محيي الدين: التغلب على معوقات العمل المناخي والتنموي يتطلب تمويلًا كافيًا وعادلًا
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، أن الاستثمار في رأس المال البشري عن طريق تعزيز خدمات التعليم والصحة والتوظيف لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنى التحتية لتحقيق الانتقال الرقمي والاجتماعي والاخضر بصورة عادلة.
أخبار متعلقة
محيي الدين : مبادرة المشروعات الخضراء الذكية إضافة قوية للنشاط الاقتصادي والتنموي في مصر
محيي الدين: المنتديات الإقليمية الخمسة لتمويل المناخ تستهدف التحضير للمشروعات
محيي الدين: العالم في حاجة إلى نظام مالي جديد يعزز الاستثمارات ويساهم في تخفيف أعباء الدين عن الدول النامية
محمود محيي الدين: هناك ضرورة للاهتمام بالطاقة الجديدة والمتجددة خاصة الهيدروجين الأخضر
جاء ذلك خلال مشاركته في ورشة عمل بعنوان «دور الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الدولي للتعامل مع الانتقال الرقمي والاجتماعي والاخضر»، والتي تنظمها وزارة الخارجية الإسبانية بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في إطار الرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي، وذلك بمشاركة خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، ومارتن سيشيل، نائب مدير عام المفوضية الأوروبية للشراكات الدولية، وعدد من الوزراء ومسئولي المنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات والبنوك التنموية متعددة الأطراف.
وقال محيي الدين إن العالم في حاجة إلى مزيد من الجهد والتعاون من أجل وضع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على المسار الصحيح، موضحًا أن التغلب على معوقات العمل المناخي والتنموي يتطلب تمويلًا كافيًا وعادلًا وأكثر فاعلية، كما يتطلب التعاون بين الدول المتقدمة والدول النامية فيما يتعلق بمشاركة المعرفة وتقديم الدعم التقني، فضلًا عن توافر الإرادة الحقيقة لتحقيق عملية الانتقال العادل.
وأضاف محيي الدين أن تحقيق التحول الرقمي بما يراعي البعد الاجتماعي ويساهم في تحقيق الأهداف البيئية والمناخية يتطلب التعامل مع تمويل العمل المناخي بوصفه تمويلًا للتنمية المستدامة وليس بديلًا له، وتعزيز الجهود الوطنية على مستوى الدول على النحو الذي يدعم الجهد الدولي لتحقيق التحول الرقمي والاجتماعي والاخضر، فضلًا عن تعظيم دور البنوك التنموية متعددة الأطراف في تمويل العمل المناخي والتنموي من خلال زيادة رؤوس أموالها وتبني سياسات جديدة للتمويل أكثر عدلًا.
وفي هذا السياق، أشار محيي الدين إلى ضرورة أخذ تخفيف عبء الديون عن الدول النامية والاقتصادات الناشئة في الاعتبار عند تمويل العمل المناخي والتنموي لديها، وتفعيل مقايضة الديون بالاستثمار في الطبيعة والمناخ، وتوجيه التدفقات المالية من المصادر العامة والخاصة إلى أولويات العمل التنموي والمناخي في الدول والمجتمعات المختلفة.
ونوه محيي الدين عن أهمية التواصل والتعاون بين الدول المتقدمة والدول النامية عند وضع ميثاق جديد لنظام التمويل العالمي، وضرورة فهم ومراعاة أولويات العمل التنموي والمناخي لدى الدول والمجتمعات المختلفة، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يلعب دورًا كبيرًا في تنفيذ العمل المناخي من خلال دعم أسواق الكربون في الدول النامية وفي مقدمتها مبادرة أسواق الكربون الأفريقية، كما يمكنه إعطاء دفعة قوية لتنفيذ أجندة شرم الشيخ للتكيف وتعظيم دور صندوق الخسائر والأضرار الذي تم إطلاقه خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين بشرم الشيخ.
تمويل المناخ أزمة تمويل العمل المناخي الاستثمار المناخى محمود محيى الدين رائد المناخ 2022المصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: تمویل ا
إقرأ أيضاً:
سندات الأثر الإنساني.. نقلة نوعية في مبادرات تمويل المشروعات الخيرية
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، التي تفرض ضرورة البحث عن وسائل تمويل مستدامة وفعالة لدعم المشروعات الخيرية والاجتماعية، ظهرت على الساحة العالمية "سندات الأثر الاجتماعي والإنساني" كأداة مبتكرة في بدايات عام 2010، تجمع بين الاستثمار والهدف الاجتماعي. وتتيح هذه السندات توفير التمويل اللازم بآلية مختلفة عن التبرعات التقليدية، حيث تعتمد على استثمار رأس المال، وتحقيق النتائج الملموسة لضمان استمرار الدعم المالي.
فما هي سندات الأثر الاجتماعي والإنساني؟ وكيف يمكن الاستفادة منها في تمويل المشروعات الخيرية؟ وما أبرز التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال؟
سندات الأثر الاجتماعي والإنساني هي أداة مالية تهدف إلى جذب رؤوس الأموال لتمويل مشروعات تعالج قضايا اجتماعية محددة، وتقوم هذه السندات على مبدأ الدفع بناءً على النتائج، إذ يحصل المستثمرون على عوائد مالية إذا تحققت الأهداف الاجتماعية المتفق عليها، بينما يتحملون الخسائر في حال فشل المشروع في الوصول إلى تلك الأهداف. هذا النموذج يخلق توازنًا بين تحقيق العائد المالي وإحداث تأثير اجتماعي إيجابي.
