بوابة الوفد:
2025-02-01@19:43:55 GMT

البيزنس العائلى «نمر» الاقتصاد الوطنى

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

3 مستهدفات تعزز ريادة الشركة بالسوق

سئل حكيم عن القوة الخفية التى تبعث الرغبة فى الإنجاز، والوصول إلى الأهداف... فأجاب أن تجاوزك المألوف والتمسك بالإبداع والابتكار هما أساس الطاقة والتفكير الإيجابى، فلن تستطيع أن تحصل على المعرفة إلا بالتعلم كيف تفكر، فأنت نتاج أفكارك، التى تكون... إذا أردت شيئًا لم يكن لديك، فيجب أن تكون على استعداد لفعل شىء لم تفعله من قبل.

.. وكذلك محدثى ركز أفكاره وطاقته فى تحقيق أهدافه فأصبح الذى يريد أن يكونه.

ابحث عن أدوات لتحقيق ما تريده واصنع معجزتك بنفسك، فمـهـمـا كـانت أخطاءك الـتـى وقـعـت فـيـهـا، ومـهـمـا كـان تـقـدمـك بـطـيـئا، فأنـت تـسـبـق مـن لا يـحـاولـون فـعـل أى شىء، وعلى هذا كانت مسيرة الرجل فتش عن أدواته وصنع معجزاته بذاته منذ الصبا.

تامر حسين نائب رئيس مجلس إدارة شركة إيليت للاستشارات المالية... إيمانه بأن العبقرية تبدأ بالأعمال العظيمة، وجه طاقته نحو هدف محدد، التفيش عن الافكار الإبداعية، والاستثمار فى النفس سر تميزه، حاسم فى قراراته، ويتحمل نتائجها مهما كانت، لا ينس الجميل لكل من ساهم فى صناعة شخصيته.

مساحات وأحواض خضراء، رغم المساحة الصغيرة، المحيطة بالمبنى، تنسيق نباتى، أشجار عطرية، أزهار ملونة، ترسم لوحة هندسية جمالية، ادراج السلالم الفاصلة تتزين بأعشاب صغيرة... عند المدخل الرئيسى الجدران تتشكل فى صورة الطبيعة، تستحوذ على مساحة كبيرة، صممت بطراز فريد يضم بحر، واشجار مثمرة، اشعة الشمس تتسلل إلى الأركان، لتضفى جمالًا، الأثاث يرسم تناسقًا جميلًا مع الألوان... الانتيكات والفازات، والمجسمات موزعة بنظام فى الممر، المنتهى بغرفة مكتبه، البساطة تسود غرفته، مجموعة من الكتب والمجلدات النادرة، والملفات الخاصة بمجال عمله، سطح المكتب أكثر ترتيبًا، قصاصات ورقية يدون بها ملاحظات عمله اليومى، وأجندة ذكريات تسطر صفحاتها محطات ومسيرة طويلة من مشوار الرجل بدأ سطورها بكلمات حماسية بقوله «إصرارك على مواجهة الشدائد يبنى ثقتك بنفسك وقدرتك على الصمود بشكل أفضل».

مزيجًا من الحماس، والموضوعية، يحلل بدقة، ويتحدث فى التفاصيل عندما يتطلب الأمر، يبدى ملاحظاته على الأخطاء، يقدم رؤية واقعية، واثق، ومتمكن من أدواته التحليلية، متفائل رغم التحديات الخارجية والداخلية التى يواجها الاقتصاد... يقول إنه «رغم المتغيرات الخارجية التى كانت تداعياتها سلبية على اقتصاديات العالم، خاصة الاقتصاد الوطنى، بسبب الاعتماد الكلى على الاستيراد، إلا أن مشهد الاقتصاد لا يدعو للقلق، بسبب قدرته على التعافى، وهو ما يدفع مؤسسات الدولية إلى مساندتها، ودعمها بالقروض، مما يؤكد الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطنى، ورغم مشكلات التضخم، إلا أن معدلات التشغيل زادت بصورة كبيرة، فى ظل التوسع الذى يشهده الاقتصاد».

