لماذا يتعين على العرب ألا يستمروا في خداع أنفسهم وشراء مقولات العلاقات العامة الأمريكية عن ضغوط جادة من واشنطن لوقف مستدام وقريب لإطلاق النار؟

أكتفي في الإجابة هنا بما ذكرته التقديرات الإسرائيلية التي تؤكد أن واشنطن ستستمر في منح جيش الاحتلال الإسرائيلي الضوء الأخضر في مواصلة حرب إبادة غزة وتتصدى إلى الضغوط الدولية والداخلية المتصاعدة لوقف المقتلة اليومية لآلاف المدنيين العزل لموعدين أو تاريخين مختلفين: الموعد الأول ينتهي في آخر شهر نوفمبر الحالي أي يمتد لنحو ٣ أسابيع من الآن.

الموعد الثاني أن يستمر التفويض الأمريكي غير المشروط للجيش الإسرائيلي حتى حلول الكريسماس ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣ أي بعد أكثر من شهر ونصف.

بهذا المعنى فإنه حين تنتهي رخصة القتل الغربية الممنوحة لجيش الاحتلال وقياسا على عدد الشهداء والجرحى في غزة خلال الشهر المنصرم من العدوان البربري فإن نتائج كارثية قد تحدث لنا كعرب وعندما تحدث -لا قدر الله- فإن قدرة النظام العربي الرسمي على تحمل نتائجها ستكون قدرة محدودة ومشكوكا فيها بقسوة.

وبعبارة أوضح فإن التفويض الغربي سيؤدي لتبعات قد تهدد بقسوة الاستقرار السياسي للعالم العربي ووحداته ودوله الوطنية كما حدث بعد حرب ١٩٤٨ التي كانت سببا رئيسيا في تغيير جذري شمل عددا وازنا من الحكومات العربية.

هنا بعض النتائج الكارثية التي يمكن للتنبؤ السياسي أن يقدر حدوثها ويقدر تأثيراتها الخطيرة على الوضع العربي الراهن، ويدفع فيه العرب ثمن الانحياز المطلق الأمريكي والغربي لإسرائيل.

الكارثة الأولى إنسانية فلسطينية قد تعمق الفجوة القائمة بين معظم النظم العربية وشعوبها إلا فيما ندر حيث يتسق الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي: عندما يتسبب شهر من العدوان بما يعادل قنبلتين ونصف نوويتين على جيب غزة صاحب الكثافة السكانية الأكبر في العالم في استشهاد وجرح وفقد ما يزيد على ٤٠ ألف شخص ٧٥٪ منهم من الأطفال والنساء والشيوخ وعندما تقول المنظمات الدولية أن غزة أصبحت أكبر مقبرة جماعية في التاريخ المعاصر فإن استمرار الرخصة الأمريكية لجيش الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة أو ستة أسابيع أخرى بممارسة مجازره، وكذلك مع استهداف المستشفيات بالقصف وإخراجها من الخدمة ووصول نقص المياه والغذاء إلى مستوى المجاعة في غزة فإن ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين والمفقودين لما يزيد عن خمسين أو ستين ألفا سيخرج غضبا شعبيا عربيا -منضبطا حتى الآن- من عقاله ويجر الحكومات العربية معه إلى وضع معقد يهدد بانفلات الشارع ومواجهات ويؤذن بنكبة ثانية تفعل في العالم العربي ما فعلته النكبة الأولى من تغييرات داخلية في نظم عربية.

كارثة تحطيم الحكومة في غزة ومخاطر إطلاق الإرهاب في العالم العربي: حماس ليست كتائب القسام فقط، حماس هي الحكومة التي تقود غزة منذ ٢٠٠٧ وتدير مرافقها التعليمية والصحية ومرافق المياه والكهرباء وهي التي تنسق مع الدول المجاورة وهي التي دخلت معارك مع مجموعات فلسطينية متشددة صغيرة في غزة حتى لا تتسرب للدول المجاورة. وحماس -بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها- تتمتع بحاضنة شعبية ما تشمل نشوء جيل جديد لا يعرف غيرها.

