الإيذاء الناتج عن التنمر Bullying victimization هو شكل من أشكال الضغط النفسي المزمن بسبب العدوان الشخصي الذي يتم توجيهه بشكل متكرر إلى الشخص الذي يتمتع بسلطة أقل من المعتدي.

ويتعرض طفل واحد من بين كل 10 أطفال تقريبا في جميع أنحاء العالم للتنمر بانتظام من أقرانه، كما يتعرض 30% من الأطفال للتخويف في بعض الأحيان، وذلك وفقا للأكاديمية الوطنية للعلوم والهندسة والطب National Academies of Sciences Engineering, and Medicine.

وإضافة إلى ما يمثله التنمر من معضلة أخلاقية، فقد توصل بحث دولي نشر عام 2022 إلى أن التنمر أصبح "أزمة طبية خطيرة مثل الإصابة بفيروس قاتل".

التنمر يتسبب بضرر كبير للطفل الذي يتعرض له (وكالات)

وقد تمكن الباحثون، من جامعة أوتاوا في أونتاريو الكندية، من رؤية الضرر الذي يتسبب فيه التنمر، وتوثيقه من خلال تصوير الدماغ وفحصه، وخلصوا إلى أن سوء معاملة الأطفال وتنمر الأقران يؤذي مناطق الدماغ بطرق خطيرة ودائمة للغاية.

ويتمثل الضرر في أن الضحايا يفشلون في فهم الإشارات الاجتماعية، وفي التفكير بوضوح، كما يفشلون في السيطرة على سلوكهم وعواطفهم.

وأشار الباحثون إلى ضرورة التوعية بالضرر العقلي الذي يسببه التنمر بأن تكون هناك إعلانات خدمة عامة حول الندوب العصبية غير المرئية المدمرة التي يتركها التنمر وسوء معاملة الأطفال بالدماغ، لأنه يمكن إصلاح الضرر بمجرد التعرف عليه وتحديده لدى الطفل.

تأثير التنمر على عقول الأطفال

أجرى باحثو الدراسة تحليلا حول تأثير إيذاء التنمر على عقول الأطفال، وأقروا بأن الآثار السلبية للتنمر تؤثر على مناطق معينة من الدماغ مما يؤدي إلى أن يسيء ضحية التنمر تفسير تعابير وجه شخص ما أو يبالغ في رد فعله. كما أن دماغ الضحية قد يقرأ تعبيرات الوجه على أنها غاضبة أو مهددة نتيجة تعطل مناطق معينة من الدماغ بسبب التنمر.

وقد يكافح الضحايا أيضا لاستخدام عقولهم العقلانية لحل المشكلات أو اتخاذ القرارات، كما أن القدرة على التفكير في التحديات والمشاكل تضعف نتيجة للتنمر.

ويكافح دماغ ضحايا التنمر أيضا من أجل التنظيم الذاتي أو تعديل سلوكهم، وبالمثل قد يكافح دماغهم المضطرب لإدارة الانفعالات العاطفية أو الانسحاب.

وتوصل الباحثون كذلك إلى أن الطريقة التي يضر بها التنمر مناطق الدماغ يمكن أن تؤدي إلى "تطور مشاكل في الصحة العقلية بما في ذلك القلق والاكتئاب والذهان والاضطرابات النفسية والجسدية والأكل بين الأطفال الذين يتعرضون للتنمر". كما قد يصاب بعض الأطفال بالتخدير العاطفي المرتبط بمزيد من الضرر للدماغ الذي يظهر في اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وإضافة إلى أن الأطفال المستهدفين بالتنمر غالبا ما يشهدون انخفاضا في درجاتهم الدراسية، كما أنه من المحتمل أن يكون الأداء الأكاديمي الضعيف نتيجة للتغيرات العصبية الفسيولوجية مثل تلك الموجودة عند الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة.

الآثار الأكثر خطورة

وثق الباحثون بعض التغييرات الجسدية بالأدمغة التي تعرضت لسوء المعاملة والمضايقة والتي قد تظهر على الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة من قبل الكبار أو الذين يتعرضون للتنمر من قبل أقرانهم، وتتمثل في علامات "تكوّن الخلايا العصبية المكبوتة وتأخر نمو النخاع المرتبط بالإجهاد بالإضافة إلى موت الخلايا المبرمج المشوه".

ويعرف العلماء أن أدمغتنا تنتج خلايا جديدة طوال حياتنا، إلا أن كشف التصوير الدماغي أظهر أن تعرض الدماغ لسوء المعاملة أو التنمر يؤدي إلى تعرض عملية ولادة الخلايا الدماغية الجديدة، أو تكون الخلايا العصبية، للخطر وفي بعض الحالات تتوقف.

التنمر المتكرر يمكن أن يترك ندوبا عصبية عند الضحية (غيتي إيميجز)

كذلك، فإن الذين يتعرضون للتنمر والإيذاء ترتفع لديهم العملية الطبيعية للاستماتة أو موت الخلايا. وبالتالي توضع دورة الولادة الخلوية وموت الخلايا في حالة من عدم التوازن، حيث يكافح دماغ الضحية من أجل ولادة خلايا جديدة بينما يموت عدد كبير من الخلايا في نفس الوقت. نتيجة لذلك، يعاني الأطفال من القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وضعف الأداء الأكاديمي.

