بوابة الوفد:
2025-03-19@20:28:42 GMT

بين الاقتصاد والسياسة

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

ظلت قضية الإصلاح السياسى فى مصر مثار جدل شديد بين شد وجذب فى ظل الأنظمة التى تتابعت على السلطة فى فترة الجمهورية الأولى، وتحولت الأحزاب السياسية أمام الضغوط إلى مجرد ديكور يحمل وجه النظام، انتهت بأن دفعت الدولة بالكامل ثمنه بعد ثورة 25 يناير 2011! وكانت قد شهدت مصر أكثر من تجربة حزبية، أولها بدأت فى العشرينات بعد ثورة 1919، وانتهت بإلغاء الأحزاب السياسية بعد ثورة 23 يوليو، ثم تجربة الرئيس السادات بإنهاء التنظيم السياسى الواحد ممثلاً فى الاتحاد الاشتراكى وتفكيكه إلى أحزاب يسار ويمين ووسط، الوسط مثل حزب مصر الذى أصبح الحزب الوطنى الحاكم، وأحزاب الأحرار والتجمع يميناً ويساراً، وساعد السادات فى إنشاء حزب العمل الاشتراكى، وظهر حزب الوفد، والحزب الناصرى وعدد آخر من الأحزاب الصغيرة التى ظلت بلا وجود أو فاعلية.

استمر الحزب الوطنى بالأغلبية الميكانيكية حاكماً طوال 30 عاماً فى عهد مبارك، وتآكلت معظم الأحزاب بحكم الزمن والتقادم وظلت غائبة عن مفهومها التقليدى.

أمام رفض الأحزاب السياسية وفى مقدمتها حزب الوفد العيش فى جلباب السلطة دون إصلاح سياسى حقيقى يحترم التعددية الحزبية والتداول السلمى للسلطة، وأمام جمود دستور 1971 الذى صدر فى عهد السادات دون تعديل لمدة قاربت على 35 عاماً، تقدم مبارك بحزمة تعديلات دستورية عام 2005 كان على رأسها تعديل المادة 76 من الدستور التى نقلت طريقة اختيار رئيس الجمهورية من نظام الاستفتاء الذى كان سائداً منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952، إلى نظام الانتخاب بين أكثر من مرشح، وكشف التطبيق للتعديلات الدستورية أنها مجرد كمبنى سياسى للأحزاب السياسية، وأنها مقدمة لتوريث الحكم! وظل الحزب الوطنى هو المهيمن الذى كان يحصل فى كل انتخابات عامة على نسبة الثلاث تسعات بكل الأساليب.

دارت الأيام ومدتها، وجرت انتخابات مجلس الشعب عام 2010، واستولى الحزب الوطنى على جميع مقاعد المجلس، وكان هذا التكوين بمثابة القشة التى قصمت ظهر النظام، حيث كان تزوير الانتخابات أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير 2011 وتم حل الحزب الوطنى، وسقط النظام، ولم تقوَ الاحزاب السياسية التى كانت مهمشة فى ذلك الوقت، وتقريباً لا وجود لها فى الشارع على ضبط الإيقاع، وظهرت جماعة الإخوان التى كانت أكثر تنظيماً، واستولت على السلطة، وكشفت عن نواياها بأنها كانت جزءاً من مخطط خارجى لتقسيم البلاد، وتحويل سيناء إلى إمارة، وتعاملت مع الوطن على أنه حفنة تراب، واستطاع الشعب المصرى الذى انحاز له الجيش إسقاط جماعة الإخوان.

عادت مصر إلى المصريين، وجاء نظام 30 يونيو الذى استطاع أن يجعل الشعب والجيش والشرطة يداً واحدة، وتم القضاء على الإرهاب، ودب الاستقرار والأمن فى قلب الوطن، وظل الحديث عن الإصلاح قائماً ولكن بطريقة مختلفة، وتحدث الرئيس السيسى فى أكثر من مناسبة بأن الإصلاح السياسى مرتبط بحركة الجماهير والأحزاب السياسية وقدرتها على التأثير، وقام بدمج الشباب وأعضاء تنسيقية الأحزاب فى حركة المحافظين وفى التعديل الوزارى، كما أنه ليس لديه حزب حاكم، وليس رئيساً لحزب كما كان فى السابق، ويريد مؤسسات لديها القدرة على منع استهداف الدولة، وتحدث عن رغبته فى اندماج الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة فى أربعة أو خمسة أحزاب من أجل المنافسة، كما دعا إلى حوار وطنى يشارك فيه جميع المصريين لتحديد أولويات العمل، وفى عهد الرئيس السيسى عادت الفرقة البرلمانية الثانية ممثلة فى مجلس الشيوخ.

ويستكمل الحديث عن الإصلاح الدكتور هانى سرى الدين، أستاذ القانون التجارى بكلية الحقوق جامعة القاهرة ورئيس لجنة الشئون الاقتصادية والمالية والاستثمار بمجلس الشيوخ الذى أهدانى كتابه الجديد ويحمل عنوان إصلاح مصر بين الاقتصاد والسياسية وهو كتاب جدير بالقراءة من متخصص يحاول تقديم رؤى إصلاح حقيقى لمصر سعياً لواقع أفضل ومستقبل أعظم للأجيال القادمة، وهو أحد المؤمنين بأن الإصلاح الاقتصادى والسياسى وجهان لعملة واحدة، وأن التنمية بمفهومها الشامل لن تحقق إلا بإصلاح اقتصادى مدعوم بإصلاح سياسى، وأن التنمية المستدامة تحقق أيضاً بتطبيق مبدأ سيادة القانون، وتشجيع المشروعات الصغيرة، والاهتمام بالتعليم والصحة ودعم العدالة الاجتماعية مع احترام حقوق الإنسان ويكون ذلك مدخلاً مناسباً إلى الديمقراطية الكاملة. ويشيد الدكتور هانى سرى الدين ويقول للتاريخ وبلا حرج أنه كان وما زال مؤمناً بعظمة الدور الذى لعبه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حماية الأمن القومى المصرى، والحفاظ على وحدة وتماسك الدولة المصرية، والتعامل بحسم مع أزمات حدود مصر الشرقية والغربية والحفاظ على أراضى الوطن من التفكيك.

وعلى المستوى الشخصى فإن الدكتور هانى سرى الدين ومن خلال كتابه القيم صحح لى فكرتى عن السياسة التى كنا نرددها وتحت طلاب بأن السياسة هى فن الكذب، فقال إن البعض يتصور أن السياسة هى أن تراوغ، وتكذب وتدعى، ويعتقد البعض أن السياسى البارع هو بالضرورة إنسان ماكر، خبيث، يظهر غير ما يبطن، ويخدع الآخرين، ويلفق أموراً لتحقيق غايات يعبثها، لكن هؤلاء هكذا يقول الدكتور هانى سرى الدين أن الانجازات العظيمة فى العالم الحديث حققها ساسة عظام ارتكزوا فى الأساس على الأخلاق والقيم النبيلة، وهؤلاء لا يعرفون أن تبرير كافة الوسائل فى سبيل تحقيق الغايات لا يصنع مجدًا ولا يحقق نفعاً.

كما يقول إن الأمم التى نجحت فى تخطى صعابها، وخطت نحو المستقبل بنيان ونجاح هى تلك التى صحت فيها الممارسات السياسية الديمقراطية، وتخلت عن فكرة «الكل فى واحد» وفتحت الأبواب لتعددية حقيقية. ودعا الأحزاب السياسية بالنزول للناس والاحتكام بمشكلاتهم وهمومهم، والعمل على وضع حلول حقيقية لها، كما طالب الأحزاب السياسية بنقد ذاتها، ومراجعة أدائها واستكمال بناء مؤسساتها، والخروج من فخاخ الخلافات الضيقة إلى رحاية التفاعل المباشر من المواطنة.

كتاب إصلاح مصر بين الاقتصاد والسياسة يحتوى على توصيات مهمة من أستاذ متخصص، دعا فيها إلى طرح تصورات وأفكار وبرامج ومقترحات من كافة التيارات السياسية، بما يضيف إلى صانع القرار وينير له جوانب قد تبدو ملتبسة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن بين الاقتصاد والسياسة مصر الاحزاب السياسية الدولة بالكامل الحزب الوطنى أحزاب الأحرار الأحزاب السیاسیة الحزب الوطنى

إقرأ أيضاً:

إعلام إسباني: المغرب يشهد ثورة صناعية مذهلة

أكدت صحيفة “إلموندو فينانسييرو” الإسبانية، اليوم الثلاثاء، أن المغرب أحرز تقدماً ملحوظاً في تحديث بنيته التحتية وتنويع اقتصاده على مدى الـ25 عاماً الماضية، مما عزز من جاذبيته للاستثمارات الأجنبية.

وفي تقرير بعنوان “الثورة الصناعية في المغرب”، أبرزت الصحيفة الاقتصادية أن الاستثمارات الضخمة التي خصصها المغرب لتوسيع بنيته التحتية وتطوير قطاعاته الصناعية والطاقية منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ساهمت بشكل كبير في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز موقعه كمركز تجاري عالمي.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الجهود تأتي في إطار استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى استغلال الموقع الجغرافي المتميز للمغرب كبوابة نحو القارة الإفريقية، مدعومة باتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلاً عن علاقات اقتصادية متنامية مع الصين والدول الإفريقية جنوب الصحراء.

وفي هذا السياق، سجل ميناء طنجة المتوسط، أحد أكبر الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، رقماً قياسياً جديداً خلال عام 2024، حيث استقبل أكثر من 10.24 مليون حاوية، بزيادة 19% مقارنة بالعام السابق، كما ارتفع عدد الركاب بنسبة 13%.

وأوضحت الصحيفة أن هذه الإنجازات عززت من مكانة الميناء على خريطة التجارة العالمية، ما دفع مجموعة “ميرسك” الدنماركية العملاقة إلى إدراجه كمحطة رئيسية في مسارها التجاري بين الهند والولايات المتحدة، في خطوة تعكس الثقة المتزايدة في البنية التحتية المغربية.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن تطوير قطاع الموانئ لا يزال أحد المحركات الرئيسية للنمو الصناعي والاقتصادي في المغرب، حيث يجري العمل على بناء تسعة موانئ جديدة على السواحل المتوسطية والأطلسية، ما يعزز قدرة البلاد على المنافسة في التجارة الدولية واستقطاب المزيد من الاستثمارات.

مقالات مشابهة

  • استقلال الصحافة ترحب بإعلان عبدالمحسن سلامة عن زيادة بدل البطالة
  • ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
  • بقرادونيان من معراب: على الأحزاب والأطراف السياسية التعاون والتضامن لإيصال البلد الى برّ الآمان
  • رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| بوابة الحلوانى.. دراما التاريخ والسياسة فى عصر الخديوى
  • إعلام إسباني: المغرب يشهد ثورة صناعية مذهلة
  • الحكومة تعرض تصورها لإصلاح أنظمة التقاعد بعد العيد
  • زحلة في صدارة المشهد الانتخابي: لائحتان تنافسان في الانماء والسياسة أيضا
  • 8 سنوات على رحيل السيد ياسين.. أستاذ الباحثين
  • الريادة: تعاون بين الأحزاب السياسية من أجل مصلحة الوطن
  • من يراقب “القفة السياسية”؟.. الأحزاب توزع المساعدات الرمضانية بطاي طاي