* وهي ككل حكومة -أيًا كان موقفنا منها- هي سلطة الضبط والربط التي تنفذ العقد الاجتماعي وتمنع تحول غزة إلى مخيم كبير منفلت مثل مخيم عين الحلوة في لبنان الذي تتقاتل فيه الفصائل والمجموعات السياسية والجنائية داخله بصورة مخيفة.

ويقدر خبراء غربيون متمرسون في شؤون الشرق الأوسط إن غزة -ستتحول- إذا سمح للعدوان لإسرائيل بالمضي قدما لعدة أسابيع قادمة بإقامة منطقة أمنية عازلة تفصل شمال غزة عن جنوبه وإنهاء حكم حماس للقطاع - سيتحول إلى هذا المصير أي مخيم فلسطيني كبير منفلت لا سيطرة لأحد على ما يخرج منه من تفاعلات تجاه الدول المجاورة أو تجاه المحيط الإقليمي عامة.

السؤال هنا ما الذي سيخرج من تفاعلات محتملة في ظل عدم وجود حكومة في غزة؟ خبرتنا العربية القريبة لا تكتفي فقط بأن تجيبنا وتدلنا بل يجب، أيضا، وبكل صراحة أن تخيفنا عواقبها، فجريمة أمريكا في حل الجيش العراقي بعد غزو ٢٠٠٣ نتج عنها انتقال عناصر مدربة من هذا الجيش ليحارب مع أي طرف يحارب الأمريكيين بما في ذلك الانضمام إلى منظمة داعش التي كانت قبل ذلك مجرد منظمة صغيرة أنشأها مصعب الزرقاوي فحولها لمنظمة دولية وإقليمية وصلت للشمال الإفريقي ووصلت للجزيرة العربية والساحل والصحراء والقرن الإفريقي الملاصق للبحر الأحمر، وحكمت لسنوات أجزاء كبيرة من سوريا والعراق وحارب الجيش المصري فرعها المعروف باسم جيش المقدس في سيناء المصرية في السنوات العشر الأخيرة. بغياب سلطة حماس وعدم جاهزية السلطة الفلسطينية لتولي حكم غزة بل وعدم قبولها أن تأتي على ظهور الدبابات الإسرائيلية، كما قال رئيس وزراء السلطة محمد أشتية ورفض الدول العربية التورط في تشكيل قوة أمنية تحمي أمن إسرائيل وتحول القتال إلى حرب بين الأشقاء العرب والمسلمين من جهة والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى. بعد إسقاط حكومة وجيش العراق تمددت داعش والجماعات الأخرى ومن شأن اجتماع اليأس وفقدان الأمل المتوقع من الفلسطينيين في غزة مع غياب الحكومة الحالية للقطاع نشوء منطقة رخوة ينتشر فيها التطرف، بعبارة أخرى سيؤدي اختفاء حكومة حماس وعدم وجود بديل مقنع لها والتخبط الأمريكي والإسرائيلي المتمثل في عدم وجود تصور محكم لما بعد القضاء المزعوم على حماس.. ستؤدي لموجة إرهاب في العالم العربي تبدد استقراره من جديد.

خطر التهجير القسري لسيناء والضفة الغربية لاحقا: الرفض المصري والأردني والعربي القاطع حتى الآن لمشروع التهجير القسري إلى سيناء والأردن أي ربما أوقف مؤقتا مخطط واشنطن تل أبيب لتهجير الفلسطينيين قسريا. ولكن ما لم تتخذ خطوات أكبر فإن الأخطار ستظل قائمة وسيظل استبعاد حدوثها أو تصديق تصريحات بلينكن المعسولة في هذا الصدد بمثابة جريمة أمن قومي كاملة الأبعاد. يشير محللون غربيون إلى عاملين خطيرين. العامل الأول جغرافي والثاني زمني. أما الجغرافي فهو يستند إلى أن حشر معظم سكان غزة في جنوب القطاع بعملية النزوح الإجباري بسبب القصف البربري لن يجعلها بمرور الوقت قادرة على استيعاب كل هذه الأعداد خاصة مع النقص الفادح في الغذاء والمياه والدواء أما العامل الزمني فسيظهر أكثر مع دخول فصل الشتاء وربما سقوط الأمطار، وستتحول منطقة جنوب غزة عندها منطقة موحلة مرشحة لانتشار الأوبئة وانتقالها للدول المجاورة بسبب تواجد آلاف الجثث تحت الأنقاض والعجز عن استخراجها. هنا قد يبدو خروج أقسام هائلة من الفلسطينيين مضطرين إلى سيناء أو إلى بحر غزة وفي الغالب الاثنين معا احتمالا هائلا.

في نهاية هذا المقال أكتشف مثل القارئ تماما أنه يكاد يكمل مقالا آخر نشرته قبل ثلاثة أسابيع يؤكد أن الحفاظ على المقاومة هي مصلحة براجماتية محضة للحكومات العربية قبل أن يعتبر دفاعا عن فلسطين وأن المقاومة لو لم تكن موجودة لوجب علينا اختراعها.

حسين عبد الغني إعلامي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن أن تصل إسرائيل إلى يحيى السنوار؟

تقترب الحرب في غزة من إتمام عامها الأول، دون أن تحقق إسرائيل أهدافها الرئيسة المتمثلة في القضاء على حماس، أو تحرير الرهائن، وإن كان قد نجح في تحييد معظم عناصر حماس، وعدد من قادتها الأساسيين، وفق ما ذكرت البيانات الرسمية للجيش الإسرائيلي.

لكن الهدف الأبرز للجيش الإسرائيلي المتمثل في القضاء على زعيم حركة حماس يحيى السنوار، لم يتحقق بعد.
وفق تقرير جوليان بورجر في صحيفة "غارديان" لم يتمكن الملاحقون الذين يستخدمون التكنولوجيا المتقدمة والقوة الغاشمة من تحديد موقع فريستهم الحذرة بعد.
ويتساءل الكاتب، هل يؤدي موت السنوار أو القبض عليه إلى وقف الحرب؟

لقاء السنوار والأسرى

كانت مجموعة من الرهائن الإسرائيليين مختبئة في نفق في غزة بعد أيام قليلة من إخراجهم من منازلهم في السابع من أكتوبر )تشرين الأول(، عندما ظهر الرجل الذي خطط لاختطافهم من الظلام تحت الأرض.
كان شعره ولحيته رماديين، وكانت عيناه الداكنتان تطلان من تحت حاجبين أسودين كثيفين. كان وجهاً مألوفاً لهم من آلاف البرامج الإذاعية والقصص الصحفية: يحيى السنوار.
كان زعيم حماس في غزة الرجل الأكثر خوفاً في إسرائيل، حتى قبل أن يأمر بالغارة التي شنتها إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) والتي قُتل فيها 1200 شخص - ثلثاهم من المدنيين - واختطف 250 رهينة.

Israel’s prime target: the hunt for Hamas leader Yahya Sinwar https://t.co/9hKPeInLeC

— The Guardian (@guardian) September 14, 2024

وباللغة العبرية بطلاقة، التي أتقنها على مدى أكثر من 22 عاماً في أحد سجون إسرائيل، طمأنهم السنوار بأنهم آمنون وسيتم تبادلهم قريبا بالسجناء الفلسطينيين.
يوشيفيد ليفشيتز، وهي ناشطة سلام مخضرمة تبلغ من العمر 85 عاماً من كيبوتس نير عوز، تحدت زعيم حماس في وجهه.
قالت ليفشيتز لصحيفة "دافار" بعد إطلاق سراحها بعد 16 يوماً من الأسر: "سألته كيف لا يخجل من فعل شيء كهذا لأشخاص دعموا السلام طوال هذه السنوات؟ لم يجب، كان صامتاً".
ويظهر مقطع فيديو تم تسجيله على كاميرات أمنية تابعة لحماس في نفس الوقت تقريباً، في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وعثر عليه الجيش الإسرائيلي بعد بضعة أشهر، السنوار وهو يتبع زوجته وأطفاله الثلاثة عبر نفق ضيق ويختفي في الظلام.
كانت تلك آخر مرة يشاهد فيها الرجل الذي أطلق العنان لحرب غزة.
ووفقاً لمسؤولي الصحة في غزة، قُتل 41 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، في رد إسرائيلي مدمر أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع، ودفع 90% من السكان إلى النزوح عن ديارهم ودفع 2.3 مليون شخص إلى حافة المجاعة.

The large influential accounts who shared Hamas giving tea to the 85 years old hostages yesterday were only helping the murderous Hamas terrorists spread their propaganda.

Yochaved Lifshitz, who escaped captivity by the murderers and Nazis Hamas-ISIS: "They beat me, laid me on… pic.twitter.com/K3tiFlSwXw

— The Mossad: Satirical and Awesome (@TheMossadIL) October 24, 2023 الهدف الأبرز

وعلى الرغم من كل هذا، ظل الهدف الرئيسي للقصف الإسرائيلي طليقاً ولم يصب بأذى على ما يبدو، وفق التقرير.
لقد شملت عملية البحث عن السنوار، التي استمرت قرابة عام، مزيجاً من التكنولوجيا المتقدمة والقوة الغاشمة، حيث أظهر ملاحقوه استعدادهم للذهاب إلى أي مدى، بما في ذلك التسبب في خسائر بشرية عالية للغاية بين المدنيين، لقتل زعيم حماس وتدمير الدائرة الضيقة المحيطة به، بحسب الكاتب.
والصيادون هم فرقة عمل مكونة من ضباط استخبارات ووحدات عمليات خاصة من قوات الدفاع الإسرائيلية ومهندسين عسكريين وخبراء مراقبة تحت مظلة وكالة الأمن الإسرائيلية، المعروفة على نطاق واسع بأحرفها الأولى من اسمها العبري أو اختصارها "شاباك".
ووفق الصحيفة، على المستوى الشخصي والمؤسسي، يسعى هذا الفريق إلى التكفير عن إخفاقاته الأمنية التي سمحت بحدوث هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ولكن على الرغم من دوافعه، فقد فشل حتى الآن في تحديد هدفه.

"لو أخبرتني عندما بدأت الحرب أنه بعد أكثر من 11 شهراً سيظل على قيد الحياة، لكنت وجدت الأمر مدهشاً"، هكذا قال مايكل ميلشتاين، رئيس قسم الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان).
وأضاف: "لكن تذكر أن السنوار استعد لمدة عقد من الزمن لهذا الهجوم، وكانت استخبارات الجيش الإسرائيلي مندهشة للغاية من حجم وطول الأنفاق تحت غزة ومدى تطورها".
وتشير تقديرات جيش الدفاع الإسرائيلي إلى وجود 500 كيلومتر (300 ميل) من الأنفاق تحت غزة، وهي عبارة عن مدينة كاملة تحت الأرض.


والتحدي المهم الثاني، وفقا لبعض المسؤولين في المؤسسة الدفاعية على الأقل، هو أن السنوار من المرجح أن يحيط نفسه بدروع بشرية.
وقال رام بن باراك، نائب مدير الموساد السابق: "بسبب قضية الرهائن، فإننا حريصون للغاية فيما نقوم به، وأعتقد أنه لو لم تكن هناك مثل هذه القيود، لكان من الأسهل علينا أن نجده".

Released Israeli hostage Yocheved Lifshitz described on Tuesday her “nightmare” kidnapping ordeal that included being thrown over the back of a motorcycle, beaten by sticks and held in a “spiderweb” of wet tunnels after she was abducted from a kibbutz in southern Israel.… pic.twitter.com/we7n6ApDGh

— The Washington Post (@washingtonpost) October 24, 2023

سواء كان السنوار محاطاً بدرع بشرية أم لا، فإن الوجود المحتمل للرهائن لم يمنع جيش الدفاع الإسرائيلي من إسقاط قنابل قوية للغاية تزن 2000 رطل (900 كيلوغرام) على مخابئ يشتبه في أنها تابعة لحماس في الأسابيع الأخيرة.
ومن بين هدفي الحرب الرئيسيين، تضع حكومة نتانياهو تدمير حماس فوق إنقاذ الرهائن، وفق ما ذكر التقرير.

البحث مستمر

وقد ترك زعيم حماس الهارب وراءه ملابس وأكثر من مليون شيكل (أكثر من 200 ألف جنيه إسترليني) في رزم من الأوراق النقدية.
واعتبر البعض هذا بمثابة علامة على الذعر، على الرغم من أن التقديرات في النهاية تشير إلى أن زعيم حماس غادر قبل أيام قليلة من اقتحام القوات الإسرائيلية للمخبأ.
يقول التقرير إن الافتراض الذي افترضه متتبعو السنوار هو أنه تخلى منذ فترة طويلة عن استخدام الاتصالات الإلكترونية، وهو يدرك جيداً المهارات والتكنولوجيا التي يمتلكها مطاردوه.

BREAKING: The IDF just published footage showing Hamas leader Yahya Sinwar, the evil mind behind the October 7 massacre, escaping in a tunnel under the city of Khan Younis in southern Gaza.

He is accompanied with children which is a known Hamas tactic to protect the terrorists… pic.twitter.com/lbC3U8RE6P

— Hen Mazzig (@HenMazzig) February 13, 2024

لم يكن السنوار يدرس العبرية فقط في السجون الإسرائيلية، بل أيضاً عادات وثقافة عدوه.
وقال ميلشتاين الذي يعمل الآن في مركز موشيه ديان في جامعة تل أبيب: "إنه يفهم حقاً الغرائز الأساسية والمشاعر العميقة للمجتمع الإسرائيلي. وأنا على يقين من أن كل خطوة يقوم بها تستند إلى فهمه لإسرائيل".
لا يزال السنوار يتواصل مع العالم الخارجي، وإن كان ذلك بصعوبة واضحة، وكثيراً ما توقفت المفاوضات الطويلة بشأن وقف إطلاق النار في القاهرة والدوحة أثناء إرسال الرسائل من وإلى القائد السري.
ومن بين الاحتمالات القوية أن السنوار يستخدم رسلاً للبقاء في القيادة، من بين مجموعة صغيرة ومتقلصة من المساعدين الذين يثق بهم، بدءاً من شقيقه محمد، وهو قائد عسكري كبير في غزة.

كيف يمكن الوصول إلى السنوار؟

وفق التقرير، فإن الأمل الذي يراود الفريق الذي يطارد السنوار هو أن الحاجة إلى الاتصال بآخرين لإصدار الأوامر والسيطرة على مفاوضات الرهائن، سوف تثبت في نهاية المطاف أنها سبب هلاكه، تماماً كما قاد رسل المتتبعين الأميركيين على مدى عدة سنوات إلى مخبأ أسامة بن لادن في أبوت آباد في باكستان.
ويعتقد أن أحد الرسل هو الذي قاد الصيادين الإسرائيليين إلى أكبر غنائمهم في الحرب حتى الآن.
ففي الساعة العاشرة والنصف من صباح الثالث عشر من يوليو (تموز)، خرج محمد ضيف، القائد المخضرم في حماس والذي تصدر قائمة المطلوبين لدى إسرائيل منذ عام 1995، من مخبأه بالقرب من مخيم للنازحين في المواصي ليأخذ قسطاً من الراحة مع القائد العسكري المقرب رافع سلامة.

وفي غضون لحظة، قُتِل الرجلان بقنابل أسقطتها طائرات مقاتلة إسرائيلية ـ على الأقل وفقاً لروايات جيش الدفاع الإسرائيلي ـ إلى جانب عشرات الفلسطينيين.
وتصر حماس على أن ضيف لا يزال على قيد الحياة، ولكن لم يُر منذ ذلك الحين.
ولقد ندم العديد من أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على ما اعتبروه فرصة تاريخية ضائعة في سبتمبر (أيلول) 2003 عندما أعدت طائراتها لقصف منزل كان يعقد فيه قادة حماس اجتماعاً.
وبعد جدال محتدم في سلسلة القيادة العسكرية، استخدمت القوات الجوية صاروخاً دقيقاً أطلق على غرفة الاجتماعات المفترضة، بدلاً من تدمير المبنى بالكامل بوابل من القنابل، خوفاً من وقوع خسائر بين المدنيين. ولقد اختارت القوات الجوية الغرفة الخطأ، ونجا زعماء حماس.

استهداف الضيف

وبحلول شهر يوليو (تموز) من هذا العام، لم يعد احتمال قتل أعداد كبيرة من المدنيين يشكل عقبة.
ففي استهداف الضيف، استخدمت القوات الجوية قنابل تزن 2000 رطل، وهي نفس الأسلحة التي توقفت إدارة بايدن عن إرسالها في مايو (أيار) بسبب قوتها التدميرية العشوائية.
وبحسب ما ورد أسقطت إسرائيل ثمانية منها في 13 يوليو (تموز)، وقُتل تسعون فلسطينياً في المنطقة وأصيب ما يقرب من 300 آخرين.
"يبدو أن المصدر الرئيسي للهجوم على محمد ضيف، والذي أعطى المعلومات حول مكانه، كان مصدراً بشرياً - أحد هؤلاء الرسل الذين يتنقلون من نفق أو ملجأ إلى آخر ويحملون الرسائل بين قائد وآخر"، كما قال ميلشتاين.
وتابع: "لذا ربما تكون هناك فرصة لتتبع أحد هؤلاء الرسل [إلى السنوار]، أو إذا كان أحدهم عميلاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)".

The Israel Defense Force announced earlier today that they now have Confirmation that Mohammed Deif, the Head of Hamas’s Military Wing also known as the Al-Qassam Brigades, was Eliminated by a July 13th Airstrike on a Hamas Compound near the City of Khan Yunis in Southern Gaza. pic.twitter.com/0ScdQCQTOv

— OSINTdefender (@sentdefender) August 2, 2024

وقال يوسي ميلمان، أحد مؤلفي كتاب "جواسيس ضد أرماجدون" ومؤلف كتب أخرى عن الاستخبارات الإسرائيلية، إن الضيف ربما ارتكب خطأ من غير المرجح أن يكرره السنوار.
وأكمل: "ربما كان الضيف أكثر غطرسة أو ربما قال لنفسه إنهم حاولوا قتلي مرات عديدة، وفقدت عيناً وذراعاً لكنني ما زلت على قيد الحياة، لذا ربما يكون الله معي".

وفي يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، أسقطت القوات الجوية قنابل تزن 2000 رطل مرة أخرى على منطقة المواصي، التي حددتها إسرائيل باعتبارها "منطقة إنسانية".
وقُتل ما لا يقل عن 19 شخصاً وأصيب 60 آخرون، وقال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه نفذ "ضربات دقيقة" على أهداف لحماس، لكنه لم يحدد الهدف.
ومن الممكن أن يتم التوصل إلى اتفاق يقضي برحيل السنوار إلى المنفى، ويشير البعض إلى أنه ربما يكون قد عبر الحدود بالفعل، مختبئاً في نفق على الجانب المصري من معبر رفح.
وهذا من شأنه أن يتناقض مع الحكمة التقليدية بشأن الحماسة الإيديولوجية لرجل ارتقى في صفوف حماس باعتباره جلاداً للمخبرين المشتبه بهم.

مقالات مشابهة

  • لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟
  • "يديعوت أحرونوت" توضح.. لماذا فشلت إسرائيل في اعتراض الصاروخ اليمني؟
  • "يديعوت أحرنوت" توضح.. لماذا فشلت إسرائيل في اعتراض الصاروخ اليمني؟.. عاجل
  • رئيس المجلس العربي للمياه: ‏التحديات التي نواجهها هائلة ولكنها ليست مستعصية على الحل
  • لعنة الانتهاكات يجب أن تطاردهم جميعا!
  • حماس: تجنيد جيش الاحتلال طالبي اللجوء الأفارقة للقتال بغزة تأكيدٌ على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها
  • لماذا تتمسّك إسرائيل بممر فيلادلفيا؟
  • لماذا لا تنسحب مصر وقطر من الوساطة بين إسرائيل وحماس
  • رئيس البرلمان العربي : إسرائيل اعتادت الأكاذيب لعرقلة جهود وقف الحرب
  • كيف يمكن أن تصل إسرائيل إلى يحيى السنوار؟