسة حكومية منظمة، مما يجعل من الصعب عليها إنشاء حكومة مستقلة

ثانيا ،التحديات المرتبطة بالاعتراف الدولي، فقوات الدعم السريع تفتقر إلى البنية السياسية التي تمكنها من إقامة حكومة معترف بها دوليًا، على عكس ليبيا حيث تمتعت الحكومتان المتنافستان بدرجة من الشرعية الدولية

ثالثا وهو العامل الأهم، مركزية الاقتصاد السوداني وسيطرة الحكومة على الموارد، إذ يعد الاقتصاد المركزي أحد الفروقات الأساسية بين السودان وليبيا فيما يتعلق بالتجزئة السياسية. ففي حين أن ثروة ليبيا – وخاصة عائدات النفط – كانت مقسمة بين الفصائل المتناحرة، لا تزال الموارد الاقتصادية الرئيسية في السودان تحت سيطرة الدولة الرسمية، مما يمنح الحكومة ميزة اقتصادية كبيرة تجعل من الصعب على قوات الدعم السريع إنشاء حكومة موازية مستقرة. إذ يعتمد السودان بشكل كبير على صادرات النفط، لكن البنية التحتية النفطية الأساسية تتركز في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، وخاصة ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، وهو نقطة التصدير الرئيسية للنفط القادم من كل من السودان وجنوب السودان. و رغم أن بعض حقول النفط تقع في مناطق النزاع، إلا أن خطوط الأنابيب ومنشآت التصدير لا تزال خاضعة لسيطرة القوات المسلحة السودانية. هذا يمنح الجيش السوداني ميزة استراتيجية قوية، حيث يشكل النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية عبر رسوم العبور التي يدفعها جنوب السودان لاستخدام خطوط الأنابيب السودانية. وعلى خلاف الوضع السوداني، في ليبيا، كانت موارد النفط موزعة بين الشرق والغرب، حيث كانت الجيش الوطني الليبي في الشرق وحكومة الوفاق الوطني في الغرب يتمتعان بوصول مستقل لعائدات النفط. و هذا بدوره مكّن الفصيلين من تمويل حكومتين منفصلتين بشكل مستدام. أما في السودان، فـقوات الدعم السريع لا تمتلك أي مصدر دائم ومستقل للتمويل عبر النفط، مما يجعلها عاجزة عن إنشاء هيكل حكومي مماثل.

رابعا، السيطرة على النظام المالي والمصرفي، نقطة ضعف قوات الدعم السريع. فعلى عكس ليبيا، حيث أسس كل طرف شبكة مصرفية مستقلة، لا تزال المؤسسات المالية والمصرفية السودانية تحت سيطرة الجيش. فالبنك المركزي السوداني والبنوك التجارية الكبرى تقع في الخرطوم وبورتسودان، حيث تتمتع القوات المسلحة السودانية بالنفوذ الكامل. هذا يعني أن الحكومة لا تزال تتحكم في السياسات النقدية، قيمة العملة، والاحتياطي الأجنبي، مما يجعل من الصعب على قوات الدعم السريع تمويل عملياتها عبر القنوات الرسمية. أيضا هنالك تحديات مالية اخرى تواجه قوات الدعم السريع التي لا تمتلك أي وسيلة للوصول إلى النظام المالي الرسمي وتعتمد على: تهريب الذهب: حيث تسيطر على بعض مناطق التعدين، خاصة في دارفور، وتقوم بتصدير الذهب بطرق غير شرعية . الدعم الخارجي: هناك تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع تحصل على تمويل وتسليح من بعض الدول الإقليمية، لكن هذا لا يمثل نموذجًا اقتصاديًا مستدامًا. النهب وفرض الضرائب: في المناطق التي تسيطر عليها، تقوم بفرض ضرائب غير رسمية على الشركات، لكن هذه ليست آلية يمكن أن تدعم حكومة موازية على المدى الطويل.

على عكس ليبيا، حيث تمكن الجيش الوطني الليبي من توقيع عقود تصدير نفطية مباشرة وتأمين مصادر تمويل دولية، لا تمتلك قوات الدعم السريع أي نموذج مماثل، مما يعوق قدرتها على إدارة حكومة مستقلة.

خامسا، الأهمية الاستراتيجية لميناء بورتسودان
لماذا بورتسودان مهمة؟
ميناء بورتسودان هو شريان الحياة للاقتصاد السوداني، حيث يعالج أكثر من 90% من التجارة السودانية و يعتبر مركزًا رئيسيًا لواردات الغذاء، الوقود، والسلع الصناعية، وكذلك صادرات النفط، الذهب، والثروة الحيوانية. طالما أن الجيش السوداني يحتفظ بالسيطرة على الميناء، فإنه يسيطر على اقتصاد البلاد بالكامل، مما يمنع قوات الدعم السريع من تطوير طرق تجارية مستقلة أو تأمين إمدادات حيوية

مقارنة بالموانئ الليبية
في ليبيا، كانت الموانئ موزعة بين الحكومتين المتنافستين، حيث سيطرت حكومة الوفاق على طرابلس، بينما سيطر الجيش الوطني الليبي على بنغازي، مما سمح للطرفين بالحصول على الموارد اللازمة لتشغيل حكومتين منفصلتين. في السودان، يوجد ميناء رئيسي واحد، مما يعني أن أي طرف يسيطر عليه يملك الهيمنة الاقتصادية الكاملة. وإذا لم تستطع قوات الدعم السريع الوصول إلى طرق التجارة، الوقود، والمواد الغذائية، فسيكون من الصعب عليها تشكيل إدارة مستقرة.

الجدول المرفق يلخص الفوارق بين السيناريوهين من حيث الانقسام السياسي والاقتصادي.

د. سبنا امام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحكومة المصرية تقترب من إنهاء دعم الوقود في 2025.. ما تعليق الخبراء؟
  • يخلق بيئة أكثر جذبا للاستثمار| ماذا عن وقف الدعم على المشتقات البترولية؟
  • وقف الدعم على المشتقات البترولية.. خبير: خطوة جريئة نحو بناء اقتصاد مرن
  • ???? شبح السيناريو الليبي وكيف ستمنع مركزية الاقتصاد تقسيم السودان على غرار ليبيا
  • طرق تنظيف بخاخات البنزين لتجنب زيادة استهلاك الوقود
  • لميس الحديدي تعلق على تصريحات مدبولي بشأن رفع الدعم عن المحروقات
  • وصول الدفعة الثانية من صهاريج المحروقات إلى اللاذقية بعد توقفها جراء هجمات فلول النظام البائد
  • دعم الوقود.. مدبولي يحسم جدل رفع أسعار البنزين والسولار
  • لتجنب زيادة استهلاك الوقود.. طرق تنظيف بخاخات البنزين والحفاظ عليها
  • معيط: مصر ملتزمة بخطة رفع الدعم نهائياً عن الوقود والمحروقات بحلول ديسمبر 2025