لجريدة عمان:
2025-01-31@05:00:56 GMT

ينبغي تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

ترجمة: حافظ إدوخراز -

يشكّل منتدى باريس للسلام -الذي عقد في العاشر والحادي عشر من شهر نوفمبر الجاري- فرصة للنقاش حول التهديدات المباشرة للاستقرار العالمي، ولكن أيضا من أجل استشراف التهديدات التي يحملها المستقبل. سوف يكون موضوع الذكاء الاصطناعي أحد الموضوعات التي سيتم تناولها في المنتدى. ومن دون الذهاب بعيدا إلى درجة تصور المستقبل الشّاذ الذي ترسمه أفلام هوليوود، فإن قائمة التهديدات المحتملة طويلة: التضليل الإعلامي الذي يزعزع استقرار الديمقراطيات، الاضطرابات في الأسواق المالية، القرصنة واسعة النطاق، وما إلى ذلك.

هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها البشرية قفزة تكنولوجية كبيرة. ويتعيّن علينا أن نتعلم الدروس من التاريخ: دروس الثورة الصناعية التي انتشلت البشرية من الفقر لكنها تسبّبت في أعظم كارثة بيئية على مر العصور، أو دروس الثورة النووية، التي أتاحت للبشرية إمكانيات طاقية هائلة لكنها أيضا كانت وراء صنع السلاح الأكثر فتكا في القرن العشرين. ومن أجل تجنب هذه السيناريوهات الكارثية، يتحتّم علينا تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي. من المؤسف أن آليات الحوكمة الوطنية الحالية هي جامدة ومن الصعب تطبيقها. تتفاعل الهيئات التنظيمية مع الأضرار الملحوظة (بعد وقوعها)، وعندما تقوم بالتنظيم فإن المشكلة تتفاقم وتصل إلى مكان آخر. ولهذا من الضروري تغيير منهجية العمل.

بدايةً، يجب أن تتبنّى أطر الحوكمة مقاربة شمولية تعمل على دمج كل التكنولوجيات المترابطة فيما بينها مثل الحوسبة الكمومية، والواقع المعزز والافتراضي، وسلسلة الكتل، وغيرها من التقنيات. ولا بد لهذه الأطر أيضا من أن تُتيح إمكانية التوقّع (المسبق) للمخاطر والتعاطي معها. وبما أن التوافق ضروري على المستوى المجتمعي، فإن اعتماد مقاربة تعدّدية يعدّ أمرا واجبا، لكي يشمل الحكومات والمجتمع المدني والخبراء التقنيين، ولكن أيضا الأكاديميين والجهات المانحة.

الدور الأساسي للحكومات

تتمركز الخبرة والموارد المعلوماتية إلى حدّ كبير، في الوقت الحالي، في أيدي عدد قليل من شركات القطاع الخاص لا سيما شركات «الغافام» (جوجل، آبل، فيسبوك، أمازون، وميكروسوفت). وتتصدّر شركة آبل المشهد منذ بداية العام، من خلال استحواذها على اثنتين وثلاثين شركة في قطاع الذكاء الاصطناعي. ومن الجدير بالإشارة أنه، على عكس برمجيات الذكاء الاصطناعي المفتوحة، مثل نموذج المصدر المفتوح ميسترال (Mistral AI) أو دال إيه (Dall-E)، فإن برمجيات الذكاء الاصطناعي التي تعمل كـ«صندوق أسود»، مثل جوجل بارد (Google Bard) أو تشات جي بي تي (ChatGPT)، هي أكثر تعقيدا. إنها عبارة عن آلات افتراضية نزوّدها بمدخلات (طلب، سؤال، مهمة) وتعطينا بالمقابل مُخرجات (نص، صورة، فعل، نتيجة...). وبين الاثنين، يظل المنطق الخوارزمي غير واضح تماما.

من اللازم إشراك جميع الفاعلين المعنيّين بحوكمة الذكاء الاصطناعي. وللحكومات دور مركزي لا بد أن تلعبه في هذا الإطار، إذ يجب عليها ضمان اتّساق وفعالية المعايير. غير أنه، في الوقت الحاضر، لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أطر تنظيمية مختلفة للغاية، إذ يعتمد الاتحاد الأوروبي التنظيم من خلال قانون الذكاء الاصطناعي بينما تتبنى الولايات المتحدة مقاربة غير تدخليّة إلى حدّ كبير. ومن الممكن أن يؤثر ذلك كثيرا على عمليات التدقيق ومراقبة الامتثال، وبالتالي التبادلات التكنولوجية والتجارية بين الكتلتين الإقليميتين. من الممكن التفكير في إجراء تجارب تنظيمية مشتركة (آليات اختبار يتم تنفيذها في ظروف حقيقية، ولكن دون تعريض الأنظمة الرقابية الحالية للخطر). وثمة مبادرات جارية بالفعل في كلّ من المملكة المتحدة وإسبانيا. وبوسع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضا أن يستندا إلى ديناميكية مجلس التجارة والتكنولوجيا المشترك بينهما من أجل إدراج التعاون التنظيمي الاستباقي من بين الأهداف.

ترجيح معايير الاستثمار الأخلاقية

لا تكمن الفكرة في تطوير نُظم قانونية تزيد من صعوبة استغلال قوة الذكاء الاصطناعي، كما اعتقد أكثر من مائة من مديري الشركات الذين وقّعوا على رسالة مفتوحة ضد القانون الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي في شهر يونيو من عام 2023. بل يتعلق الأمر على العكس من ذلك، بتوحيد القوانين، أو على الأقل بجعلها متكاملة. ويتعيّن على الأوساط الأكاديمية أيضا أن تلعب دورها، من خلال العمل على تكوين قادة أكفّاء في مجال التكنولوجيا والشؤون العالمية، والتحقّق من أن أطر الحوكمة الناشئة تستند إلى حقائق لا تقبل الجدل. وهذا يعني أيضا بالمناسبة أن توفر لهم الحكومات إمكانية الوصول إلى الخوارزميات والبيانات التي تغذّي الذكاء الاصطناعي.

ويجب على الجهات الخيرية والمانحين من القطاع الخاص تقييم المخاطر بشكل صحيح منذ مرحلة تصميم المنتجات. إن الدور الذي يلعبه المستثمرون وأصحاب رأس المال المغامر، باعتبارهم مموّلين وراعين للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، يضعهم في موقع متميز من أجل السهر على تطبيق معايير الاستثمار الأخلاقية - التي تكاد تكون شبه معدومة اليوم - في قطاع التكنولوجيا الناشئة (المسؤولية الرقمية للشركات).

على أعتاب ثورة الذكاء الاصطناعي

في عام 2022، جمعت الشركات الناشئة تمويلا قياسيا وصل إلى 621 مليار دولار من شركات رأس المال المغامر. ومع وجود مثل هذه القوة في أيدي هذه الشركات الاستثمارية، يمكن لها ممارسة التأثير على مطوّري البرمجيات. من الممكن أن يأتي الزخم أيضا من هيئات دولية مثل مجلس معايير الاستدامة الدولية، الذي يرأسه إيمانويل فابر (Emmanuel Faber). فبإمكان هذه الهيئات الدفع بالجهات الفاعلة في قطاع رأس المال المغامر في اتجاه تطوير مبادئ تتعلق بالمسؤولية البيئية والاجتماعية وبالحوكمة.

وأخيرا، ينبغي على مطوري البرمجيات -على غرار المهندسين النوويين- أن يعوا المسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتقهم في عملهم. وسيكون من المفيد أن يتمكنوا أيضا من العمل بشكل ملموس على تطوير المواثيق الأخلاقية التي تُطبق على كل قطاع اقتصادي يتأثر بالذكاء الاصطناعي. تعدّ الصحافة والتمويل والصحة مجالات للتطبيق المباشر لهذه الأفكار. ولعل المبادئ التي تبنّتها مجموعة الدول السبع مؤخرا تشكّل بداية جيدة بهذا الخصوص.

نحن على أعتاب ثورة الذكاء الاصطناعي. ومن الممكن أن تصبّ هذه الاضطراب في خدمة الصالح العام، شريطة أن تكون الأنظمة أخلاقية منذ تصميمها. ويتعلق الأمر بمبدأ احترازي أساسي، أو حتى وجودي.

أرنشا غونزاليس وزيرة سابقة للشؤون الخارجية في الحكومة الإسبانية، وعميدة مدرسة الشؤون الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس.

كونسطونس بومولار دولوس المديرة التنفيذية لمعهد بروجيكت ليبرتي

عن صحيفة لوموند الفرنسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی من الممکن أیضا من من أجل

إقرأ أيضاً:

GoDaddy Airo تمكن رواد الأعمال في مصر باستخدام الذكاء الاصطناعي

أعلنت GoDaddy، الشركة المتخصصة عالميًا في تمكين رواد الأعمال، عن إطلاق تجربة GoDaddy Airo الجديدة، وهي أداة مبتكرة مدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى تعزيز قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر ودعمه في الانتقال إلى العصر الرقمي.

تتيح هذه الأداة لرواد الأعمال المصريين تأسيس أعمالهم على الإنترنت في دقائق معدودة، مما يسهم في سد الفجوة بين رؤيتهم التجارية والواقع الرقمي.

 وتوفر GoDaddy Airo حلاً شاملاً يساعد رواد الأعمال على بناء علامات تجارية رقمية قوية، بكل سهولة وبدون الحاجة لخبرات تقنية معقدة.

قالت سيلينا بيبر، نائب الرئيس للأسواق العالمية لدى GoDaddy: "تأتي تجربة GoDaddy Airo كأداة مبتكرة معززة بالذكاء الاصطناعي، مما يمكّن رواد الأعمال في مصر من الاستفادة من مزايا هذه التقنية لتأسيس وتنمية علاماتهم التجارية الرقمية وتحقيق النجاح بسهولة وسرعة".

ذكاء اصطناعي يعزز الكفاءة والابتكار

تتزامن GoDaddy Airo مع نتائج استبيان GoDaddy العالمي لريادة الأعمال لعام 2024، الذي أظهر أن 96% من مالكي الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر يطمحون لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءتهم التشغيلية، بينما يسعى 41% منهم إلى جذب العملاء باستخدام هذه التقنية المتقدمة. 

GoDaddy تقدّم أدوات رقمية متكاملة لتعزيز مبيعات الشركات ترامب يعلق على إطلاق الذكاء الاصطناعي الصيني «DeepSeek»

تلبي GoDaddy Airo هذه الاحتياجات بشكل مثالي، من خلال تقديم أدوات مبتكرة تسهم في تعزيز حضور الشركات على الإنترنت وتحقيق نتائج ملموسة.

من أبرز ميزات GoDaddy Airo: إنشاء العلامات التجارية بسرعة، أدوات تسويق رقمي متكاملة، تقنيات لتحسين نتائج محركات البحث، بالإضافة إلى واجهة سهلة الاستخدام، تتيح للمستخدمين التنقل بسهولة بين الميزات المتقدمة دون الحاجة لخبرات تقنية. كما تتيح الأداة تصميم شعارات، إنشاء مواقع إلكترونية، تخصيص عناوين بريد إلكتروني، وتنظيم تقويمات لوسائل التواصل الاجتماعي بما يتماشى مع الفعاليات المحلية، ما يعزز من ظهور الشركات على الإنترنت.

حلول ميسورة التكلفة للتحديات التقنية

وتواجه العديد من الشركات الصغيرة تحديات في استخدام التقنيات الحديثة، بما في ذلك التكاليف المرتفعة وافتقار الخبرات التقنية، لكن GoDaddy Airo تتجاوز هذه العقبات، بتوفير حلول فعّالة وسهلة الاستخدام بتكلفة مناسبة لجميع الشركات، من دون الحاجة لمهارات متخصصة.

 كما تقدم الأداة دعماً شاملاً، مما يساعد رواد الأعمال في تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتحقيق فوائدها في أعمالهم بأمان.

تتوافق GoDaddy Airo مع التوجهات المستقبلية لمصر في مجال الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، وتدعم رؤية مصر 2030 في تعزيز الابتكار والتحول الرقمي، وفقًا للاستبيان، أشار 93% من مالكي الشركات الصغيرة في مصر إلى أنهم واثقون من قدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين نتائج أعمالهم، وهو ما يعكس ثقة متزايدة في تقنيات المستقبل.

تواكب هذه الأداة أيضًا الجهود الوطنية للاستثمار في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يعزز من قدرة الشركات المحلية على الاستفادة من هذه التقنية لتحقيق النمو والابتكار. 

وبذلك، تساهم GoDaddy Airo في دعم الاقتصاد المصري عبر تمكين رواد الأعمال المحليين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مجالات أعمالهم، مما يسهم في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا.

مقالات مشابهة

  • أوروبا تحظر نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"
  • “سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية
  • حرب الذكاء الاصطناعي.. وأنظمة الغباء الصناعي!
  • ورشة عن الذكاء الاصطناعي لمجلس شباب «طرق دبي»
  • مناقشة أثر الذكاء الاصطناعي في الاستدامة
  • "ديب سيك" الصيني يقلب موازين الذكاء الاصطناعي.. مفاجأة عن مميزاته
  • كل ما تريد معرفته عن DeepSeek نموذج الذكاء الاصطناعي المجاني الذي أطاح بـ"شات جي بي تي"
  • GoDaddy Airo تمكن رواد الأعمال في مصر باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • شاهد | الذكاء الاصطناعي الصيني وماصنعه بالأمريكي! .. كاريكاتير
  • “سدايا” تشخّص واقع تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي في المملكة مع أكثر من 400 مسؤول من القطاعين الحكومي والخاص