نيويورك تايمز: كيف أصبحت الكوفية شارة للهوية الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرًا قالت فيه "إنه مع ظهور المظاهرات على مستوى العالم لدعم المدنيين في غزة، يشجع بعض الفلسطينيين غير الفلسطينيين على ارتداء الكوفية لإظهار التضامن".
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك تصميمات متنوعة للكوفية، ذلك الوشاح ذو المربعات الذي يتم ارتداؤه تقليديًا في أجزاء من الشرق الأوسط، لكن أصبحت النسخة التي بالأبيض والأسود، على وجه الخصوص، شارة للهوية الفلسطينية، حيث يرتديها العديد من الفلسطينيين في مناسبات مثل حفلات الزفاف والتخرج، كما اعتمد الفلسطينيون الكوفية رمزا إلى كفاحهم الطويل من أجل الاستقلال.
وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية الحرب على غزة، ومع ظهور المظاهرات عالميًا من أجل دعم المدنيين الفلسطينيين في غزة، شجّع بعض الفلسطينيين غير الفلسطينيين على ارتداء الكوفية كرمز للوحدة، وكذلك تعبيرا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي مسيرة من أجل غزة في مانهاتن السفلى، نُظمت يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ارتدت مجموعة متنوعة من الأشخاص الكوفية وهم يحملون الأعلام الفلسطينية، فيما صلّى ثلاثة رجال فوق كوفية بدلاً من سجادة الصلاة.
ونقلت الصحيفة عن بينه لي (33 سنة)، الذي كان يرتدي كوفية باللونين الأبيض والأسود حول رقبته، إنه لم يكن متأكدًا مما إذا كان بإمكانه ارتداء الوشاح حتى تحدث عن ذلك مع صديقة فلسطينية والتي سمحت له بارتدائه؛ مشيرا إلى أن "والديه فرا إلى الولايات المتحدة بسبب حرب فيتنام".
وكانت إيفانا رودريجيز روخاس، البالغة من العمر 24 سنة والتي تعيش في مانهاتن، ترتدي كوفية باللونين الأبيض والأسود حول رأسها أثناء الاحتجاج، وقالت إنها لم تكن تعلم أيضًا أن الفلسطينيين يشجعون غير الفلسطينيين على ارتداء الوشاح حتى شاهدت منشورًا مؤخرًا على موقع "إكس" (تويتر سابقا)، شاركته فاطمة صالح، وهي فلسطينية تبلغ من العمر 38 عامًا تعيش في إدمونتون في كندا، يفيد بأن أي شخص يمكنه ارتدائها.
وأكدت فاطمة صالح، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" إنها "أعطت الكوفية لبعض أصدقائها الذين أعربوا عن دعمهم للفلسطينيين، وأنها تعرف فلسطينيين آخرين فعلوا ذلك أيضًا"، متابعة: "إنها على الأرجح واحدة من أكثر الهدايا الشخصية التي يمكن أن يقدمها الفلسطيني لشخص ما".
وعلى الرغم من أن منشور فاطمة، على منصة "إكس"، كان يهدف إلى تشجيع ارتداء الكوفية من أجل إظهار التضامن، إلا أنها قالت إن "هناك خطًا رفيعًا بين التقدير والاستيلاء الثقافي".
واستشهدت فاطمة صالح، بعدد من ماركات الأزياء السريعة التي باعت إصدارات، مثل الأنماط التي باعتها "إيربان أوتفيترز" و"زارا" في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما ارتدى البعض الكوفية كاتجاه موضة.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاتجاه ظهر في أجزاء من أوروبا في وقت مبكر من أواخر السبعينيات. في السياق ذاته، أكدت السيدة فاطمة صالح: "إن ارتداء الكوفية الأصلية لإظهار التضامن مع الفلسطينيين ونضالنا – يعتبر لفتة جميلة".
وأوردت الصحيفة عن أستاذ الأنثروبولوجيا الفخري بجامعة أركنساس،تيد سويدنبرج، والذي درس الكوفية لمدة 40 سنة، قوله إن "الوشاح استخدمه الفلسطينيون الريفيين والبدو للحماية من حروق الشمس والغبار والرمل، وأصبح فيما بعد مرتبطًا بالقومية الفلسطينية خلال الثورة العربية ضد الحكم البريطاني من سنة 1936 إلى سنة 1939".
