د. شذى جرّار شعرت بوخز شديد في كتفها الأيسر، تعرّقت، أصابها دوار، وانخفض ضغطها، وغابت عن الوعي… جن جنون زوجها، ماذا سيفعل؟ اتصل بابنهما يوسف، المحامي البارع الصادق الأمين، كي يسارع إلى المشفى الخاص القريب من منزل والديه، وبابنتها حنان، الطبيبة الناجحة الماهرة المخلصة، كي تستطيع اللحاق بأمها. وفي أقل من خمس دقائق كانت الأم ملقاة على سرير في قسم الطوارئ، والأب يقف عند الباب ينتظر ولديه، محزونًا يبكي لأن الطبيب المتدرّب أخبره أن نبض قلبها ضعيف، وأن الأعمار بيد الله! ربّت الجار الذي صاحبهما على كتف مسعود، قائلا: – مركبة المرحومة! أنا مستعد لشرائها، والنبي أوصى بسابع جار، وسأدفع لك كمبيالات مقسّطة على أرفع دفعات! أم يوسف امرأة فاضلة، وأنا أريد الاحتفاظ بمركبتها للذكرى فقط! ركضت الجارة، حبيبتي يا جميلة، لك من اسمك نصيب، جميلة حتى وأنت ميتة! أعرف أن الوقت غير مناسب، لكنها قالت غير مرة أنها ستعطيني سجادتها العجمية الصغيرة التي تزين مدخل المنزل! وانا أريدك أن تنفذوا وصيتها، للذكرى فقط! وصل يوسف، ساقاه ترتجفان، ويكاد يفقد صوابه، لقد حادثته اليوم، وأخبرته أنها كتبت وصيتها، وزجت بها في الخزنة.
وحثّته على ألا يقطع كفالة الأيتام بعد مماتها، فقد أوصت بربع ثروتها لهم. -أمي، يا نور عيني، هل كنت تشعرين بدنو أجلك؟ تزاحمت الأفكار واختلطت المشاعر، وكان لابد لزوجته من أن ترافقه. دخلا معا حيث تنام جميلة، كانت متوردة الخدين، ترسم ابتسامة خفيفة تشي براحتها، كانت حنان منهارة تبكي أمها، همست زوجة يوسف في أذنها: سوارها الماسي من حق يوسف، فللذكر مثل حظ الأنثيين، أنت خذي الخاتم، مع أني أحبه كثيرّا، ولكن، للذكرى فقط! غاب صواب حنان وصرخت في وجهها: خذي كل شيء، أنا أريد أمي، أمي فقط! ألقت رأسها على صدر أمها، وأجهشت بالبكاء. وقف يوسف متسمّرًا ينظر لأمه، شعر أنها مازلت على قيد الحياة، لكنه انتظر مجيء الطبيب المختص، وإذ بخالته تحتضته، يوسف حبيب الغالية، تباكت، وهمست سأنزعْ قرطها من أذنها، سيسرقته الممرض قبل أن يزج بها في الثلاجة! سأحتفظ به للذكرى فقط! شعرت حنان بنبض قلب جميلة، صرخت، أمي! تعرّق جبين يوسف واصفرّ وجهه، وسقط مسعود على الأرض مثل ورقة شجر في يوم خريفي! ظنُ أن التي أسعد وجوها حياته كلها قد أسدلت الستار، لكن حنان أردفت: قلبها ينبض! خرّ يوسف ساجدا، وركض مسعود نحو جميلة، وانهالت حنان على يدي أمها بالقبلات، وتعالى حَمدُ الشافي. مازال ينبض، مازال ينبض! فتحت جميلة عينيها الساحرتين، وبكل طهارة وبراءة همست: ما بكم؟ صرخ مسعود: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتي. بعد أيام غادرت جميلة المشفى. كانت أول ما فعلته أن رافقت حنان إلى المكتب العقاري وعرضت بيتها للبيع. وفي الطريق نزعت سوارها الماسي، وزيّنت به معصم ابنتها، وهمست ضاحكة: للذكرى فقط! دكتوراه اللغة العربية/ اللغة والنحو البرازيل
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
جديد جريمة مقتل عبير رحال.. تفاصيل عديدة!
أثارت قضيَّة مقتل الإعلاميّة عبير رحّال على يد زوجها خليل مسعود، أمس الخميس داخل المحكمة الشرعية في شحيم - قضاء الشوف، سلسلة تساؤلاتٍ عن الحماية المتوافرة للمحاكم الشرعية من قبل القوى الأمنية. وما تبين، بحسب المعلومات، هو أنَّ مسعود أدخل مسدسه الحربي تحت ثيابه إلى داخل حرَم المحكمة وتحديداً إلى الممرات المؤدية إلى الغرف المخصصة للموظفين، مشيرة إلى أنَّ مسعود كان نسّق عملية القتل من خلال أمرين:- الأول وهو تسجيل الفيديو الذي نشره عبر صفحته على "فيسبوك" قبل تنفيذ الجريمة ونشره الحديث عن رحال وتفاصيل تتعلق بحياتهما الزوجية بشكل متزامن مع الحادثة. - الثاني وهو تنسيق الهروب من المحكمة عبر سيارته باتجاه منطقة المعنية - الشوف حيث قتل نفسه، وذلك من دون أي ملاحقة فعلية حصلت لتوقيفه داخل حرم المحكمة. ووفقاً للمصادر، فإن مسألة نشر الفيديو بسرعةٍ فائقة مع تنفيذ الجريمة طرح علامة استفهام حول إمكانية تورّط شخصٍ آخر في الأمر باعتبار أنَّ تحميل فيديو لمدة 21 دقيقة على الفيسبوك ومن هاتف محمول قد لا يكون بالأمر السهل تقنياً. المصدر: خاص "لبنان 24"