أوريان 21: هل يمكن لسوريا المدمرة أن تنهض من تحت الركام؟
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
في الوقت الذي يعزز فيه الرئيس السوري بشار الأسد قبضته على السلطة ويبدأ عودته إلى الساحة الإقليمية، تبقى عودة الحياة إلى الدولة أمرا غير مؤكد بسبب مديونيتها الكبيرة والمساعدات الغذائية المنخفضة، كما تبقى التحديات كبيرة أمام ما تقوم به المعارضة في المنفى والجمعيات المختلفة من إجراءات باعثة للأمل.
بهذا الملخص افتتح موقع "أوريان 21" (Orient XXI) الفرنسي مقالا للكاتب الصحفي هنري معمر باشي رأى فيه أن الدولة التي تسمى سوريا أصبحت من الناحية الجغرافية والبشرية سرابا، ويمكن أن تغرق في مزبلة التاريخ إذا لم يحدث أي شيء، رغم الانتصار الشخصي الذي حققه زعيمها الأسد بعودته إلى أحضان أقرانه العرب في انتظار إعادة تأهيله المحتملة من قبل الدول الغربية التي ما زالت تقاطعه إلى حد ما.
وتساءل الكاتب: ماذا بقي من دولة حدودها لم تعد واضحة، وبعض أراضيها محتلة أو مغتصبة أو منتهكة، إن لم نقل إنها أصبحت مستقلة عنها، وجزء كبير من سكانها يعيشون مشتتين في المنافي، وهي تخضع لعقوبات دولية، وزعيمها منبوذ رغم ما يتلقاه من الرعاية من قبل حلفائه الروس والإيرانيين، وهل يمكن أن نقول إنها لا تزال دولة، وهي محطمة ومستنزفة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا؟
ديون فلكية ومساعدات مخفضة
ومع كل هذه العلل، تصل ديون سوريا تجاه إيران إلى قرابة 50 مليار دولار، وهو رقم فلكي، حسب ما أشار موقع سوريا ريبورت الاقتصادي في شهر مايو/أيار المنصرم، نقلا عن مصادر إيرانية رسمية مسربة، إضافة إلى أن برنامج الغذاء العالمي أعلن الشهر الماضي أنه اضطر إلى قطع مساعداته بنحو النصف عن السوريين المحتاجين إلى مساعدات غذائية أساسية، بسبب نقص الإمكانات المالية.
وفي هذا السياق -كما يقول الكاتب- دعا جزء من المعارضة السورية إلى استئناف المحادثات مع الحكومة برعاية الأمم المتحدة، معتبرا أن السياقات الدولية والإقليمية والوضع في سوريا مواتيان لاستئناف المفاوضات المباشرة، مع أن هؤلاء حاولوا في الماضي الوصول إلى تسوية سياسية تنص على دستور جديد وسلطة تنفيذية جديدة وانتخابات وإصلاحات مختلفة، لكن من دون جدوى.
غير أنه لا يمكن لحوار مفيد أن يجلب الأمل بين نظام متصلب ومعارضة شديدة الانقسام، وفي المنتصف بينها شعب منهك ومسحوق وفقير جدا أُجبر أكثر من 6 ملايين من أفراده على مغادرة بلادهم منذ ثورة 2011، ويواجه البعض خطرا شديدا، وهم يخشون جميعا ألا تتسنّى لهم العودة إلى ديارهم.
المجتمع المدني للإنقاذ
وفي ظل غياب الحل السياسي -حسب الكاتب- قد يجلب المجتمع المدني القليل من الأمل، حيث أطلق أكثر من 150 ممثلا عن جمعيات ومنظمات سورية منصة مشتركة في باريس تسمى "مدنية" بعد أيام من اجتماع المعارضة الشهر الماضي في جنيف، وتضم هذه المنصة محامين وأطباء ورجال إنقاذ وإعلاميين، يريدون الاستقلال عن الأحزاب السياسية والمطالبة بسوريا ديمقراطية رغم 12 عامًا من الحرب ومئات الآلاف من القتلى والمفقودين.
ويعمل هؤلاء، حسب قولهم، لضمان سماع صوت السوريين، وهم يمثلون طرفا ثالثا غير النظام والمعارضة، ويشبهون أنفسهم بالنقابات العمالية البريطانية التي تؤثر على الخيارات السياسية لحزب العمال. يقول أيمن أصفري، رجل الأعمال السوري البريطاني الذي يترأس منصة "مدنية"، "يمكن أن يكون لدى المرء انطباع بأن هناك النظام من جهة، ومن جهة أخرى معارضة، ولكن هذا لا يعني أن ننسى مئات المنظمات التي قامت وما زالت تقوم بعمل رائع".
وخلص الكاتب إلى أن هناك قوى وإرادة حيوية في المجتمع يمكن أن تعيد سوريا إلى الحياة، ولكن البلد وسكانه بمن فيهم قادة المستقبل لا يزالون بعيدين من نهاية كفاحهم من أجل هذه الغاية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
نازحون يبحثون عن مقتنياتهم ومستنداتهم الشخصية بين الأنقاض.. فيديو
عرضت وكالة “وفا” الفلسطينية مقطع فيديو لنازحين فلسطينيين يعودون إلى منازلهم المدمرة ويبحثون عن وثائقهم الشخصية وبعض متعلقاتهم في رفح جنوب قطاع غزة.
ومنذ أكثر من عام، قضى الفلسطينيون في غزة كل ليلة على أمل البقاء على قيد الحياة ليوم واحد فقط، ولكن حتى في ظل وقف إطلاق النار، جعلت الحرب البقاء على قيد الحياة على أبسط مستوياته تحديًا مستمرًا للفلسطينيين في غزة.
الصحة الفلسطينية: مستشفى كمال عدوان شمالي غزة تعرض لما يشبه القنبلة النووية انتشال 170 جثمانًا من تحت الأنقاض في غزةوفي رفح- المنطقة التي تم تصنيفها ذات يوم على أنها "آمنة" - تُذكِّر بقايا الجثث المتحللة بنوع الوحشية التي نجا منها سكان غزة.
وتوجه آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في مختلف أنحاء قطاع غزة يوم الأحد، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار. بعضهم خرج للاحتفال، بينما توجه آخرون لزيارة قبور أقاربهم، وعاد الكثيرون لتفقد منازلهم وسط أجواء مشحونة برائحة الموت.
لم ينتظر سكان المناطق التي تواجدت فيها القوات الإسرائيلية بدء سريان الاتفاق، فهرعوا لتفقد منازلهم، لكن المشاهد كانت أكثر قسوة مما توقعوا، حيث دمرت أحياء بأكملها. يواجه أكثر من مليوني فلسطيني، معظمهم نازحون، معاناة شديدة نتيجة الدمار الهائل الذي خلفته الحرب.
امتلأت الطرق في المدن المدمرة بأعداد كبيرة من العائدين، خاصة في الشمال، حيث سار الكثيرون على الأقدام أو استخدموا عربات تجرها الحيوانات، حاملين أمتعتهم وخيامهم، وفقاً لتقارير مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية. بعضهم رفع شارة النصر، بينما حمل آخرون العلم الفلسطيني.
رنا محسن (43 عاماً) لم تنتظر بدء التهدئة، بل توجهت مع زوجها وأطفالها الأربعة إلى منزلهم في مخيم جباليا، حيث عبرت لوكالة الصحافة الفرنسية عن فرحتها قائلة: "لا يمكن وصف فرحتي، نحن في منزلنا أخيراً. صحيح أنه مجرد ركام، لكنه منزلنا، ونحن محظوظون لأن جزءاً من السقف لا يزال قائماً".
بدت مدن ومخيمات القطاع كأكوام من الركام، حيث أغلقت معظم الشوارع بحجارة المباني المدمرة، مع وجود حفر كبيرة في العديد من الطرقات.
وأضافت رنا بحماس: "جهزنا أغراضنا منذ الليل وخرجنا في الصباح. كنا ننتظر هذه اللحظة منذ بداية الحرب"، لكنها تداركت قائلة: "الطريق كان مرعباً، حجم الدمار لا يمكن تخيله، مبانٍ ومعالم اختفت تماماً، كأننا في مدينة أشباح".
وتابعت: "مشاعرنا مختلطة بين الفرح بالنجاة والحزن على كل ما فقدناه. كل شيء بسيط يعيدنا للحياة سيكون له طعم، لقد اشتقنا للحياة الطبيعية".
في منطقة المواصي بخان يونس (جنوب)، قال محمد الربايعة النازح من رفح: "الحرب دمرت مستقبلنا وحياتنا، البيوت أصبحت كومة ركام"، مضيفاً: "سنأخذ الخيمة معنا للعودة إلى موقع بيتنا في رفح وسنعيش فيها حتى يتم إعادة بنائه".
وعبّر محمد عبد المجيد النازح في دير البلح (وسط) عن شعور مختلط، حيث قال إنه يشعر "بفرح لأن الحرب انتهت جزئياً وتوقف شلال الدم، وبحزن على الأعداد الكبيرة من الضحايا والمآسي المتكررة التي تحتاج إلى سنوات حتى نتعافى منها".
توجه بعض الفلسطينيين نحو المقابر في غزة لزيارة قبور أقاربهم الذين قتلوا، بينما هرع آخرون نحو الأحياء المدمرة في محاولة للعثور على أقارب لا تزال جثثهم تحت الأنقاض.
أظهرت لقطات بطائرة مسيّرة مئات من سكان غزة وهم يتجولون على طول طرق ترابية، محاطين بأميال من الكتل السكنية التي تحولت إلى أكوام من الخرسانة المحطمة والمعادن والأنقاض.
لقد دمر العدوان الإسرائيلي البنية التحتية للقطاع وأدى إلى نزوح جميع السكان تقريباً، الذين كان عددهم يقترب من 2.3 مليون نسمة قبل الهجوم.