أوسلو – مع دخول الحرب على غزة يومها الـ36 وتكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلي غاراته، تُستهدف على الجانب الآخر الأصوات المؤيدة لفلسطين في الخارج، وقد يصل هذا الاستهداف إلى تلقي تهديدات صريحة بالقتل وغيرها من المضايقات، كما حدث مع رئيسة لجنة فلسطين النرويجية لينا الخطيب.

وفي مقابلة خاصة للجزيرة نت، تكشف الخطيب عن تفاصيل هذا التهديد والضغوطات التي تتعرض لها مؤسستها بسبب مواقفها الداعمة لغزة، وتنديدها للمجازر التي يقترفها الاحتلال حتى الآن في حق المدنيين.

لينا الخطيب للجزيرة نت: لا أعتبر أن تهديدي بالقتل أمر خطير مقارنة مع الأوضاع الكارثية التي يعاني منها سكان القطاع المحاصر اليوم (الجزيرة) ما تفاصيل التهديد بالقتل الذي وصل إليكِ؟

أخبرتني الشرطة أن الشخص الذي هدنني بالقتل هو من أصول نرويجية، ولا يمثل أي مؤسسة بعينها، وأعتقد أن السبب الحقيقي الذي دفعه إلى ذلك هو رفضه لموقفي المعارض للاحتلال الإسرائيلي والمساند للشعب الفلسطيني، في مقابلة أجريتها على التلفزيون المحلي.

وقد أخذت عناصر الشرطة هاتفي لأخذ المعلومات الإلكترونية اللازمة من الرسالة المكتوبة التي وصلتني، لكنهم لم يلقوا القبض على المتهم، مما يعني أنه سيظل حرا طليقا.

وعلى الرغم من ذلك، لا أعتبر أن هذا التهديد خطير مقارنة مع الأوضاع الكارثية التي يعاني منها سكان القطاع المحاصر اليوم، وحتى الفلسطينيين الذين يعيشون في أوروبا، خاصة في ألمانيا وفرنسا.

في ضوء الأحداث الجارية الآن، أين يكمن دور منظمة فلسطين النرويجية؟

نظمنا أكبر مظاهرة داعمة لفلسطين في مدينة أوسلو، شارك فيها نحو 6 آلاف شخص أمام وزارة الخارجية وأماكن أخرى، ولا تزال منظمتنا تستقبل الآلاف من الأعضاء الجدد، مما يدل على الدعم القوي والمتزايد للقضية الفلسطينية في البلاد.

وفي الوقت ذاته، نتعرض لضغوطات كبيرة من بعض الجهات التي ترى أن كل من يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني هو داعم بالأساس للإرهاب ولحركة حماس، ويمكن ترجمة هذا الربط بين فلسطين وحماس مع الإرهاب كوسيلة للتغطية على الانتهاكات التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي، حتى يغض المجتمع الدولي الطرف عنها.

من جهة أخرى، نتواصل بشكل مستمر مع المؤسسات الإنسانية التي تعمل في فلسطين، ونحاول الضغط على الحكومة النرويجية لتقديم مزيد من المساعدات وفرض عقوبات على إسرائيل، ومبدئيا، طالب وزير الخارجية النرويجي إسبن إيدا بوقف فوري لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وإنهاء معاناة السكان هناك، لكنه لم يقم حتى الآن بإدانة قتل الفلسطينيين.

لينا الخطيب للجزيرة نت: وسائل الإعلام تروج أن "الحرب بين إسرائيل وحماس" بدل "الحرب بين إسرائيل وفلسطين"، وهذه مغالطة كبيرة. (الجزيرة) ما رأيك في وصف حماس بمنظمة إرهابية؟

حتى لو استمر الجميع في الإصرار على هذا الوصف، فإن ذلك لا يمكن أن يعطي الحكومة الإسرائيلية أي عذر لاقتراف كل الجرائم التي ترتكبها في حق سكان غزة، ومع مرور الوقت، أصبح الكل يشاهد ويعرف أن الغارات الجوية التي ينفذها جيش الاحتلال لا تستهدف عناصر حماس، كما يدعي، وإنما يستهدف المدنيين، وأغلبهم من الأطفال والنساء العُزل.

