الجزيرة:
2025-03-17@07:20:53 GMT

ليونيد بريجنيف.. سياسي وزعيم سوفياتي

تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT

ليونيد بريجنيف.. سياسي وزعيم سوفياتي

ليونيد إليش بريجنيف، سياسي سوفياتي، شغل منصب أمين عام الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي منذ عام 1964 حتى وفاته عام 1982، قاد البلاد 18 سنة ما بين 1964 و1982 خلال مرحلة الحرب الباردة.

وترأس المجلس الأعلى للاتحاد السوفياتي (منصب فخري) في مناسبتين، ما بين 1960 و1964 وخلال الفترة ما بين 1977 و1982، وتعتبر فترة ولايته أمينا عاما للحزب ورئيس للبلاد ثاني أطول ولاية بعد سلفه جوزيف ستالين.

واتسمت سياسته بتوسيع نفوذ الاتحاد السوفياتي على مستوى العالم، عبر تقديم الدعم للحركات التحررية خاصة الدول النامية، إضافة إلى دعم الأحزاب الشيوعية بالدول الرأسمالية.

المولد والنشأة

ولد بريجنيف يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 1906 في دنيبرودزرجينسك، المعروفة حاليا بكامينسكوي في أوكرانيا. وحينما كانت جمهورية تابعة للاتحاد السوفياتي، كان والده يشتغل عاملا بأحد معامل الصلب.

وعام 1923، انضم بريجنيف إلى اتحاد منظمات الشباب السوفياتي "كومسومول" وعمره آنذاك لا يتجاوز 17 سنة، والتحق بالحزب الشيوعي عام 1929، بعد ثورة أكتوبر (1923-1917).

واستدعي للخدمة العسكرية بالجيش الأحمر لسنة واحدة ما بين 1935 و1936، وبعد انتهاء هذه الفترة عاد إلى مدينته وتولى إدارة كلية التعدين، وتمكن بعدها من تقلد عدة مسؤوليات بالحزب الشيوعي، واستطاع صعود سلم المناصب في وقت وجيز.

عاش بريجنيف متزوجا من فيكتوريا دينيسوفا، وكان لهما ابن يسمى يوري، وابنة تسمى غالينا.

الدراسة والتكوين العلمي

التحق بريجنيف بإحدى مدارس مدينة كامينسكوي، حيث تلقى تعليما تقنيا وكان يحب دراسة مادة الرياضيات.

ودرس الهندسة بالمجال الفلاحي أولا، قبل أن يتخرج من كلية الزراعة عام 1927، واشتغل مهندسا وساهم في تأسيس التعاونيات الزراعية، ثم درس بعد ذلك في أحد المعاهد الخاصة بعلم المعادن، وتخرج منه عام 1935 مهندسا معدنيا في صناعة الصلب، وكان بالموازاة مع ذلك يشتغل بأحد مصانع التعدين.

التجربة السياسية والعملية

بعد أن شغل منصب مفوض سياسي في مصنع دبابات، أثناء خدمته العسكرية عام 1936، باشر بريجنيف عمله بشكل رسمي داخل الحزب الشيوعي سنة 1937.

ومع بداية الحرب العالمية الثانية، تولى منصب سكرتير اللجنة الإقليمية للحزب في دنيبروبتروفسك، وعمل تحت الإشراف المباشر للسكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي آنذاك، وكان الأوكراني نيكيتا خروتشوف حاكم الاتحاد السوفياتي الفترة الممتدة من 1953 إلى 1964.

ومع اندلاع الحرب في البلاد، وهجوم ألمانيا المفاجئ بقيادة هتلر على الاتحاد السوفياتي في يونيو/تموز 1941، تولى بريجنيف عملية تعبئة السكان في الجيش الأحمر، وقام بإجلاء الشركات الصناعية من دنيبروبتروفسك في جبال الأورال، نحو شرق الاتحاد السوفياتي، بعد احتلال الألمان للمدينة.

وبعد ذلك أرسل إلى الجبهة الجنوبية، حيث عمل في الإدارة السياسية نائبا لرئيس المديرية السياسية للجبهة الجنوبية، برتبة لواء.

بريجنيف وقع اتفاقية تحد من أنظمة الدفاع الصاروخي مع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (الفرنسية)

وعندما قام الألمان بغزو أوكرانيا عام 1942، ذهب بريجنيف إلى القوقاز في مهمة نائب رئيس الإدارة السياسية لجبهة القوقاز، وبعد ذلك بسنة تقلد منصب رئيس القسم السياسي بالجيش 18 الذي أصبح جزءا من الجبهة الأوكرانية.

إلى جانب ذلك، شارك بريجنيف في الدفاع عن القوقاز، وتحرير أوكرانيا، والهجوم على أراضي ألمانيا، وأنهى الحرب في براغ برتبة لواء رئيسا للإدارة السياسية للجبهة الأوكرانية الرابعة.

وبصفته مفوضا للفوج المشترك للجبهة الأوكرانية الرابعة، شارك في موكب النصر بالساحة الحمراء في موسكو، يوم 24 يونيو/تموز 1945.

وعام 1946، سُرح بريجنيف من عمله العسكري، وعاد إلى العمل الحزبي لقيادة لجان الحزب الإقليمية بأوكرانيا، حيث أبلى بلاء حسنا في النهوض بالاقتصاد السوفياتي بعد الدمار الذي أعقب الحرب. وعام 1950، تمت ترقيته لتولى قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في مولدوفا.

وفي المؤتمر 19 للحزب عام 1952، وبناء على توصية من ستالين، انتخب بريجنيف أمينا للجنة المركزية وعضوا مرشحا لرئاسة اللجنة المركزية للحزب.

وبعد وفاة ستالين في مارس/آذار 1953، أقيل بريجنيف من الرئاسة، وعين نائبا لرئيس الإدارة السياسية الرئيسية للجيش والبحرية للاتحاد السوفياتي.

وعام 1954، عُين سكرتيرا ثانيا للحزب الشيوعي الكازاخستاني، بناء على اقتراح نيكيتا خروتشوف، وقاد عملية تنمية الأراضي الزراعية.

وبعدها بسنتين، قدم بريجنيف تقريرا إلى مؤتمر الحزب حول المهام التي كلف بها، ليتم بعدها نقله إلى العمل في موسكو.

وعام 1960، عين بريجنيف رئيسا للمجلس الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وقد كان مسؤولا عن الصناعة العسكرية بالبلاد، وأولى أهمية خاصة بالقوات النووية والصاروخية والفضائية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1964، وأثناء اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي جرد خروتشوف من جميع المناصب، انتخب بريجنيف السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي (الأمين العام للحزب).

الإنجازات

بعد انتخابه سكرتيرا عاما للحزب ورئيسا للدولة، تعهد بريجنيف بالحفاظ على الاستقرار الداخلي للاتحاد السوفياتي، وأطلق مجموعة من الإصلاحات، ومنح المزيد من الاستقلالية للشركات.

وبدأت نتائج هذه الإصلاحات تظهر، فارتفع إنتاج الكهرباء، وانطلقت عملية تطوير حقول النفط والغاز في سيبيريا، فضلا عن إنشاء نظام لتصدير أنابيب النفط والغاز، وارتفع معدل بناء الوحدات السكنية، وكذا معدل التنمية الاجتماعية بالبلاد.

ولكن البعض يرون أن فترة ولاية بريجنيف -كرئيس للدولة وأمين عام للحزب- عرفت ركودا اقتصاديا وانتشارا كبيرا للرشوة ومظاهر الفساد الإداري والسياسي، فضلا عن تنامي الفجوة التكنولوجية بين المعسكرين الغربي والشرقي.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 1977، اعتمد المجلس الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ما سمي بدستور "بريجنيف" بدلا من دستور 1936، ورغم أن أغلب مضامينه لم تنفذ بالكامل، فإن هذه الورقة جعلت القانون بالاتحاد السوفياتي آنذاك أقرب إلى الممارسة على أرض الواقع، ودخلت التاريخ باعتبارها "دستور الاشتراكية المتقدمة".

وعلى مستوى السياسة الخارجية للاتحاد السوفياتي، عمل بريجنيف على الحفاظ على النظام القائم حينها في أوروبا الشرقية، مع تخفيف حدة التوتر في العلاقات مع البلدان الغربية.

وعام 1972، وقع بريجنيف والرئيس الأميركي وقتها ريتشارد نيكسون معاهدة تحد من أنظمة الدفاع الصاروخي، والأسلحة الهجومية الإستراتيجية.

وأول أغسطس/آب 1975، تم التوقيع على الوثيقة الختامية لمؤتمر الأمن والتعاون بأوروبا في هلسنكي، والتي نصت على حرمة الحدود، تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وأعلنت الوثيقة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الفكر والضمير والدين والمعتقد، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تنشيط الحركة المنشقة باتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.

وخلال فترة حكم بريجنيف، أصبح الاتحاد السوفياتي قوة عالمية توازي قوة الولايات المتحدة، خاصة من حيث الطاقة النووية، وهو ما جعل موسكو تبسط نفوذها بشكل كبير على وسط وشرق أوروبا.

وفي ديسمبر/كانون الأول 1979، اجتاحت القوات السوفيتية أفغانستان، مما أثر سلبيا على صورة الاتحاد السوفياتي لدى دول العالم، وقد اتضح ذلك من خلال رفض أكثر من 60 دولة المشاركة بالألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980.

ويرى المؤرخون أن هذا الغزو كان بمثابة آخر مسمار دُقّ في نعش الإمبراطورية السوفياتية التي انهارت بعد 10 سنوات.

المؤلفات

تفيد بعض المصادر التاريخية أن بريجنيف ألف 3 كتب، الأول عنونه بـ "الأرض الصغيرة" والثاني "النهضة" والثالث بعنوان "الأراضي البكر" وكلها تحكي عن تجربته السياسية والحزبية والعسكرية أيضا.

وتوج بريجنيف بجائزة لينين في الأدب لسنة 1979، آخر سنوات عمره، بعد إصداره لهذه الكتب، حينما نُظم حفل باذخ بالكرملين، في 31 مارس/آذار 1980، تم خلاله تقديم الجائزة إلى هذا الزعيم السوفياتي.

بعد هذا التتويج واجه بريجنيف سيلا من الانتقادات التي شككت في قدرته على كتابة هذه "الثلاثية الشهيرة" وهو في خريف عمره وقد أنهكه المرض واستنزف قدراته، فأصيب أكثر من مرة بنوبة قلبية أفقدته القدرة حتى على إلقاء كلمة قصيرة.

ولم يكن بريجنيف متحدثا جيدا ولا خطيبا مفوها على غرار أسلافه لينين وستالين وخروشوف وغيرهم، حتى وهو في كامل قوته، لذلك انتقدت فئة واسعة من الشعب السوفياتي منحه جائزة أدبية رفيعة من قيمة جائزة لينين في الأدب.

الوفاة

توفي بريجنيف في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1982، بعد أصابته بعدة نوبات قلبية شديدة الوطأة، أنهت حياته عن عمر ناهز 76 سنة، ودفن في الساحة الحمراء بالعاصمة السوفياتية موسكو بالقرب من جدار الكرملين.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أحداث الساحل السوري وتداعياتها السياسية

يختلف منطق التاريخ وسيرورته عن المنطق الأخلاقي وأحكامه المعيارية، فبين الاثنين هوة كبيرة جدا: يخضع الأول إلى دينامية معقدة بتعقد الفعل الإنساني أفرادا وجماعات ودولا، لا يوجد في منطق التاريخ ودينامياته أحكاما إنسانية، بل وصفا وتحليلا للحوادث، بينما يخضع الثاني إلى إضفاء موقف إنساني من أحداث واقعية، وهو بذلك يقدم رؤية فكرية مفارقة للواقع، بمعنى أنها تقدم حكما عقليا وأخلاقيا ذاتيا ليس ناجما عن معطيات إمبريقية مباشرة، إنه منفصل عنها من حيث العلاقة السببية، ولذلك تختلف الأحكام الأخلاقية من فرد إلى آخر.

من خلال هاتين الرؤيتين المتعارضتين يمكن النظر إلى أحداث الساحل السوري الأسبوع الماضي وتداعياتها السياسية داخل سوريا.

المنطق الأخلاقي

وفق المنطق الأخلاقي وأحكامه المعيارية، ما جرى في الساحل السوري من عمليات ثأر أدت إلى مقتل مئات العلويين معظمهم مدنين أبرياء ـ كرد فعل على الكمين الذي قامت به مجموعة من فلول نظام الأسد وأسفر عن مقتل نحو مئة عنصر من الأمن العام ـ هو فعل مرذول ومرفوض، فلا يُعقل أن يُقتل الأشخاص على أساس هُوياتي، وليس على أساس فعل ارتكبوه.