إلى ذلك، أضافت الصحيفة أن "الكوفية أصبحت في الستينات مرتبطة أكثر بالحركة الوطنية الفلسطينية لأن زعيمها ياسر عرفات، الذي توفي سنة 2004، كان يرتدي الوشاح بشكل دائم تقريبًا، على حد تعبير سويدنبرج. وفي سنة 2006، حصلت حماس على أغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، منهية بذلك 40 سنة من الهيمنة السياسية في غزة من قبل حزب عرفات المنافس".
وفي شأن متصل، أوضح الدكتور سويدنبرج، أنه "في الفترة من سنة 1967 إلى سنة 1993، عندما منعت إسرائيل رفع العلم الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، لوح العديد من الفلسطينيين بالكوفية بدلاً من ذلك. خلال الانتفاضة الأولى، الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة، والتي اندلعت في الفترة من 1987 إلى 1993، عُرضت في نشرات الأخبار التلفزيونية صور لشباب يرتدون الكوفية ويلقون الحجارة على الجنود الإسرائيليين".
وأكدت الصحيفة أن ظهور الكوفية في النزاعات المسلحة والاشتباكات العنيفة بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية جعل من الوشاح ثوبًا مثيرًا للاستقطاب. وفي الشهر الماضي، حظرت ألمانيا المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، وحظر ارتداء الكوفية في المدارس في برلين. وكتبت عضو مجلس الشيوخ عن التعليم في المدينة، كاتارينا غوينثر-فونش، في رسالة إلى المدارس أن هذا الإجراء وغيره من الإجراءات يمثل "تهديدًا للسلام المدرسي في الوضع الحالي"، لكن الدكتور سويدنبرج أوضح أن ربط الكوفية بالتطرف يسيء إليها، ووصفها بأنها "تعبير عن دعم حق الناس في الحياة".
وأوضح الدكتور سويدنبرج، أنه لاحظ مؤخرًا زيادة في ارتداء الكوفية من قبل أشخاص غير فلسطينيين، بالإضافة إلى زيادة في الملابس المنقوشة بالكوفية.
وشهدت شركة الحرباوي، وهي شركة تصنيع مملوكة لفلسطينيين في الضفة الغربية تنتج الكوفية منذ سنة 1961، مؤخرًا مستوى من الطلب وصفه مدير علامتها التجارية، نائل القسيس، إنه "لا مثيل له في تاريخنا". وأعرب القسيس (41 سنة) إن الشركة باعت أكثر من 18 ألف كوفية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأضاف القسيس أن "الأوشحة في الحرباوي تُصنع باستخدام تقنيات الخياطة التقليدية"؛ مشيرًا إلى أن "الحرب أدت إلى تعقيد عملية الشحن الصعبة، ونظرًا لعدم وجود خدمة بريدية فعالة في الضفة الغربية، فإن الكوفيات التي يبيعها الحرباوي عبر الإنترنت يتم إحضارها عادةً إلى مستودع في بيت لحم، ثم إلى مطار إسرائيلي، ثم إلى مستودع في ألمانيا، حيث تُرسل إلى العملاء في جميع أنحاء العالم".
من جهته، قال ستيجن إسماعيل ليديجن، وهو محامٍ يبلغ من العمر 27 سنة من فلاندرز ببلجيكا، إنه "ارتدى مؤخرًا كوفية اشتراها قبل 15 سنة أثناء احتجاج في بروكسل" موضحا أن "الوشاح رمز لحقوق الإنسان" مؤكدا "لهذا السبب تعتبر الموضة مهمة للغاية. لأنه حتى لو كانت حرية التعبير مقيدة، فلا يزال بإمكان الموضة التعبير عن مواقفك".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الفلسطينيين الكوفية فلسطين غزة الكوفية طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل فی غزة مؤخر ا
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: تغير خريطة الشرق الأوسط تحد كبير للغرب
حذر باحث بارز في الشؤون الدولية الغرب من التهاون في التعامل مع التحولات التاريخية في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن في ذلك خطرا كبيرا.
