عُمان والقضية الفلسطينية.. مواقف مُشرِّفة
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
"نتابع باهتمام تطورات القضية الفلسطينية ونؤكد تأييدنا ودعمنا للمبادرات السلمية الفلسطينية ولكل المساعي والجهود التي تقدم مساهمة جادة ومخلصة للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية يرفع عن كاهل الشعب الفلسطيني نير الاحتلال وكل ألوان الظلم والمُعاناة ويُعيد إليه حقوقه الوطنية في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة".
"تتضامن سلطنة عُمان مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتدعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، وندعو المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته لحماية المدنيين وضمان احتياجاتهم الإنسانية". السلطان هيثم بن طارق (2023).
بين هذين الخطابين، كان وما يزال موقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية ثابتًا عبر التاريخ ولم يتغير مُطلقًا رغم تقلبات الأحداث السياسية في المنطقة العربية، وهذا الثبات نابع من رؤية خاصة للقضية الفلسطينية تنطلق من التزام سلطنة عُمان بالقوانين الدولية والمواثيق التي أقرتها الأمم المتحدة والجامعة العربية وإيمان سلطنة عُمان ممثلة في قيادتها الرشيدة بأن قيم العدل والمساواة والحقوق والحريات يجب أن تسود العالم حتى يتجنب الصراعات الدولية والحروب التي لا تعود على البشرية بخير، ولا تجلب الا التخلف والدمار للعالم أجمع.
كما إن روابط العروبة والدين الإسلامي تجعل من الانحياز للقضية الفلسطينية واجبا على كل الأمة الإسلامية والعربية، فهذه الروابط كثيرًا ما جنبت الأمتين الوقوع تحت أطماع الدول الاستعمارية والتي لم تدخر جهدًا عبر التاريخ من أجل بسط سيطرتها على المنطقة العربية والقضاء على الإسلام في فترات مختلفة من التاريخ، وكل ذلك معلوم لمن يقرأ التاريخ الإسلامي المجيد والأحداث السياسية التي فرضت على الواقع نفسها.
إن مواقف سلطنة عُمان من القضية الفلسطينية كثيرة ومتعددة وما يميزها مثلما ذكرت سابقًا هو الثبات وعدم التقلب، ولقد كان للسلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مواقف مشهودة من الدعم والمساندة والجهود السلمية الكبيرة التي أنطلقت من مسقط إلى العديد من العواصم العربية والعالمية، وشاركت سلطنة عُمان خصوصًا بعد قيام النهضة المباركة في العام 1970م بجهود كبيرة لوقف نزيف الدم في الأراضي المحتلة وساندت القرار العربي في مواجهة الاحتلال وشاركت في حرب أكتوبر 1973م عندما قطع العرب النفط عن الغرب في إطار الموقف العربي الموحد اتجاه دعم الموقف العربي للدول التي دخلت الحرب ضد هذا الكيان.
لقد استمرت مواقف السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حول القضية الفلسطينية إلى قبل وفاته بأيام بسيطة، فمنذ قمة بغداد وتونس وصولًا لموقف سلطنة عُمان من معاهدة كامب ديفيد وصولًا إلى استضافة رؤساء السلطة الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس محمود عباس وكبار المسؤولين الفلسطينيين، وكذلك استقبال مسؤولين إسرائيليين في مسقط من أجل الدفع بعملية السلام، ظل الموقف الرسمي لعُمان ثابتًا وهو إيجاد حل سلمي لإنهاء الصراع وتمسكه بحق الشعب الفلسطيني في دولته والالتزام بقرارات الأمم المتحدة ومعاهدات السلام الدولية.
إنَّ المتتبع لمواقف السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- من القضية الفلسطينية هو امتداد لهذا النهج والذي ينبع من قناعة ثابتة من لدن جلالته- أيده الله- حول أهمية السير على المبادئ والأسس والقيم التي أقرتها المنظمات الدولية، وأن هذا النهج هو السبيل الوحيد لتجنيب العالم الصراعات والوسيلة للتعايش السلمي بين الشعوب، وأن سلطنة عُمان تنظر لهذه القضية بشكل خاص على أنها سبب مباشر لكثير من الأحداث التي عصفت بالمنطقة ومازالت تحدث الكثير من الإشكاليات التي تنذر بمزيدٍ من التوتر وعدم الاستقرار.
إنَّ موقف سلطنة عُمان من الأحداث التي تعصف بالفلسطينيين في هذه الأيام، لهو موقف مشرف يجعلنا فخورين بهذه السياسة، ولقد أثبت الشعب العُماني الأصيل أنه لا يساوم في القضية الفلسطينية ولذلك جاء الموقف الرسمي والشعبي متوافقًا، فقد تحركت سلطنة عُمان على أعلى المستويات من خلال اتصالات جلالة السلطان المُعظم بزعماء العالم والمسؤولين الدوليين للمنظمات الدولية، وكذلك بُذلت جهود كبيرة عبر معالي السيد وزير الخارجية، وأعلنت سلطنة عُمان مواقف واضحة من خلال كلماتها في الاجتماعات الدولية والتي أكدت على مواقفها الثابتة ودعمها المطلق للشعب الفلسطيني، كما ألغت سلطنة عُمان جميع مظاهر الاحتفالات الوطنية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني ومشاركة له في مصابه، ودعت المؤسسات والأفراد إلى تقديم الدعم للشعب الفلسطيني.
إنَّ الارتباط العُماني بقضية فلسطين عميق، ونابع من الشعور بالمسؤولية والتزاما بروابط العقيدة والدم والإنسانية، وما نشاهده من مجازر في حق أبناء فلسطين يزيد هذا الشعب ارتباطًا بهذه القضية، ويجعل هذا الالتزام واجبًا مُلزمًا على الدوام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
النائب حازم الجندى: مصر تواجه ضغوطًا دولية لكنها ثابتة في دعم القضية الفلسطينية
قال النائب المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن مصر تواجه تحديات وضغوط كبيرة لمحاولة التأثير على موقفها الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، ورفضها تصفية القضية وضياع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وحكم نفسه بنفسه وتقرير مصيره، مشيرا إلى أنها قدمت جهودا كبيرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات نتنياهو بحق المدنيين العزل.
واستنكر النائب حازم الجندى تجديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحاته بشأن ضرورة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم .
وأشار الجندي في بيان له اليوم، إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، هو تعدٍ واضح على حقوق الشعب الفلسطيني وتهديد صريح للأمن القومي المصري والأردني والعربي بشكل عام، وقد يعرقل كافة مسارات وجهود ومساعي القيادة السياسية والدولة المصرية نحو تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة.
ولفت عضو مجلس الشيوخ إلى أن هذه الضغوط لم ولن تثني مصر عن دعمها لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ورفضها التعدي الغاشم على أهالي غزة، وحرصها على إعادة إعمار القطاع، وتوفير احتياجات الأشقاء في غزة من طعام وشراب ودواء ووقود وكافة مستلزمات الحياة منذ اللحظات الأولى من اندلاع أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وثمن عضو الهيئة العليا في حزب الوفد موقف المملكة العربية السعودية وتأكيدها على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية، تكذيبا لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يحاول إشعال المنطقة بأحاديث وإدعاءات كاذبة من الممكن أن تشعل فتيل الفتنة في المنطقة وسقوطها في بؤرة صراع، مشددا على ضرورة حشد المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة.