محمد بن حمد المسروري
حالتان متلازمتان منذ عصور بعيدة في تاريخ البشرية، الرشوة لمن قبلها بداية في حالات بسيطة وعادية من وجهة نظره، فإذا بها تتطور شيئًا فشيئًا مثلما يكبر الفطر فوق أرض نبت فيها بغير رضا مالك الأرض والزرع، ومثلما تكبر النخيل (النبت الذي نبت من غير ما جذر ويقال لها "نشوة") لتصل إلى علياء هاماتها.
هناك تكبر قيمتها وتعلو هامتها، وتصل ربما مبتغاها الآني فيشعر المتعامل بالانتشاء لنيل المزيد منه، ولا يهمه تاليا لآخرة بها نار جحيم إنه غض الطرف كثيرا عن معناها الحقيقي وإيلامها، وتناسى أن لا مجيب حينما يدعو للنجاة، ولاجنة عرضها السماوات والأرض يأملها ويحسب كل خطوة أو فعل يبلغه إلى أدنى خطوات منها، المهم كسب المال بأي وسيلة كانت، قال البعض عنها إنها مجرد عمولة، بين المتعاملين، وهذا أمر عادي في حياة بني البشر مثلما تبيع شيئا وتقبض ثمنه من خلال وسيط يأخذ أجره من بينكما برضا أحد الطرفين أو الأطرف، بحسب حالات كانوا عليها في موقع معين، أو عين، حديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي المسموع أو المرئي، وتارة للطاولة أضلاع ولك الاختيار بين أضلاعها، فأي ضلع شئت له قيمة، فأنت وما اشتهيت ورغبت؛ إذ لكل شبر قيمة، فاختر لنفسك المسافات لبلوغ هدف ترومه، هكذا قيل، في ماضي الوقت، وهو في الحاضر المُعاش حديث العصر؛ إذ لا يتم حديث بين طرفين أو أكثر إلا والمال ثالث أو رابع المتحاورين بين الحضور، وقد يكون مثلث الأضلاع فوق تلكم الطاولة، إنما الحضور وحدهم الورق الذي سيخط عليه وبه القول ليكون المال سالبًا لعقول وقلوب المتحاورين، والهدف المنشود من قبل ومن بعد.
البشر وحدهم المنساقون خلف وهم المال، لا بل خلف مسمياته وألوانه وأرقام الطامحون بل والطامعون وراء وَهْم المال، ولم يسلم من آفته، المرّشحون لمجلس الشورى الأخير بل هناك من انغمس في تكييفه والتخويف به ومنه، تارة لطالب أهداف باختصار المسافات لنيله، وهم يناظرونها في حياة أخرى تناسوها، أنساهم الطمع والنهم، إنسانيتهم، وأخلاقهم وعلائق إيمانية وأخلاقية وإنسانية، فأضحت قلوبهم هواء من كل ذلك إلا المال وكيف وبأي وسيلة يجمع، المجتمع من بني البشر.
اليوم غدا مأزوم ينادي ألا من معين؟! وصلت سطوة المال الى قمم الجبال وعمق الوادي والوهاد، فتجاوز النفس والأنفس، أما من مغيث بنصح يا قوم؟!
أوجه كلمة حق الى كل ذي ضمير حي في هذا الوطن بأن يُرشد الناس عامتهم وخاصتهم، في بلادنا وبلاد المسلمين كافة، إلى كلمة حق يراها، وإنا لناظرين إلى قول الحق وحده. والله من وراء القصد وهو المعين وبيده التوفيق والتمكين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صحة حديث والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، جاء مضمونه كالتالي: ما صحة حديث والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؟ فقد سئل بخطاب مدير قسم التعاون بوزارة الزراعة بما صورته: أرجو التفضل عن الجملتين الآتيتين؛ هل هما أو إحداهما من مأثور قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه»، «الله في عون المرء ما دام المرء في عون أخيه»؟.
قالت دار الإفتاء إنه ورد في الجزء الثامن من "صحيح الإمام مسلم" (المطبوع بالأستانة، بصحيفة 71) ما نصه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
وبهذا عُلِم ما هو المأثور من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم نعثُر على ما خالفه، ولا نستطيع نفي ما عداه، فإن ثبت ما يخالفه بطريق صحيح كان من اختلاف الرواية.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه قد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة, ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة, والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه, ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة, وما اجتمع قوم في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده, ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) (صحيح مسلم).