تفاقم معاناة الحوامل في غزة بفعل استمرار الحرب واستهداف المشافي
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
نشرت مجلة "ذا تايم" الأمريكية تقريرًا تناولت فيه الواقع الصعب الذي تواجهه النساء الحوامل في قطاع غزة نتيجة الحرب التي تشنها دولة الاحتلال في غزة، مشيرًا إلى أن النساء الحوامل في غزة يعانين من صعوبة الوصول إلى المستشفيات والرعاية الصحية بسبب الحصار الإسرائيلي والهجمات المستمرة، كما تواجه النساء تحديات كبيرة في الحفاظ على صحة جنينهن وسلامتهن الخاصة.
واستعرضت المجلة قصة إسراء مقداد التي يفصلها عن الولادة أسبوعان بينما اضطرت إلى النزوح للمرة الرابعة، فبعد أن غادرت منزلها الآمن في مدينة غزة، توجهت مع عائلتها إلى جنوب قطاع غزة باتجاه حدود رفح.
وقبل شهر واحد فقط، كانت الفتاة البالغة من العمر 33 عامًا وزوجها متحمسين لوضع رفوف جديدة لمستلزمات الأطفال في غرفة نوم ابنتهما صوفيا البالغة من العمر ثلاث سنوات. والآن، لجأوا مع ثلاث عائلات، أو ما يقرب من 20 شخصًا، إلى منزل بدون كهرباء أو ماء.
وأوضحت المجلة أنه مع احتدام الحرب وفي أسبوعها الرابع، كانت إسراء غارقة في محاولة معرفة كيف وأين يمكنها أن تلد طفلها؛ حيث قالت "لم تكن لدي أي فكرة عما إذا كان منزلنا قد دُمر. وقد تم استهداف المستشفى الذي كنت أخطط للذهاب إليه بغارة جوية. وكل ما كنت أفكر فيه هو: أنني أحتاج إلى الولادة في مكان ما".
وأفادت المجلة أن إسراء تعاني من الانقباضات في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، وأضافت: "لكنني كنت بالفعل تحت ضغط كبير لدرجة أنني لم أستطع معرفة ما إذا كنت سأدخل في مرحلة مبكرة من المخاض"، وعندما أصبح الألم في أسفل ظهرها أكثر شدة في صباح اليوم التالي، هرعت إسراء إلى أقرب مستشفى مع زوجها ووالديها. وهناك تم صرف العائلة؛ حيث كانت المستشفى ممتلئة.
ولفتت المجلة إلى أنه في نهاية المطاف، تم إدخالها إلى المستشفى الإماراتي، وهو مستشفى الولادة الوحيد الذي لا يزال يعمل في مدينة رفح. وقد كان المستشفى يستقبل، قبل الحرب، ما يقرب من 500 طفل كل شهر، لكنه الآن أصبح مكتظًا بالنساء الحوامل؛ حيث كانت الكثير منهن يوازنَّ بين توقع الولادة والحزن على فقدان أفراد الأسرة الذين قتلوا بسبب الغارات، وقالت إسراء: "لقد كنت ممتنة جدًا لأنني تمكنت من العثور على مستشفى، لكنها كانت التجربة الأكثر شدة على نفسي في حياتي".
وأضافت المجلة أن إسراء بدأت في البكاء بمجرد دخولها غرفة العمليات؛ حيث توسلت إلى طبيبها قائلة: "أرجو أن تحافظ على سلامتي وطفلتي، حتى نتمكن من العودة إلى ابنتي".
ووفق المجلة؛ تشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أن هناك 50 ألف امرأة حامل في غزة، ومن المتوقع أن تلد أكثر من 160 امرأة يوميًا.
وأشارت المجلة إلى أنه مع تفاقم الأزمة الإنسانية داخل الأراضي المحاصرة - حيث قُتل حتى الآن أكثر من 10,000 مدني، 40 في المائة منهم من الأطفال، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين - تُترك النساء الحوامل وأطفالهن حديثي الولادة ليتحملوا وطأة نظام الرعاية الصحية الذي وصل مرحلة الانهيار التام.
وذكرت المجلة أن أكثر من ثلث المستشفيات وثلثي عيادات الرعاية الصحية الأولية قد أغلقت أبوابها بسبب نقص الوقود، وما تزال تلك التي لا تزال تعمل مكتظة بالضحايا وتواجه نقصًا حادًا في المياه النظيفة والأدوية والإمدادات الأخرى، وفقًا لتقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان.
ونقلت المجلة تصريحات هبة الطيبي، المديرة القطرية لمنظمة كير الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي قالت فيها: "الوضع في غزة صعب للغاية بالنسبة للنساء الحوامل أو على وشك الولادة لأن النظام الطبي يجثو على ركبتيه ويسابق الزمن".
وأضافت هبة أنه نظرًا لإخلاء ما يقرب من نصف سكان غزة - حوالي 1.1 مليون شخص - من الشمال إلى الجنوب، فقد فقدت العديد من النساء الحوامل الاتصال بعيادات رعاية ما قبل الولادة أو أطبائهن، وتابعت: "لقد أصبحن نازحات؛ لذا لا يمكنهم الاستمرار في الوصول إلى هذه الخدمات الطبية"، وقد تلقت المجموعة العديد من التقارير من الطواقم الطبية في غزة تفيد بأن النساء الحوامل ليس أمامهن خيار سوى إجراء عمليات قيصرية طارئة دون تخدير.
وفي خان يونس، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في جنوب غزة، قال الدكتور بسام زقوت إنه يعالج ما لا يقل عن اثنتين إلى ثلاث نساء حوامل يوميًا. وقد نزح الطبيب من منزله في مدينة غزة إلى الملجأ في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، ويعمل منذ ذلك الحين كجزء من فريق الطوارئ الطبي في الموقع، بحسب المجلة.
ونقلت المجلة عن الدكتور زقوت قوله، في مقابلة عبر الهاتف: "الخوف هو حالة شائعة لدى كل امرأة حامل"، موضحًا أنه بدون أي معدات أو مرافق طبية مناسبة؛ فإن كل ما يمكن فعله هو وصف الأدوية الأساسية وإعطاء النصائح العامة، وأضاف: "نحن نحاول أن نبذل قصارى جهدنا، لكن ليس لدينا علاج أو حلول. إنه وضع رهيب وصعب جدا".
وتطرقت المجلة إلى حالة لبنى الريس، البالغة من العمر 42 عامًا، والتي من المتوقع أن تلد طفلها الثالث في بداية شهر كانون الثاني/ يناير. ولقد كانت الريس متوترة بالفعل بشأن مضاعفات حملها، ولكن منذ نزوحها مع عائلتها من حي الرمال في مدينة غزة، تضاعفت مخاوفها.
وقالت لبنى: "أنا الآن في الشهر السابع [من الحمل]، ولكن إذا اضطررت فجأة إلى ولادة طفلي، فلن أستطيع ذلك؛ فلا يوجد تخدير هنا، والمستشفيات ليس لديها أي مجال لمزيد من العمليات الجراحية".
وأضافت المجلة أنه على الرغم من امتنان لبنى لأنها كانت آمنة في خان يونس خلال فترة حملها حتى الآن، إلا أنها تشعر بالغضب أيضًا؛ حيث قالت: "أظل أفكر: لماذا يجب أن أحضر طفلي إلى هذا العالم الظالم وغير العادل؟".
وقال د. زقوت إن الحصول على المياه النظيفة والمراحيض أصبح من أهم الاحتياجات الضرورية للنساء الحوامل في خان يونس؛ ولقد زاد الافتقار إلى النظافة من خطر الإصابة بأمراض أخرى. وتابع: "لا يستطيع آلاف الأشخاص الوصول إلا إلى حمام واحد في كل مرة؛ لذا يمكنك أن تتخيل الوضع الذي تعيشه هؤلاء النساء"، واصفًا عدد الأشخاص الذين يصطفون لمدة ساعتين تقريبًا للوصول إلى حمام واحد.
ونقلت المجلة تصريحات ثريدا حسين صباح، المتخصصة في مجال النوع الاجتماعي في منظمة "أكشن أيد" ومقرها رام الله، قولها: "الوضع حرج بدون أي مياه"، مضيفة أنه بدون الماء، تواجه الأمهات الجدد الجفاف، مما يؤثر على قدرتهن على إنتاج الحليب لإطعام أطفالهن.
وبينت المجلة أن الظروف القاسية أدت إلى تفاقم خطر وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة. وفي غزة، كان معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة البالغ 8.8 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي مرتفعًا بالفعل بشكل غير متناسب - أي أكثر من ضعف المعدل في البلدان ذات الدخل المرتفع، وفقًا لليونيسف. ومع نفاد الوقود في غزة الآن وسط انقطاع التيار الكهربائي، فإن 130 طفلاً خديجًا في الحاضنات الكهربائية في ست وحدات لحديثي الولادة في جميع أنحاء قطاع غزة معرضون لخطر شديد.
وأضافت ثريدا أنه في ظل الندرة، تضطر المستشفيات أيضًا إلى علاج المرضى الذين أصيبوا بجروح خطيرة بسبب الغارات الجوية قبل النساء الحوامل، وقالت: "داخل المستشفيات، الأولوية الآن هي إنقاذ حياة الأشخاص الذين يتم انتشالهم من تحت الأنقاض".
لكن في بعض الحالات، يكون المريض ضحية لكلا الظرفين المأساويين، وقد صرح الدكتور ناصر فؤاد بلبل، رئيس قسم رعاية الأطفال حديثي الولادة في مستشفى الشفاء، أكبر منشأة صحية في غزة، لصندوق الأمم المتحدة للسكان أنه أجرى مؤخرًا عملية ولادة مبكرة لطفل "من بطن أمه وهي تحتضر" بعد أن استهدافها بغارة جوية.
وأضاف بلبل: "العديد من هؤلاء الأطفال أصبحوا الآن أيتامًا. ولا نعرف مصير أقاربهم أو لدينا أي فكرة عن هوياتهم".
وذكرت المجلة أن إسراء قد أنجبت طفلتها، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر، بعد ست ساعات في غرفة العمليات، وقد أطلقوا عليها اسم ماريا.
وقالت إسراء: "في اللحظة التي تمكنت فيها من سماع صراخ طفلتي، في اللحظة التي وضعوها فيها في حضني عرفت أنني على قيد الحياة وأنها على قيد الحياة".
وتابعت المجلة أنه منذ ذلك الحين، وهي تتعلم التكيف مع فتاتين صغيرتين في منزل مليء بالأشخاص الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة أثناء الحرب؛ حيث إن صوفيا مغرمة بأختها الصغيرة، لكنها تعلمت أيضًا الكلمات العربية التي تعني "ضباب" و"قنبلة" طوال التجربة. وفي ظل ندرة الإمدادات الأساسية، إلا أنها كأم جديدة، تحظى إسراء بالأولوية في الحصول على الماء والغذاء والمرحاض.
وأوضحت المجلة أنه لا يزال هناك قلق من نفاد الإمدادات قريبًا من المنزل والمتجر القريب، وعلى الرغم من أن إسراء تشعر بالارتياح لوجود طفلتها معها، إلا أنها الآن منشغلة بمحاولة الحفاظ على سلامة أطفالها، وقالت: "كلما سمعنا صوت قنبلة، كان لدي أنا وزوجي ابنة واحدة يجب أن نغطيها".
وتابعت إسراء: "لا نعرف ماذا سيحدث، لكننا فقط نحتويهم ونعانقهم، على أمل غد أفضل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة النساء الحوامل غزة فلسطينيين فلسطين غزة معاناة النساء الحوامل صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النساء الحوامل حدیثی الولادة الحوامل فی المجلة أنه فی مدینة أکثر من إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.
zuhair.osman@aol.com