شكلت أحداث الساحل وستشكل، على الرغم من مأساويتها، تحولا مهما في الساحة السياسية السورية، برزت مفاعليها في سلوك الأقليات والأكثرية معا على السواء، وكانت مضامينها ما يُشبه الاتفاق المُضمر: توافق الأقليات على الاندماج في النظام السياسي الجديد مقابل الحصول على ضمانات سياسية وعسكرية وثقافية.ما جرى في الساحل السوري هو جريمة مكتملة الأركان، سواء أكان وراؤها عناصر من الأمن العام، أو فصائل منفلتة، أو أشخاص عاديين غاضبين، يتحينون الفرصة للثأر الشخصي.

من ناحية الأخلاق السياسية، ما جرى يضع إدارة الحكم الجديدة في موضع متساوي مع جرائم نظام الأسد، على الأقل في المخيلة السياسية للعلويين، والمخيال الاجتماعي والسياسي مجال تسوده القناعة وليس مجالا تسوده المعرفة، بمعنى ما جرى في الساحل سيعزز المخيال العلوي تجاه السُنة، وهو المخيال الذي اشتغل عله الأسد الأب والابن معا من خلال غرز سردية في الوعي الجمعي العلوي مفادها أن السُنة ما يتسلموا السلطة سيقضون على الطائفة، ويعيدوها إلى مألوف عيشها قبل قرون حين كانت تعيش فيما يشبه الغيتو اليهودي في أوروبا.

وبهذا المعنى، ساهمت أحداث الساحل في تعزيز الانقسام الهوياتي بين السُنة والعلويين من جهة، والسُنة وباقي الأقليات من جهة أخرى، وهذا ما ليس من مصلحة أحد، خصوصا الإدارة الحاكمة في سوريا، المطالبة بأكثر مما هو مطلوب من باقي مكونات الشعب السوري: أولا لأنها في الحكم، فالمطلوب من الحكام أكثر بكثير مما هو مطلوب من المواطنين افرادا وجماعات، وثانيا لأن الإدارة الحاكمة تنتمي إلى الأغلبية السُنية، والأكثرية أيضا مطالبة في الحالة السورية تحديدا بتقديم خطاب وسلوك جامع لكل السوريين، لا سيما العلويين.

المنطق التاريخي

وفق منطق التاريخ تبدو النتائج مختلفة تماما عن نتائج المنطق الأخلاقي: هنا حيث تخضع سيرورة التاريخ للفاعل الأقوى، بمعنى أن جوهر حركة التاريخ تقوم على معادلة القوي والضعيف.

ما جرى في الساحل السوري من انطلاق فصائل وعناصر منفردة من إدلب وحلب ومحافظات أخرى بشكل منظم وغير منظم، والقيام بهجوم واسع على المناطق الآهلة بإخواننا العلويين في مشهد سوريالي، كان له تأثير سياسي إيجابي كبير جدا.

أولا، على صعيد العلويين، إما أن تؤدي أحداث الساحل إلى توحد العلويين في كتلة متراصة يقودها ضباط من فلول النظام السابق تبدأ بفعل عسكري مضاد، أو يحدث العكس، عبر النأي بالنفس عن المقتلة التي قادها غياث دلا وعناصره بحق عناصر من الأمن العام، وإعلان التبرؤ من هذا الفعل الذي وضع الطائفة في خطر.

ما حدث هو الحالة الثانية، فقد أعلن كثيرون من الطائفة العلوية رفضهم لسلوك عناصر فلول النظام بقدر رفضهم لرد الفعل السني، لكن رد الفعل الأخير أيقظ في الوعي العلوي الحس التاريخي الآني، أي أصبحوا مدفوعين بوعي أو بغير وعي، أو كليهما معا، لتمييز أنفسهم عن نظام الأسد والقبول بالواقع السياسي الجديد، هكذا حمل رامي مخلوف وغيره مسؤولية أحداث الساحل على فلول نظام الأسد، ومحاولتهم توريط الطائفة بأعمال عسكرية.

ثانيا، على صعيد الأكراد، صحيح أن المفاوضات بين إدارة الشرع و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) تجري منذ فترة، وصحيح أن الضغط التركي ما زال قائما مصحوبا بموقف أمريكي مائع، وصحيح أن ثمة توافقات بين "قسد" ودمشق.