البساطة من الصفات التى تميزه، لذلك تجده فى تفسيره لتفاصيل المشهد يتسم ببساطة التحليل، ووضوح الرؤية، وتبين ذلك عندما يتحدث عن المشوار الطويل الذى قطعته الحكومة فى تطوير شامل للبنية التحتية، والتى باتت جاهزة تمامًا لاستقبال الاستثمارات الأجنبية، وأسهمت بصورة كبيرة فى اختصار الوقت، العنصر الرئيسى فى جذب المستثمرين، ومن ضمن الأزمات الداخلية التى تواجه الاقتصاد أيضاً وفقا لقوله تتمثل فى عدم قيام الشركات بالتوسع وزيادة رؤوس أموالها، خاصة التى تمتلك حصيلة دولارية، وتقوم بهذه الحصيلة بالمضاربة، مما ينعكس سلبًا على الاقتصاد.

- بثقة وفكر دقيق يجيبنى قائلًا إن «الأزمة الكبرى التى تواجه الاقتصاد والسوق المحلى غياب الرقابة، حيث تسهم فى خلق ارتباك، وعشوائية بالسوق تكون تأثيراتها سلبية على الاقتصاد، بالإضافة إلى السياسة الضريبية، التى تدفع المستثمرين إلى التخارج، وكذلك أيضاً افتقاد الرؤية الواضحة للاقتصاد، حيث إن تأسيس الكم الكبير من الشركات لا تعبر عن تلبية احتياجات السوق فى مختلف القطاعات، مع ضرورة العمل على توفير العملة الصعبة بالسوق، وتوفير احتياجات السوق من الإنتاج المحلى».

يتحلى بالشجاعة ليحقق ما يريد، فالوصول للهدف ليس من نصيب الخائفين من العواقب، ونفس الأمر فى السياسة النقدية، ممثلة فى أداء البنك المركزى إذ يعتبر أن السياسة المالية، تعاملت مع الأزمات باحترافية من خلال أدواتها المالية، فى أوقات النشاط، أو الركود، إذ نجح البنك المركزى فى تحقيق مستهدفاته فى التعويم الأول نوفمبر 2016، سواء على مستوى ما تحقق من مواجهة للتضخم، أو استقرار سعر الصرف، لكن بسبب الأزمات الخارجية، تسبب فى العديد من الضغوط على الاقتصاد، تعامل معها البنك المركزى، بأدواته.

لا يزال الجدل مثارًا بين الخبراء والمراقبين حول خفض ورفع معدلات أسعار الفائدة، ومدى تأثيرها على النشاط والتوسع الاقتصادى إلا أن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الصدد تقوم على أن رفع معدلات الفائدة، تأثيره السلبى كبير على قطاعات الإنتاج، والاستثمار، حيث تسهم فى الاحجام عن التوسع، والعمل على نشاط الاقتصاد، لكن اضطرت الدولة إلى رفع معدلات الفائدة، من أجل أن تكون متماشية مع ما اتخذ من البنوك المركزية العالمية، لذلك من مصلحة الدولة العمل على دعم المنتج المحلى، من أجل التوسع، وبالتالى التصدير إلى الخارج.

- علامات راحة تبدو على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلًا إن «الاقتراض الخارجى سيظل مستمرًا، لسد الفجوة، وهو أمر تلتزم به كبرى الشركات، لكن على الحكومة البحث عن مصادر أخرى، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم، والعمل على ترشيد الاقتراض الخارجى، للحد من زيادة الأعباء على الاقتصاد، والأجيال القادمة».

تحمل المسئولية منذ الصبا، عزز الصراحة والوضوح لديه، يتبين ذلك فى حديثه عن السياسة المالية، التى يبدى تحفظات على أدائها، بسبب اعتمادها فى الحصيلة الضريبية على فئات معينة، رغم أعباء هذه الضرائب، لذلك على السياسة المالية إعادة النظر فى سياستها التى لا تعمل على تشجيع الاستثمار، والتوسع فى المشروعات الاستثمارية، كذلك على الحكومة أيضاً العمل على ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية، بتقديم محفزات، وتسهيلات، لأصحاب هذا القطاع، حتى يمكن استقطاب النسبة الأكبر وضمها للمنظومة الرسمية للاقتصاد، وبالتالى تسهم فى زيادة قيمة الإيرادات، وتسعى الدولة لتحقيق ذلك من خلال الفاتورة الإلكترونية..

النجاح يحققه فقط الذين يواصلون المحاولة بنظرة إيجابية هكذا تكون فلسفة الرجل، يتبين ذلك فى حديثه عن ملف الاستثمار، يقول أن «استقطاب الأموال الأجنبية تحتاج للعديد من العوامل التى تعمل على جذبه، عبر محفزات ضريبية، وتسهيلات فى الإجراءات، وتوفير مواد خام، وأراضى مرفقة، مع القضاء على البيروقراطية، والروتين، وتوفير العنصر البشرى المدرب، وكذلك عودة وزارة الاستثمار، والاتجاه إلى تأسيس المناطق الحرة والتوسع فيها، بقوانيها الخاصة، والعمل على تحويل الاستثمار العائلى إلى شركات مساهمة، خاصة أنه الحصان الرابح فى السوق خلال الفترة القادمة، لكن بشرط العمل على دعمه ومساندته، وكل ذلك من شأنه الدفع بالاقتصاد إلى النمو، والتنمية المستدامة».

- بهدوء وثقة يجيبنى قائلًا إن «القطاع الخاص ظل فترات طويلة يعانى، وزادت هذه المعاناة خلال السنوات الماضية بعد ثورة يناير 2011، وتحمل فاتورة كل الأعباء، لذلك على الدولة تقديم كافة الدعم، والمساندة، بما يعمل على تشجيعه للتصنيع، والإنتاج، وبالتالى التصدير إلى الخارج، خاصة أن القطاع الخاص قادر على النمو، وإحداث الفارق فى الاقتصاد، وذلك على الدولة، دفعه من خلال تحقيق عدالة فى المنافسة، وتقديم محفزات ضريبية، ودعم فى أسعار الطاقة، بما يسمح لاستكمال دوره فى التنمية المستدامة».

دار بذهنى سؤالًا حول برنامج الطروحات الحكومية، وهل نجحت الدول فى الاستفادة منه؟ وقبل التوجه بالسؤال بادرنى قائلًا إن «مجتمع سوق المال ظل منتظرًا، برنامج الطروحات، إلا أن حاجة الحكومة للعملة الصعبة، نتيجة نقص الدولار، دفعها للطرح لمستثمر استراتيجى أجنبى، لكن كان على الحكومة طرح حصة أيضاً للقاعدة العريضة من المستثمرين، فى ظل احتياج السوق، لمثل هذه الطروحات، بما يتوافق مع آليات السوق، وليس طبقا للحاجة.

تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، والرجل هنا يؤمن بالشركات المقيدة فى سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يرى أن سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة لاتزال يعانى من انحسار التعاملات اليومية، وعدم الترويج له، رغم أن هذا السوق يتداول به شركات ذات قيمة حقيقية، مع ضرورة التوسع فى أعمال الشركات، كل ذلك بالإضافة إلى مستهدفات الشركة القائمة على الطموح وتضم 3 مستهدفات تتمثل فى التوسع إضافة خدمات جديدة للشركة تتمثل فى الترويج وتغطية الاكتتابات، وكذلك الحصول على رخصة صكوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأيضاً الاتجاه للحصول على رخصة علاقات مستثمرين بصورة مؤسسية، وليس فردية، وعمل مجلس إدارة الشركة على زيادة رأس مال بنسبة 100%، والعمل المستمر بالتيسير على الشركات العائلية لتشجعها على التحول المؤسسى، خاصة أن هذه الشركات تعد نمرًا قادمًا فى الاقتصاد.

تقبل ورضى بكل ما تقابله فى دربه، المهم أن تلق ما تلقاه وأنت على استعداد للتعامل، وهو فعله الرجل فى رحلته، وهو ما ينصح به أولاده.... لكن يظل شغله الشاغل مع مجلس الإدارة تعزيز ريادة الشركة فى السوق..... فهل يستطيع ذلك؟

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نمر الاقتصاد الوطنى الشركة بالسوق على الاقتصاد العمل على قائل ا إن إلا أن

إقرأ أيضاً:

نقطة تحول.. «ثروة الأمم» لآدم سميث كتاب يحث على زيادة الإنتاج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يُعد كتاب ثروة الأمم لآدم سميث أحد أهم الكتب في تاريخ الفكر الاقتصادي، حيث قدم رؤية شاملة حول كيفية ازدهار الاقتصاد من خلال مبادئ السوق الحر. 

نشر الكتاب عام ١٧٧٦، في فترة كانت السياسات الاقتصادية تهيمن عليها القيود التجارية والاحتكارات، فجاء سميث ليقدم بديلًا فكريًا قائمًا على الحرية الاقتصادية والتخصص في العمل. استند في تحليله إلى ملاحظات واقعية عن الاقتصادات الأوروبية، موضحًا كيف يمكن تقسيم العمل أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وكيف أن ترك السوق لينظم نفسه عبر آلية العرض والطلب يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي دون الحاجة إلى تدخل مفرط من الدولة.

يناقش الكتاب أيضًا أهمية التجارة الحرة وأثرها في تحقيق الرفاهية الاقتصادية، حيث انتقد السياسات الحمائية التي تعيق تدفق السلع والخدمات بين الدول. كما سلط الضوء على دور الدولة في الاقتصاد، موضحًا أنه رغم أهمية السوق الحر، فإن للحكومة دورًا في حماية المنافسة العادلة، وتوفير البنية التحتية، وضمان الأمن والاستقرار. وبفضل هذه الأفكار، أصبح ثروة الأمم حجر الأساس للفكر الاقتصادي الكلاسيكي، وما زال تأثيره واضحًا في السياسات الاقتصادية والنظريات الحديثة حتى اليوم. ومن أهم المحاور والأفكار الرئيسية للكتاب:

تقسيم العمل وأثره في الإنتاجية

يُعد تقسيم العمل أحد المفاهيم الأساسية التي طرحها آدم سميث في ثروة الأمم، حيث يرى أنه يساهم في تحسين الإنتاجية من خلال توزيع المهام بين العمال بشكل يتيح لكل فرد التركيز على جزء محدد من العملية الإنتاجية. هذا التخصص يؤدي إلى زيادة كفاءة الأفراد، حيث يصبح كل عامل أكثر مهارة وسرعة في أداء مهمته المحددة مقارنة بالعمل العشوائي غير المنظم. وبهذه الطريقة، يتحقق استخدام أكثر فعالية للوقت والموارد، مما يؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من السلع بجودة أعلى.
يقدم سميث مثالًا عمليًا على تقسيم العمل في مصنع الدبابيس، حيث لاحظ أنه عندما يقوم كل عامل بإنتاج دبوس من البداية إلى النهاية بمفرده، فإن الناتج يكون منخفضًا جدًا. ولكن عند تقسيم العملية إلى عدة مراحل، مثل سحب السلك، وتقطيعه، وصقل رأس الدبوس، وتجميعه، يصبح الإنتاج أكثر كفاءة، ويمكن لنفس العدد من العمال إنتاج أضعاف ما كانوا ينتجونه سابقًا. هذا المثال يوضح كيف أن التخصص في المهام يؤدي إلى زيادة الإنتاج دون الحاجة إلى زيادة عدد العمال أو الموارد المستخدمة.
علاوة على ذلك، يؤدي تقسيم العمل إلى تحسين جودة السلع، حيث يصبح العمال أكثر مهارة في تنفيذ مهامهم المحددة. فعندما يكرر العامل نفس العملية يوميًا، يكتسب خبرة كبيرة، مما يتيح له تنفيذ عمله بسرعة ودقة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا التخصص بتطوير أدوات وآلات تساعد في تحسين الإنتاجية، حيث يسعى الأفراد إلى ابتكار وسائل تسهّل أداء المهام المتكررة، مما يسهم في رفع الكفاءة العامة للاقتصاد.
ورغم الفوائد العديدة لتقسيم العمل، إلا أن سميث أشار أيضًا إلى بعض العواقب السلبية، مثل احتمال شعور العمال بالملل نتيجة تكرار نفس المهام البسيطة يوميًا، مما قد يؤثر على إبداعهم ورضاهم الوظيفي. لكنه في النهاية يرى أن الفوائد الاقتصادية التي يحققها تقسيم العمل تفوق هذه العيوب، حيث يسهم في تحقيق نمو اقتصادي سريع وخلق المزيد من الثروات للأفراد والمجتمعات.

نظرية اليد الخفية وآلية السوق

يُعتبر مفهوم «اليد الخفية» من أبرز الإسهامات الفكرية لآدم سميث، حيث استخدم هذا المصطلح للإشارة إلى قدرة الأسواق الحرة على تنظيم نفسها بشكل تلقائي من خلال آلية العرض والطلب، دون الحاجة إلى تدخل مباشر من الحكومة. وفقًا لسميث، عندما يسعى الأفراد لتحقيق مصالحهم الشخصية، فإنهم يساهمون دون قصد في تحقيق المنفعة العامة للمجتمع. فمثلًا، عندما يسعى التاجر إلى تحقيق الربح، فإنه يحرص على تقديم سلع ذات جودة عالية بأسعار مناسبة لجذب الزبائن، مما يؤدي في النهاية إلى تحسين جودة المنتجات المتاحة في السوق.
تعمل آلية العرض والطلب كقوة تنظيمية داخل السوق، حيث يؤدي ارتفاع الطلب على سلعة معينة إلى ارتفاع سعرها، مما يشجع المنتجين على زيادة إنتاجها. وعلى العكس، إذا انخفض الطلب، تنخفض الأسعار، مما يدفع المنتجين إلى تقليل الإنتاج أو البحث عن بدائل أكثر ربحية. هذه الآلية الطبيعية تضمن التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وتمنع حدوث نقص أو فائض كبير في السلع والخدمات.
ومن خلال هذه الفكرة، يرفض سميث تدخل الدولة في الاقتصاد إلا في حالات محددة، مثل حماية المنافسة العادلة ومنع الاحتكارات. فهو يرى أن فرض القيود والضرائب على التجارة يمكن أن يؤدي إلى تشوهات في السوق، ويمنع الموارد من التدفق بحرية إلى القطاعات الأكثر إنتاجية. لذلك، يدعو إلى إزالة العوائق أمام التبادل التجاري والسماح للمنافسة الحرة بتحديد الأسعار وتوزيع الموارد بكفاءة.
إلا أن هذه النظرية ليست بلا انتقادات، حيث يرى بعض الاقتصاديين أن الأسواق قد تفشل أحيانًا في تحقيق التوازن المثالي، خاصة في حالات الأزمات الاقتصادية أو عند وجود احتكارات قوية تتحكم في الأسعار. ومع ذلك، تظل فكرة «اليد الخفية» إحدى الركائز الأساسية في الفكر الاقتصادي الليبرالي، وهي تشكل الأساس للسياسات الاقتصادية في العديد من الدول الرأسمالية الحديثة.

دور الدولة في الاقتصاد

على الرغم من أن آدم سميث كان من أكبر المدافعين عن الحرية الاقتصادية، إلا أنه لم يكن من دعاة إلغاء دور الدولة بالكامل. فقد أكد أن هناك مجالات معينة لا يمكن تركها للسوق الحر وحده، بل تتطلب تدخل الحكومة لضمان استقرار النظام الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية. ويرى سميث أن دور الدولة يجب أن يكون محدودًا ومركزًا على ثلاثة مجالات رئيسية: حماية الأمن القومي، وإنشاء البنية التحتية، وضمان العدالة في السوق.

أولًا، يؤكد سميث أن الحكومة يجب أن تلعب دورًا في حماية المجتمع من التهديدات الخارجية، من خلال توفير جيش قوي يحمي حدود الدولة ويضمن استقرارها. فبدون الأمن، لا يمكن للاقتصاد أن يزدهر، حيث لن يتمكن الأفراد من ممارسة أنشطتهم التجارية بحرية في ظل غياب الاستقرار السياسي والعسكري.

ثانيًا، يشير سميث إلى أهمية دور الدولة في بناء البنية التحتية، مثل الطرق والجسور والموانئ، التي تعد ضرورية لتمكين التجارة والنشاط الاقتصادي. ففي كثير من الأحيان، لا يكون لدى الأفراد أو الشركات الخاصة الحافز الكافي للاستثمار في مثل هذه المشاريع الضخمة، لأنها قد لا تكون مربحة على المدى القصير. لذا، يجب أن تتدخل الدولة لتوفير هذه الخدمات التي تعود بالفائدة على المجتمع ككل.

أخيرًا، يرى سميث أن الدولة يجب أن تتدخل لمنع الاحتكارات وضمان العدالة في السوق. ففي ظل غياب الرقابة، قد تلجأ بعض الشركات إلى ممارسات غير عادلة، مثل التلاعب بالأسعار أو استغلال العمال، مما قد يؤدي إلى اختلال في التوازن الاقتصادي. لذلك، يؤيد وجود قوانين تنظيمية تضمن الشفافية والمنافسة العادلة، دون أن تؤدي هذه القوانين إلى تقييد حرية السوق بشكل مفرط.

نظرية القيمة والعمل

تناول آدم سميث في ثروة الأمم مفهوم القيمة، محاولًا تفسير كيفية تحديد أسعار السلع والخدمات في السوق. وقد ميز بين نوعين من القيم: «القيمة الاستعمالية» و«القيمة التبادلية». تشير القيمة الاستعمالية إلى مدى فائدة السلعة للمستهلك، بينما تعبر القيمة التبادلية عن السعر الذي يمكن الحصول عليه مقابل تلك السلعة في السوق.
ركز سميث على دور العمل في تحديد قيمة السلع، حيث رأى أن الجهد المبذول في إنتاج سلعة معينة يلعب دورًا أساسيًا في تحديد سعرها. فكلما زاد الوقت والموارد المطلوبة لإنتاج سلعة ما، ارتفعت قيمتها التبادلية. على سبيل المثال، السلعة التي تتطلب ساعات عمل طويلة ومواد خام نادرة ستكون أغلى من تلك التي يمكن إنتاجها بسهولة وبتكلفة منخفضة.
مع ذلك، أدرك سميث أن عوامل أخرى قد تؤثر على تحديد الأسعار، مثل العرض والطلب، وتكاليف الإنتاج، والمنافسة في السوق. فحتى لو كانت سلعة معينة مكلفة في إنتاجها، فإن سعرها قد ينخفض إذا كان هناك فائض كبير منها في السوق، أو إذا كانت هناك بدائل أرخص.
أسس سميث بهذا التحليل المفاهيم الأولية لنظرية القيمة، التي تم تطويرها لاحقًا على يد اقتصاديين مثل ديفيد ريكاردو وكارل ماركس. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الحديث يعتمد على نماذج أكثر تعقيدًا في تحديد الأسعار، إلا أن تحليل سميث يظل حجر الأساس في فهم آليات السوق والقيمة الاقتصادية

التجارة الحرة ونقد السياسات الحمائية

انتقد آدم سميث السياسات التجارية الحمائية التي كانت سائدة في عصره، والتي اعتمدت على فرض الضرائب الجمركية المرتفعة والقيود على الواردات، بهدف حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية. رأى سميث أن هذه السياسات تعيق النمو الاقتصادي وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل جودة المنتجات، حيث تحمي الشركات غير الفعالة من التحديات التنافسية. بدلًا من ذلك، دعا إلى تبني مبدأ التجارة الحرة، حيث يمكن للسلع والخدمات التنقل بحرية بين الدول دون قيود تعسفية، مما يسمح لكل دولة بالتركيز على إنتاج السلع التي تمتلك فيها ميزة نسبية.
يرى سميث أن التجارة الحرة تعزز الكفاءة الاقتصادية من خلال السماح للدول بتخصص مواردها في إنتاج السلع التي يمكنها إنتاجها بأقل تكلفة ممكنة، بينما تستورد السلع التي تكون تكاليف إنتاجها مرتفعة محليًا. هذا يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، مما يسهم في رفع مستويات المعيشة وتحسين رفاهية المستهلكين من خلال توفير سلع أرخص وأكثر جودة. وبفضل المنافسة المفتوحة، تصبح الشركات مضطرة للابتكار وتحسين أدائها للحفاظ على قدرتها التنافسية، مما يؤدي إلى تطور الاقتصاد بشكل عام.
كما أوضح سميث أن السياسات الحمائية غالبًا ما تؤدي إلى احتكار الأسواق الداخلية، حيث تستفيد بعض الشركات الكبرى من الحماية الحكومية دون الحاجة إلى تحسين منتجاتها أو خفض أسعارها. وهذا يؤدي إلى ضعف الابتكار وزيادة التكاليف على المستهلكين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على شراء سلع محلية ذات أسعار مرتفعة وجودة أقل مقارنة بالبدائل الأجنبية. وعلى المدى الطويل، يمكن أن تؤدي هذه السياسات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة عدم الكفاءة في استخدام الموارد، حيث تُجبر الدول على إنتاج سلع لا تملك فيها ميزة تنافسية حقيقية.
من هذا المنطلق، اعتبر سميث أن الحكومات يجب أن تتجنب التدخل غير الضروري في التجارة، وألا تستخدم الضرائب الجمركية إلا في حالات محددة، مثل تمويل المشاريع العامة أو حماية الصناعات الناشئة لفترة مؤقتة فقط. كما أكد أن الاقتصاد العالمي سيستفيد بشكل عام من إزالة الحواجز التجارية والسماح بتدفق السلع والخدمات بحرية، مما يعزز الازدهار الاقتصادي لكل الدول المشاركة. وتظل أفكاره حول التجارة الحرة أساسًا للعديد من السياسات الاقتصادية الحديثة، حيث تبنت دول عديدة مبدأ تحرير التجارة باعتباره وسيلة لتعزيز النمو والتكامل الاقتصادي العالمي.

أثر الكتاب 

يُعتبر كتاب ثروة الأمم نقطة تحول في تاريخ الفكر الاقتصادي، حيث كان أول عمل شامل يضع إطارًا نظريًا متكاملًا لفهم كيفية عمل الاقتصاد. قبل سميث، كان الاقتصاد يُنظر إليه بشكل أساسي من منظور الفلسفة الأخلاقية أو السياسة، لكنه قدم رؤية تحليلية قائمة على قوانين العرض والطلب، وتقسيم العمل، والتجارة الحرة. من خلال دراساته التفصيلية حول كيفية تكوين الثروة وتوزيعها، أسس سميث المبادئ الأساسية التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم في دراسة الاقتصاد.
إلى جانب ذلك، ساهم الكتاب في تحويل الاقتصاد من مجرد مجموعة من الأفكار المتفرقة إلى علم مستقل له قواعده ونظرياته. فقد أوضح كيف أن التفاعل بين الأفراد والشركات داخل الأسواق يمكن أن يؤدي إلى نتائج اقتصادية متوقعة، ما جعل الاقتصاديين اللاحقين يعتمدون على التحليل المنهجي لفهم المشكلات الاقتصادية. وتُعد مفاهيم مثل «اليد الخفية» ودور الدولة المحدود من الركائز الأساسية التي ساعدت في تشكيل علم الاقتصاد الحديث، وأصبحت محورًا للعديد من النقاشات الاقتصادية في القرون اللاحقة.

سياسات التحرر الاقتصادي والرأسمالية

كان لكتاب ثروة الأمم تأثير هائل على سياسات الدول، حيث ساهم في ترسيخ مبادئ الاقتصاد الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة وتقليل تدخل الدولة. تأثرت العديد من الحكومات بأفكار سميث حول فوائد التجارة الحرة وضرورة تقليل القيود الجمركية، ما أدى إلى تبني سياسات اقتصادية جديدة تُشجع على إزالة الحواجز التجارية وتعزيز تدفق السلع بين الدول. وكانت الثورة الصناعية في أوروبا مثالًا عمليًا على كيف يمكن لتقسيم العمل والسوق الحرة أن يؤديا إلى نمو اقتصادي غير مسبوق.
علاوة على ذلك، لعبت أفكار سميث دورًا رئيسيًا في تطوير النظم الاقتصادية في القرن التاسع عشر والعشرين، حيث أصبحت مبادئه مرجعًا رئيسيًا لصناع القرار في الدول الرأسمالية الكبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة. واستمرت هذه التأثيرات حتى العصر الحديث، حيث نجد أن سياسات الليبرالية الاقتصادية والتجارة الحرة التي تتبناها المؤسسات الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، تعتمد بشكل كبير على المبادئ التي طرحها سميث في كتابه.

تطور مستمر 

لم يكن تأثير ثروة الأمم محصورًا في زمن سميث فحسب، بل امتد ليؤثر في الأجيال اللاحقة من الاقتصاديين الذين طوروا أفكاره وأسهموا في بناء النظرية الاقتصادية الكلاسيكية. كان ديفيد ريكاردو من أبرز المفكرين الذين استلهموا أفكار سميث، حيث طور نظريته حول الميزة النسبية، التي توضح كيف يمكن للدول أن تستفيد من التجارة الدولية حتى لو كانت أقل كفاءة في جميع القطاعات مقارنة بدول أخرى. كما استند جون ستيوارت ميل إلى أفكار سميث في تطوير نظرياته حول حرية الأسواق والتوزيع العادل للثروة.
ساعدت هذه الإسهامات في تعزيز مكانة الاقتصاد الكلاسيكي باعتباره الإطار النظري المسيطر في القرن التاسع عشر، حيث استمرت الحكومات والشركات في تبني السياسات المستندة إلى مبدأ السوق الحرة. وعلى الرغم من ظهور مدارس اقتصادية جديدة مثل الاقتصاد الكينزي في القرن العشرين، إلا أن تأثير سميث لا يزال واضحًا حتى اليوم، حيث يعتمد العديد من الاقتصاديين وصناع القرار على أفكاره في صياغة استراتيجيات النمو والتنمية الاقتصادية.

محور هام 

يُعد ثروة الأمم نصًا محوريًا في تاريخ الفكر الاقتصادي، حيث وضع الأسس النظرية للاقتصاد الحر والرأسمالية. من خلال تحليله العميق لعوامل تكوين الثروة، قدم آدم سميث رؤية واضحة لكيفية تحقيق الازدهار الاقتصادي عبر آليات السوق والتخصص في العمل. وقد أبرز دور تقسيم العمل في تحسين الإنتاجية، وشرح كيف يمكن لآلية العرض والطلب أن تنظم السوق بشكل طبيعي دون الحاجة إلى تدخل مباشر من الدولة، ما أدى إلى صياغة مفهوم "اليد الخفية" الذي أصبح حجر الأساس في الفكر الاقتصادي الحديث.

لم يقتصر تأثير الكتاب على كونه نظرية أكاديمية، بل امتد ليؤثر بشكل مباشر على السياسات الاقتصادية في مختلف دول العالم. فقد ألهم صناع القرار لاعتماد مبادئ التجارة الحرة وتقليل القيود الحكومية، مما ساعد في تطور النظم الرأسمالية الحديثة. كما كان له تأثير كبير على الاقتصاديين اللاحقين مثل ديفيد ريكاردو وجون ستيوارت ميل، الذين طوروا نظريات إضافية استنادًا إلى أفكاره، ما جعل الاقتصاد الكلاسيكي القوة المسيطرة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

وعلى الرغم من مرور أكثر من قرنين على نشره، لا تزال أفكار سميث ذات صلة بالنقاشات الاقتصادية الحالية، خاصة في ظل العولمة وتحرير الأسواق. فما زالت مفاهيم مثل التجارة الحرة والمنافسة العادلة تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل السياسات الاقتصادية حول العالم، مما يؤكد أن ثروة الأمم لم يكن مجرد كتاب تاريخي، بل هو دليل أساسي لفهم الاقتصاد الحديث وآلياته.
 

مقالات مشابهة

  • تصريحات وزير المالية في الميزان الاقتصادي
  • اتحاد مستثمري المشروعات: السوق العراقية مملوءة بالفرص
  • نقطة تحول.. «ثروة الأمم» لآدم سميث كتاب يحث على زيادة الإنتاج
  • شُعبة المحمول تناقش مع الشركات مقترحات توطين الصناعة وضبط السوق
  • «القاهرة الدولى للكتاب».. جسر ثقافى يعزز الوعى والانتماء الوطنى
  • محافظ دمياط يلتقي مستشار وزير المالية
  • جامعة حلوان تحتفل بيوم البيئة الوطنى تحت شعار "مصر خضراء"
  • هدفنا الاستراتيجى دعم البحث العلمى للصناعة والاقتصاد الوطنى وتقليل الفاتورة الاستيرادية
  • جريمة بالذكاء الاصطناعى فى رواية «حب مسموم»
  • ندوات توعوية وورش عمل.. جامعة حلوان تحتفل بيوم البيئة الوطنى «مصر خضراء مستدامة»