وأكد إميل حكايم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره في العاصمة البريطانية لندن، أن توالي التطورات التي بدأت في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت مذهلة لاجتماع أحداث مأساوية وإستراتيجية فيها ستستغرق وقتا حتى تهدأ، لأن ما حدث سيكون له، بلا أدنى شك، تداعيات على المدى الطويل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية الأمر جد معقدlist 2 of 2لوفيغارو: حكومة طالبان تعتمد على السياحة للتخفيف من عزلتهاend of listوأضاف، في مقاله بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن المجتمعات في المشرق العربي "متنوعة وهشة" وتمر بتحولات تاريخية جذرية، ومن غير المرجح أن تحصل على مساعدة من الخارج، نظرا لتردد دولها وفتور همة العالم على حد سواء.
حل الدولتينوتترافق عملية إعادة ترتيب المنطقة -وفق الكاتب- مع أعمال عنف شديدة وسجالات متجددة، فالفلسطينيون يعانون الأمرين على نحو غير مسبوق في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي.
وزعم حكايم أن رهان حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي يصفه بالفاشل، وعجز شركائها عن نجدتها، هو تذكير بأن المسار الوحيد لقيام دولة فلسطينية يكمن في تدويل القضية والتوصل إلى حل عبر التفاوض.
إعلانوقد برز التحالف من أجل حل الدولتين الذي تتبناه دول عربية وأوروبية باعتباره الوسيلة الأرجح لتحقيق ذلك الهدف.
وتابع قائلا إن على الفلسطينيين الاقتناع بأن الأمر أكثر من مجرد حفلة دبلوماسية رمزية، ولكن عليهم أن يثبتوا أنهم أصحابها، وهي نتيجة لن تتحقق إلا بإصلاح السلطة الفلسطينية الذي طال انتظاره.
عجرفة الاحتلالوفي موازاة ذلك، انتقل الإسرائيليون من صدمة شديدة -في إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إلى "انتصار عسكري" في غضون عام واحد فقط، كما يدعي كاتب المقال.
وقد عزز ذلك، برأيه، الاعتقاد بأن إسرائيل لا يمكنها الاعتماد إلا على قوتها العسكرية وأن التوسع في غزة والضفة الغربية المحتلة والآن جنوب سوريا ليس مبررا فحسب بل إنه مطلوب.
وأردف أن الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية سمح لها بصرف النظر عن ضرورة التوصل إلى سلام عادل من شأنه أن يوفر الأمن للجميع.
لكن عقلية إسرائيل القائمة على الأمن فقط ستكون لها عواقب وخيمة، فهي في نظر حكايم مكلفة، وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفر الشركاء الحاليين والشركاء المحتملين في الجوار، الذين يخشون من أن توسع إسرائيل نطاق الصراع بضرب قيادة إيران ومنشآتها النووية.
خسارةولفت إلى أن خسارة إسرائيل سمعتها جراء حربها على غزة هائلة، وتنطوي على التزامات قانونية، إلا إن وضع اللبنانيين مختلف، إذ ينبغي على حزب الله أن يأخذ في الاعتبار انهيار إستراتيجيته العسكرية وسقوط سرديته الأيديولوجية وتداعي مصداقيته، على حد تعبير الكاتب.
أما السوريون فيتذوقون طعم الحرية لأول مرة منذ عقود، كما يقول حكايم الذي يعزو انهيار نظام بشار الأسد السريع إلى فساده. وأشاد بالإدارة الجديدة في دمشق لتحليها بضبط النفس وبعض الحكمة.
ومع ذلك، فهو يعتقد أن إحلال السلام يتطلب مآثر جمة من النبل والشهامة والتفاني في إرساء حكم يشمل الجميع رغم أنف المخربين في الداخل والخارج.
إعلان تغيرات إستراتيجيةوأوضح أن من أجل التوصل إلى مصالحة بين العرب والأكراد، فإن ذلك يستدعي "اعتدالا ووسطية" من جانب تركيا، ودبلوماسية من قبل الولايات المتحدة، معتبرا ذلك حيويا.
وقال إن بإمكان دول الخليج أن تساعد في تحييد نفوذ إيران، التي يعدها الخاسر الأكبر فيما يجري.
وخلص إلى أن كثيرين في العواصم الغربية سيجدون سلوى في أن هذه التحولات التاريخية قد تم احتواؤها حتى الآن بشكل مدهش.