تتطلب آلية عمل هذه السندات تعاونًا بين عدة جهات، الجهة الأولى هي الحكومة أو المؤسسة الممولة التي تحدد المشكلة الاجتماعية، وتتعهد بالدفع عند تحقق النتائج. الجهة الثانية هي المستثمرون الذين يقدمون التمويل اللازم لتنفيذ البرامج. أما الجهة الثالثة فهي المنظمات التنفيذية التي تتولى تنفيذ المشروع على أرض الواقع. وأخيرًا، هناك جهة مستقلة تتولى مراقبة الأداء، وتقييم مدى تحقيق الأهداف.
تتيح سندات الأثر الاجتماعي والإنساني فرصًا كبيرة للمؤسسات الخيرية والاجتماعية. فهي توفر مصدرًا متجددًا للتمويل بدلاً من الاعتماد على التبرعات الموسمية، وتدفع نحو تطوير حلول مبتكرة للتحديات الاجتماعية، كما أنها تعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتشجع على تبني نهج يعتمد على الأداء والنتائج، مما يزيد من كفاءة إدارة الموارد المالية، ويعزز الشفافية.
على سبيل المثال، يمكن لمنظمة غير ربحية تعمل على الحد من التسرب المدرسي أن تطلق برنامجًا تعليميًا لدعم الطلاب المهددين بترك الدراسة. إذا تمكن البرنامج من خفض نسب التسرب وفقًا للمستهدف، يحصل المستثمرون على عائد مالي بينما تحقق الجهة الداعمة أهدافها الاجتماعية. هذه الآلية ليست مجرد وسيلة للتمويل بل هي نموذج لتعزيز المساءلة، والشفافية في تنفيذ المشروعات الاجتماعية.
شهدت العديد من الدول تجارب ناجحة في تطبيق سندات الأثر الاجتماعي والإنساني. ففي مدينة بيتر بورو بالمملكة المتحدة، أُطلقت أول تجربة في 25 يونيو 2010 بهدف تقليل معدلات عودة السجناء السابقين إلى السجن. استثمرت جهات خاصة في تمويل برامج إعادة التأهيل، وعندما انخفضت معدلات العودة إلى السجن بنسبة 9%، حصل المستثمرون على عوائد مالية.
وفي الولايات المتحدة، أطلقت ولاية يوتا في 30 أغسطس 2013 مشروعًا لتمويل التعليم المبكر عبر سندات الأثر الاجتماعي. استهدف المشروع تحسين الأداء الأكاديمي للأطفال المحرومين، وعندما أظهرت النتائج تحسنًا ملموسًا، تم تعويض المستثمرين بينما وفرت الحكومة جزءًا من تكاليف الرعاية الاجتماعية.
أما في أستراليا، فقد أُعلن في 15 مايو 2016 عن استخدام سندات الأثر الاجتماعي لتمويل برامج الصحة النفسية. ركزت المبادرة على تقديم دعم نفسي للأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية، وأسهمت هذه البرامج في تحسين جودة حياة المرضى، وخفض نفقات الرعاية الصحية.
في اليابان، وتحديدًا في مدينة يوكوهاما، تم تطبيق نموذج مشابه في 27 أكتوبر 2017 بهدف تحسين الرعاية الصحية للمسنين. مول المستثمرون برامج للوقاية من الأمراض المزمنة، مما ساعد في تقليل معدلات دخول المستشفيات، وتحقيق تحسن في جودة حياة كبار السن. استفاد المستثمرون من عوائد مالية بينما حققت الحكومة أهدافها في خفض النفقات الصحية.
وفي خطوة متقدمة، أصدر البنك الدولي منذ عام 2021 ثلاثة سندات بارزة لدعم مبادرات إنسانية مختلفة. تمثل الأول في سندات الكربون التي مولت مشروع أجهزة تنقية المياه في فييتنام، حيث تم تصنيع وتوزيع 300 ألف جهاز على 8000 مدرسة، مما وفر مياهًا نظيفة لما يقرب من مليوني طفل. أما السند الثاني فكان مخصصًا لحماية الحياة البرية، من خلال مشروع الحفاظ على وحيد القرن في جنوب أفريقيا. والسند الثالث خُصص لدعم منظمة اليونيسيف في جهود مكافحة جائحة كورونا.
على الرغم من النجاح الذي حققته هذه السندات في العديد من الدول، إلا أن تطبيقها لا يخلو من التحديات. فهي تتطلب معايير دقيقة لقياس التأثير الاجتماعي وتقييم مدى نجاح البرامج. كما أن المستثمرين يتحملون مخاطر خسارة أموالهم إذا لم تتحقق الأهداف، وتحتاج هذه السندات إلى أطر قانونية وتنظيمية معقدة لضمان التنفيذ الناجح، إضافة إلى أهمية تعزيز الثقة بين الأطراف المعنية لضمان الالتزام بالنتائج.
تشكل سندات الأثر الاجتماعي والإنساني تحولًا نوعيًا في تمويل المشروعات الخيرية، حيث تجمع بين تحقيق الربح والأهداف الاجتماعية. ومن المتوقع أن يستمر انتشار هذا النموذج عالميًا ليشمل مجالات أوسع في التعليم، والصحة، والبيئة، مما يفتح المجال أمام تعاون أعمق بين القطاعين العام والخاص. فهل تصبح سندات الأثر الاجتماعي والإنساني الأداة المفضلة لتمويل المشروعات الإنسانية في المستقبل؟