لا أحد يعرف

وعلى الرغم من كل الآثار السلبية التي توصل إليها العلماء فإنه نادرا ما يعرف الضحايا أن دماغهم مريض ويحتاج إلى المساعدة. كذلك فإن المتنمرين ومن يسيئون للآخرين لا يعرفون أن الطريقة التي يتصرفون بها تسبب ضررا لدماغ الضحية أمامهم.

ووفقا للباحثين بالدراسة، فإن الإصابات الدماغية الناتجة عن التنمر تعد أكثر إزعاجا لأنها غير مرئية بالعين المجردة، وبالتالي فإن معظم المجتمع لا يعرفون حتى حدوثها، ويتألم ضحايا التنمر في صمت. ولكن في حال تم التعرف على الإصابة فإن عملية الرعاية اللازمة للدماغ للإصلاح والتعافي تكون ممكنة.

وتقول الكاتبة جنيفر فريزر (مؤلفة كتاب "The Bullied Brain") إنه نظرا لأننا لا نتعلم الكثير عن الدماغ بالمدرسة ولا نتحدث عن الدماغ، فنحن لا نعلم أن هذا العضو الرئيسي يتضرر بالفعل بشدة من جميع أشكال التنمر وسوء المعاملة. وهذا موثق جيدا ويمكن رؤيته بالفعل من خلال فحص الدماغ.

وتضيف فريزر –بحسب موقع "تورنتو ستار" Toronto star- أن علم الأعصاب قد أثبت أن التنمر المتكرر يمكن أن يترك ندوبا عصبية ويرتبط بتقلص حجم الحُصين. والحصين الأصغر جزء من الدماغ مرتبط بالذاكرة والتعلم والتنظيم العاطفي ومرتبط بالاكتئاب وألزهايمر.

الباحثون وثقوا بعض التغييرات الجسدية بالأدمغة التي تعرضت لسوء المعاملة والمضايقة (دويتشه فيله)

وتقول أيضا إنك قد ترى تضخما باللوزة الدماغية في فحص الدماغ لشخص تعرض للتنمر أو الإساءة بشكل كبير. وهذا منطقي تماما لأن اللوزة جزء من الدماغ يشارك في اكتشاف التهديدات والخطر.

وإذا كان شخص ما دائما في حالة تأهب قصوى لأن دماغه تمت برمجته للاعتقاد بأنها مسألة وقت فقط قبل الهجمة التالية فإن اللوزة تصبح كبيرة.

ووفقا لموقع سيكولوجي توداي، psychology today فإنه يجب على الآباء والمعلمين والمدربين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين وأخصائيي الصحة العقلية استغلال كل فرصة لمساعدة الأطفال على فهم أن وباء الأمراض العقلية لدى الشباب يمكن الحد منه إذا كان معروفا على نطاق واسع أن جميع أشكال سوء معاملة الأطفال والتنمر تلحق الضرر بالدماغ.

كما أن التنمر الجسدي قد يضر بالدماغ بشكل واضح، ولكن الأخطر بكثير هو التنمر العاطفي والنفسي والعلاقات الاجتماعية والتسلط عبر الإنترنت، حيث إن الضرر الذي يلحقه بالدماغ غير مرئي. ويؤدي الإهمال العاطفي والتجاهل والنبذ إلى ضرر مميت لكن لا يمكن رؤيته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

نشرة التوك شو| مسابقة بـ مليار جنيه لدعم الابتكارات وحقيقة تعرض الطفلة ريناد عادل للتنمر

تناولت برامج التوك شو، اليوم الإثنين، عددًا من الملفات والقضايا المهمة محليًا وعالميًا، ويرصد مصراوي أهم الأخبار التي حظيت باهتمام غالبية البرامج التليفزيونية على مدار الساعات الماضية من خلال التقرير الذي يستعرض لكم أبرزها:

مجدي الجلاد يطرح الأسئلة الصعبة: هل ستعيد التغييرات في الإعلام المصري "التأثير المفقود"؟

قال الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مؤسسة "أونا للصحافة والإعلام"، إنه تابع خلال الأيام الماضية التعيينات والتغييرات التي شهدها المسؤولون عن منظومة الإعلام في مصر، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تعكس رغبة الدولة في بدء مرحلة جديدة في صناعة الإعلام التي تسيطر عليها تقريبًا.

وخلال برنامجه "لازم نفهم"، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أوضح الجلاد أن هذه الوجوه الجديدة من المفترض أن تحمل أفكارًا جديدة تتعلق بالإعلام المصري، الذي أصبح في اختبار حقيقي بعد أن فقد الكثير من تأثيره ومشاهدته وانتشاره.

هل ستتأثر مصر في حال إنهيار سد النهضة؟.. عباس شراقي يوضح

كشف الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عن مدى تأثر مصر حال انهيار سد النهضة الإثيوبي خاصة في ظل الاضطرابات الجيولوجية التي تتعرض لها منطقة السد من نشاط زلزالي وبركاني.

