شركة تجسس إسرائيلية تستغل حرب غزة للتقرب من واشنطن
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
قال موقع إنترسبت الأميركي إن شركة إسرائيلية شهيرة في مجال تكنولوجيا التجسس أرسلت خطابين عاجلين لطلب اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤولين في وزارته بهدف تحذيرهم من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وجاء في الرسالة -التي بعثها مكتب للمحاماة نيابة عن مجموعة "إن إس أو" التي تنتج برامج التجسس الإسرائيلية بيغاسوس– أن الشركة "تطلب بشكل عاجل فرصة للتواصل مع الوزير بلينكن والمسؤولين في وزارة الخارجية في ما يتعلق بأهمية تكنولوجيا الاستخبارات السيبرانية" في أعقاب ما سمتها "التهديدات الأمنية الخطيرة" التي تشكلها المقاومة.
وتعد هذه الرسالة أحدث سعي من الشركة لإعادة تلميع صورتها، والأهم من ذلك شطبها من القائمة السوداء الأميركية.
وفي العامين الماضيين تعرضت سمعة "إن إس أو" لضربة كبيرة بعد الكشف عن دور برامج التجسس التابعة لها في انتهاكات حقوق الإنسان.
ومع اتهامها بالتجسس لصالح دول دكتاتورية أدرجت وزارة التجارة الأميركية المجموعة في القائمة السوداء في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وقالت الوزارة وقتها "إن حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأميركية"، وبعد شهر من معاقبتها تم الكشف عن استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على الدبلوماسيين الأميركيين.
وكانت القائمة السوداء بمثابة تهديد وجودي للشركة، لذلك فهي تستعين بالعديد من شركات العلاقات العامة والمحاماة الأميركية، وأنفقت 1.5 مليون دولار العام الماضي وركزت بشكل كبير على السياسيين الجمهوريين الذين أصبح العديد منهم الآن صريحين في دعمهم لإسرائيل، وضد وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
تلميع الصورة
ومع تصاعد الحرب على غزة تبدو "إن إس أو" أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأنها ذات فائدة للحكومة الأميركية.
وجاء في الرسالة الموجهة إلى بلينكن "إن تكنولوجيا الشركة تدعم الحرب العالمية الحالية ضد الإرهاب بجميع أشكاله، وتتوافق هذه الجهود بشكل مباشر مع الرسائل المتكررة لإدارة بايدن لدعم الحكومة الإسرائيلية".
وتسوّق شركة "إن إس أو" نفسها على أنها متطوعة في المجهود الحربي الإسرائيلي بزعم أنها تساعد في تعقب الإسرائيليين المفقودين والرهائن.
وفي هذه اللحظة -التي وصفها 6 خبراء لموقع "إنترسبت" بأنها محاولة من جانب الشركة لـ"تلميع الصورة"- يعتقد البعض أن الحكومة الأميركية قد تخلق مساحة للشركة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وتوضح الوثائق التي حصل عليها الموقع الضغوط المكثفة التي تبذلها الشركة، خاصة بين الجمهوريين الصقور المؤيدين لإسرائيل.
وعقدت شركة "بيلسبري وينثروب شو بيتمان" -وهي شركة محاماة مقرها نيويورك- أكثر من 6 اجتماعات بين مارس/آذار وأغسطس/آب الماضيين نيابة عن "إن إس أو" مع بيت سيشنز النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، وهو عضو في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب وكذلك الرقابة والإصلاح.
وناقش أحد هذه الاجتماعات "وضع الاستئناف الذي قدمه مكتب الصناعة والاتصالات الأمنية التابع لوزارة التجارة الأميركية".
وعقدت جماعات الضغط أيضا 3 اجتماعات مع جاستن ديسيجيل الذي كان آنذاك رئيسا لموظفي النائب اليميني المتطرف دان كرينشو، وهو جمهوري من تكساس وعضو في اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب.
كما تقدم السجلات العامة بشأن جهود الشركة أمثلة ملموسة لمحاولتها التهرب من العلاقة القائمة بينها وبين الحكومة الإسرائيلية.
تقييم للمخاطروجاء في الرسالة الموجهة إلى بلينكن "يتم التعامل مع أداة بيغاسوس التابعة لشركة "إن إس أو" في إسرائيل باعتبارها أداة دفاعية تخضع للتنظيم من قبل الجهات التنظيمية في البلاد، ويجري تقييم مخاطرها على حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم".
وقالت وزارة التجارة الأميركية إنه لا يوجد تغيير في وضع "إن إس أو" في القائمة السوداء، وامتنعت عن التعليق.
ووفقا لمجموعة الأبحاث "فورانسيك أركيتاكتار"، فقد ساهم استخدام منتجات مجموعة "إن إس أو" في وقوع أكثر من 150 اعتداء جسديا ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
وفي رسالة إلى وزارة العدل في يوليو/تموز الماضي دعت منظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" الحكومة إلى التحقيق فيما وُصف في ذلك الوقت بعدم تسجيل الشركات كوكلاء لإسرائيل بموجب قانون تسجيل الأجانب، وجاء في الرسالة "نعتقد أن هذا التحريف متعمد".
ولم تذكر أي من الشركات الأربع التي عينتها "إن إس أو" في تسجيلاتها أن هناك أي سيطرة حكومية إسرائيلية على مجموعة برامج التجسس، وذلك رغم الأدلة التي قدمتها منظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن" عن النفوذ الإسرائيلي على الشركة التي تلبي التعريف الأميركي للسيطرة الحكومية، ويشمل ذلك حقيقة أن جميع عقود "إن إس أو" تحددها حكومة إسرائيل بزعم أنها تخدم مصالح سياسية، حسب الموقع.
ومع ذلك، لا تقدم وزارة العدل تحديثات أو ردودا على مثل هذه الإحالات، ولم تنشر رأيا أو تصدر عقوبة.
وقال شابيرو من منظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" إنه "استنادا إلى ملفات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب سيكون لدى المرء انطباع بأن شركة "إن إس أو" كانت بمثابة شركة خاصة عادية، ولكن نظرا لدورها في برامج التجسس فإن فهم سيطرة الحكومة أمر مهم حقا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القائمة السوداء برامج التجسس حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
هل فهم الديمقراطيون الرسالة بعد فوز ترامب؟
إذا كان دونالد ترامب فظاًَ أو قاسياً أو لا يصلح ليكون رئيساً، فلماذا يبدو الحزب الديمقراطي بالنسبة للعديد من الأمريكيين أسوأ منه؟.
بايدن أعاد شحذ الإسفين السياسي الأكثر فاعلية لدى ترامب
تجيب مجلة "إيكونوميست" على هذا السؤال بلفت النظر إلى أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب أظهر شجاعة ليس فقط في مواجهة هجمات القتلة، بل أيضاً في الإصرار على وجهات نظره بشأن التجارة والحقوق المكتسبة، وغيرها من الأمور التي كانت بدعة داخل حزبه قبل بضع سنوات.
وبفضل فهمه المعقد لوسائل الإعلام الجديدة والقديمة وغريزته تجاه الاحتياجات والمخاوف الأساسية للعديد من الأمريكيين، أحدث ثورة في كيفية إدارة السياسة الأمريكية وتحويل الميدان السياسي الذي تدار عليه. وفي ما يتصل بتعطيل ما أتى سابقاً، فقد كان تأثيره أكبر من تأثير رونالد ريغان نفسه.
Democrats need to understand: Americans think they’re worse https://t.co/6SYZPVnT5U from @Economist
— HAKAN AKBAŞ (@hakana) November 7, 2024 لا للازدراء على النقيض من ريغان أو الرؤساء الآخرين الذين تولوا الرئاسة لولايتين منذ ذلك الحين، بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، لم يكن ترامب يتمتع بشعبية كبيرة قط، بالرغم من أنه تمكن في هذه المحاولة الثالثة من الفوز بالتصويت الشعبي أخيراً. وعلى النقيض من أسلافه، اعتمد ترامب على القسمة لا الجمع في حساباته الانتخابية.في ولايته الأولى، كان متوسط نسبة تأييده 41%، وهو الأدنى على الإطلاق الذي تم قياسه بواسطة استطلاعات غالوب التي بدأت تتبع الإحصاءات في عهد هاري ترومان. لدى الديمقراطيين سبب وجيه للاعتقاد بأن ترامب ينفّر العديد من الناخبين عندما يصف خصومه بـ "الحثالة" أو "العدو من الداخل" أو يقول إن المهاجرين غير الشرعيين "يسممون دماء بلادنا". مع ذلك، بعد هذا النصر، إن أي ازدراء لدى الديمقراطيين لترامب يجب أن يكون سبباً للتواضع والتدقيق الذاتي فقط. المسؤولية الكبرى
كما حدث في 2016، إن الدعم الواسع لترامب سيقدم لخصومه اختبار رورشاخ حيث يمكنهم رؤية صورتهم المفضلة لأمريكا، وستكون قبيحة. بالنسبة إلى البعض، إن تفوق العرق الأبيض وكراهية النساء سيفسران نجاح ترامب، في حين قد يعزوها آخرون إلى التخفيضات الضريبية والجشع. وسيستنتج البعض أنه إلقاء سحر على الأمريكيين الفقراء أو غير البيض أو الإناث كي يصوتوا ضد مصالحهم الذاتية.
"Yet, after this victory, whatever disdain Democrats have for Mr Trump should be cause only for humility and self-scrutiny"
Democrats need to understand: Americans think they’re worsehttps://t.co/stKnGu1etG
From The Economist
لكن بدلاً من التراجع إلى بعض النظريات الكبرى، من الأفضل لهم أن يفكروا في الكيفية التي قد يدفع بها الرئيس جو بايدن الميزان بنقاط قليلة بعيداً من ترامب، بدلاً من أن يدفعه إليه. لم تكن كامالا هاريس متفرجة، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الرئيس الذي خدمته.
الأمر الأكثر فظاعة، وفق المجلة، هو أن بايدن أعاد شحذ "الإسفين السياسي" الأكثر فاعلية لدى ترامب عبر التخلص من العقبات التي أسسها أمام الهجرة غير الشرعية، بدون أي بديل. بحلول الوقت الذي أعاد فيه بعض القيود التي فرضها ترامب هذا الربيع، كان أكثر من 4 ملايين مهاجر قد عبروا الحدود الجنوبية، بالمقارنة مع أقل من مليون مهاجر في عهد ترامب.
كان ذلك فظيعاً بالنسبة للديمقراطيين كحزب، وأسوأ بالنسبة إلى الأشخاص الذين يريدون مساعدتهم والقضية التي يؤمنون بها: في عهد بايدن، ارتفع عدد الأمريكيين الذين يقولون إنهم يريدون تقليل الهجرة القانونية من أقلية إلى أغلبية، كما حدث مع عدد الذين يفضلون الترحيل الجماعي. النجاحات لم تكفِ حتى حيث حقق بايدن إنجازات قوضت حجج ترامب، فقد سمح لنفسه بأن يخضع لقيود نشطاء حزبه الأكثر صخباً. ارتفع إنتاج النفط إلى مستويات قياسية، لكن بايدن لم يتفاخر بذلك. لم يكن يروج باستمرار وبقوة لنجاحه في دعم النمو الاقتصادي ورفع الأجور. انخفضت نسبة تأييده إلى 36% تماماً كما أجبره الديمقراطيون الآخرون على مواجهة ما هو واضح: لا ينبغي له الترشح مرة أخرى.
في الوقت القصير الذي أتيح لها، خاضت هاريس حملة جيدة. لكن أي سياسي كان ليكافح تحت مثل هذه الأعباء. لم تستطع أن تفصل نفسها بما فيه الكفاية عن بايدن، أو عن الفيديو الذي استخدمته إعلانات ترامب والذي كان له تأثير مدمر إذ أعلنت فيه مؤخراً مواقف كانت تنفر معظم الأمريكيين.
أعلن بايدن بفخر خلال خطاب تنصيبه قبل نحو 4 سنوات: "لقد تعلمنا مرة أخرى أن الديمقراطية ثمينة. الديمقراطية هشة. وفي هذه الساعة، أصدقائي، سادت الديمقراطية".
الآن سادت مرة أخرى. فهل يفهم الديمقراطيون الرسالة هذه المرة؟