لجريدة عمان:
2025-03-06@04:33:18 GMT

ينبغي تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

ترجمة: حافظ إدوخراز -

يشكّل منتدى باريس للسلام -الذي عقد في العاشر والحادي عشر من شهر نوفمبر الجاري- فرصة للنقاش حول التهديدات المباشرة للاستقرار العالمي، ولكن أيضا من أجل استشراف التهديدات التي يحملها المستقبل. سوف يكون موضوع الذكاء الاصطناعي أحد الموضوعات التي سيتم تناولها في المنتدى. ومن دون الذهاب بعيدا إلى درجة تصور المستقبل الشّاذ الذي ترسمه أفلام هوليوود، فإن قائمة التهديدات المحتملة طويلة: التضليل الإعلامي الذي يزعزع استقرار الديمقراطيات، الاضطرابات في الأسواق المالية، القرصنة واسعة النطاق، وما إلى ذلك.

هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها البشرية قفزة تكنولوجية كبيرة. ويتعيّن علينا أن نتعلم الدروس من التاريخ: دروس الثورة الصناعية التي انتشلت البشرية من الفقر لكنها تسبّبت في أعظم كارثة بيئية على مر العصور، أو دروس الثورة النووية، التي أتاحت للبشرية إمكانيات طاقية هائلة لكنها أيضا كانت وراء صنع السلاح الأكثر فتكا في القرن العشرين. ومن أجل تجنب هذه السيناريوهات الكارثية، يتحتّم علينا تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي. من المؤسف أن آليات الحوكمة الوطنية الحالية هي جامدة ومن الصعب تطبيقها. تتفاعل الهيئات التنظيمية مع الأضرار الملحوظة (بعد وقوعها)، وعندما تقوم بالتنظيم فإن المشكلة تتفاقم وتصل إلى مكان آخر. ولهذا من الضروري تغيير منهجية العمل.

بدايةً، يجب أن تتبنّى أطر الحوكمة مقاربة شمولية تعمل على دمج كل التكنولوجيات المترابطة فيما بينها مثل الحوسبة الكمومية، والواقع المعزز والافتراضي، وسلسلة الكتل، وغيرها من التقنيات. ولا بد لهذه الأطر أيضا من أن تُتيح إمكانية التوقّع (المسبق) للمخاطر والتعاطي معها. وبما أن التوافق ضروري على المستوى المجتمعي، فإن اعتماد مقاربة تعدّدية يعدّ أمرا واجبا، لكي يشمل الحكومات والمجتمع المدني والخبراء التقنيين، ولكن أيضا الأكاديميين والجهات المانحة.

الدور الأساسي للحكومات

تتمركز الخبرة والموارد المعلوماتية إلى حدّ كبير، في الوقت الحالي، في أيدي عدد قليل من شركات القطاع الخاص لا سيما شركات «الغافام» (جوجل، آبل، فيسبوك، أمازون، وميكروسوفت). وتتصدّر شركة آبل المشهد منذ بداية العام، من خلال استحواذها على اثنتين وثلاثين شركة في قطاع الذكاء الاصطناعي. ومن الجدير بالإشارة أنه، على عكس برمجيات الذكاء الاصطناعي المفتوحة، مثل نموذج المصدر المفتوح ميسترال (Mistral AI) أو دال إيه (Dall-E)، فإن برمجيات الذكاء الاصطناعي التي تعمل كـ«صندوق أسود»، مثل جوجل بارد (Google Bard) أو تشات جي بي تي (ChatGPT)، هي أكثر تعقيدا. إنها عبارة عن آلات افتراضية نزوّدها بمدخلات (طلب، سؤال، مهمة) وتعطينا بالمقابل مُخرجات (نص، صورة، فعل، نتيجة...). وبين الاثنين، يظل المنطق الخوارزمي غير واضح تماما.

من اللازم إشراك جميع الفاعلين المعنيّين بحوكمة الذكاء الاصطناعي. وللحكومات دور مركزي لا بد أن تلعبه في هذا الإطار، إذ يجب عليها ضمان اتّساق وفعالية المعايير. غير أنه، في الوقت الحاضر، لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أطر تنظيمية مختلفة للغاية، إذ يعتمد الاتحاد الأوروبي التنظيم من خلال قانون الذكاء الاصطناعي بينما تتبنى الولايات المتحدة مقاربة غير تدخليّة إلى حدّ كبير. ومن الممكن أن يؤثر ذلك كثيرا على عمليات التدقيق ومراقبة الامتثال، وبالتالي التبادلات التكنولوجية والتجارية بين الكتلتين الإقليميتين. من الممكن التفكير في إجراء تجارب تنظيمية مشتركة (آليات اختبار يتم تنفيذها في ظروف حقيقية، ولكن دون تعريض الأنظمة الرقابية الحالية للخطر). وثمة مبادرات جارية بالفعل في كلّ من المملكة المتحدة وإسبانيا. وبوسع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضا أن يستندا إلى ديناميكية مجلس التجارة والتكنولوجيا المشترك بينهما من أجل إدراج التعاون التنظيمي الاستباقي من بين الأهداف.

ترجيح معايير الاستثمار الأخلاقية

لا تكمن الفكرة في تطوير نُظم قانونية تزيد من صعوبة استغلال قوة الذكاء الاصطناعي، كما اعتقد أكثر من مائة من مديري الشركات الذين وقّعوا على رسالة مفتوحة ضد القانون الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي في شهر يونيو من عام 2023. بل يتعلق الأمر على العكس من ذلك، بتوحيد القوانين، أو على الأقل بجعلها متكاملة. ويتعيّن على الأوساط الأكاديمية أيضا أن تلعب دورها، من خلال العمل على تكوين قادة أكفّاء في مجال التكنولوجيا والشؤون العالمية، والتحقّق من أن أطر الحوكمة الناشئة تستند إلى حقائق لا تقبل الجدل. وهذا يعني أيضا بالمناسبة أن توفر لهم الحكومات إمكانية الوصول إلى الخوارزميات والبيانات التي تغذّي الذكاء الاصطناعي.

ويجب على الجهات الخيرية والمانحين من القطاع الخاص تقييم المخاطر بشكل صحيح منذ مرحلة تصميم المنتجات. إن الدور الذي يلعبه المستثمرون وأصحاب رأس المال المغامر، باعتبارهم مموّلين وراعين للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، يضعهم في موقع متميز من أجل السهر على تطبيق معايير الاستثمار الأخلاقية - التي تكاد تكون شبه معدومة اليوم - في قطاع التكنولوجيا الناشئة (المسؤولية الرقمية للشركات).

على أعتاب ثورة الذكاء الاصطناعي

في عام 2022، جمعت الشركات الناشئة تمويلا قياسيا وصل إلى 621 مليار دولار من شركات رأس المال المغامر. ومع وجود مثل هذه القوة في أيدي هذه الشركات الاستثمارية، يمكن لها ممارسة التأثير على مطوّري البرمجيات. من الممكن أن يأتي الزخم أيضا من هيئات دولية مثل مجلس معايير الاستدامة الدولية، الذي يرأسه إيمانويل فابر (Emmanuel Faber). فبإمكان هذه الهيئات الدفع بالجهات الفاعلة في قطاع رأس المال المغامر في اتجاه تطوير مبادئ تتعلق بالمسؤولية البيئية والاجتماعية وبالحوكمة.

وأخيرا، ينبغي على مطوري البرمجيات -على غرار المهندسين النوويين- أن يعوا المسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتقهم في عملهم. وسيكون من المفيد أن يتمكنوا أيضا من العمل بشكل ملموس على تطوير المواثيق الأخلاقية التي تُطبق على كل قطاع اقتصادي يتأثر بالذكاء الاصطناعي. تعدّ الصحافة والتمويل والصحة مجالات للتطبيق المباشر لهذه الأفكار. ولعل المبادئ التي تبنّتها مجموعة الدول السبع مؤخرا تشكّل بداية جيدة بهذا الخصوص.

نحن على أعتاب ثورة الذكاء الاصطناعي. ومن الممكن أن تصبّ هذه الاضطراب في خدمة الصالح العام، شريطة أن تكون الأنظمة أخلاقية منذ تصميمها. ويتعلق الأمر بمبدأ احترازي أساسي، أو حتى وجودي.

أرنشا غونزاليس وزيرة سابقة للشؤون الخارجية في الحكومة الإسبانية، وعميدة مدرسة الشؤون الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس.

كونسطونس بومولار دولوس المديرة التنفيذية لمعهد بروجيكت ليبرتي

عن صحيفة لوموند الفرنسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی من الممکن أیضا من من أجل

إقرأ أيضاً:

الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي

 

تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز الدول الرائدة في تبني وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث تسعى بخطى ثابتة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. وتؤدي الشراكات الاستراتيجية الدولية دوراً محورياً في تحقيق أهدافها الطموحة في هذا المجال، حيث أدركت الدولة أهمية التعاون مع الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك الشركات التكنولوجية العملاقة، والجامعات المرموقة، والمراكز البحثية المتخصصة، لدفع عجلة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن توقيع “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” والذي تم توقيعه خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، لفرنسا يوم 6 فبراير 2025، قبل قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في باريس يومي 10 و11 من الشهر نفسه بمشاركة نحو 100 دولة، للتركيز على إمكانات الذكاء الاصطناعي. ويناقش هذا المقال الجهود الإماراتية لتعزيز شراكاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها في رؤية الدولة للريادة في هذا المجال.

شراكة مع فرنسا:

يرسم “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” مساراً واعداً لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في هذا المجال الحيوي الذي سيُعيد تشكيل العالم في السنوات المقبلة. وينص هذا الاتفاق الإطاري على التعاون بين البلدين في العديد من مجالات العمل المشترك في الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك التخطيط لاستثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في فرنسا، ومن المُقرر أن يتكون هذا المجمع من 35 مركزاً لتجميع معلومات وتأمين قدرات حوسبة هائلة يتطلبها الذكاء الاصطناعي. كما ينص على بناء شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي واستكشاف فرص جديدة للتعاون في المشروعات والاستثمارات التي تدعم استخدام الرقائق المتطورة والبنية التحتية لمراكز البيانات وتنمية الكوادر، إضافة إلى إنشاء “سفارات بيانات افتراضية” لتمكين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في كلا البلدين.

ويأتي هذا التعاون في إطار توسع دولة الإمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، وبصفة خاصة في إنشاء وتطوير مراكز البيانات، حيث تستثمر بالفعل في مشروعات ضخمة مثل مشروع “ستار غيت” لإنشاء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، ويحظى هذا المجال تحديداً باهتمام خاص بالنظر إلى أن مراكز البيانات تمثل الوقود الذي تحتاجه عملية تطوير الذكاء الاصطناعي.

وستخدم هذه الشراكة المصالح الإماراتية الفرنسية، حيث إن بناء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا سيساعد على جمع بيانات أكثر ومعالجتها بشكل دقيق؛ ومن ثم تسخيرها في تطوير وتعليم برامج الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يعزز مكانة ودور البلدين في هذا المجال ويسهم في جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي متاحة لمزيد من الدول، فضلاً عن خلق برامج ذكاء صناعي تحترم المواثيق الدولية والأوروبية.

كما توفر الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية لتطوير البنية التحتية الرقمية في البلدين، حيث يستفيد كل منهما من الاستثمارات الضخمة لإنشاء مجمعات متطورة للذكاء الاصطناعي؛ مما يعزز قدرتها على معالجة البيانات الضخمة وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. ويتيح الاتفاق أيضاً تبادل الخبرات مع باريس، خصوصاً في مجالات الرقائق المتقدمة ومراكز البيانات؛ مما يسهم في تسريع تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتحقيق تقدم استراتيجي في القطاعات الحيوية. إضافة إلى ذلك، يعزز الاتفاق تنمية الكوادر الإماراتية؛ مما يدعم تنشئة جيل جديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، ويعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد في هذا المجال.

وتعكس هذه الخطوة التزام دولة الإمارات بتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي. فيما تسعى فرنسا إلى ترسيخ مكانتها في هذا المجال بالرغم من التحديات التي تواجهها في منافسة الشركات الأمريكية والصينية. وقد أكدت الرئاسة الفرنسية أن نطاق الأنشطة وحجم تطوير البنية التحتية المقررة في إطار اتفاقية الإطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين فرنسا ودولة الإمارات، يوضح ثراء وديناميكية العلاقة بين البلدين، ويضع فرنسا في موقع رائد في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا، مشيرة إلى أن الزعيمين اتفقا على مراقبة تطور مشروعات التعاون المختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب في الأشهر المقبلة.

شراكة مع الولايات المتحدة:

تُعد الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي الأهم في هذا المجال، حيث شهد التعاون بين البلدين تنامياً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، في ضوء التفوق الأمريكي في هذا المجال. وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2024، تتويجاً لهذا التطور المتنامي بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي.

وخلال العامين الأخيرين، تم توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. ففي ديسمبر 2024، أعلنت حكومة الإمارات عن شراكة استراتيجية مع شركة “يو آي باث” (UiPath)، التي يقع مقرها الرئيسي في نيويورك والمتخصصة في مجال الأتمتة المؤسسية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز حلول “الأتمتة الوكيلة” – النهج المبتكر للأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير الأتمتة الذكية، وتدريب الكوادر الإماراتية بمهارات متقدمة. كما تشمل تنفيذ مشروعات تجريبية وورش عمل لتعزيز وعي الجهات الحكومية بفوائد الذكاء الاصطناعي، وبما يتماشى مع رؤية الحكومة لأن تصبح دولة الإمارات رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.

وفي سبتمبر الماضي، وقّعت دولة الإمارات ثلاث اتفاقيات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، شملت “اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي” باستثمارات ستصل إلى 100 مليار دولار، وقّعتها شركة “إم جي إكس” (MGX) الإماراتية وشركات “بلاك روك” و”غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” و”مايكروسوفت”، إلى جانب اتفاقية بين شركة “جي 42” (G42) وشركة “مايكروسوفت” لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية أخرى بين “جي 42″ و”إنفيديا” لتأسيس مركز عمليات جديد ومختبر للمناخ التقني في أبوظبي؛ لتطوير التكنولوجيا المناخية وتحسين توقعات الطقس والمناخ لمساعدة ملايين البشر على الاستعداد للظواهر المناخية والكوارث الطبيعية قبل حدوثها.

وفي يونيو 2024، وقعت شركة “وورلد وايد تكنولوجي” (World Wide Technology)، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة، اتفاقية استراتيجية مع (NXT Global)، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر بدولة الإمارات، الذي سيكون أحد أكثر التطورات الحضرية استدامة في العالم.

كما أعلنت “مايكروسوفت” و”جي 42″، في مايو الماضي، عن مجموعة واسعة من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا الرقمية في كينيا، وجاءت هذه الخطوة كجزء من مبادرة بالتعاون مع وزارة المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في جمهورية كينيا، حيث تقود “جي 42″، في إطار شراكة مع “مايكروسوفت” وشركاء رئيسيين عدة، مبادرة طموحة لضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار، وتهدف هذه الاستثمارات إلى تنفيذ مشروعات رئيسية ضمن حزمة شاملة من الاستثمارات تشمل إنشاء مركز بيانات بيئي متطور في كينيا، والذي ستشرف على بنائه شركة “جي 42” وشركاؤها من أجل تشغيل خدمات “مايكروسوفت أزور” ضمن منطقة سحابية جديدة تخدم شرق إفريقيا. وفي إبريل الماضي، أعلنت “مايكروسوفت” عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة “جي 42″؛ مما يعزز التعاون المتزايد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، تصدر ملف الذكاء الاصطناعي أجندة التعاون والشراكات الإماراتية مع مختلف دول العالم مثل الصين والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.

تعزيز ريادة الإمارات:

يُشكل بناء الشراكات الدولية جزءاً رئيسياً في استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الدولة من خلال هذه الشراكات إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المحلية والعالمية، وتعزز كفاءة القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والطاقة، والنقل، فضلاً عن تعزيز اقتصادها القائم على المعرفة والابتكار، والاستفادة منها في جذب الخبرات الدولية، وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال المهم.

وتخدم الشراكات الدولية بصورة خاصة تحقيق مختلف أهداف استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف أن تصبح الدولة رائدة عالمياً في توظيف الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% بحلول عام 2031 في مختلف الخدمات وتحليل البيانات؛ مما يعزز الإنتاجية ويخفض التكاليف التشغيلية. وتشمل هذه الأهداف أن تكون حكومة الإمارات الأولى عالمياً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، بجانب استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة.

وكان لهذه الشراكات، ضمن الرؤية الشاملة لدولة الإمارات، دورها في تعزيز ريادة الدولة في هذا الملف، حيث أصبحت الإمارات من أكثر الدول جذباً للمهارات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مع زيادة عدد المتخصصين في هذا المجال بنحو 40% منذ عام 2022. كما أحرزت الدولة مركزاً ريادياً ضمن قائمة أفضل 10 دول عالمياً، من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، وذلك وفقاً لمؤشر تنافسية الذكاء الاصطناعي العالمي الصادر عن المنتدى المالي الدولي “آي إف إف” (IFF) ومجموعة المعرفة العميقة.

خلاصة الأمر، تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، مستندة إلى رؤية طموحة تدعم الابتكار والتطوير المُستدام. ومن خلال استراتيجيتها الوطنية وشراكاتها الدولية الكبيرة، تفتح الدولة آفاقاً جديدة للاستثمار والتنافسية، مع التركيز على تنمية المواهب والبنية التحتية المتقدمة. وبالرغم من التحديات، يبقى التزام دولة الإمارات بتطوير التشريعات وتعزيز الاستدامة عاملاً رئيسياً في ريادتها؛ مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به في مستقبل الذكاء الاصطناعي.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي تكلفة عالية على البيئة
  • طبيبة تكشف عن المدة التي ينبغي أن ترتدي فيها مثبت الأسنان بعد التقويم
  • كيف سيغير وكلاء الذكاء الاصطناعي هجمات سرقة بيانات الاعتماد
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي
  • الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة
  • حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
  • الجزائر في طليعة تبني الذكاء الاصطناعي في إفريقيا