د. محمد بن خلفان العاصمي

"نتابع باهتمام تطورات القضية الفلسطينية ونؤكد تأييدنا ودعمنا للمبادرات السلمية الفلسطينية ولكل المساعي والجهود التي تقدم مساهمة جادة ومخلصة للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية يرفع عن كاهل الشعب الفلسطيني نير الاحتلال وكل ألوان الظلم والمُعاناة ويُعيد إليه حقوقه الوطنية في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة".

السلطان قابوس بن سعيد (1998).

"تتضامن سلطنة عُمان مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتدعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، وندعو المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته لحماية المدنيين وضمان احتياجاتهم الإنسانية". السلطان هيثم بن طارق (2023).

بين هذين الخطابين، كان وما يزال موقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية ثابتًا عبر التاريخ ولم يتغير مُطلقًا رغم تقلبات الأحداث السياسية في المنطقة العربية، وهذا الثبات نابع من رؤية خاصة للقضية الفلسطينية تنطلق من التزام سلطنة عُمان بالقوانين الدولية والمواثيق التي أقرتها الأمم المتحدة والجامعة العربية وإيمان سلطنة عُمان ممثلة في قيادتها الرشيدة بأن قيم العدل والمساواة والحقوق والحريات يجب أن تسود العالم حتى يتجنب الصراعات الدولية والحروب التي لا تعود على البشرية بخير، ولا تجلب الا التخلف والدمار للعالم أجمع.

كما إن روابط العروبة والدين الإسلامي تجعل من الانحياز للقضية الفلسطينية  واجبا على كل الأمة الإسلامية والعربية، فهذه الروابط كثيرًا ما جنبت الأمتين  الوقوع تحت أطماع الدول الاستعمارية والتي لم تدخر جهدًا عبر التاريخ من أجل بسط سيطرتها على المنطقة العربية والقضاء على الإسلام في فترات مختلفة من التاريخ، وكل ذلك معلوم لمن يقرأ التاريخ الإسلامي المجيد والأحداث السياسية التي فرضت على الواقع نفسها.

إن مواقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية كثيرة ومتعددة وما يميزها مثلما ذكرت سابقًا هو الثبات وعدم التقلب، ولقد كان للسلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مواقف مشهودة من الدعم والمساندة والجهود السلمية الكبيرة التي أنطلقت من مسقط إلى العديد من العواصم العربية والعالمية، وشاركت سلطنة عُمان خصوصًا بعد قيام النهضة المباركة في العام 1970م بجهود كبيرة لوقف نزيف الدم في الأراضي المحتلة وساندت القرار العربي في مواجهة الاحتلال وشاركت في حرب أكتوبر 1973م عندما قطع العرب النفط عن الغرب في إطار الموقف العربي الموحد اتجاه دعم الموقف العربي للدول التي دخلت الحرب ضد هذا الكيان.

لقد استمرت مواقف السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حول القضية الفلسطينية إلى قبل وفاته بأيام بسيطة، فمنذ قمة بغداد وتونس وصولًا لموقف سلطنة عُمان من معاهدة كامب ديفيد وصولًا إلى استضافة رؤساء السلطة الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس محمود عباس وكبار المسؤولين الفلسطينيين، وكذلك استقبال مسؤولين إسرائيليين في مسقط من أجل الدفع بعملية السلام، ظل الموقف الرسمي لعُمان ثابتًا وهو إيجاد حل سلمي لإنهاء الصراع وتمسكه بحق الشعب الفلسطيني في دولته والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ومعاهدات السلام الدولية.

إنَّ المتتبع لمواقف السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- من القضية الفلسطينية هو امتداد لهذا النهج والذي ينبع من قناعة ثابتة من لدن جلالته- أيده الله- حول أهمية السير على المبادئ والأسس والقيم التي أقرتها المنظمات الدولية، وأن هذا النهج هو السبيل الوحيد لتجنيب العالم الصراعات والوسيلة للتعايش السلمي بين الشعوب، وأن سلطنة عُمان تنظر لهذه القضية بشكل خاص على أنها سبب مباشر لكثير من الأحداث التي عصفت بالمنطقة ومازالت تحدث الكثير من الإشكاليات التي تنذر بمزيدٍ من التوتر وعدم الاستقرار.

إنَّ موقف سلطنة عُمان من الأحداث التي تعصف بالفلسطينيين في هذه الأيام، لهو موقف مشرف يجعلنا فخورين بهذه السياسة، ولقد أثبت الشعب العُماني الأصيل أنه لا يساوم في القضية الفلسطينية ولذلك جاء الموقف الرسمي والشعبي متوافقًا، فقد تحركت سلطنة عُمان على أعلى المستويات من خلال اتصالات جلالة السلطان المُعظم بزعماء العالم والمسؤولين الدوليين للمنظمات الدولية، وكذلك بُذلت جهود كبيرة عبر معالي السيد وزير الخارجية، وأعلنت سلطنة عُمان مواقف واضحة من خلال كلماتها في الاجتماعات الدولية والتي أكدت على مواقفها الثابتة ودعمها المطلق للشعب الفلسطيني، كما ألغت سلطنة عُمان جميع مظاهر الاحتفالات الوطنية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني ومشاركة له في مصابه، ودعت المؤسسات والأفراد إلى تقديم الدعم للشعب الفلسطيني.

إنَّ الارتباط العُماني بقضية فلسطين عميق، ونابع من الشعور بالمسؤولية والتزاما بروابط العقيدة والدم والإنسانية، وما نشاهده من مجازر في حق أبناء فلسطين يزيد هذا الشعب ارتباطًا بهذه القضية، ويجعل هذا الالتزام واجبًا مُلزمًا على الدوام.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الإخبارية» تسلط الضوء على جهود مصر في دعم القضية الفلسطينية

رصد الإعلامي ياسر رشدي، جهود الدولة المصرية على مدار العقود الماضية لمساندة الأشقاء الفلسطينيين وحل قضيتهم المشروعة والعادلة، باعتبارها قضية مصر الأساسية على المستوى الإقليمي، وانطلاقا من دورها التاريخي في مساندة الأشقاء العرب، وحل قضايا الأمة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

الجهود المصرية في دعم القضية

وقال «رشدي»، خلال تقديمه نشرة إخبارية عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، إن الجهود المصرية ارتكزت على عدة أمور أساسية، منها ان المدخل الرئيسي والوحيد لحل القضية الفلسطينية يكمن في تطبيق حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف: «ومع سعي القاهرة الدائم لتطبيق حل الدولتين، دأبت مصر على الحفاظ على مواقفها الرافضة لأي حلول أحادية، تعيق إقامة الدولة الفلسطينية، مثل الاستيطان والإجراءات التي تتخذها إسرائيل في القدس، مع دعم الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني على رأسها عودة اللاجئين».

سعي دائم لحل القضية

وأشار ياسر رشدي، إلى أن «المقاربة التي اتخذتها الدولة المصرية لحل القضية الفلسطينية، فرضت على مصر بشكل دائم التحرك المتزامن في عدة مسارات بآن واحد، كالتعامل مع الأوضاع الإنسانية التي تسببت بها الإجراءات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، ودور مصر في إعادة إعمار غزة عقب الضربات الإسرائيلية عام 2021، والذي رصدت له القاهرة ميزانية قياسية آنذاك».

وأكد «رشدي» أن القاهرة سعت باستمرار لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، ورعاية اتفاقات المصالحة الوطنية بين الفصائل، ورعاية الحوار «الفلسطيني/ الفلسطيني» عبر جولات متكررة استهدفت تحقيق الوفاق الوطني منذ نوفمبر عام 2002.

مقالات مشابهة

  • علي فوزي يكتب: القضية الفلسطينية بين المطرقة والسندان
  • الرئيس السيسي يؤكد لنظيره الفلسطيني دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية
  • محمود عباس يشيد بالدور التاريخي والجهود المضنية لمصر في دعم القضية الفلسطينية
  • ما تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات الأمريكية؟.. خبراء يجيبون
  • الرئيس الفلسطيني: نريد مواقف حازمة من العالم والأمم المتحدة لوقف حرب الإبادة الجماعية في غزة
  • شاهد| التهجير القسري.. الجريمة الأخطر على القضية الفلسطينية
  • «القاهرة الإخبارية» تسلط الضوء على جهود مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية: جرائم الاحتلال في الضفة جزء من حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني
  • اللواء سمير فرج: مصر تلعب دورًا رئيسيًا في دعم القضية الفلسطينية
  • متحدث حركة فتح: القضية الفلسطينية علي مفترق طرق ومنعطف خطير