في الهند.. معدمون يقودهم البؤس لبيع كلاهم فيسقطون ضحايا للاحتيال
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
كثيرا ما يقع المواطنون في الهند -ممن يدفعهم الفقر المدقع للبحث عن سبل لبيع كلاهم لتوفير احتياجاتهم اليومية- ضحايا عمليات احتيال ونصب غالبا ما يكون موقعها وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تطبيق "فيسبوك".
ويبرز تقرير نشره موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية، تفاقم ظاهرة الاحتيال مع زيادة عدد المعدمين الذين يلجؤون إلى الشبكة العنكبوتية لعرض كلاهم للبيع.
المواطنة الهندية سُرَيّا قررت ذات صباح في فبراير/شباط 2020، بعد شهرين من تعرضها لحادث أقعدها عن العمل، بيع إحدى كليتيها، فهي أم لطفلتين وعليها ديون تبلغ نصف مليون روبية هندية (ما يعادل 6101 دولار)، وهي المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد أن فقد زوجها وظيفته.
لجأت سُرَيّا للإنترنت، ففتحت محرك البحث في هاتفها الجوال وكتبت كلمتي "كلية" و"بيع"، ففُتحت لها عشرات الصفحات. اختارت سُرَيّا صفحة في الفيسبوك، فكتبت رقمها هناك مع جملة تقول إنها بحاجة لبيع إحدى كليتيها.
وبعد أيام تلقت مكالمة من رجل عرّف بنفسه على أنه دكتور يدعى ساندي، وأخبرها أن "مركز غيتروه الطبي" في غازي آباد، قرب العاصمة نيودلهي، يرغب في شراء كليتها مقابل 10 ملايين روبية (حوالي 122 ألف دولار أميركي). وهو مبلغ يكفي لتسديد ديون سُرَيّا وتغطية نفقات عائلتها لسنوات عديدة.
كل ما كان عليها فعله هو تعبئة استمارة ودفع 8 آلاف روبية (حوالي 98 دولارا) للحصول على بطاقة مانح، مما يسمح لها ببيع كليتها.
لكن قبل أن تدفع المبلغ المطلوب، عثرت سُرَيّا على رقم مؤسسة "موهان" (MOHAN Foundation) وهي شبكة خيرية تروج للتبرع بالأعضاء البشرية، وتصدر بطاقات متبرعين لمن يرغبون في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة.
وعندما اتصلت سُرَيّا بالشبكة، أجابها الموظف الذي رد على الهاتف بأن بطاقة المتبرع مجانية ولا تحتاج إلى دفع أي مبلغ للحصول عليها، وأضاف "أعتقد أنك وقعت ضحية لعملية احتيال".
وضع مقلق!ضحايا عمليات الاحتيال في الهند من أمثال سُرَيّا كُثر للغاية، خاصة مع تزايد أعداد المرضى المحتاجين لعمليات زراعة الكلى والفقراء الذين يحتاجون المال لإطعام عائلاتهم.
ويبلغ عدد المرضى الذين يُشخَّصون بأمراض الكلى المزمنة في الهند نحو مليون شخص سنويا، ويقدر من يصلون المراحل الأخيرة من الفشل الكلوي بنحو 200 ألف مريض سنويا وهو ما يرفع عدد الوفيات إلى مستوى مقلق.
ويقول الدكتور سونيل شروف، جرّاح زراعة الأعضاء الذي أسس شبكة "موهان" عام 1997، إن مؤسسته كانت تتلقى نحو 20 تبرعا بالأعضاء سنويا خلال الفترة الأولى لانطلاقها، لكنها الآن تتلقى نحو 140 إلى 180 طلبا للتبرع بالأعضاء سنويا، وقد أصبحت تغطي ولايات أكثر.
لكن هذا التوسع رافقه انتشار سريع لعمليات الاحتيال والنصب وسرعان ما اكتشفت مؤسسة موهان أن اسمها يستخدم من قبل وسطاء مزيفين للإيقاع بالضحايا الساعين للتبرع بأعضائهم. وتتلقى المؤسسة مكالمات عديدة على شاكلة تلك التي تلقتها من سُرَيّا، لذلك فقد بدأ الدكتور شروف وفريقه في تسجيل ورصد تلك المكالمات لمراقبة الوضع.
وفي مكالمة مسجلة في أبريل/نيسان 2020، اتصل رجل بموهان وطلب التحدث مع الدكتور آريان كاران، موضحا أنه عقد معه صفقة لبيع إحدى كليتيه؛ لكن موظف المؤسسة رد عليه بأنه لا يوجد دكتور في المؤسسة بهذا الاسم، واتضح أن الرجل كان ضحية لعملية احتيال.
وفي المحادثة التي أجراها الضحية عبر تطبيق "واتساب" وحصلت عليها المؤسسة، يقول الشخص الذي ادعى أن اسمه الدكتور كاران "تكلفة التسجيل 7894 (روبية)، فقط عندما تقوم بذلك يمكننا المضي قدما"، ويتساءل الضحية "سيدي عندما أبيع كليتي فكم سنة يمكنني أن أعيش بكلية واحدة؟" فيجيب المحتال الذي ينتحل صفة طبيب "يمكنك أن تعيش طالما أن في العمر بقية".
لكن الضحية يرد بأنه لا يملك المال الكافي لدفع هذا المبلغ الكبير، فهو لا يملك ما يكفي من المال لشراء الطعام لأطفاله، وسرعان ما يصله الرد من المحتال "لا يمكنني مساعدتك بهذا الشأن، إذا كنت جادا فادفع المبلغ".
رجل آخر اتصل بالمؤسسة وقال إنه دفع 9999 روبية (122 دولارا) مقابل "بطاقة متبرع حي" لمؤسسة مزيفة تدعى "مؤسسة الكلى الوطنية"، وبعد أن وصلته البطاقة المزيفة، فقد الاتصال بمن كانوا يزعمون أنهم موظفون في المؤسسة المزيفة.
مساعٍ لمحاربة الظاهرةبعد تتبع عمليات الاحتيال تلك، أدرك الدكتور شروف أن هناك بعض جوانب القصور في البرنامج لا بد من سدها. وهو يقول إن مؤسسته قدّمت خيرا كثيرا للناس، رغم الشر المستطير المتمثل في استغلال المحتالين لاسمها.
ويضيف "عندما يتبرع شخص ما لشخص آخر بدون معرفة مسبقة بينهما، فتلك لفتة من أنبل ما يكون، ولكن عندما يستغل شخص ما البشر، فإن ذلك هو أسوأ الشرور".
وتسعى المؤسسة إلى التصدي لعمليات الاحتيال التي يستخدم فيها اسمها من خلال تشجيع الضحايا على تقديم شكاوى للشرطة عسى أن تتمكن من القبض على المحتالين.
وقد تمكنت من إقناع سُرَيّا بتقديم شكوى لدى الشرطة، بعد أن كانت مترددة خشية من أن يتسبب لها ذلك في مشاكل، فبيع الأعضاء أمر مخالف للقانون في نهاية المطاف.
لكن المؤسسة مهدت لها الطريق من خلال دعم الشكوى التي تقدمت بها بالعديد من الشكاوى الأخرى المشابهة وتقديمها لشرطة المدينة.
وتقول سُرَيّا "قررت الإبلاغ عن هذه القصة لإنقاذ من هم على وشك ارتكاب مثل هذا الخطأ. يمكننا محاربة هذا (الاحتيال) فقط عندما نعلنه للملأ".
وعلى مدى العقد الماضي، أصبح تطبيق فيسبوك، الذي هو في متناول الجميع ويكتسي أهمية كبرى في الهند، سوقا يباع فيها ويشترى كل شيء، بما في ذلك الأعضاء البشرية، حيث يبحث البائعون والمشترون اليائسون عن أمل ما عبر الإنترنت، لذلك أصبح أيضا ساحة يسرح فيها المحتالون بحثا عن ضحايا يستفيدون من بؤسهم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الدكتور عبدالله العكايلة … إِشْراقَةٌ لا يَخْبُو بَريقُها
#سواليف
الدكتور #عبدالله_العكايلة … إِشْراقَةٌ لا يَخْبُو بَريقُها
بقلم د. معاذ عبدالله العكايلة
كثيرون يَخْبُو عنهم بريق السلطة فَتَخْبُو شخوصهم، ولا يكون لهم بين العالمين من ذكر، لَيْسَ من هؤلاء الدكتور عبدالله العكايلة . فالرجل الذي يطفئ اليوم شمعته الثامنة والسبعين يَخُوضُ في عباب بريقه الإنساني المُتَجَرِّد من أي منصب، سوى ما كان سيرةً ما انفكَّت تَشُدُّ المحبين إلى مثالاتها في التضحية ومحاربة الفساد.
مقالات ذات صلة التنمر الناعم 2024/11/04حَرَصَ العكايلة أن تكون علاقته بربه ودينه هي السِّرَاج الذي يُضيءُ طريقه، فيقول : “يكفيني أن تكون علاقتي بربي وديني طَيِّبَة، فهي مِمَّا يَبْعَثُ الدفء في أعباء العقد السابع.” هي كلمات، لكنها أعمقُ من محض جملة، إنها فلسفة حياة تشع بريقاً إنسانياً يتجاوزُ الألقاب والمناصب.
عاش العكايلة، إنساناً متجرداً من قيود السلطة، مُتَمَاهِياً مع شعبه، يَنْقُلُ لهم الأمل ويعيدُ تشكيل ملامح الإنسانية بقيمٍ لا تعرفُ الانكسار، إنه رجل حمل هموم الوطن على كتفيه، وأبقى أبواب قلبه مفتوحة للفقراء والمهمشين، في زمن عزّ فيه الصدق وندر فيه الإخلاص، لم يكن يقتصر في عمله العام على دورٍ سياسي عابر، بل كان صوتاً نقياً ينطق باسم الشعب، ويجسد آمالهم في كل كلمةٍ وموقف.
تتجسد قوة العكايلة في شجاعته، وفي قدرته على مواجهة الصعاب بروحٍ تتحدى الظلم وتنتصر للحق، مدركاً أن المسؤولية ليست وجاهةً أو جاه، بل تكليف يَنْبُعُ من قلبٍ واعٍ بحاجات الناس، وعقلٍ يقظ يرى في العدل واجباً مقدساً، لم يكن دوره محصوراً في انتقاد الظلم، بل كان يحارب الفساد كمن يحارب نيراناً مشتعلة في عتمة الوطن، لا يخشى في ذلك لومة لائم، ولا يعترف بالتراجع أمام المتنفذين، مؤمناً بأن الإصلاح يبدأ من القول الصادق والفعل الرصين.
حينما نستذكر الدكتور العكايلة في يوم ميلاده الثامن والسبعين، فإننا لا نحتفي بسنوات عمره فحسب، بل نحتفي بمسيرةٍ رسمها بالإصرار والمبادئ، كانت حياته شاهداً على كيف يُبنى القادة الكبار، وعلى أن القيادة الحقيقية ليست بالمناصب، بل بقيمٍ تترسخ كالجذور في أرض الوطن. لقد أضاء دربه بشجاعةٍ ووضوح، وجعل من حياته منارةً تنير للأجيال القادمة درب العطاء الحقيقي.
ختاماً، الدكتور عبدالله العكايلة ليس مجرد اسمٍ عابر في سِفْرِ التاريخ الأردني، بل هو نبراسٌ للإنسانية، ورمزٌ للقيادة التي تعلو على المصالح الشخصية، وتجسيدٌ لمعنى المسؤولية التي تعلي الوطن على كل اعتبار. اليوم، في ذكرى يوم ميلاده، نكرّم ليس فقط إنساناً، بل قيماً ومبادئ ستظل تنبض في ذاكرة الوطن وشعبه، وتبقى نهجاً يُحتذى للأجيال القادمة، كنموذج للإنسانية المتجردة والالتزام الصادق.
أخيرا، يا أبتِ، عرفتك أبا ودودا تفيض بالمشاعر، وكنت أود أن أكتب كابن فخور بأبيه، استظل تحت وارف أغصانه، لكني آثرت أن أكتب من واقع من عرفوك وأنصفوك ممن قرأت لهم وسمعت منهم فيك كل كلام عذب …