الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: ما كان سيكون، والعملية العسكريّة الإسرائيليّة في مخيّم اللاجئين في جنين لم تتمكّن من إعادة الردع لجيش الاحتلال، وهي ليست أكثر من حبة مهدئ للمستوطنين، كما وصفها المُستشرِق تسفي بارئيل في صحيفة (هآرتس) العبريّة، فيما أكّدت المحافل الأمنيّة بالكيان لصحيفة (إسرائيل اليوم) أنّ “الاختبار ليس في العملية التي انتهت بالأمس، ولكن في العملية التي ستنفذ غدًا”.

 أمّا مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فقد أوضح أنّ جيش الاحتلال أعاد لنفسه بعد العملية ما أسماها بـ “حرية العمل”، ولكنّ سفك الدماء سيستمّر، كما قال، هذا وعقب انسحاب جيش الاحتلال فجر الأربعاء، بعد 48 ساعة من عدوان جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها، أكّدت صحيفة عبرية، أنّه لا يمكن للكيان الذي يمتلك القدرات العسكرية الكبيرة أنْ يقضي على المقاومة الفلسطينية التي تتمتع بقدراتٍ وأسلحةٍ بدائيةٍ.

وأوضحت “إسرائيل اليوم“ في خبرها الرئيس أنّ انسحاب جيش الاحتلال من جنين، جاء نتيجة “تخوف من أنّ استمرار التواجد في مخيم اللاجئين سيجر تورطًا غير مرغوب فيه، من مصابين في أوساط القوات الإسرائيلية“.

وذكرت، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ في تل أبيب، أنّ “إنجازات العدوان على جنين تنقسم إلى قسمين، مادية ومعنوية. في الجانب المادي، عثر على مئات العبوات الناسفة (صناعة محلية) ودمرها، حيث تم زرع بعضها في طرق الوصول إلى مخيم اللاجئين وفجرت استنادًا إلى معلومات دقيقة من (الشاباك)، وتم العثور على ست مختبرات لإنتاج العبوات، وخنادق تحت أرضية وغرف اختباء ومخازن سلاح“.

بالمقابل، فإنّ “المس بالمطلوبين (المقاومين) كان أقل ممّا كان مخططًا، وجرى اعتقال أكثر من 100 فلسطيني والتحقيق ميدانيًا مع نحو 800 مواطن فلسطيني، وبقي في جنين غير قليل من نشطاء المقاومة ممن شكلوا صداعًا غير قليل للقوات الإسرائيلية“.

أما في الجانب المعنوي، فإنه “كان يفترض بالعدوان العسكري أنْ ينزع عن مخيم اللاجئين صورة مدينة اللجوء، أوْ كما وصفها أمس مصدر أمني كبير بـ(القلعة)، لافتةً إلى أنّ “الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة استصعب جدًا العمل في جنين، وكل حملة تطلبت إعدادًا دقيقًا وترافقت مع قتال شديد، في ظل الوعد من قبل المقاومة بأن جنود الجيش الإسرائيلي سيعودون من جنين في التوابيت”.

وأكّدت أنّه في حال لم يقم الجيش الإسرائيلي بالعودة مرة أخرى في عدوان جديد على جنين ومخيمها، فمن المرجح أنْ تتمكن المدنية ومخيمها من أنْ يكونوا أهدافًا محصنةً، على حدّ وصفها.

ومضت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ “مسيرة كهذه اجتازها مخيم اللاجئين بعد فك الارتباط، فالحملات الأولى تطلبت في حينه كمية قوات ومركبات مدرعة، لكن بمرور 7– 8 أشهر وصل الجيش الإسرائيلي إلى وضع كان يمكنه فيه العمل حتى بقوات صغيرة وأكثر خفة بكثير. وكي يحصل هذا الآن؛ مطلوب تصميم أمني وإلى جانبه حكمة سياسية واقتصادية“.

ورأت المصادر أنّه “كلما استمر الضرب للمقاومين وتعمق، كان أسهل على أجهزة الأمن العودة والعمل في المنطقة“.

ولفتت إلى أن “الحرث العميق الواجب مواصلته ووجوده (قص العشب) باللغة العسكرية الإسرائيلية – ساري المفعول بالطبع في باقي أجزاء الضفة الغربية، ومن يعتقد أنّ المقاومة تم اجتثاثها إلى الأبد في يومين، فإنّ عليه أنْ يُشفى من الإنصات إلى السياسيين“.

وتابعت: “طبيعة مثل هذه الحملات، أنها في المدى القصير بالذات تشجع المقاومين على الخروج للعمل مثلما حصل أمس الأوّل في تل أبيب، هذه العملية ترفع إلى السطح مرة أخرى ظاهرة الماكثين غير القانونيين، والتي وإنْ كانت تقلصت في السنة الأخيرة، فإنّها لا تزال قائمة على خلفية الحاجة الاقتصادية وتستوجب جوابًا بإنفاذ متصلب أكثر بكثير على مشغلي الماكثين غير القانونيين“.

وخلُصت إلى القول إنّه “لم يحسم أي شيء في اليومين الأخيرين في جنين، شبكات المقاومة تلقت ضربة غير قاضية، ولأجل تعميقها مطلوب التواصل، إلى جانبها مطلوب تقديم جواب للارتفاع المقلق للمقاومة في باقي أجزاء الضفة أيضًا لأجل تعزيز الردع والسماح للسلطة الفلسطينية بالعودة للعمل“، مُشيرةً إلى أنّ “اختبار كل هذا سيكون مع مرور الوقت، ستكون هناك لحظات صعبة، كما هو الحال دائمًا في العمل ضد المقاومة، الاختبار ليس في العملية التي انتهت بالأمس، ولكن في العملية التي ستنفذ غدًا“، كما قالت.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

رجال القش

 

 

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

 

 

شاهدنا جميعًا وفي أقل من عامٍ ونصف الكثير من المُغالطات التي تبنَّتها شخصياتٍ ولغت بألسِنتها في قعر انحطاطٍ غير مسبوق ضد المُقاومةٍ الفلسطينية باعتبارها خطرًا على المِنطقة وربما العالم أجمع، وهي مُغالطةٌ تتبنى تأصيل احتمال غير وارد وإشاعتهِ على نطاق واسع حتى إذا اتخذ لنفسهِ مكانًا بين الحقائق عُمد إلى حقيقة جرائم المُحتل كردة فعلٍ طبيعية وأنسنة همجيته غير القابلة للشك بزخرف القول وتقديمها كأولوية وقع عليها الظُلم وليس العكس، وهذا ليس خلطًا منهجيًا للحقائق وحسب بل محاولةٍ فجةٍ تغتصِب العقول للقبول بالنقائض دون اثارةٍ من إثبات.

 

كما نُلاحظ إن بعض الدول المُعول عليها في هذا الشأن لم تُلقي حجًرا في ساحة الضواري وهي تنهش بني جلدتها، بل إنها لم تنبس بِبنت شَفةٍ واتخذ كُبرائها وخبرائها وعلمائها سِمة الجماد إلا ما يصدر عنه لا إراديًا نتيجة عوامل طبيعية، ولا يُعزي سكوتهم هذا حكمةً بقدر ما هو جُبنًا وتنصلًا، وإذا خاطبهم العارفون قالوا "حل الدولتين" وعادوا بعدها سيرتهم الأولى، ولا بأس لو أن الأمر توقف عند هذا الحد لقلنا كفى بالموت واعِظا إلا أنها ربطت حجارتها وأطلقت عنان بعض نابحيها وراء قوافل الحرية للتشكيك في نزاهةِ المُقاومة وأهدافها والحط من مكانتها ومقاصدها، فلا هُم وجهوا مفكريهم ومثقفيهم لقول الحق ولاهم منعوهم من تلبيسه بالباطل، وكأن طريق السلام الذي ترتسِمه الفزَّاعات الغربية الصهيونية قد رُصف وبات مسلكُه مُمهدًا باستثناء عقبة غزة البسيطة، ولم يتبق سوى عدة نقاشات على طاولةٍ مُستديرة في البيت الأسود باعتبار أن 7 عقودٍ ونيِّف قد آتت أُكلها وحان اليوم قطافها مع رجل القش الأمريكي وهو يستبيح ويحلل ويبَرء وفي نفس الوقت يغتصب ويُحرم ويُجرم، ولكن العقبة كؤود والقافلة تجري.

