فيلم قاتل الألم.. قصة الأم التي دفعت أرواح الأبرياء ثمنا للنجاح
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
حين تقترب السينما من الصحافة، يجد المشاهد نفسه أمام تحفة فنية مثلما حدث في فيلم "بقعة ضوء" (Spotlight) الذي عُرض في صالات العرض عام 2015، وحصل على جائزة الأوسكار في 2016. ولكن فيلم "قاتل الألم" (Pain Hustlers) للمخرج ديفيد ييتس، لن يحقق ذات النجاح رغم التمثيل الجيد والإخراج المتميز في صناعة شخصية متفردة.
ولعل وجود فيلم مثل "ذئب وول ستريت" (The Wolf of Wall Street) للمخرج مارتن سكورسيزي، وبطولة ليوناردو دي كابريو، سيبقى لفترة طويلة في صدارة تلك الأفلام التي تعالج الاحتيال باسم التسويق والسقوط الأخلاقي باسم تلبية احتياجات السوق، وتصرف الأنظار عما عداه، لما قدمه من حيوية وإبداع وتكامل لمختلف العناصر في فيلم أيقوني.
ويتصدى فيلم "قاتل الألم" الذي يعرض على "نتفليكس"، لظاهرة طالما أدت إلى موت وإدمان الآلاف من الأميركيين للمسكنات المخدرة وخاصة لمادة "الفينتانيل"، وذلك من خلال الترويج والتسويق بطرق غير أخلاقية، والذي قامت به بعض شركات الصيدلة سعيا وراء الربح.
تحقيق وكتاب وفيلموتدور أحداث "قاتل الألم" حول ليزا دريك (إميلي بلانت)، وهي أم فقدت وظيفتها للتو، تلتقي مصادفة مع مندوب مبيعات الأدوية بيت برينر (كريس إيفانز)، ويضعها بدوره في بداية مسار مهني مربح للغاية، لكنه غير إجرامي وغير أخلاقي، وتتورط بالفعل في مخطط رشوة وابتزاز خطير.
تستمر ليزا في مسارها المربح بين صاحب شركة شبه مجنون، يدعى دكتور نيل (آندي غارسيا)، وبين ابنتها (كلوي كولمان)، التي تعاني من حالة صحية متدهورة، وتحتاج إلى جراحة مكلفة للغاية.
تتوقع ليزا انهيار الشركة، وترى بنفسها آثار ترويجها لتلك المخدرات القاتلة عبر ابتزاز الأطباء ورشوتهم لوصفه كدواء، فتتوقف أمام نفسها، لتعيد تقييم خياراتها.
الفيلم مستوحى من تحقيق صحفي، نشرته مجلة "ذا نيويورك تايمز" عام 2018، وحوله الكاتب إيفان هيوز لاحقا إلى كتاب بعنوان" قاتل الألم" (Pain Hustlers). يعرض كل من المقال والكتاب تفاصيل عن شركة أدوية ناشئة تدعى "أنسيس" سوقت رذاذ "الفنتانيل" لتخفيف الألم.
ويعالج الفيلم عددا من القضايا المجتمعية الهامة، لعل أبرزها ترويج المواد الأفيونية عبر الصيدليات، لكنه يكشف ثغرة خطيرة في الممارسة الطبية بالولايات المتحدة، ويطرح بالتفصيل إحدى أشد القضايا خطورة في عالم الصحافة وهي "الإبلاغ عن الفساد" من داخل الشركات أو المؤسسات، والذين ينتهي مستقبلهم المهني فور قيامهم بالإبلاغ عن المخالفات التي تحدث في مؤسساتهم رغم نبل وأهمية أدوارهم.
خفة لا تحتمليبدأ نجاح الفيلم أو فشله مع كتابة الفكرة، ومن ثم تحدد القدرة على السيطرة على الفكرة والتوازن بين تفاصيل الدراما نسبة هذا النجاح، لذلك يعد السيناريو هو العنصر الأهم في صناعة فيلم ناجح.