لكن الصحيح أيضا أن "قسد" ظلت محتفظة بموقفها المتمثل بإبقائها قوة عسكرية متماسكة وخاضعة لقيادة كردية أولا، ثم الاتفاق على شكل وجوهر النظام السياسي في سوريا قبل الحديث عن عمليات الدمج العسكري ثانيا.

هل هي صدفة أن يُبرم الاتفاق بين "قسد" ودمشق بعد أيام قليلة من أحداث الساحل السوري؟

في تقدير كاتب هذه المقالة أن أحداث الساحل سرعت الاتفاق، فالمشهد الذي رآه كل السوريين، خصوصا الأقليات، كان مرعبا وجعلهم يقومون بعملية إسقاط عقلي، ويطرحون تساؤلا هاما، ماذا لو حدث بالخطأ فعل مشابه للكمين الذي نفذه غياث دلا تجاه الأمن العام؟ كيف سيكون الرد السُني؟

وفي بيئة كردية مختلطة بعشائر سُنية، ومحاطة بغلاف جغرافي سُني، وبقوة عسكرية ضاربة تتحين الفرصة (تركيا)، هيمنت البراغماتية الكردية على التفكير الأقلوي.

ثالثا، على صعيد الدروز، ما حصل مع الأكراد حصل نفسه مع الدروز الذين شاهدوا بعينهم رد الفعل السُني في الساحل، وطرحت التساؤلات نفسها.

ما جرى في الساحل السوري هو جريمة مكتملة الأركان، سواء أكان وراؤها عناصر من الأمن العام، أو فصائل منفلتة، أو أشخاص عاديين غاضبين، يتحينون الفرصة للثأر الشخصي.وعلى الرغم من وجود قوى درزية ما تزال ترفض الاتفاق مع دمشق، وفي مقدمهم شيخ الطائفة حكمت الهجري، إلا أن هناك قوى أخرى تتفاهم مع إدارة الشرع منذ أسابيع عدة، وجاءت أحداث الساحل أيضا لتسرع الاتفاق بين الجانبين، وتطوي إمكانية تكرار تجربة الساحل في السويداء.

رابعا، على صعيد الحكومة السورية، أدت أحداث الساحل إلى إجبار الرئيس السوري أحمد الشرع على الانتقال من حالة الخطابات إلى حالة الفعل الملموس على الأرض، ليس من خلال تشكيل لجنة للتحقيق بما جرى في الساحل فحسب، بل والأهم بضرورة ضبط السلاح بين ظهرانيه، وخصوصا في المناطق الشمالية الغربية من سوريا، حيث الفصائل المسلحة بعيدة عنه.

خاتمة

شكلت أحداث الساحل وستشكل، على الرغم من مأساويتها، تحولا مهما في الساحة السياسية السورية، برزت مفاعليها في سلوك الأقليات والأكثرية معا على السواء، وكانت مضامينها ما يُشبه الاتفاق المُضمر: توافق الأقليات على الاندماج في النظام السياسي الجديد مقابل الحصول على ضمانات سياسية وعسكرية وثقافية.

بهذا المعنى، فالحرب امتداد للسياسة، فما أسيل من دماء في الساحل دفع إلى الانتقال نحو مرحلة سياسية جديدة، لن تستقيم إلا بمشاركة جميع مكونات المجتمع السوري، بما فيهم العلويين من أجل بناء سوريا جديدة تقوم على مبدأ المواطنة.

مقالات مشابهة

  • عبد المنعم سعيد مستشارًا سياسيًا لرئيس حزب الجبهة
  • الحضيري: الظروف السياسية والأمنية لا تشجع شركات النفط الجادة على العودة
  • محلل سياسي: الحرب الروسية الأوكرانية نحو اتفاق سلام محتمل
  • الشيباني في بغداد البراغماتية السياسية تنتصر
  • أحداث الساحل السوري وتداعياتها السياسية
  • الدورة البرلمانية الحالية: مسرح سياسي أم مؤسسة تشريعية؟
  • ضرورة وجود أفق سياسي للشعب الفلسطيني.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة| تفاصيل
  • كيف يمكن لكيان سياسي الفوز بالانتخابات؟
  • الصدر في خطبة صلاة الجمعة: الانتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات
  • الصدر في خطبة صلاة الجمعة: الإنتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات