أحمد ياسر يكتب: حرب غزة وحلول طويلة الأمد
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
أين ينتهي كل هذا الرعب؟ هل سيكون هناك قطاع غزة عندما ينتهي كل شيء؟ منذ السابع (أكتوبر) ٢٠٢٣، لم يعد لدى أحد أدنى فكرة - بما في ذلك الحكومة الإسرائيلية على ما يبدو - ما الذي يحدد النصر؟ وينصب كل التركيز على القصف الجماعي على المدى القصير لغزة دون أي اعتبار على المدى الطويل.
يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن حرب طويلة، لأسباب ليس أقلها أن السبيل الوحيد للبقاء السياسي هو أن يصبح قائد حرب.
*ومن دون نهاية واضحة لهذه اللعبة، فإن إسرائيل سوف تخسر مرة أخرى في غزة.... قد تهزم حماس، لكنها لا تستطيع القضاء عليها.... عسكريًا، سوف تسحق إسرائيل غزة، ولكن إلى أين يقود ذلك الوضع؟*
وكان هذا نتيجة لكل من حروب إسرائيل الستة ضد غزة، وكذلك حروبها ضد حزب الله في لبنان.
لقد أظهرت إسرائيل قدراتها العسكرية التدميرية التي لم تكن موضع شك قط،ومع ذلك، فقد سلطت الضوء أيضًا على نقاط الضعف السياسية الهائلة التي يتغذى عليها معارضوها.... إنها تفوز بالمعركة العسكرية لكنها تخسر الحرب السياسية.
ولهذا السبب ظلت غزة محتلة لمدة 56 عامًا، وتحت الحصار لمدة 16 عامًا، وكذلك السبب وراء عدم اقتراب إسرائيل قط من تحقيق أي درجة من الأمن.... إذا قمت بإثارة الكراهية والمرارة واليأس، فإن حماس والجماعات الأخرى سوف تغذي ذلك كما فعلت دائما... وقد تزداد قوة حماس في الضفة الغربية....فهل ستحول إسرائيل ذلك إلى غزة أيضًا؟
والحقيقة هي أنه عندما يتمتع الفلسطينيون بالحرية والأمن والرخاء الحقيقيين، فإنهم سوف ينجذبون بشكل أكبر إلى القوى السياسية الأخرى.
وحتى الولايات المتحدة في العراق أدركت الحاجة إلى محاولة كسب تأييد السكان المدنيين...إن كون محاولاتها كانت غير كافية، وافتقرت إلى أي قناعة حقيقية، وكانت مدعومة بموارد قليلة، وافتقرت إلى ما يسمى باستراتيجية القلوب والعقول المناسبة، كان جزءًا أساسيًا من سبب فشل أمريكا الذريع... لقد انتصرت عسكريًا أيضًا، لكنها لم تتعاف بعد من الإذلال السياسي.
وتعتقد حماس أن النجاة بطريقة أو بأخرى من الهجوم الإسرائيلي سوف يشكل نصرًا؛ وأنه إذا تمكن قادتها من إلقاء نظرة خاطفة من تحت جبال الأنقاض – الجبال الوحيدة في غزة – فإن هذا سيشكل نجاحًا....كما أن حماس ليس لديها مصداقية في نهاية المطاف، ولكن هذا لا ينبغي أن يفاجئ أحدًا.
ومن المتفق عليه على نطاق واسع دوليًا أن لا تلعب أي دور سياسي أو عسكري في غزة في المستقبل، ولكن كيفية تحقيق ذلك لم يتم توضيحها ببساطة... قد يكون انسحاب حماس المتفق عليه من غزة أمرًا مرغوبًا ولكنه غير مرجح.
وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل وقف إطلاق النار الفوري مهمًا... ولهذا السبب أخطأ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في رفضه مرة أخرى الأسبوع الماضي، حيث اختلف علنًا مع كبار نظرائه العرب... وكلما طال أمد استمرار إسرائيل في محو غزة، أصبح أي حل سياسي أكثر صعوبة.
وستكون القوى الإقليمية أيضًا أقل استعدادًا للمساهمة في إعادة إعمار غزة... لماذا يتعين على القوى الإقليمية أن تخاطر بأي من مواطنيها في أي قوة لحفظ السلام في المستقبل عندما يجعل الهجوم الإسرائيلي مثل هذه المهمة أكثر صعوبة؟ وكلما طال أمد القصف الشامل، كلما تعاظمت الصدمة التي يعاني منها كل فلسطيني في غزة.
ولكن.. ما مدى الصعوبة التي تريد إسرائيل أن تجعلها تحكم غزة؟
وسيظل على الإسرائيليين العيش مع ما بين 5 ملايين إلى 6 ملايين فلسطيني، إما كمواطنين فلسطينيين في إسرائيل أو كفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك غزة. وسوف يظل لإسرائيل جيران من الدول العربية، التي يراقب سكانها في رعب المذبحة التي تتكشف.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يشكل النتيجة، وهذا يبدأ الآن... دعونا نتخيل أن حماس لم تعد في السلطة في غزة...ما هو نوع السلطة المؤقتة التي يمكن تشكيلها؟ ما هي الدول التي قد تكون على استعداد للمساهمة في قوة حفظ السلام؟ إن خيار الاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشر، حيث ينتقل السجانون من محيط القطاع إلى الداخل، سيكون مكلفا للغاية.
وإذا تم تشكيل سلطة مؤقتة، فإلى متى ستستمر؟ ماذا ستكون الترتيبات طويلة المدى؟ لقد رفضت السلطة الفلسطينية في رام الله، وعن حق، أي فكرة مفادها أنها ستسيطر على غزة على خلفية الطائرات والدبابات الإسرائيلية، خشية أن يُنظر إليها على أنها متواطئة في سحق إسرائيل للقطاع.
فالشرعية لا يمكن أن تأتي إلا من أهل غزة... أولئك الذين يعتقدون أن بإمكانك استبدال الاحتلال الإسرائيلي بمحتل آخر هم واهمون... ويمكن أن تكون الانتخابات البلدية نقطة انطلاق... وهذا من شأنه أن يسمح بأن تكون الإدارة الفنية اليومية للقطاع في أيدي الأشخاص الذين يعيشون هناك، مع مدخلات مالية ومشورة من الأمم المتحدة، في ضوء التحدي.
ولكن لا بد من إجراء انتخابات فلسطينية كاملة وحرة ونزيهة لسلطة وطنية واحدة... وكانت آخرها في عام 2006. وتفتقر القيادة الفلسطينية الحالية إلى الشرعية الانتخابية... وستكون هذه فرصة لمعالجة أحد العوائق الكبيرة أمام العملية السياسية..... ويجب أن تظهر المفاوضات أنها تحقق نتائج مناسبة للفلسطينيين بطريقة لم تحققها قط في سنوات أوسلو.... وهذا هو ما قايضته حماس: السخرية من فتح لأنها لم تحصل على أي شيء في المقابل طيلة سنوات من المحادثات.
هل تسمح إسرائيل بإجراء انتخابات؟ وسوف تطالب بعدم مشاركة حماس، ولكن من الممكن وضع شروط معقولة لاستبعاد أي مرشح يدعو إلى شن هجمات على المدنيين.
وهنا يجب على المجتمع الدولي أن يكون حازما... ويجب على إسرائيل ألا تقف في طريق إجراء انتخابات فلسطينية ذات مصداقية - ويجب أن تتم هذه الانتخابات أيضًا، كما نصت اتفاقيات أوسلو، في القدس الشرقية.
ومن دون حياة اقتصادية طبيعية ومن دون حرية، ستبقى غزة جحيما ولن تنعم بالهدوء أبدا....وسيتعين إعادة بنائه وإزالة الأنقاض وإزالة الذخائر غير المنفجرة.
ويجب أن يعني السماح للفلسطينيين في غزة بالسفر بحرية بعد الصراع، وخاصة إلى الضفة الغربية... ويجب أن يعني ذلك أخيرًا إنشاء ممر آمن إلى الضفة الغربية على النحو المتفق عليه بموجب اتفاقيات أوسلو، والتي نصت أيضًا على إنشاء ميناء ومطار لغزة... ويجب السماح للصيادين في غزة بالصيد بحرية.
ولا يمكن أيضًا تجاهل الضفة الغربية كما كانت الحال من قبل.... مشروع الاستيطان الإسرائيلي يحتاج إلى معالجة.... لقد تجاهل المجتمع الدولي هذه القضية لفترة طويلة جدًا، وقام بنسخ ولصق نفس البيانات الصحفية القديمة التي تعبر عن قلقه.
المستوطنات غير قانونية ويجب إنهاء هذا البرنامج برمته.... وعلى المدى القصير، يجب السماح للمجتمعات الفلسطينية التي طردت بسبب عنف المستوطنين بالعودة إلى قراها والعيش في سلام وأمن....
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي واشنطن أوروبا الشرق الأوسط الضفة الغربیة ویجب أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.
آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.
لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.
الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.
وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.
فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.
ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.
وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.
مبادرتان استباقيتانفي هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.
صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".
وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.
أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".
والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.
كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".
العامل الأميركيلم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.
فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.
ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.
وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.
على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.
أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.
وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.
هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية