دعم المحروقات في ليبيا.. الضرورة المعضلة
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
تضمنت أجندة اجتماع رئاسة الوزراء اليومين الماضيين ملف دعم المحروقات والنظر فيما تعرضه الجهات المختصة بالخصوص، ونقول أنه ومنذ الأزمة الاقتصادية مطلع الثمانينيات واستفحالها خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي وقضية الدعم على طاولة البحث لدى أصحاب القرار، وقدمت لمعالجتها العديد من الدراسات، غير أنها ظلت مسألة عصية على الحل.
منذ الانقسام السياسي العام 2014م صار موضوع دعم المحروقات حاضرا بقوة بعد أن ازداد تهريب الوقود المدعوم وذلك بسبب الفارق الكبير بين أسعاره في ليبيا وخارجها.
تأتي ليبيا في التريب الثالث عالميا من حيث رخص لتر البنزين، والذي يبلغ 3 سنتات تقريبا وفقا للسعر الرسمي للدولار مقابل الدولار، وأقل من ذلك مقارنة بسعر الدولار في السوق السوداء، ويباع البنزين في السعودية بأكثر من 30 سنتا ونحو 70 سنتا في دولة الإمارات.
كاتب المقال بالأمس ملأ خزان سيارته الخاصة والذي تبلغ سعته 60 لترا فقط بـ 9 دينار ليبي (1.7 دولار)، فيما كلفه نفس سعة خزان البنزين تقريبا في اسطنبول قبلها بأيام 1800 ليرة تركية (نحو 63 دولارا) وهو ما يعادل 330 دينارا ليبيا تقريبا!!
إن الجميع يتفقون على عدم القبول باستمرار بيع البنزين وغيره بالأسعار الحالية، وهذه مسألة حاسمة في الجدل حول دعم المحروقات، إلا أنهم يختلفون في طريق رفع الدعم والبدائل التي تقدم للمواطنين في حال رفع سعر الوقود إلى مستوى مقارب لأسعاره في دول الجوار العربي والأفريقي والأوروبي.ولأن سعر البنزين يتعدى الدولار في تونس ومالطا وإيطاليا، فإن عمليات تهريب وإتجار واسعة تقع وتشرف عليها شبكات معقدة تتداخل فيها أطراف محلية وخارجية لتستفيد من فارق السعر الكبير بين دولة المصدر والدول المستقبلة، وبحسب بيانات رسمية فإن تهريب الوقود يكلف الخزانة الليبية نحو 30 مليار دينار في السنة.
وبرغم الخسائر الكبيرة إلا أن قرارا لم يتخذ لوقف هذا الهدر الكبير، ولن يكون مبررا الخوف من ردود الفعل الشعبية تجاه معالجة مسألة دعم المحروقات، فقد تم رفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية، وتكيف الليبيون مع هذه القرار.
وبالعودة إلى آراء الخبراء الاقتصاديين وغيرهم، فإن الجميع يتفقون على عدم القبول باستمرار بيع البنزين وغيره بالأسعار الحالية، وهذه مسألة حاسمة في الجدل حول دعم المحروقات، إلا أنهم يختلفون في طريق رفع الدعم والبدائل التي تقدم للمواطنين في حال رفع سعر الوقود إلى مستوى مقارب لأسعاره في دول الجوار العربي والأفريقي والأوروبي.
ما يدعو إليه العديد من الخبراء هو الرفع التدريجي لسعر المحروقات في مقابل بدائل تعوض المواطن الخسائر وتخففه عنه عبء الزيادة المقررة في السعر، وقال وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية أن اللجنة التي كلفت لدراسة هذا الموضوع اقترحت عدة بدائل منها اعتماد بطاقة او كوبون الوقود والذي يمنح كل فرد أو أسرة كمية محدودة من الوقود بالسعر المدعوم الحالي، وما ما عداها من زيادة في استهلاك الوقود تتحصل عليه بالسعر بعد رفع الدعم.
وهناك البديل النقدي، في حدود 900 دينار للفرد في السنة، بعد رفع الدعم عن المحروقات، وهو الأكثر رواجا، إلا إن اللجنة ومن ورائها وزارة الاقتصاد ومن بعدها رئاسة الوزراء لم تتوصل إلى سياسة محدودة وقرار فاصل في الموضوع، والتكهنات تدور حول تخوفات ذات طبيعة سياسية وأمنية، منها ردود الفعل الشعبية في فترة تحتاج فيها الحكومة إلى الهدوء والتأييد الشعبي، وكذلك الضغوط التي يمارسها أصحاب المصالح، فهناك نافذون في الدولة ارتبطت مصالحهم وتعاظمت ثروتهم من تهريب الوقود.
الهدر الكبير في أموال الليبيين بتهريب والاتجار في الوقود في زيادة وليس العكس، ويترتب على استفحاله تداعيات كبيرة منها تعاظم نفوذ المجموعات المهربة، حتى أن مؤسسات رسمية تتورط في تهريب الوقود وتقوم بتصديره على الملأ دون أن يتجرأ أحد على صدها. وقد لا يجدي كثيرا مواجهة هذه اللوبيات بالقوة، وهو أمر مطلوب، إلا أن هشاشة الدولة وفروقات الأسعار المغرية ستجعل من السيطرة عليها أمرا متعذرا، لهذا فإن مراجعة دعم الوقود وإعادة النظر في سعر المحروقات خيار لابد منه، إلا أنه يتطلب حكمة وروية في تطبيقه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أسعاره ليبيا الجدل ليبيا نفط أسعار جدل سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دعم المحروقات تهریب الوقود رفع الدعم إلا أن
إقرأ أيضاً:
الحكومة المصرية تقرر رفع الدعم نهائيا عن الوقود نهاية العام بسبب صندوق النقد الدولي
تواصل الحكومة المصرية تنفيذ خطتها للإصلاح الاقتصادي، والتي تشمل رفع الدعم عن المواد البترولية بشكل كامل بحلول نهاية عام 2025، في إطار جهودها لتقليل عجز الموازنة وتحقيق الاستقرار المالي.
وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، الذي أكد في مراجعته الأخيرة ضرورة إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.
وأكدت مديرة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا هولار، في تصريحات صحفية الأربعاء الماضي، أن التزام مصر الذي تم الإعلان عنه صيف العام الماضي لا يزال قائماً دون تغيير.
وأضافت: "السلطات المصرية التزمت بأن تصل أسعار منتجات الوقود إلى مستوى استرداد التكاليف بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2025. هذا الالتزام يظل الأهم لضمان وصول أسعار الوقود إلى مستويات تعكس التكلفة الحقيقية".
وفي هذا الإطار، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى الموافقة على طلب السلطات المصرية بالحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الحكومة تواصل تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم، مثل "الدعم البيني" بين المنتجات البترولية، لضمان تحقيق التوازن في الأسعار.
وأشار إلى أن السولار وأنبوبة البوتاجاز ستظل مدعومة، مراعاة للفئات الأكثر احتياجاً.
وبحسب بيان رسمي صادر عن البنك المركزي المصري، بلغت الاحتياطيات الدولية نحو 47.39 مليار دولار أمريكي في نهاية شباط/ فبراير 2025.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، أن الدولة "مستمرة في جهودها لاستكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي"، مؤكداً أن "ترشيد الدعم يأتي ضمن أولويات الحكومة لضمان وصوله إلى مستحقيه".
وأضاف الحمصاني أن عملية رفع الدعم ستتم بشكل تدريجي ومتوازن، مع استمرار دعم بعض المواد البترولية، بحيث يتم تغطية تكلفة بعض المنتجات من خلال تسعير منتجات أخرى، للحفاظ على مستوى أسعار السولار عند حد متوازن، نظراً لتأثيره المباشر على العديد من الخدمات.
وأكد المتحدث باسم مجلس الوزراء أن الحكومة "ستستمر في دعم السولار والبوتاجاز حتى بعد انتهاء العام المالي، لأنهما يؤثران بشكل مباشر على أسعار السلع، خاصة تلك التي تهم محدودي الدخل".
وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة تستهدف خفض معدل التضخم إلى 10بالمئة بحلول عام 2026، لافتاً إلى أن "الاحتياطيات الدولارية مستقرة، ما يساعد على تقليل الضغوط الاقتصادية". وأكد أن رفع الدعم لن يكون خطوة مفاجئة، بل سيتم تنفيذه تدريجياً لتجنب حدوث صدمات سعرية كبيرة.
من ناحية أخرى، انخفضت إيرادات قناة السويس، التي تُعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية، إلى 931 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق، بسبب اضطراب طرق الشحن البحري عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وكان وزير البترول كريم بدوي قد صرح في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بأن مصر لا تزال تنفق نحو 10 مليارات جنيه (197 مليون دولار) على دعم الوقود شهرياً، رغم رفع أسعاره ثلاث مرات خلال العام الماضي.
وسجل معدل التضخم الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر 1.4 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ11.4 بالمئة في شباط/ فبراير الماضي و1.5 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي. وعلى أساس سنوي، بلغ معدل التضخم العام للحضر 12.8 بالمئة في شباط/ فبراير الجاري، مقارنة بـ24.0 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
يذكر أن الحكومة المصرية قامت قبل نحو عام بخفض قيمة الجنيه بشكل حاد، ورفعت أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ووقعت حزمة دعم مالي موسعة بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وجاء قرض الصندوق في أعقاب صفقة استثمارية قياسية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
وعلى مدار السنوات الماضية، واجه المصريون زيادات متتالية في أسعار السلع، خاصة مع رفع الحكومة أسعار الوقود، حيث تم رفع سعر البنزين مرتين خلال العام الماضي.