وقال "شراقي"، في تصريحات لمصراوي، إنه حال تعرض سد النهضة للإنهيار لن يكون هناك أي ضررعلى مصر، موضحا أن المصب المصري يحتوي على عدة مخرات مائية يمكن أن تتعامل من خلالها مع أي كميات مياه قد تتدفق اضطراريًا من المنبع.

عضو مجلس أمناء مدرسة الطفلة ريناد عادل تكشف حقيقة تعرضها للتنمر

كشفت مها عبدالعزيز، عضو مجلس أمناء مدرسة، الطفلة ريناد عادل حقيقة تعرضها للتنمر في مدرستها.

وقالت عبدالعزيز في مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، إن أجواء المدرسة يغمرها الحزن، ولا يوجد أي دليل على تعرض الطفلة ريناد للتنمر أو أي نوع من المضايقات.

كيف رد السير مجدي يعقوب على دعوات إطلاق اسمه على مطار أسوان الدولي؟

علق السير مجدي يعقوب على دعوات إطلاق اسمه على مطار أسوان الدولي، تقديرًا لإسهاماته الطبية الجليلة.

خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج "الحكاية"، عبر فضائية إم بي سي مصر، رد السير مجدي يعقوب: "عايز أشوف المصريين في صحة واسم مصر عالي، سعادتي بشفاء قلوب الأطفال أكبر من أي شيء".

"تشريعية النواب": تعديلات جوهرية في قانون الإجراءات الجنائية الجديد

أعلن النائب إيهاب رمزي، عضو لجنة التشريع بمجلس النواب، أن مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تسير بوتيرة متسارعة وجدية، حيث وصل البرلمان حتى الآن، إلى المادة 143 من أصل 540 مادة.

وفيما يتعلق بالتغييرات النوعية في نظام الحبس الاحتياطي، أوضح رمزي، خلال مداخلة مع برنامج "كلمة أخيرة" على قناة ON، أن مشروع القانون الجديد يتضمن تقليص مدد الحبس الاحتياطي ووضع سقف زمني لها، مشيرًا إلى أن القانون القديم كان يسمح بمدد تصل إلى عامين في العقوبات الجنائية التي يُحكم فيها بالمؤبد أو الإعدام، وكانت المدد غير محددة.

مجدي يعقوب يكشف موعد تطبيق الصمامات الطبيعية على الإنسان

قال السير مجدي يعقوب جراح القلب العالمي، إن الصمامات الطبيعية التي طورها فريق بحثي برئاسته هي هدية ضخمة للإنسانية.

خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج "الحكاية"، عبر فضائية إم بي سي مصر، أكد يعقوب أن الصمامات الطبيعيى للقلب تنمو بشكل طبيعي وتدوم مدى الحياة ولا تستلزم عملية جراحية بل يمكن وضعها من خلال القسطرة،

التعليم العالي تعلن عن مسابقة بـ مليار جنيه لدعم الابتكارات

أكد الدكتور عادل عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن منظومة التعليم العالي في مصر تشهد طفرة وتطورًا ملحوظًا، وأن الدولة المصرية تتحول إلى نظم الرقمنة في المستويات كافة.

وقال عبد الغفار، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج "على مسئوليتي"، عبر قناة "صدى البلد"، "هناك تضاعف لأعداد الطلاب في الجامعات التكنولوجية، خاصةً في ظل حاجة سوق العمل لذلك وطلب الدولة لخريجي الجامعات التكنولوجية".

وزارة التعليم العالي مجدي الجلاد عباس شراقي مدرسة الطفلة ريناد عادل مجدي يعقوب تشريعية النواب قانون الإجراءات الجنائية الجديد

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة عضو مجلس أمناء مدرسة الطفلة ريناد عادل تكشف حقيقة تعرضها للتنمر أخبار كيف رد السير مجدي يعقوب على دعوات إطلاق اسمه على مطار أسوان الدولي؟ أخبار

مقالات مشابهة

  • الإعلان عن نتائج واعدة لعلاج السكري باستخدام الخلايا الجذعية الوسيطة في أبوظبي
  • فوائد الشاي والقهوة لصحة القلب.. دراسات توضحها
  • كيف تتخلص من التفكير المفرط؟.. اتبع هذه الحيل لحماية صحتك
  • احذر.. التفكير المتشائم يزيد من خطر الإصابة بالعجز المكتسب
  • النيابة العامة تكشف حقيقه انتحار طالبه بعد تعرضها للتنمر من زملائها بالمدرسه
  • واقعة مأساوية في مصر.. انتحار طفلة بطريقة مروّعة
  • ما أسباب وفاة ريناد عادل طالبة الإسكندرية؟.. مسؤولون يكشفون القصة الحقيقية
  • نشرة التوك شو| مسابقة بـ مليار جنيه لدعم الابتكارات وحقيقة تعرض الطفلة ريناد عادل للتنمر
  • عضو مجلس أمناء مدرسة الطفلة ريناد عادل تكشف حقيقة تعرضها للتنمر
  • مراكز الدراسات في الجامعات الاردنية : منابر بحث أم بوابات تنفيع؟