ومع هذا التعنت العالمي غير المنطقي، أعتقد أن الدول الأوروبية لا تزال غير واعية لخطورة ما يحصل داخل القطاع المحاصر، وتستمر في ترديد عبارة "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها" رغم أن ما تقوم به الدولة العبرية يعد مجزرة، وليس دفاعا عن النفس.

ما هو سقف الحرية في النرويج عندما يتعلق الأمر بفلسطين؟

بالنسبة لتعامل الشرطة وحرية التعبير، يعتبر الوضع في النرويج أفضل بكثير مقارنة مع باقي الدول الأوروبية، ولا نتعرض لمشاكل جسيمة عند التعبير عن آرائنا، ولكن ضغط الجهات الصهيونية أدى إلى جعل بعض المؤسسات حذرة بشأن ما تفعله وما تصرح به حول القضية الفلسطينية أو الدفاع عنها.

وأعربت لنا بعض الشخصيات التي تعمل في مجال الثقافة عن مخاوفها بشأن تأثير الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني بشكل علني عليها، مؤكدين في الوقت نفسه إصرارهم على الدفاع عن حقوق الإنسان رغم كل شيء.

أنا وكل من يشاركني في هذا الاتجاه نؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة، ولا نزال نثق بالقانون الدولي، ونقف مع القيم التي تحارب المجازر والاحتلال.

لينا الخطيب للجزيرة نت: نظمنا أكبر مظاهرة داعمة لفلسطين في مدينة أوسلو، شارك فيها نحو 6 آلاف شخص (الجزيرة) ما رأيك في تناقض الدول الغربية في طريقة تعاملها بين الحرب على غزة والحرب في أوكرانيا؟

من الواضح اليوم أننا نشهد ازدواجية معايير صارخة، تمنح الضحايا البيض الأوروبيين حقوقا كثيرة ومختلفة تماما عما يتم تقديمه لضحايا الحروب في فلسطين وسوريا والسودان وأفغانستان، ومن ثم، فإن هذه الازدواجية قديمة، ولا يعاني منها فقط سكان قطاع غزة، لكنني أعتقد أن كثيرا من النرويجيين والأوروبيين بشكل عام بدأوا في فهم هذا الأمر.

فعلى سبيل المثال، استدعت الحكومة الكولومبية سفير بلادها لدى إسرائيل، وطلبت من السفير الإسرائيلي في بوغوتا الاعتذار والمغادرة، وأرى أن دول جنوب أميركا وأفريقيا وآسيا تمتلك وعياً أكثر بالقضية الفلسطينية، ويعون تداعيات وجود قوة مستعمرة على الأرض، على عكس أوروبا التي تعاني من جهل تاريخي وثقافي للقضية.

علاوة على ذلك، تحاول وسائل الإعلام الأوروبية التعتيم على فظائع الاحتلال، وترفض الاعتراف بوجودها، وذلك بسبب نجاح وسائل الإعلام الإسرائيلية في الترويج إلى فكرة "الحرب بين إسرائيل وحماس" بدل "الحرب بين إسرائيل وفلسطين"، وهذه مغالطة كبيرة.

هل أصولك الفلسطينية كانت سببا لتأسيس لجنة فلسطين النرويجية؟

بالطبع، أصولي الفلسطينية ساعدتني لأكون قريبة وواعية أكثر بتفاصيل القضية، والدي فلسطيني الأصل ووالدتي نرويجية، ولا يزال أفراد من عائلتي يسكنون في الداخل الفلسطيني، وأتواصل معهم بشكل دائم.

وتمنحني أصولي -التي أعتز بهاـ الثقة والإصرار للاستمرار بما أقوم به، إضافة إلى ذلك أتلقى العديد من الرسائل من الأشخاص المتضامنين مع غزة لتقديم الشكر والقول بأنني أمثلهم وأوصل صوتهم للعالم.

من جهة أخرى، أعتقد أن عملي في لجنة فلسطين النرويجية يمنح التحفيز أيضا للآخرين، ويشجعهم على رفع الصوت والتضامن قدر الإمكان إلى أن تتحقق الحرية لفلسطين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحرب بین إسرائیل للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟

تتمثل الخطة التي عرضتها إسرائيل لغزة ما بعد الحرب، على حلفاء الولايات المتحدة، في إدارة القطاع بالتعاون مع عشائر محلية ذات نفوذ.

لكن المشكلة هي أنه لا أحد يرغب في أن يُرى وهو يتحدث إلى العدو في مكان ما زالت تتمتع فيه حركة حماس بنفوذ قوي جدا.

وتتعرض إسرائيل لضغوط من واشنطن لوقف نزيف الخسائر البشرية وإنهاء هجومها العسكري بعد نحو 9 أشهر، لكنها لا تريد أن تتولى حماس المسؤولية بعد الحرب.

ومن ثم، يحاول المسؤولون الإسرائيليون رسم مسار لما بعد توقف القتال.

وبحسب تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين بارزين فإن أحد الركائز الأساسية للخطة يتمثل في تشكيل إدارة مدنية بديلة تضم جهات فلسطينية محلية ليست جزءا من هياكل السلطة القائمة ومستعدة للعمل مع إسرائيل.

لكن المرشحين المعقولين الوحيدين في غزة لهذا الدور، وهم رؤساء العشائر المحلية القوية، غير مستعدين للمشاركة، وفقا لمحادثات أجرتها رويترز مع 5 أفراد من العشائر الكبيرة في غزة ومن بينهم رئيس إحدى العشائر.

وقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في الشأن الفلسطيني في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز أبحاث مقره بروكسل، إن إسرائيل "تبحث جاهدة عن عشائر وعائلات محلية على الأرض للعمل معها... وهم يرفضون".

وقالت تهاني التي لها اتصالات ببعض العائلات وأصحاب المصلحة المحليين الآخرين في غزة، إن العشائر لا تريد المشاركة، ويرجع ذلك جزئيا إلى خوفها من انتقام حماس.

وهذا التهديد حقيقي لأنه، على الرغم من هدف إسرائيل الصريح من الحرب المتمثل في تدمير حماس، ما زال للحركة أفراد فاعلون يفرضون إرادتها في شوارع غزة، وفقا لستة من السكان تحدثوا مع رويترز.

وردا على سؤال عن النتيجة التي سيحصل عليها أي رئيس عشيرة ذات نفوذ في غزة إذا تعاون مع إسرائيل، قال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي لحماس في غزة "أتوقع أن يكون الرد مميتا لأي عشيرة أو جهة ترتضي أن تنفذ مخططات الاحتلال، أتوقع أن يكون الرد مميتا من قبل فصائل المقاومة".

واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتحديات الأسبوع الماضي، قائلا في مقابلة مع القناة 14 التلفزيونية الإسرائيلية إن وزارة الدفاع حاولت بالفعل التواصل مع العشائر في غزة لكن "حماس" قضت على المحاولات.

وأضاف أن وزارة الدفاع لديها خطة جديدة لكنه لم يذكر تفاصيل سوى الإشارة إلى عدم رغبته في مشاركة السلطة الفلسطينية التي تحكم حاليا الضفة الغربية المحتلة.

خطط ما بعد الحرب

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خطط ما بعد الحرب في اجتماع عُقد في واشنطن الأسبوع الماضي مع مسؤولين أميركيين.

وقال غالانت في مؤتمر صحفي خلال الزيارة: "الحل الوحيد لمستقبل غزة هو أن يحكمها الفلسطينيون المحليون. لا يتعين أن تكون إسرائيل ولا يتعين أن تكون حماس"، ولم يذكر العشائر تحديدا.

وشنت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم بقيادة حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي تمخض عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز نحو 250 رهينة وفقا لإحصاء إسرائيلي.

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي تشنها إسرائيل على غزة أدت إلى مقتل نحو 38 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وتقول إسرائيل إن كثيرين من القتلى من المقاتلين الفلسطينيين.

عشائر قوية

في غزة، يوجد عشرات من العائلات صاحبة النفوذ تعمل كعشائر منظمة تنظيما جيدا، وكثيرون منها لا روابط لهم رسمية بحماس. تستمد العشائر قوتها من السيطرة على النشاط الاقتصادي وتتمتع بولاء مئات أو آلاف من الأقارب، ولكل عائلة زعيم له لقب "المختار". اعتمد الحكام الاستعماريون البريطانيون لفلسطين قبل إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بشكل كبير على هؤلاء الزعماء (المخاتير) في الحكم. بعد السيطرة على غزة عام 2007، قلصت حماس منقوة العشائر. لكن هذه العشائر احتفظت بدرجة من الاستقلالية. تتحدث إسرائيل بالفعل مع بعض التجار في غزة لتنسيق الشحنات التجارية عبر نقطة تفتيش في الجنوب. ويتردد السكان في الكشف عن أي تعاملات مع إسرائيل.

ووصف أفراد من عشائر غزة التقارب مع إسرائيل بأنه كان محدود النطاق وتعلق بقضايا عملية داخل غزة نفسها، وركز على شمال القطاع، حيث تقول إسرائيل إنها تركز جهودها في الحكم المدني.

موقف الجيش الإسرائيلي

ويقول مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي في تعليقات الأسبوع الماضي إن الحكومة فوّضت الجيش الإسرائيلي لمهمة إيجاد "قيادة محلية ترغب في العيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل ولا تكرس حياتها لقتل الإسرائيليين".

وإلى جانب الإدارة المدنية، تشمل الركائز الأخرى لخطة إسرائيل لغزة بعد الحرب جلب قوة أمنية من الخارج للحفاظ على النظام والسعي إلى الحصول على مساعدة دولية في إعادة الإعمار والبحث عن تسوية سلمية طويلة الأجل.

وتقول الدول العربية التي تحتاج إسرائيل إلى دعمها إنها لن تتدخل ما لم توافق إسرائيل على جدول زمني واضح لإقامة دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يقول نتنياهو إنه لن يُرغم على القيام به.

وخلال فترة الحرب دعت واشنطن إلى إجراء إصلاحات لتعزيز السلطة الفلسطينية وتجهيزها لحكم غزة التي كانت تديرها في السابق.

وذكر نتنياهو أنه لا يثق في السلطة الفلسطينية، وفي المقابل تقول السلطة الفلسطينية إنه يسعى إلى الإبقاء على حالة الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية.

ووفقا لاستطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في 12 يونيو، فإن الدعم للسلطة الفلسطينية ضعيف بين سكان غزة.

ومع ذلك قال مسؤولان أميركيان لرويترز إن نتنياهو قد لا يكون أمامه خيار سوى تسليم مهمة الأمن للسلطة الفلسطينية.

حماس القوة الأبرز

أظهر استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أنبعض سكان غزة يلقون باللوم على حماس في إشعال الحرب، فيما اقترب البعض الآخر أكثر ناحية الحركة غضبا من الهجوم الإسرائيلي، ولاسيما مع التزام الجماعة المعلن بتدمير إسرائيل.

وتدرك حماس أنها من غير المرجح أن تحكم بعد الحرب، لكنها تتوقع الاحتفاظ بنفوذها.

وقال أحد سكان القطاع إنه رأى أفرادا من الشرطة التابعة لحماس يتجولون في شوارع مدينة غزة في يونيو ويحذرون التجار من رفع الأسعار.

وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من العواقب أنهم كانوا يرتدون ملابس مدنية بدلا من الزي المتعارف عليه ويتنقلون بدراجات.

وقال أربعة من سكان المدينة تحدثوا إلى رويترز إن مسلحي حماس تدخلوا للسيطرة على شحنات المساعدات وقتلوا بعض الشخصيات المعروفة المنتمية إلى العشائر في بداية العام الجاري بعدما حاولوا الاستيلاء على شحنات في مدينة غزة.

مقالات مشابهة

  • لبنان رهينة السباق بين التسوية وتوسيع الحرب
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • إيران تؤكد دعمها للمقاومة الفلسطينية وتلميحات بعملية “الوعد الصادق 2” ضد “إسرائيل”
  • وزير الخارجية يستعرض أزمة السودان وغزة مع رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • خبير أمني فلسطيني للجزيرة نت: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس وستعجز عن احتلال غزة
  • وزير الخارجية يستقبل رئيسة مجموعة الأزمات الدولية
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • لجنة "سيداو" تستعرض التقرير الوطني الرابع
  • نصر الله يتحدّث.. وإسرائيل تصغي