في "قاتل الألم"، أفلتت القصة من بين أصابع السيناريست ويليس تاور، أو بشكل أكثر دقة، لم يسيطر عليها من الأصل، وبدا أن التحقيق الصحفي الذي أخذ عنه الفيلم قد سطا على العمل، وبدلا من صناعة بناء درامي متماسك يشمل دراسة التحولات التي تطرأ على أبطال العمل، وتجسد الكيفية التي يتحول بها البشر إلى وحوش تتغذى على دماء وحياة بعضها، قدم السيناريست بنية تحقيقا صحفيا، وقسم الفيلم إلى فصول "تحكي" فقط القصة، وتشير إلى المجرمين والأبرياء دون رصد السياقات الاجتماعية والنفسية لسلوك كل شخص، باستثناء البطلة التي مهد وبرر مشاركتها في العملية الإجرامية، دون أن يبرر أو يبني بشكل مشبع أسباب تحولها إلى شخص يطارده الشعور بالذنب.
ولعل ذلك الطمع المشروع لدى المبدع، والذي يتلخص في الرغبة العارمة لتناول كل قضايا العالم في عمله هو ما سبب عدم القدرة على السيطرة وانزلاق العمل إلى نوع من الخفة التي لا تحتمل في في عمل سينمائي.
يبدأ الفيلم بقصة أم فقيرة، فشلت في أكثر من عمل، وتعرضت للحبس نتيجة لمخالفات إجرامية بسيطة، تكافح هذه الأم للنجاة ومعها ابنتها الطفلة المريضة، تدفعها الصدفة في طريق أحد وحوش التسويق ومحترفي الفساد، الذي يجندها للعمل في شركة في طريقها للسقوط، وفي قصة أخرى، ينجحان معا في إنقاذ الشركة عبر عملية إجرامية تتلخص في رشوة الأطباء بالمال والمتع لينصحوا بوصفة طبية تتضمن مواد مخدرة لتسكين الألم.
يصور "قاتل الألم" تلك الخشونة والقسوة في التعامل بين أختين، إحداهما ناجحة ومستقرة اقتصاديا، بينما تعاني الأخرى، ودون تعاطف ورفق، نرى قسوة لا تحتمل تصل إلى حد الطرد من المنزل لأسباب قد لا تكون ذات أهمية، وتمارس الأخت الناجحة نفسها قسوة على الأم التي ترافق ابنتها بحثا عن مأوى، وتنجحان الأم والابنة معا، ليقوم مصمم الملابس بتغيير نمط وماركات الملابس، فتتألق إيميلي بلانت بأناقة وبساطة دون تكلف، بما يتناقض تماما مع السلوك الإجرامي الذي تمارسه.
ينتقل الفيلم إلى شخصية الدكتور نيل أو آندي غارسيا الغريبة، فهو بخيل وشبه مجنون وانتهازي، لكن الغريب أن المخرج ديفيد ييتس لم يرسل ولو إشارة عابرة توضح الفارق بين مشهده وهو صاحب شركة توشك على إعلان إفلاسها، ومشاهده وهو صاحب شركة تسيطر على ما يقرب من ثلث سوق الأدوية في الساحل الشرقي الأميركي.
لم يكن أداء آندي غارسيا الأفضل، إذ بدا كارها للشخصية التي يقدمها، وبدت التعبيرات التي استقرت على وجهه أشبه بأقنعة وضعها قبل بدء التصوير.
تصوير برامجيديفيد ييتس أحد المخرجين الذين قدموا تجارب ناجحة مثل هاري بوتر وقصة طرزان، ولعل تقديم مثل هذه الأفلام الأسطورية بنوع العدسات المستخدمة ونوع اللقطات البعيدة جدا وندرة اللقطات المقربة جعل من ييتس مدمنا للتصوير عن بعد، مما جعل مشاهد مفصلية حقيقية في العمل تصبح بلا أثر تقريبا مثل مشاهد رشوة الطبيب ليديل أو الممثل برايان جيمس، والتصاعد التدريجي لانفعاله مع أنواع ومبالغ الرشوة، ولكنه صور في لقطة عامة في موقف سيارات، وبدا الراشي والمرتشي صغيرين إلى حد عدم التأثير.
وبالأسلوب نفسه قدم ييتس ضحايا العلاج بالمخدر، ورغم استخدامه للقطات أبيض وأسود في العودة بالذاكرة "فلاش باك" لقصص إدمانهم للعلاج؛ ومن ثم مرضهم وذكرياتهم الأسرية، فإن ثمة حاجزا ثلجيا غريبا صنعه المخرج من الإيقاع السريع في مشاهد كان ينبغي لها أن "تشبع" ليتخذ المشاهد الموقف الطبيعي، ويرغب في تحقق العدالة.
ولعل تجربة فيلم "قاتل الألم" تؤكد أن أهمية القضية لا تبرر تحويلها إلى فيلم سينمائي، لكن ما يبرر الفيلم السينمائي هو قدرته على تصوير وكشف وتحليل تحولات المشاعر البشرية بالتوازي مع الدراما التي يؤدي إليها وجود القضية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وضعيات نوم خاطئة تسبب ألم الكتف.. متى يصبح الأمر خطرًا؟
من المعروف أن النوم الجيد هو أساس الراحة الجسدية والعقلية، وهو جزء أساسي من حياتنا اليومية، لكن مع ذلك، قد تؤدي بعض وضعيات النوم إلى آلام مزعجة تؤثر على صحتنا بشكل سلبي، خاصة في منطقة الكتف، التي تعتبر من أكثر الأماكن عرضة للضغط والإجهاد أثناء النوم. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون هذه الآلام مؤشرًا على وجود مشاكل صحية أعمق قد تحتاج إلى تدخل طبي عاجل.
وضعيات نوم خاطئة تسبب ألم الكتف.. متى يصبح الأمر خطرًا؟ونستعرض أبرز وضعيات النوم الخاطئة التي يمكن أن تؤدي إلى ألم الكتف، إضافة وكيفية التعرف على الحالات التي قد تكون خطيرة وتتطلب استشارة طبية فورية.
وضعيات النوم الخاطئة التي تؤدي إلى ألم الكتف
قال الدكتور وسام عويني، استشاري العلاج الطبيعي،فى تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن هناك عدة وضعيات نوم قد تسبب ألمًا في منطقة الكتف، وفي كثير من الأحيان قد يجهل الشخص ارتباط هذه الوضعيات بالألم الذي يشعر به. وهنا نعرض أبرز هذه الوضعيات التي يجب تجنبها للحفاظ على صحة الكتف:
1. النوم لفترات طويلة على الجانب الأيمنإحدى الوضعيات الشائعة التي قد تسبب ألمًا في الكتف هي النوم لفترات طويلة على الجانب الأيمن. قد يكون هذا الأمر غير مؤذي للبعض، لكنه يصبح أكثر صعوبة على الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في الكتف، مثل التهاب الأوتار أو التهاب المفاصل. في هذه الوضعية، يتعرض الكتف اليمنى لضغط مستمر، مما قد يؤدي إلى شعور بالألم والتصلب.
نصيحة: من الأفضل تغيير وضعية النوم بين الجانبين أثناء الليل لتجنب الضغط المستمر على نفس الكتف، أو استخدام وسادة مريحة تدعم الجسم بشكل جيد.
2. وضع اليد أسفل الرأسالكثير من الأشخاص يقومون بوضع يدهم أسفل رأسهم أثناء النوم على الجانب، ظنًا منهم أن هذا يوفر دعمًا إضافيًا. لكن في الواقع، هذه الوضعية تسبب ضغطًا شديدًا على مفصل الكتف، مما يؤدي إلى شعور بالألم والتورم مع مرور الوقت. هذا الضغط قد يزيد من حدة الألم إذا كان الشخص يعاني من مشاكل في الكتف أو في الأعصاب.
نصيحة: لتجنب هذا الوضع، من الأفضل استخدام وسادة مناسبة لدعم الرأس والعنق بشكل صحيح، وتجنب وضع اليد أسفل الرأس أو الرقبة أثناء النوم.
3. النوم على البطنالنوم على البطن هو من أسوأ وضعيات النوم التي قد تضر بالكتف. في هذه الوضعية، يتعرض الكتف والرقبة لضغط مباشر من الأمام، مما يسبب آلامًا في كلا المنطقتين. هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى التهاب المفاصل، أو إجهاد الأوتار في منطقة الكتف.
نصيحة: من الأفضل النوم على الجانبين أو الظهر، مع استخدام وسادة مريحة تدعم الرقبة والكتف بشكل صحيح. تجنب النوم على البطن قدر الإمكان لتقليل الضغط على الكتف.
متى يصبح الألم خطيرًا؟في بعض الحالات، يمكن أن يكون ألم الكتف نتيجة لوضعيات النوم الخاطئة مؤقتًا، ويختفي مع تعديل الوضعية أو تغيير طريقة النوم.
علامة تحذيرية بألام الكتف تلزمك بضرورة التوجه إلى الطبيبوضعيات نوم خاطئة تسبب ألم الكتفوهناك بعض الأعراض التي يجب أن تكون علامة تحذيرية لك بضرورة التوجه إلى الطبيب، خاصة إذا كانت مصحوبة بمضاعفات أخرى. إليك بعض الأعراض التي تشير إلى أن الألم قد يكون خطيرًا ويحتاج إلى استشارة طبية:
1. ألم مستمر رغم تغيير الوضعيةإذا استمر الألم في الكتف رغم تغيير وضعية النوم أو بعد أخذ فترات راحة، فقد يكون هذا مؤشرًا على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى تقييم دقيق.
2. الألم المصحوب بتورم أو احمرارفي حال كانت منطقة الكتف متورمة أو حمراء مع الشعور بالألم، قد يكون هناك التهاب في الأنسجة أو المفاصل. قد يكون التهاب الأوتار أو التهاب المفصل هو السبب في هذه الأعراض.
3. الألم المصحوب بخدر أو تنميلإذا شعر الشخص بخدر أو تنميل في الكتف أو الذراع، فإن ذلك قد يكون علامة على الضغط على الأعصاب. قد تشير هذه الأعراض إلى مشكلة في الأعصاب أو أقراص الفقرات العنقية.
4. ألم يصاحبه صعوبة في الحركةوضعيات نوم خاطئة تسبب ألم الكتفإذا كانت حركة الكتف محدودة أو إذا كانت هناك صعوبة في رفع الذراع أو تحريك الكتف بسبب الألم، فهذا قد يكون مؤشرًا على إصابة خطيرة، مثل تمزق الأوتار أو التهاب الأوتار المزمن.
5. تدهور الألم مع مرور الوقتإذا كنت تشعر أن الألم يزداد تدريجيًا مع مرور الوقت حتى لو كنت تتجنب وضعيات النوم الخاطئة، فقد يكون هناك مشكلة هيكلية في الكتف تحتاج إلى تدخل طبي متخصص.
وضعيات نوم خاطئة تسبب ألم الكتفكيفية الوقاية والتعامل مع ألم الكتف بسبب وضعيات النومإذا كنت تعاني من ألم في الكتف نتيجة لوضعيات النوم الخاطئة، إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في الوقاية وتحسين حالتك:
استخدام وسادات مريحة تدعم الرأس والعنقاستخدام وسادات مريحة تدعم الرأس والعنقاختر وسادة توفر دعمًا مناسبًا للرقبة والكتف، مما يساعد على تقليل الضغط على المفاصل.
تغيير وضعية النومحاول النوم على ظهرك أو على الجانبين بدلًا من النوم على البطن. تأكد من تغيير الوضعية بانتظام أثناء الليل.
التمدد والتمارينممارسة تمارين التمدد الخاصة بالكتف يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر والضغط على المفاصل والأوتار.
الاستشارة الطبيةفي حال كان الألم مستمرًا أو مصحوبًا بأعراض أخرى خطيرة، من المهم استشارة طبيب مختص لتقييم حالتك وبدء العلاج المناسب.
الجدير بالذكر إذا كنت من الأشخاص الذين يعانون من آلام الكتف بعد النوم، فقد تكون وضعيات النوم الخاطئة هي السبب وراء ذلك، مع الالتزام بالتوجيهات الصحيحة لتحسين وضعية النوم وتوفير الدعم المناسب للكتف، يمكنك تقليل الألم والوقاية من تفاقم المشاكل الصحية، لكن في حال استمر الألم أو ترافق مع أعراض خطيرة، يجب التوجه فورًا إلى الطبيب لتشخيص الحالة وتحديد العلاج الأنسب.