أمير قطر: ما يحدث في غزة خطر على جميع المستويات
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
نوّه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، بالجهود المباركة للمملكة العربية السعودية لعقد القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية، التي تأتي في وقتٍ حاسم في تاريخ المنطقة.
وقال في كلمته اليوم خلال أعمال القمة المقامة بالرياض: "تنعقد قمتنا اليوم وأشقاؤنا الفلسطينيون في قطاع غزة يمرون بما لا طاقة للبشر على تحمله من فضائع آلة الحرب الإسرائيلية، وقد فشل المجتمع الدولي في تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية واتخاذ ما من شأنه إيقاف جرائم الحرب والمجازر المرتكبة باسم الدفاع عن النفس ووضع حد لهذه الحرب العدوانية".
وأضاف: "إذ تنفطر قلوبنا ألماً لمشاهدة قتل الأطفال والنساء والشيوخ بالجملة والمعاناة الإنسانية، ونتساءل إلى متى سيبقى المجتمع الدولي يعامل إسرائيل وكأنها فوق القانون الدولي، وإلى متى سيسمح لها بضرب جميع القوانين الدولية عرض الحائط في حربها الشعواء التي لا تنتهي على سكان البلاد الأصليين".
فيديو | أمير قطر: من كان يتخيل أن المستشفيات ستُقصف علنًا في القرن الـ 21 وأن عائلات ستُمسح من السجلات بالقصف العشوائي #قمة_التضامن_مع_فلسطين#قمة_عربية_إسلامية_بالسعودية#الإخبارية pic.twitter.com/FB8GMHT9O8— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) November 11, 2023خطر على جميع المستويات
أكد الشيخ تميم بن حمد أن ما يحدث في غزة يشكّل خطراً على جميع المستويات، فثمّة سوابق تسجّل حتى على مستوى الحروب العدوانية، فكيف أصبح قصف المستشفيات أمراً عادياً، يتم إنكاره واتهام الضحايا بداية ثم يبرر بوجود أنفاق تحتها، ثم يصبح أمراً لا حاجة إلى تبريره بعد تبلد المشاعر وتعوّد الأعين على مشاهدة المآسي.
وأشار إلى أنه خلال هذه الحرب وقبلها في أثناء حصار غزة، رُصِدَ ارتفاع ملحوظ في معدلات المناعة لدى بعض الدول التي تدّعي حماية القانون الدولي والنظام العالمي، حيث رأينا مناعتهم ضد مناظر القتل العشوائي للمدنيين الفلسطينيين سواءً كانوا أطفالاً أو نساء، وكذلك قصف المستشفيات والملاجئ، ووصلت معدلات المناعة لديهم إلى رؤية جثث الأبرياء وهي تنهشها الكلال لا تحرك لتلك الدول ساكناً.
بحثت وأخي الأمير محمد بن سلمان اليوم تطورات الأزمة الإنسانية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وجهودنا المشتركة لوقف العدوان الإسرائيلي وضمان تدفق متواصل للمساعدات الإنسانية. ونحن متوافقان أن الأحداث الجارية تثبت أنه لا يوجد بالأفق أي سلام واستقرار في المنطقة دون حل نهائي... — تميم بن حمد (@TamimBinHamad) November 10, 2023
وتابع قائلاً: إن النظام الدولي يخذل نفسه قبل أن يخذلنا حين يسمح بتبريرها، من كان يتخيل أن المستشفيات سوف تقصف علناً في القرن الواحد والعشرين، وأن عائلات بأكملها ستمسح من السجلات بالقصف العشوائي لأحياء سكانية ومخيمات اللاجئين، وأن شعباً بأكمله سيجبر على النزوح قسرياً بوجود مخططات مستنكرة ومرفوضة لتهجيرهم، كل ذلك على مرأى ومسمع العالم، ويرافق ذلك تصريحات عنصرية سافرة لقادة إسرائيليين لا يستنكرها قادة الدول الحليفة لهم.
وجدّد الشيخ تميم بن حمد التأكيد على موقف بلاده الثابت من إدانة جميع أشكال استهداف المدنيين أياً كانت خلفياتهم العرقية أو الدينية أو الوطنية، وإدانتها بأشد العبارات استهداف المنشآت الصحية والتعليمية وتبرير ذلك بادعاءات غير مثبتة، مطالباً في هذا السياق بأن توفد الأمم المتحدة طواقم دولية لتحقيق فوري حول المزاعم والادعاءات الإسرائيلية التي تستخدم لاستباحة قصف المستشفيات.
واختتم كلمته مؤكداً أن الحل الوحيد والمستدام لهذه القضية هو الذي يرسي أسس العدل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وهو الحل الذي نادى به المجتمع الدولي، إيماناً بحق الشعب الفلسطيني في أن ينعم بالخير والرفاء، وحق تحقيق المصير في دولته المستقلة.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: واس الرياض غزة فلسطين القمة العربية الإسلامية حول غزة الرياض تمیم بن حمد
إقرأ أيضاً:
من يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا؟
سالم بن محمد العبري
نعلم أن ما يحصل في فلسطين يقوم به كيان محتل عنصري أقيم لمرامٍ استعمارية وألبسوه ثوب التوراتية؛ لكي يتحول الصراع إلى ما يسمى صراع بين الإسلام واليهود الذين وصفهم الله في كتابه الكريم بأنهم (أشد عداوة للذين آمنوا) هم والمشركون.
واليوم الغرب العلمانيّ يُعادي الأديان السماوية، وما يقرّه من قوانين مثل اعترافه بالمثلية الجنسية وتبنيها وحمايتها ونشرها، إنما يفعل ذلك مستهدفاً هرطقة الشعوب ونشر الانحلال في الأمم ليسهل عليه السيطرة عليها والتحكم بمصائرها من خلال تقدمه العلميّ أو بوسائل الدمار والقتل كما هو ماثل في حرب غزة ولبنان، وسعيه بأدواته إلى تصفية الرموز والقدوات ورجال المقاومة من أمثال إسماعيل هنية وحسن نصر الله يصبّ في نفس السياسات والاتجاهات.
أما ما يجري في سوريا وخاصةً في مناطق الساحل؛ حيث تتمركز الأقليات والمعلوم تاريخيًا أنهم جزء من نسيج الشام، ومشاركون في صناعة كل تاريخه ونضاله، ولا يقتصر تاريخهم على فترة نصف القرن الفائت منذ أن تبوأت عائلة حافظ الأسد الصدارة بالدولة السورية، وشاركت في كفاح الأمة ضد الصهيونية والاستعمار ومقاومة التبعية الاقتصادية؛ لكن أعتقد أن مسؤولية الصراعات والمذابح في الساحل السوريّ تعود إلى عدة مُحدِّدات رئيسة:
أولًا: إن النظام العربي السائد مُتفرِّق ولا يملك أيّة أوراق ضغط ليمارسها على الدول الراعية لعملية السلام أو التي تملك نفوذا في الشرق الأوسط، فضلًا عن أنّ هذا النظام العربي نصَّبَ نَفسه قاضيا بين الشعوب وحُكّامها وظل معاديا للدولة السورية من قبل اندلاع فوضى الربيع العربيّ التي خطط لها الغرب بعناية فائقة وصولا إلى سقوط النظام السوري.
ثانيًا: كان لخروج الرئيس بشار الأسد وتركه الدولة والشعب والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان يلقون هذا المصير خطأً فادحًا قضى على ما تبقّى من رصيد وإنجازات الدولة السورية في خندق المقاومة طوال نصف قرن. وقد كان يستلزم بشار الأسد بسوريا أن يقود الكفاح بما يتوفر وأن يعطي مساحة ومهلة للمعارضة لاستبيان نهجها: هل تريد إصلاحًا وإنقاذًا للدولة والشعب أم هي حلقة من حلقات التآمر على وحدة الأمة تحقيقًا لمقاصد الكيان الصهيوني.
نعم يتحمل بشار الأسد المسؤولية الأكبر فيما تسبب في وقوع مجازر وانتهاكات للحرمات والأعراض وكان خيرًا له أن يبقى في سوريا حتى وإن قُتل أو قُدِّم للمحاكمة كصدام حسين، أو يُقدّم استقالته لمجلس رئاسيّ يتولى تسيير الأوضاع، إلّا أن آفة الالتصاق بالمناصب، والتشبث بالكراسي ما زالت لعنتها تطارد العرب منذ العصر الجاهليّ.
ثالثًا: لقد كان على بشار الأسد أن يسير على خطى جمال عبد الناصر في إعلان التنحي ويترك للشعب يقرر إزاحته أو استبقاءه. وعلى الرغم من اعتراف عبد الناصر بمسؤوليته عن نكسة وهزيمة يونيو (حزيران) 1967م واعترافه بأخطاء وقعت في الممارسة والقيادة، إلّا أنّ الشعب العربي كله أبى إلّا أن يقف خلفه فنزل على الرغبة الشعبية وبدأ يعيد تصحيح البوصلة ويبني الجيش.
رابعًا: في اعتقادي أن بشار الأسد وما خلفه من محيط مهيمن بعد الانتخابات الرئاسية التي أظهرت التفافًا شعبيًا خلف قيادته، لم ينجح في استغلال هذا الزخم في المسارعة بتوظيف نتائج الانتخابات البرلمانية التي تمت في صيف 2024 لصالح التيار الإصلاحيّ؛ بل كان الأجدى أن يُشَار على الرئيس والحزب والقوى السياسية والمؤسسات المشاركة أن يستقيل الرئيس وتُجرى انتخابات بإشراف عربي ودولي مختار لإخراج سوريا من هذه الحرب الطاحنة عربيًا ودوليًا التي غايتها تأمين بقاء الكيان الصهيوني وكشف ظهر المقاومة.
حتى خطاب الأسد الأخير في القمة العربية بالرياض كان نشازًا كما في التعبير الشعري للشاعر أبو ريشة [لا يُلام الذئب في عدوانه/ إن يك الراعي عدو الغنم]، ثم كان يدور في خلدي تساؤل ماذا لو صمدت سوريا وظلت على نهجها المقاوم حتى وإن بقيت تجاهد كلاميًا ومعنويًا، كيف سيتصرف هذا الظهير والممسك بأدوات الإدارة هل سيصل بهم الشطط إلى تعديل الدستور ليتمكّن الأسد من الترشح من جديد للرئاسة؟
وأخيرًا أقول إن النظام القائم حاليًا في سوريا لا يفكر في النتائج التي قد تحدث بعد الإطاحة بالدولة فغايته الإجهاز على النظم السياسية التي لا تشبهه ولا تلوي قناتها لتماثل تلك القنوات القزمة، بعد أن أسقطوا العراق والسودان وليبيا والحبل على الجرار، ولا يفكرون في الثروات التي ستسرقها الإمبريالية العالمية كما سرقت ذهب ليبيا، ثم إنهم لم يضعوا إطارًا للحكم يضمن حفظ البشر والحجر والثروات، فالغاية كانت إسقاط النظام لتشكُر إسرائيل سعيهم، ثم تنقلب عليهم لتسقط نُظمًا أخرى؛ وهذا هو المصير الأليم.