رأي اليوم:
2024-09-27@09:24:46 GMT

د. شذى جرّار: للذكرى فقط!

تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT

د. شذى جرّار: للذكرى فقط!

 

د. شذى جرّار شعرت بوخز شديد في كتفها الأيسر،  تعرّقت، أصابها دوار، وانخفض ضغطها، وغابت عن الوعي… جن جنون زوجها،  ماذا سيفعل؟ اتصل بابنهما يوسف، المحامي البارع الصادق الأمين، كي يسارع إلى المشفى الخاص القريب من منزل والديه، وبابنتها حنان، الطبيبة الناجحة الماهرة المخلصة، كي تستطيع اللحاق بأمها. وفي أقل من خمس دقائق كانت الأم ملقاة على سرير في قسم الطوارئ، والأب يقف عند الباب ينتظر ولديه، محزونًا يبكي لأن الطبيب المتدرّب أخبره أن نبض قلبها ضعيف، وأن الأعمار  بيد الله! ربّت الجار الذي صاحبهما على كتف مسعود، قائلا: – مركبة المرحومة! أنا مستعد لشرائها، والنبي أوصى بسابع جار، وسأدفع لك كمبيالات مقسّطة على أرفع دفعات! أم يوسف امرأة فاضلة، وأنا أريد الاحتفاظ بمركبتها للذكرى فقط! ركضت الجارة، حبيبتي يا جميلة، لك من اسمك نصيب، جميلة حتى وأنت ميتة! أعرف أن الوقت غير مناسب، لكنها قالت غير مرة أنها ستعطيني سجادتها العجمية الصغيرة التي تزين مدخل المنزل! وانا أريدك أن تنفذوا وصيتها، للذكرى فقط! وصل يوسف، ساقاه ترتجفان، ويكاد يفقد صوابه، لقد حادثته اليوم، وأخبرته أنها كتبت وصيتها، وزجت بها في الخزنة.

وحثّته على ألا يقطع كفالة الأيتام بعد مماتها، فقد أوصت بربع ثروتها لهم. -أمي، يا نور عيني، هل كنت تشعرين بدنو أجلك؟ تزاحمت الأفكار واختلطت المشاعر، وكان لابد لزوجته من أن ترافقه. دخلا معا حيث تنام جميلة، كانت متوردة الخدين، ترسم ابتسامة خفيفة تشي براحتها، كانت حنان منهارة تبكي أمها، همست زوجة يوسف في أذنها: سوارها الماسي من حق يوسف، فللذكر مثل حظ الأنثيين، أنت خذي الخاتم، مع أني أحبه كثيرّا، ولكن، للذكرى فقط! غاب صواب حنان وصرخت في وجهها: خذي كل شيء، أنا أريد أمي، أمي فقط! ألقت رأسها على صدر أمها، وأجهشت بالبكاء. وقف يوسف متسمّرًا ينظر لأمه، شعر أنها مازلت على قيد الحياة، لكنه انتظر مجيء الطبيب المختص، وإذ بخالته تحتضته، يوسف حبيب الغالية، تباكت، وهمست سأنزعْ قرطها من أذنها، سيسرقته الممرض قبل أن يزج بها في الثلاجة! سأحتفظ به للذكرى فقط! شعرت حنان بنبض قلب جميلة، صرخت، أمي! تعرّق جبين يوسف واصفرّ وجهه، وسقط مسعود على الأرض مثل ورقة شجر في يوم خريفي! ظنُ أن التي أسعد وجوها حياته كلها قد أسدلت الستار، لكن حنان أردفت: قلبها ينبض! خرّ يوسف ساجدا، وركض مسعود نحو جميلة، وانهالت حنان على يدي أمها بالقبلات، وتعالى حَمدُ الشافي. مازال ينبض، مازال ينبض! فتحت جميلة عينيها الساحرتين، وبكل طهارة وبراءة همست: ما بكم؟ صرخ مسعود: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتي. بعد أيام غادرت جميلة المشفى. كانت أول ما فعلته أن رافقت حنان إلى المكتب العقاري وعرضت بيتها للبيع. وفي الطريق نزعت سوارها الماسي، وزيّنت به معصم ابنتها، وهمست ضاحكة: للذكرى فقط! دكتوراه اللغة العربية/ اللغة والنحو البرازيل

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

كانت الحقيقة دائما في مكان آخر

آخر تحديث: 25 شتنبر 2024 - 9:53 صبقلم: فاروق يوسف  لطالما تساءل الكثيرون “هل أُخترع الإعلام من أجل التضليل أم لنقل الحقيقة بكل ما تنطوي عليه من تفاصيل قد لا يكون بعضها مسرا؟في كثير من الأحيان يضلل الإعلاميون أنفسهم حين يشيعون أنهم يعملون في أجواء نظيفة تسودها النزاهة ولا أحد يضغط عليهم لقول ما لا يودون قوله.تلك مناحة صارت قديمة لا لأن الإعلام برمته يعتمد على التمويل الذي يفرض قوة توجهاته بأساليب غير مباشرة فحسب، بل وأيضا لأنه لا يوجد إعلامي غير منحاز.أسطورة “الحياد” أو عدم الانحياز فشلت في العثور عليها ونقلها إلى حيز الواقع دول كثيرة كانت مملكة السويد آخرها، فكيف يكون الأمر إذا تعلق بالأفراد؟ تلك فكرة يغلب الجانب النظري منها على الجانب العملي. ليس الأفراد في ظل النظرية المتشائمة سوى أدوات في ماكنة كبيرة اسمها الإعلام الذي صار في إمكانه اليوم أن يصنع واقعا متخيلا يحل وإن بطريقة مفبركة محل الواقع الحقيقي الذي يفضل الكثيرون عدم التعرف عليه أو إنكاره.ما دفعني إلى التفكير في تلك المسألة ما صار الإعلام العربي يدور بين دروب متاهاته منذ أن بدأت حرب غزة حتى انتهينا إلى كارثة الـ“بيجر”.نحن بطريقة أو بأخرى متأخرون عن الحدث بزمن ليس قياسه مهما. غير أننا وذلك هو الأهم لا نجرؤ على فهم ما نستوعبه من الحدث لكي يقوله بعضنا إلى الآخر. ما نخفيه ضروري لسلامتنا. تلك حقيقة أهملناها لأن فيها الكثير من الإحراج. ربما فيها الكثير من القتل. ذلك لأن الصراع من جانبنا لم يكن رسميا. الميليشيات والمنظمات حلت محل الدول. ومن المضحك القول بحرية التعبير وسط ذلك الاضطراب.أما القضية الفلسطينية التي صارت حبل غسيل فقد كانت لمَن يفكر بإعلام حر مجرد دعاية. حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على أهل غزة شبيهة بحرب الـ“بيجر” في لبنان وهي حرب إبادة أيضا.في غزة وفي لبنان يحارب العدو الصهيوني ميليشيات يعتبرها العالم الغربي الذي يُدير شؤون الإعلام في العالم منظمات إرهابية. مَن استمع إلى خطاب حسن نصرالله زعيم حزب الله الأخير لا بد أن انتبه إلى أن ذلك الخطاب خلا من ذكر للدولة اللبنانية التي وقعت التفجيرات على أراضيها وسقط الآلاف من مواطنيها قتلى وجرحى من جرائها.وإذا عدنا إلى حرب غزة فإن يحيى السنوار الذي عُين زعيما لحماس بعد مقتل إسماعيل هنية في طهران لم يتشاور مع أيّ جهة فلسطينية قبل أن يعلن عن نصره في طوفان الأقصى. كان على الإعلاميين أن يتبعوا خطاه صامتين. الكارثة التي ضربت حزب الله لم تقطع خطوط اتصالاته المحصنة فقط، بل إنها عرضته لخسارة الكثير من زعماء الخط الأول الذين يملكون تاريخا نضاليا بالنسبة إليه وسجلا إرهابيا بالنسبة إلى أعدائه.ولكن حربا من ذلك النوع هل تسمح للبنان بمحاورة العالم من موقع المعتدى عليه؟ كل العالم يعرف ما جرى للبنان عبر العشرين سنة الماضية.لا ينفع أن يُخفي اللبنانيون رؤوسهم وراء شعارات تفوقهم في المهاجر. لقد صارت دولتهم تُدار من الضاحية الجنوبية لبيروت وهي أكثر مناطق لبنان تخلفا. أنا على يقين من أن اللبنانيين سيجدون ذلك الكلام مغرضا. ولكن الواقع يؤكد أن لبنان لم يعد للبنانيين. السيد يدخل حربا وعلى لبنان أن يدفع ثمنها. أما ما موقع السيد من الدولة اللبنانية فلا أحد يتساءل عنه.لقد ألغى السيد الدولة اللبنانية. لا يحتاج المرء إلى دليل على ذلك. ولكن يمكن العودة إلى ملفات القضاء اللبناني في ما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت لكي يعرف أن العدالة عجزت عن ملاحقة المسؤولين عنه لأنهم في حماية حزب الله. ما لم ينتبه له اللبنانيون أن دولتهم لم تعد موجودة. حين حضر الرئيس الفرنسي إلى بيروت بعد الانفجار قيل له “إن عليه التوجه إلى الضاحية” وهو ما لم يفعله طبعا.لا أحد يتفاوض مع منظمات يعتبرها العالم الغربي إرهابية. كل المفاوضات من أجل وقف حرب الإبادة في غزة تتم بطريقة غير مباشرة. وليست الصفقة الأخيرة نصرا مثلما يتخيلها الكثيرون ممَن هم على استعداد لنسيان حجم الكارثة الإنسانية من أجل الإعلان عن انتصار حماس.الحقيقة الصادمة التي يخفيها الإعلام العربي أن كل تلك الحروب هي حروب إيرانية خاسرة غير أن إيران لا تخسر فيها شيئا بقدر ما تستفيد منها في إطالة الوقت من أجل أن تنجز برنامجها النووي من غير إزعاجات إسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • طلاب جامعة حلوان يشاركون في الدورات التدريبية لمكافحة الفساد والحوكمة
  • أرسنال يرغب في التعاقد مع أوزيل الجديد
  • حنان مطاوع تستأنف تصوير مسلسل صفحة بيضا
  • عضو بـ«النواب»: استمرار التصعيد في لبنان يؤدي إلى انفجار خطير بالمنطقة
  • مسعود بارزاني يلتقي اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي
  • حنان مطاوع تستأنف تصوير مسلسل «صفحة بيضا» بمشاركة مها نصار
  • كانت الحقيقة دائما في مكان آخر
  • إصابة 3 أشخاص في انقلاب حافلة لنقل المسافرين بحاسي مسعود
  • إصابة 3 أشخاص في إنقلاب حافلة لنقل المسافرين في حاسي مسعود
  • شاهد بالفيديو.. جميلة الغناء السوداني تتفاجأ بمعجبة حسناء تصعد المسرح لتشاركها الغناء بصوت طروب وجميل