إنه لمن بالغ الأسف أن تخرج صحفٌ عربية كانت منارًا لكلمةِ الحق أو نحسبها كذلك عن مسارها النزيه الذي لم تعُج عنه مُنذ سنين، وقد دبَّجت أقلامها خطوطًا نقشت طريقًا واضحًا لا يزيغ عنه إلا مُتعمدًا موقنًا بحيدتهِ أو مُتحرفًا لفئة باغيةٍ فقط لأن حكُوماتها مُطبِّعة تتبنى الرؤى الغربية، وإن ما يندى له الجبين ويعزب بالفطين تدليس عالِم نحرير، ومُحدثٍ منطيق للحقيقة، وهو يعلم كما نعلم أنه يصطنع من الهامش الثانوي مبالغاتٍ حتى يبني عليها نظرية رجل القش وما يلبث أن يستفرغ كل علمه ومعلوماته لعضد أقواله شائحًا بوجههِ عن أصل المشكلة ومهمشًا للأولويات، وإلا مُنذ متى كان مقاومة أي مُحتل توجهًا خاطئًا وجب تصويبهُ بثنيهُ أو ذنبًا مُقترفًا يستوجب طلب غُفرانه وعدم تكراره؟!

ما بعد الطوفان ليس كما قبله، فكما انكشف القِماط عن مُصاب الأمة الدائم وانتقاض جُرحها الغائر المُتقادم تكشَّف لُثام الزيف عن وجوه نُخبة طالما توشحت به أكتافها واسدلته زينةً على أعطافها من فوق منابِر الفصاحةِ والبلاغةِ والبيان، وهم يحدثوننا دهرًا عن فضائل الجهاد ومحامد الذود عن حياض الأرض والعِباد وقد صمتوا فجأة صمت القبور حين تجلى جُرم الاحتلال على رؤوس الأشهاد، وتبين للإنس والجن تدبيرهم وما كانوا يخفون ولا ينظُرون إلا نُطق الجماد، وثاب إلى رشده من كان يساوره شيئًا من الشك يسير أو من الريبة واللا يقين في نوايا حملات استعمار القوى الغربية للمشرق الإسلامي والتي لم ولن نجد لسُنتها تبديلا.

من مَثارات السُخريةِ أن بعض وسائِل الإعلام العربية تشيح بوجهها البراق عن كُل ما يحدث في القضية الفلسطينية وكأن الأمر لا يعنيها من قريبٍ أو بعيد؛ بل إنها تدأب على تبسيط وتسهيل الأحداث حتى خلُص قوسها ونَبلها إلى النيل من نُبل رموز المُقاومة واقطابها، وبلغت رؤى زرقاء يمامتِها إلى سبر مكنون نوايا المُجاهدين من خلال اجتباء ثقافة الفكر المُتطرف والإرهاب اللذين يصدرهما طازجا ومُعلبًا كبار صنَّاع السياسة العالمية، ثم احتوائه تمهيدًا لذبحهِ حسب الشريعةِ الإسلامية وتقديمه وجبة شهية على الطريقة العربية ولكن الإسلام والعرب منه براء.

لا يُفترض أن يستعصي علينا اليوم كعرب ومُسلمين فهم وفك رموز اللعبة الخبيثة التي عضُلت بالإنسان الغربي ولا يزال واقعًا في متاهتها لاستحكام الروايات التضليلية التي مورست عليه، ولكن من وقع في الجهالة إزاء أقوال بعض المتوشحين بعباءة المنطق والواقعية والمناهضين للجهاد والمُقاومة، فما عليه إلا الإنصات والاستماع لأقوال وتصريحات معظم الرؤساء الغربيين الصريحة والمباشرة والعداء البين من أرفع مستوياتهم القيادية والسياسية دون مُراءاة أو مُحاباة وجُلها يصب في خدمة الكيان الصهيوني ومصلحته، ومقارنتها بالمواقف السياسية العربية والتي تمتنع في معظمها عن الرد على نفس المستوى، وليس حكمةً ورزانةً أو تروٍ وهدوء؛ بل خوفًا ورعبًا على واقعهم من أوهام رجال القشْ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • شاهد | لبنان.. المقاومة تستعصي على الاصطفاف الأمريكي الإسرائيلي
  • القمة الأفريقية: إدانة عدوان إسرائيل ومحاكمات دولية على الإبادة الجماعية
  • رجال القش
  • إسرائيل تواصل هجومها على جنين ومخيمها
  • ترامب: المفترض على حماس إطلاق جميع الأسرى الصهاينة وليس ثلاثة فقط
  • إسرائيل تواصل هجومها على جنين ومخيمها لليوم الـ26
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ 26
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة اليامون غربي جنين بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة اليامون غربي جنين
  • عدوان الاحتلال على جنين .. تدمير 470 منزلاً ومنشأة