بينما يتنافس قادة حوثيون من أجل الحصول على مناصب في الحكومة التي تزمع الجماعة تشكيلها في إطار «التغييرات الجذرية» المزعومة، بدأ قادة آخرون اتخاذ احتياطاتهم لتأمين أنفسهم وعائلاتهم؛ تحسباً لأي إجراءات قد تطالهم سواء بالاغتيالات أو الاختطاف أو الإحالة إلى المحاكم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن عدداً كبيراً من القيادات الوسطية والميدانية تراجعت عن المطالبة باستحقاقاتها من المناصب والنفوذ، بعد أن ظهرت بوادر جديدة لتصاعد الصراع بين مختلف الأجنحة والقيادات، خصوصاً بعد إعلان زعيم الجماعة الحوثية في سبتمبر (أيلول) الماضي «التغييرات الجذرية»، وبدأت بإقالة الحكومة غير المعترف بها، وتكليفها بـ«تصريف الأعمال».



وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الصراع على المناصب والنفوذ، في إطار المساعي إلى تشكيل حكومة جديدة، انحصر بين قيادات الأجنحة التي تسعى إلى تعيين موالين لها ومحسوبين عليها في المواقع الحساسة في الحكومة، وأن الخلافات لا تقتصر على مناصب الوزراء ونوابهم، بل امتدت لتشمل الوكلاء ومديري العموم وحتى مديري الأقسام والإدارات.

وتدرس قيادات الجماعة الحوثية خيارات عدة لتجاوز الخلاف وعدم تصعيده، ومن ذلك إنشاء مزيد من الكيانات الموازية لمؤسسات الدولة بهدف توزيع حصص الأجنحة عليها.

وطبقاً للمصادر، فإن القيادات الجبهوية والميدانية التي تبحث عن استحقاقاتها من أموال الفساد والجبايات والمناصب، انقسمت إلى فريقين؛ ينتمي الأول إلى عائلات وأسر ذات علاقات قوية بقيادات الجماعة والأجنحة، ويحظى بدعمها، ولديه الجرأة للتصعيد والمطالبة باستحقاقاته، في حين لا يحظى الفريق الثاني بتلك الامتيازات، ويخشى أفراده التنكيل بهم حال أصروا على مطالبهم.

وتضيف المصادر أن زعيم الجماعة الحوثية اتخذ من أحداث غزة مبرراً لعدم حسم تشكيل الحكومة، وطالب مختلف الأطراف بالتأني، وتكريس جهودهم لخدمة التوجه الحوثي للمشاركة في الحرب، والاستفادة منها في توجيه الرأي العام وإشغاله عن الاحتجاجات الشعبية، ومطالب الموظفين العموميين برواتبهم.

تصفيات وحرب سيبرانية

يخشى عدد من القادة الميدانيين الحوثيين تصفيتهم أو التنكيل بهم، وذلك بعد وقائع عدة لتصفيات واختطافات جرى التستر عليها أو تلفيق تهم لضحاياها.

ولقي القيادي هادي غانم قصمة، المكنى «أبو طارق»، قائد الأمن الوقائي في محافظة البيضاء (277 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء)، مصرعه في مواجهات بين مسلحيه ومسلحين يتبعون قيادياً حوثياً من المحافظة، وذلك بعد قرابة شهر من مقتل القياديَين عبد السلام جحلان، شقيق القيادي ياسر جحلان المعين في منصب مدير مديرية مكيراس، وجمال أحمد عبد الله المصيادي، وإصابة آخرين من أقارب الأول.

وزعمت الجماعة أن الحادثتين تقف خلفهما عناصر إرهابية، الأمر الذي أثار الشك والقلق لدى عديد من القيادات من أن ذلك يعد تستراً على الواقعتين اللتين يرجح أنهما ضمن مخططات تصفية في سياق صراع الأجنحة، خصوصاً أن الثلاثة القتلى من أبرز القادة والمشرفين الحوثيين.

ولجأ عدد كبير من القادة إلى اتخاذ احتياطات أمنية ولوجيستية لحماية أنفسهم وعائلاتهم، من بينها نقل عائلاتهم خارج مناطق سيطرة الجماعة، وبعضهم بهويات مزورة.

وتفيد المصادر بأن الصراع بين الأجنحة اتخذ طابعاً جديداً فيما يشبه الحرب السيبرانية بينها، لينتقل معها إلى هيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والمحاكم والنيابات، وجميعها أجهزة تسيطر عليها الجماعة الحوثية، وتتقاسم أجنحتها إدارتها وتديرها لصالحها.

وكشفت وسائل إعلام حوثية حديثاً، إقرار الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد (النسخة الحوثية) إحالة 26 متهماً في قضيتَي فساد، وصفتهما بـ«جسيمتين»، إلى القضاء، بعد إقرار نتائج إجراءات التحري والتحقيق التي نفذتها دائرة التحري والتحقيق في الهيئة وجهاز الأمن والمخابرات ومباحث الأموال العامة.

وتتهم الهيئة المتورطين في القضية الأولى بالإضرار بالاقتصاد الوطني والمؤسسات المالية، واختراق أنظمة عدد من المؤسسات المالية، والاحتيال الإلكتروني، والتزوير لوثائق إثبات الهوية، وغسل العائدات المتأتية بمبالغ تصل إلى 10 ملايين و330 ألف ريال يمني، و6 آلاف و700 دولار، و298 ألف ريال سعودي.

أما القضية الثانية، فتتضمن الإضرار بمصلحة الدولة، والاستيلاء على المال العام، وتخريب الاقتصاد الوطني في إحدى الوحدات الإنتاجية، وبحجم ضرر بلغ 3 ملايين و429 ألف دولار، بحسب مزاعم الهيئة التي أقرّت حجز وتتبع الأموال والأصول الخاصة بالمتهمين في القضيتين، وملاحقة المتهمين الفارين خارج سيطرة الجماعة الحوثية.

وأشارت الهيئة الحوثية إلى فرار عدد من المتهمين الضالعين في القضيتين إلى خارج مناطق سيطرة الجماعة، دون أن تورد أسماء أو صفات أي منهم.

المصادر تحدثت عن توسع المكايدات، وتسريب وثائق ملفات فساد من مختلف القطاعات، إلى جانب الاعتراض على وجود قيادات حوثية معينة في أكثر من منصب؛ مثل هاشم الشامي الذي يشغل منصبَين قياديَين في مؤسسة الكهرباء وهيئة الأراضي، وطه جران الذي يدير ما تُسمى بـ«الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء»، ومؤسسة «يتيم».

«حرب غزة» فرصة للإنقاذ

منذ أسابيع، نفّذ عناصر حوثيون أعمال دهم واختطافات واسعة طالت قيادات وناشطين، جرى التعتيم على غالبيتها؛ بسبب مخاوف عائلات المختطفين من التنكيل بهم، وعدم جدوى الوساطات للإفراج عنهم في حال إثارة قضايا اختطافهم عبر وسائل الإعلام.

إلا أن اختطاف القيادي والناشط الحوثي محمد الجرموزي من منزله أخذ مساحة من الاهتمام في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، لأنه يحظى بشعبية وسط أنصار وأتباع الجماعة؛ بسبب كتاباته وأشعاره المؤيدة لها، والمبررة لممارساتها وحربها.

وكانت النيابة الجزائية التابعة للجماعة أصدرت أمر قبض قهري على الجرموزي بتهمة ازدراء القضاء، إلا أن تنفيذ الأمر تأخر أسابيع عدة.

واتهم الجرموزي قيادات في الجماعة الحوثية باختطافه؛ نتيجة موقفه الرافض لإرسال وفد إلى العاصمة السعودية، الرياض؛ للتفاوض من أجل إحلال السلام في اليمن، ووصف الأمر بـ«الخيانة، والتنكر لدماء المقاتلين»، مطالباً باستمرار الحرب.

ويرى مراقبون أن صراع الأجنحة المتصاعد يهدد إمكانية حدوث مفاوضات سلام حقيقية، وانخراط الجماعة الحوثية فيها بجدية، حيث يبدو جلياً، وفقاً لباحث سياسي مقيم في العاصمة صنعاء، أنه وبينما ترسل الجماعة وفوداً للتفاوض في أكثر من عاصمة عربية، فإن قيادات أخرى تعمل على التصعيد والتلويح بعودة المعارك.

وحذر الباحث، الذي طلب حجب بياناته، من أن التصعيد الحوثي في بعض الجبهات الداخلية يتزامن مع إعلانها المشاركة في حرب غزة، واتهامها دول الجوار بعدم تمكينها من إطلاق صواريخها ومسيّراتها، أو السماح لها بإرسال جنودها ومقاتليها إلى أرض مجاورة لغزة. وقال إن اتهام الجماعة المحيطَين الداخلي والعربي بالعمالة لإسرائيل يكشف عن نوايا سيئة للغاية.

وأكد الباحث أن حرب غزة منحت الجماعة فرصة لتجاوز كثير من التحديات التي تواجهها، والسعي لحل الخلافات الداخلية وإعادة توزيع حصص النفوذ والفساد، وتقوية جبهتها التفاوضية لإملاء شروط مجحفة، منبهاً إلى أنها تدرك أن القوى الدولية التي تضغط لتحقيق تسوية سياسية في اليمن تتفهم أسلوبها في الاستفادة من حرب غزة، ويمكن أن تساعدها على ذلك.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

مركز إعلام أسيوط ينظم ندوة تحت عنوان التغييرات المناخية وتأثيرها على الرقعة الزراعية فى مصر

نظم مركز إعلام أسيوط اليوم الثلاثاء ندوة تحت عنوان التغييرات المناخية وتأثيرها على الرقعة الزراعية في مصر 

 

وحاضر في الندوة المهندس خميس محمد على  وكيل وزارة الزراعة بأسيوط وخالد محمد إبراهيم مدير إدارة الإعلام بجهاز شئون البيئة بأسيوط 


وبحضور محسن محمد جمال - مدير عام إعلام وسط الصعيد وبيكر بركات مدير إدارة التدريب الميداني بكلية الآداب جامعة أسيوط وامانى معوض مدير العلاقات العامة بمديرية الزراعة بأسيوط 


وافتتحت الندوةعبير جمعه مدير مركز إعلام أسيوط وحيث أشارت إلى دور قطاع الإعلام الداخلى للتوعية بخطورة التغييرات المناخية وتأثيرها على الدولة المصرية وجهود الدولة لمواجهة هذه التغيير ات بالمبادرة الوطنية للمشاريع الخضراء الذكية وتعزيز تطوير حلول الطاقة المستدامة 


وتناولت  الندوة التوعية بالآثار السلبية الوخيمة للتغييرات المناخية على الأنشطة الزراعية على مستوى العالم بشكل عام وعلى مصر على وجه الخصوص  فالتغيرات المناخية حدثت على المناخ الاجمالى لسطح الكرة الأرضية خلال العقود الأخيرة نتيجة لزيادة الانبعاث الغازى وما يسببه هذا الانبعاث من احتباس حرارى نتج عنه ارتفاع فى درجة حرارة سطح الكرة الأرضية بالإضافة الثورة الصناعية وزيادة عدد السكان والتطور التكنولوجى 

وتعتبر مصر من الدول التى سوف تتأثر بشدة بهذه الظاهرة خاصة الجزء الشمالى فى مصر حيث تسبب هذه الظاهرة ارتفاع فى مستوى سطح البحر وما ينتج عنه من غرق جزء من الأرض الزراعية الخصبة فى شمال مصر بالإضافة إلى المشاكل الأخرى التى تترتب على هذا الغرق.. ويعتبر قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التى سوف تتأثر سلبيا بهذه الظاهرة حيث من المتوقع أن تؤثر التغيرات المناخية على إنتاجية الأرض الزراعية بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية ومرورا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل وانتهاء بالتأثير على المحصول المنتج.

وكما جرى التنويه عن نتائج التغييرات المناخية والتي تؤدي إلى إختلاف إنتاجية المحصول الواحد وكذلك زيادة كميات المياه المخصصة لري المحاصيل الزراعية عن المعتاد وزيادة نسبة البخر بصفة عامة مما يقلل من الموارد المائية المخصصة للزراعة.. بالاضافة إلى تعرض مساحة كبيرة من الدلتا للتأكل وهي من أهم الاراضي التي تعتمد عليها مصر في الانتاج الزراعي كما تؤدي التغيرات المناخية إلى تعرض الامن الغذائي للخطر بمعنى انخفاض قدرة الدولة على توفير الغذاء للمواطنين سواء من مصادر خارجية أو داخلية بالإضافة إلى انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة وكذلك محاصيل الخضر والألبان واللحوم بأنواعها

وكما تم خلال الندوة التأكيد على سعى الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة بالتعاون مع الأجهزة المعنية وعلى رأسها جهاز شئون البيئة وهيئة الأرصاد الجوية المصرية على وضع الحلول اللازمة لحماية قطاع الزراعة والأمن الغذائي من حدة التغيرات المناخية المتطرفة عبر تطوير أسمدة أكثر حداثة واتباع أساليب الزراعة المتجددة التي تعمل على استعادة التنوع البيئي للتربة لسنوات قادمة، وبالتالي تحسين المحصول من حيث الجودة والكمية

مقالات مشابهة

  • الشرطة البرازيلية توجه أتهامات للرئيس السابق بولسونارو ومساعديه بمحاولة الانقلاب المزعومة في عام 2022
  • بعد قرار الجنائية الدولة باعتقال نتنياهو وجالانت.. هل يمكن إيقاف الحكم ؟
  • حقوق الإنسان بالدريهمي يحذر من خطر الألغام والعبوات الناسفة الحوثية
  • البلدة التي لم أحدثك عنها.. اغنية جديدة لغسان زقطان
  • أسعار الوقود بعد التغييرات الأخيرة في تركيا
  • تعرف على نصائح مرورية لمواكبة التغييرات الجوية غير مستقرة
  • تعطل النظام المصرفي في بنك ملت الإيراني
  • «التنمية المحلية» تعلن عن 136 درجة جديدة لدعم قيادات الإدارة المحلية
  • مركز إعلام أسيوط ينظم ندوة تحت عنوان التغييرات المناخية وتأثيرها على الرقعة الزراعية فى مصر
  • إب.. إضراب المحال التجارية احتجاجا على الجبايات الحوثية