التظاهر بالموت عمره نصف قرن.. ماذا تعرف عنه؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
مع استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على سكان قطاع غزة ضجت عواصم ومدن عالمية وعربية بمظاهرات حاشدة تعبيرا عن رفض ممارسات الاحتلال مطالبة بوقف القتل عن الشعب الفلسطيني.
وتبرز هنا اشكال متعددة للتظاهر والتعبير عن رفض أي ممارسات بحق الشعوب فكان أحد هذه الأنواع من التظاهرات هي التظاهر بالموت حيث انتشرت هذه التظاهرات منذ زمن قديم.
فانتشر "التظاهر بالموت" كأسلوب احتجاج على نطاق واسع في العالم في ظل الصراع الدائر بين إسرائيل وغزة، وبات الأسلوب الأكثر شعبية للاحتجاج على مجموعة متنوعة من القضايا في السنوات الأخيرة، إلا أنه ليس حديثا إذ له تاريخ يمتد لأكثر من 50 عاما.
وظهر "التظاهر بالموت" (Die-in protest) في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، واستعمله المحتجون على قضايا متنوعة من حرب فيتنام، إلى الحملة ضد الأسلحة النووية، وأخيرا المطالبة باهتمام أكبر بمرض نقص المناعة المكتسب "الإيدز".
وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي، كان "التظاهر بالموت" جزءا مهما من أساليب احتجاج الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء أميركا الشمالية وبدرجة أقل أوروبا، بحسب تقرير لموقع "أكتيف هيستوري".
ويضيف التقرير تعلمت الجماعات والمنظمات المحلية هذا التكتيك وكيفية تنفيذه من الصحف ومنشورات الناشطين وبالاتصال المباشر مع المنظمين من مدن أخرى، في تلك القضايا.
وفي السبعينيات، تعلم منظمو احتجاج للمطالبة بسلامة راكبي الدراجات على الطرق في كندا كيفية تنفيذ هذا النوع من الاحتجاجات بعد مظاهرة في فيلادلفيا، عام 1972، حيث قام 420 شخصا بمحاكاة الموت احتجاجا على تجارب الأسلحة النووية، وفق التقرير.
وينقل الموقع أن واحدة من أولى الإشارات إلى مصطلح "التظاهر بالموت" كانت في تغطية احتجاج نظمه دعاة حماية البيئة في بوسطن الأميركية للاحتفال بيوم الأرض الأول، في 22 أبريل عام 1970. وتظاهر بضع عشرات من الأشخاص، بعضهم حمل توابيت، وتظاهروا بالموت أمام عدادات التذاكر في مطار لوغان الدولي لزيادة الوعي بالتلوث.
ومن بين الأمثلة المبكرة الأخرى، وفق التقرير، احتجاج نظمته لحركة "أشخاص ضد استخدام غاز الأعصاب" في سياتل، في مايو عام 1970، واحتجاج ضخم لإضراب النساء من أجل السلام في نيويورك، في عام 1972.
كيف ينفذه المحتجون؟
يبدأ الاحتجاج، بحسب تقرير، موقع أكتيف هيستوري" عادة عبر استيلاء مفاجئ على مكان عام مزدحم من قبل المتظاهرين، وغالبا ما يستعين المحتجون بدعائم رمزية كالتوابيت أو قطع القماش الملطخة بالدماء، وقد تكون هناك شعارات أو غناء أو قد يكتفون بالصمت.
يدوم "التظاهر بالموت" عادة لوقت قصير فقط قبل تدخل الشرطة عادة لطرد المحتجين من المكان العام الذي يحتلونه.
ويحول العشرات أو المئات من المتظاهرين الذين يلعبون دور الموتى مساحة عامة كزاوية شارع أو بهو فندق إلى ساحة معركة أو موقعا لحادث رمزي.
وينقل تقرير من موقع "بوليتكل فايلانس"أن الاحتجاج العادي يقتصر على ترديد النشطاء للشعارات، لكن احتجاج "التظاهر بالموت" يقوم الناشطون فيه بشكل درامي بإعادة تمثيل مشاهد العنف في سعيهم للمساءلة ووضع حد للعنف، "وهذا ما يجذب الانتباه أكثر".
قد يصرخ المتظاهرون برسائل أو يستخدمون علامات لإضافة سياق إلى المشاهد المادية التي يتم تمثيلها. ويمكن أن تشمل أيضا صورا للضحايا، بالإضافة إلى صور أو دمى للموتى، واللباس المنسق، وتحديد رسوم الجثث بالطباشير على الرصيف، ومحاكاة عمليات القتل، مثل خطوط الإعدام الوهمية أو فرق الإعدام رميا بالرصاص، وفق التقرير.
ويشير التقرير إلى أن بعض الاحتجاجات تهدف إلى نقل الأحداث المخفية والتي تحدث بعيدا عن الأنظار، مثل المذابح السرية أو حالات الاختفاء، وتمثيلها أمام أعين الجمهور.
ويضيف التقرير إن عمليات التظاهر بالموت غالبا ما تستهدف العديد من الجماهير فيكون هدفها الأول هو الجناة أو القتلة أو القتلة المحتملين يساعد الموت المتحدي على كسر الخوف بين السكان ويصف هؤلاء الجناة بالجبناء.
كما يستهدف التظاهر بالموت المسؤولين الذين يشغلون مناصب تمكنهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة، أي أولئك الذين قد يحاسبون الجناة ويعملون على إحداث تغيير منهجي.
وأخيرا يستهدف هذا النوع من التظاهر، المتفرجون سواء كانوا من داخل الدولة او من خارجها بهدف تعبئتهم للمساعدة في الضغط على القضية والضغط على الفئتين الأولى والثانية بحسب التقرير.
ومع هذه الأهداف الشائعة، فإن العديد من حالات الموت قد تشبه الاحتجاجات الأخرى لكن المفارقة التي يستحضرها الموتى اتخاذ الفعل الضار الأصلي وتحويله إلى رمز للتضامن والانتقاد تعمل مثل فخ بلاغى لتضخيم الرسالة إنه يحمل مرآة أمام الجناة والمجتمع للتأكيد على عمق الخطأ المرتكب وحجم الغضب الهائل تجاهه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التظاهر بالموت الاحتجاجات الاحتجاجات الحرب على غزة العدوان الاسرائيلي علي قطاع غزة التظاهر بالموت سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
دروز في السويداء يؤكدون استمرار التظاهر حتى سماع صوتهم في سوريا الجديدة
كان سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد موضع ترحيب لدى محافظة السويداء التي تقطنها غالبية درزية جنوب سوريا لكن المجتمع هناك يواصل الضغط على الحكومة الجديدة في دمشق، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن السويداء مجهزة جيدا للاحتجاجات، حيث تستضيف الساحة المركزية للمدينة، موطن إحدى أكبر مجتمعات الأقليات في سوريا، حشود المتظاهرين الأسبوعيين - أو حتى اليومي في بعض الأحيان - الذين يطالبون بالتمثيل والخدمات العامة التي طالبوا بها لسنوات.
قبل وقت طويل من سقوط نظام بشار الأسد، أصبحت المحافظة الجنوبية التي تحمل الاسم نفسه مرادفا للمقاومة ضد حكم دمشق، والتي لا تخشى الاحتجاج على الرغم من حملة الأسد على المعارضة وتعهداته الجوفاء بحماية مجتمعات مثل مجتمعاتهم.
وأضافت الصحيفة أن المنطقة مليئة بشكل ساحق بأعضاء الطائفة الدرزية، الذين يتبعون شكلا باطنيا من الإسلام الذي يمتد أتباعه عبر مساحة شاسعة من لبنان وسوريا، بما في ذلك مرتفعات الجولان التي تحتلها "إسرائيل".
وحتى قبل فرار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي مع وصول التمرد إلى دمشق، كان سكان السويداء يطالبون بدولة علمانية تكرس حقوق الأقليات، وهم الآن يصرون بشدة على سماع أصواتهم في سوريا الجديدة.
ونقلت الصحيفة عن المحامية علياء القنطار، بعد المظاهرة الأسبوعية التي أقيمت في الساحة المركزية لمدينة السويداء أمام جناح معدني مزين بكلمات "السلام لجميع السوريين"، قولها "منذ آب/ أغسطس الماضي وحتى الآن، كنا نحتج يوميا".
وأضافت "وسنستمر في الاحتجاج حتى نحصل على الدولة التي نريدها. لم نشعر بأي قمع من الحكومة الجديدة، ولكننا لم نشهد أي إجراء على الأرض استجابة لمطالبنا"، مردفة بالقول "بالطبع، سنزيد من مظاهراتنا حتى نحصل على ما نريد".
وبدأت الاحتجاجات في السويداء في آب/ أغسطس 2023 للمطالبة بزيادة الخدمات العامة، وسرعان ما تحولت إلى مطالبات برحيل الأسد، في مكان تجاهله نظامه لفترة طويلة. كانت المحافظة الجنوبية جيبا نادرا للمقاومة لأكثر من عام قبل انهيار حكمه وسط تمرد أوسع نطاقا في نهاية عام 2024. وهي الآن تمثل تحديا للحكومة المؤقتة في سوريا.
وأدى سقوط الأسد إلى إخماد المطالبات بدولة درزية، لكن الشخصيات الدينية المحلية وقادة الميليشيات والمتظاهرين يقولون إنهم سعداء بكونهم شوكة في خاصرة السلطات الجديدة، وفقا للتقرير.
وقال المتظاهرون إن مطالبهم بتحسين الخدمات العامة والدولة العلمانية ظلت دون تغيير على الرغم من القيادة الجديدة في دمشق، مما وضع سلطة تصريف الأعمال تحت الضغط.
ويضاف إلى هذا الاحتكاك الوجود الإسرائيلي المتوسع حول مرتفعات الجولان، وهي منطقة جبلية بها عدد كبير من السكان الدروز والتي احتلتها "إسرائيل" جزئيا لعقود من الزمان، حسب التقرير.
في غرفة اجتماعات خارج مدينة السويداء، وسط الأثاث الأزرق، اختار زعيم ليث البلعوس، الذي يرأس فصيل شيوخ الكرامة المسلح، كلماته بعناية عندما ناقش كيف ينبغي لدمشق أن ترد على الوجود العسكري الإسرائيلي المتوسع. وقال إنه يعتقد أن "جيران سوريا"، في إشارة إلى دولة الاحتلال، سيحترمون السيادة السورية بمجرد أن تعيد دمشق إطلاق جيشها.
وقال إن ما يصل إلى 5000 عضو من تحالف المسلحين الدروز في السويداء كانوا متلهفين للانضمام إلى جيش سوري جديد لم يتم تشكيله بعد، مضيفا أن مجموعته تنتظر حتى تلك اللحظة قبل أي مناقشة لنزع سلاحها.
وقال: "سيكون شرفا لنا الانضمام إلى الجيش الجديد، بشرط أن تكون للحكومة في دمشق رؤية واستراتيجية واضحة. لقد أرسلت وفدا إلى وزارة الدفاع الجديدة، لفهم استراتيجية الجيش وعقيدته القتالية. نريد أن نعرف: من هو عدونا في سوريا؟".
وقال البلعوس لصحيفة "الغارديان"، إن الدروز بشكل عام "متفائلون بشأن العلاقات مع دمشق، ويتوقعون رؤية فوائد من الحكومة هناك. إذا لم تصل هذه الفوائد في المستقبل، فهناك خطوات يجب اتخاذها ويمكننا التحدث عنها في الوقت المناسب. لقد سمعت تصريحات جيدة من حكومة دمشق المؤقتة، لكننا ننتظر أن نرى الأشياء تُنفذ على الأرض".
وأضاف البلعوس أن الولاء سيأتي عندما يرى الدروز كيف تعمل الحكومة الجديدة. "لكن في الوقت نفسه، لا نريد أن نعزل أنفسنا، نريد المشاركة قبل استخلاص النتائج".
وقال ياسر حسين أبو فخر، وهو زعيم ديني درزي وعضو رئيسي في المجلس الديني الأعلى، إن الممثلين الدينيين والسياسيين في السويداء أرسلوا "غصن زيتون للحكومة الانتقالية الجديدة"، ورحبوا بسقوط الأسد.
لكن وجهة النظر من السويداء، حسب التقرير، كانت أن القيادة الانتقالية لم تكن هناك للتحدث عن مخاوفها. وقال أبو فخر إنهم رحبوا مؤخرا بوفد زائر من دمشق، لكن هؤلاء الوزراء جاءوا للتحقق من أقسامهم المعنية مثل الصحة والشرطة، وليس لمناقشة تشكيل دولة مدنية أو كيفية تمثيل الأقليات مثل الدروز في المستقبل.
وأضاف أبو فخر: "نفضل أن نسميها حكومة تصريف أعمال، لأنها حتى الآن لم تُنتخب، ولا يوجد دستور أو قوانين واضحة. نريد حكومة جديدة يجب أن تكون دولة مدنية، دولة ديمقراطية، تحترم جميع الطوائف، وتؤمن بالحرية. إن هذه الحكومة المؤقتة لا تستطيع اتخاذ قرارات بشأن الاتجاه الاستراتيجي لسوريا".
وقالت القنطار، وهي تقف خارج المسجد المركزي بعد الاحتجاج الأسبوعي، إن المتظاهرين كانوا، مع ذلك، متلهفين لرؤية التغيير. وقالت: "نريد أن نسمع خطة أحمد الشرع حول كيفية تغيير الأمور بعد الأسد. لكننا لم نسمع أي شيء منه بعد".
وقال كوماي عبيد، 24 عاما، وهو طالب طب، إنه انضم إلى بعض الاحتجاجات الأولى المناهضة للحكومة في السويداء لكنه كان خائفا جدا من الاعتقال لمواصلة ذلك. وقال إنه الآن تحرر أخيرا من الخوف من أن يؤدي الاحتجاج إلى اعتقاله، وكان يتبنى الاحتجاجات كشكل من أشكال المشاركة السياسية مع دمشق وهو أمر كان مستحيلا في ظل نظام الأسد.
وأضاف في حديثه للصحيفة البريطانية، "عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا كنت في العاشرة من عمري - بالنسبة لجيلي، لم يكن هناك شعور بالانتماء هنا وكان من الأسهل الدعوة إلى الانفصال. لكن الآن، لا سبيل لذلك".
لقد تبخر شعور عبيد بأن الطائفة الدرزية أصبحت معزولة عن الحكومة في دمشق مع انهيار نظام الأسد، وبينما كان مقتنعا ذات يوم بأنه سيتخرج ويغادر البلاد، إلا أنه الآن يريد البقاء، كما قال. وأضاف أن تصميمه على إعادة البناء يعني تقديم مطالب للسلطة الجديدة في دمشق.
"الآن إذا شعرنا أننا لا نحب أي شيء في البلاد، فيمكننا التعبير عن ذلك أخيرا - ونريد من الحكومة أن تساعدنا في بناء وطننا الجديد"، حسب تعبيره.