نفط وذهب ونخبة ثرية بلا عقوبات.. حرية مالية وتجارية للروس في دبي
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
تحولت الإمارات، وتحديدا إمارة دبي، إلى ملاذ آمن لرجال الأعمال الروس الفارين من حرب أوكرانيا منذ عام 2022، إذ توفر الدولة الخليجية بيئة مواتية للعلاقات المالية والتجارية، بحسب إليونورا أرديماني في مقال بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI).
أرديماني تابعت، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "منذ أواخر التسعينيات، أصبحت إمارة دبي من بين الوجهات المفضلة للأثرياء الروس الذين يختارون الإمارات للعمل أو السياحة".
وأضافت أن "العقوبات الغربية التي تم فرضها في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا تعزز هذا الاتجاه، الذي أكده انتشار الطائرات الخاصة واليخوت (الخاصة بالروس) في المطارات والمراسي الإماراتية، ويعتقد أن 200 ألف روسي انتقلوا إلى الإمارات منذ بداية الحرب؛ هربا من التجنيد الإجباري ومواصلة أنشطتهم التجارية".
وتبرر روسيا حربها في أوكرانيا بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
أرديماني قالت إنه "بالنسبة للروس الأثرياء، لا توفر الإمارات مستوى معيشي رفيع المستوى فحسب، بل توفر أيضا بيئة مواتية للعلاقات المالية والتجارية، ولم تفرض الإمارات عقوبات على موسكو وتقدم للروس متطلبات سهلة للحصول على تأشيرة".
وأضافت أن "بنوك غربية عديدة، مثل جيه بي مورجان وبنك أوف أمريكا، نقلت موظفيها من روسيا إلى الإمارات، وخاصة إلى دبي. وفي 2022، قدّر مجلس الأعمال الروسي أن الروس يمتلكون 3 آلاف شركة في الإمارات".
وزادت بأن "ارتفاع عدد الروس في الإمارات ساهم في تعزيز القطاع العقاري في الدولة الخليجية".
اقرأ أيضاً
ن.تايمز: 3 عوامل جعلت دبي قبلة ملايين الروس حول العالم
شبكات تهريب
و"بالنسبة لأولئك الروس الذين فروا من موسكو أو سانت بطرسبرج، تمثل الإمارات، أكثر من تركيا، بوابة شديدة الارتباط للأعمال، إذ تعد دبي مركزا عالميا يربط بين الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا"، كما أضافت أرديماني.
وتابعت: "كما أن الفجيرة، الإمارة الواقعة في أقصى شرق الإمارات وخلف مضيق هرمز، تشهد صعودا سريعا كمحور لإعادة الشحن. ودبي، الإمارة الثانية في الدولة من حيث الحجم الإقليمي والوزن السياسي، هي الإمارة الأكثر توجها نحو التجارة في الاتحاد".
ولفتت إلى أن "ذلك يرجع أيضا إلى الجالية الإيرانية البارزة والموجودة منذ فترة طويلة في دبي (حوالي 600 ألف إيراني)، والتي لا تزال تقيم علاقات اقتصادية مع طهران".
وزادت بأنه "إلى جانب التجارة القانونية، تعتبر التجارة غير الرسمية والتهريب مع الساحل الإيراني (بشكل رئيسي مع بندر عباس وجزيرة قشم الإيرانيتين) من الممارسات الراسخة للشبكات الاقتصادية للإمارات الشمالية التي تعمل عبر رأس الخيمة، وميناء خصب في شبه جزيرة مسندم (العمانية)، وبدرجة أقل دبي".
و"على الرغم من عدم وجود أدلة حتى الآن، فمن المحتمل أن تلعب طرق التهريب التاريخية التي تمر عبر الإمارات دورا في مساعدة السلع والبضائع الروسية على التحايل على العقوبات الغربية، لا سيما بالنظر إلى تعزيز العلاقة بين إيران وروسيا، وكلاهما اقتصاد خاضع للعقوبات"، كما زادت أرديماني.
اقرأ أيضاً
تجلب 70% من عائدات الطاقة الروسية.. العقوبات الغربية تستهدف شركة شحن في دبي
نفط وذهب
أرديماني قالت إنه "من الواضح أنه منذ غزو أوكرانيا، يتم شراء كمية متزايدة من النفط الروسي من جانب الشركات المسجلة في الإمارات وتمر عبر محطة نفط الفجيرة لإعادة التصدير. وبينما تحاول الدول الغربية إقناع الحكومة الإماراتية بوقف تصدير المنتجات "ذات الاستخدام المزدوج" إلى موسكو، أصبحت روسيا أكبر مصدر لواردات الذهب للإمارات".
وأردفت: "بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) 2023، اشترت شركات مسجلة في الإمارات ما لا يقل عن 39 مليون طن من النفط الروسي بقيمة 17 مليار دولار، ويقال إن معظم النفط الروسي الذي تشتريه هذه الشركات يمر عبر الإمارات لإعادة تصديره نحو آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية".
وفيما يتعلق بالذهب، بحسب أرديماني، "تفوقت روسيا على مالي لتصبح المورد الرئيسي للذهب للإمارات، إذ استوردت الإمارات العام الماضي 96.4 طنا من الذهب من روسيا، مقابل 1.3 طن فقط من الذهب الروسي في 2021".
اقرأ أيضاً
المجتمع الروسي يزدهر في دبي.. ورؤوس الأموال تتدفق أكثر
المصدر | إليونورا أرديماني/ المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات الروس حرب أوكرانيا نفط ذهب فی الإمارات فی دبی
إقرأ أيضاً:
مصريات .. مناقشة ثرية لكتاب "الحياة اليومية في عصر الرعامسة" بمعرض الكتاب
تحت محور "مصريات"، وفي إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، استضافت قاعة العرض ندوة لمناقشة كتاب "الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة" لعالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه.
تولى إدارة النقاش الباحث محمود أنور، بينما قدم التحليل العلمي للكتاب الدكتور ميسرة عبد الله حسين، أستاذ الآثار والديانة المصرية القديمة بجامعة القاهرة.
استهل محمود أنور الندوة بالإشارة إلى عظمة الحضارة المصرية القديمة وما قدمته للبشرية من إنجازات لا تزال ماثلة حتى اليوم.
وأوضح أن كتاب "الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة" يعد دراسة رائدة تبتعد عن السرد التاريخي التقليدي، وتقترب من تفاصيل الحياة اليومية للمصريين القدماء، متناولًا المساكن، الحرف، الفنون، النشاط الزراعي، الأسرة، والمعابد، ليقدم صورة أكثر حيوية وإنسانية عن المجتمع المصري القديم.
وأضاف أن مونتيه استند إلى مصادر أصلية غنية، وهو ما دفعه لاختيار عصر الرعامسة تحديدًا، إذ يتميز بوفرة الوثائق والنقوش التي تسجل ملامح الحياة خلال تلك الحقبة التي شهدت ازدهارًا حضاريًا واسع النطاق.
الدكتور ميسرة عبد الله حسين والباحث محمود أنور
من جانبه، أكد الدكتور ميسرة عبد الله حسين أن الكتاب يشكل علامة فارقة في دراسات التاريخ المصري، حيث يتناول عصر الرعامسة، وهو العصر الذي شهد استعادة أمجاد الإمبراطورية المصرية بعد تأسيسها في الأسرة الثامنة عشرة.
وأوضح أن بيير مونتيه ينتمي إلى المدرسة الفرنسية في علم المصريات، وهي إحدى أهم المدارس الأثرية التي أسهمت بعمق في دراسة الآثار المصرية، حيث كان على رأسها جان فرانسوا شامبليون، مكتشف رموز حجر رشيد. كما أشار إلى أن علم الآثار المصرية كان يُصنّف في الماضي ضمن الآثار الشرقية، إلا أن جهود علماء مثل مونتيه جعلته مجالًا مستقلاً بذاته.
وسلط الدكتور ميسرة عبد الله حسين الضوء على الرحلة البحثية لـبيير مونتيه، حيث بدأ اهتمامه بالآثار الشرقية، ثم انتقل إلى مصر عام 1932، وتوجه إلى منطقة تانيس حيث أجرى أهم اكتشافاته. وكان من أبرز إنجازاته العثور على المقابر الملكية للأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين، حيث اكتشف خمس مقابر ملكية بحالة جيدة الحفظ عام 1939. وعلى الرغم من أهمية هذه الاكتشافات، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام الإعلامي الكافي بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، مقارنة بمقبرة توت عنخ آمون التي اكتُشفت في ظروف أكثر استقرارا.
وأوضح الدكتور ميسرة عبد الله أن مونتيه اتبع منهجية دقيقة في دراسة الحياة اليومية، حيث اختار فترة تاريخية محددة بدلًا من التعميم الذي لجأ إليه بعض الباحثين. فبدلًا من تقديم صورة شاملة عن مصر القديمة بكل عصورها، ركّز على عصر الرعامسة، مستعرضًا تأثير الظروف الاجتماعية والسياسية على تفاصيل الحياة اليومية.
وأشار إلى أن الكتاب يختلف عن الدراسات التقليدية من حيث التعمق في تفاصيل معيشة المصريين القدماء، إذ يناقش جوانب مثل أنماط السكن، أساليب الزراعة، النشاط الحرفي، وشكل الحياة الأسرية، مقدمًا بذلك صورة نابضة بالحياة عن المجتمع المصري في تلك الفترة.