دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما تفكر بدبي، أول ما قد يتبادر إلى ذهنك أفقها الشهير ومشهد عمارتها المذهل.

والآن، تتبنى مجموعة من المهندسين المعماريين والمصممين مفهوم الابتكار المستدام من خلال إنشاء أعمال فنية تجهيزية تتقزّم  في حجمها أمام الأبراج الشاهقة في المدينة، لكنها ليست أقل إلهامًا.

وبين تلك الأعمال الفنية، أنشأ السوري أحمد القطان المقيم في دبي، مساحة اجتماعية حميمة في الهواء الطلق على طراز الشرنقة حيث يمكن للمصممين أن يطلقوا العنان لأفكارهم.

فهو لا يوفر الظل والمقاعد للبشر فحسب، بل يوفر أيضًا المأوى للحمام.

ويحمل هذا التصميم اسم "Designest"، وهو مستوحى من الأهمية التاريخية لأبراج الحمام في شبه الجزيرة العربية، حيث تتميّز المباني غالبًا بأقواس جميلة ونقوش مفصلة لتوفر ملاذًا للحمام أثناء الطقس القاسي، وجمع فضلاته لاستخدامها كسماد، وكذلك عرض ثروة صاحب البرج.

يسعى هذا التجهيز الذي صممته المهندسة المعمارية البحرينية سارة الريس، للحفاظ على تراث اللؤلؤ في البحرين من خلال تسخير "الكنز المهمل المتمثل في محار عرق اللؤلؤ، وهي مادة يتم التخلص منها عادةً في صناعة اللؤلؤ".Credit: Dubai Design Week

ويتميّز التصميم بأعشاش الحمام في الجزء العلوي من الهيكل المستطيل، بينما ترحب ثلاثة مداخل مقوسة في الأسفل بالزوار من البشر. ويتم فصل أقسام البشر عن الحمام، وسيتم استخدام براز الطيور الذي سيجمع من القسم العلوي كسماد للنباتات في حب دبي للتصميم.

ويعد تصميم القطان جزءًا من أسبوع دبي للتصميم السنوي، وقد فاز بالمركز الأول في مسابقة اللجان الحضرية التي تدعو المصممين والمهندسين المعماريين لتطوير أثاث خارجي مبتكر.

وقال القطان إن فكرة "Designest" جاءت من تحليل جميع المستخدمين المحتملين للهيكل الخارجي في دبي، ليس فقط البشر ولكن أيضًا أعداد الحمام السائدة.

صمم Moey Studio "دوائر الثقة" هذه التي تمنح الإطارات المهملة حياة جديدة.Credit: Dubai Design Week

وقال: "طلبت المسابقة تصميم جهاز تظليل، أو مكان للتجمع، أو منطقة للجلوس. وقد حاولت جمع كل ذلك معًا، لكن كان لدي دومًا اهتمام بالتصميم غير البشري، وفكرت دومًا "لماذا يجب أن يتمحور كل شيء حول البشر"؟

يعد أسبوع دبي للتصميم، في عامه التاسع، الذي يستمر من 7 إلى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، أكبر حدث من نوعه في المنطقة، ويتألف من ورش عمل، وتجهيزات فنية، ومعارض، ومحاضرات.

وفي نسخة هذا العام، تم تقديم أكثر من 30 فكرة تصميم للأعمال الفنية التجهيزية المقدمة خلال أسبوع دبي للتصميم، في حي دبي للتصميم.

وقبل انعقاد مؤتمر المناخ كوب28 المقبل في دبي، يركز موضوع أسبوع دبي للتصميم هذا العام على الممارسات والمواد المستدامة.

ومن جهتها، قالت ميتي ديغن-كريستنسن، مديرة معرض التصميم الرئيسي "داون تاون ديزاين" التابع لأسبوع دبي للتصميم،  إن الاستدامة تم تطبيقها في معايير تصميم الحدث على مدار السنوات الست الماضية، لكن هذا العام، يتعلق الأمر حقًا بأشكال جديدة من الممارسات المستدامة، على سبيل المثال، لا يقتصر الأمر على النظر إلى الطباعة ثلاثية البعد فحسب، بل أيضًا إلى الأنواع المختلفة من المواد التي يمكن اسخدامها في هذا النوع من الطباعة.

تم تصميم هذا الهيكل الخشبي المسمى "نسيج"من قبل المعمارية الإماراتية الزينة لوتاه والمهندس المعماري الهندي ساهيل راثا سينغ بهدف التأمل الداخلي.Credit: Dubai Design Week

تم تصميم هيكل "Designest" الخاص بالقطان في الأصل ليتم طباعته بتقنية الطباعة ثلاثية البعد باستخدام الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية المعاد تدويرها، لكن قيود الوقت، والكلفة، والوزن، تعني أن النماذج الأولية المصممة  أسبوع دبي للتصميم تستخدم مزيجًا من الأساليب والمواد الصديقة للبيئة، بما في ذلك خلط بديل بلاستيكي نباتي مع مسحوق الخشب، والطباعة ثلاثية البعد بالرمل.

وقال القطان، وهو مصمم مفاهيمي ومهندس معماري مستقل: "إن كونك مسؤولاً بيئيًا في تصميمك منذ مراحل التصميم المبكرة أصبح ضرورة".

عمل فني تجهيزي مصمم من النفايات يحنل اسم بيت الشاي العربيCredit: Dubai Design Week

وتشمل  الأعمال الفنية التجهيزية الأخرى التي تتماشى مع موضوع الاستدامة جناح المهندس المعماري الإماراتي عبد الله الملا "من النخيل"، المصنوع بالكامل من شجرة النخيل الأصلية، و"Pulp Fractions" لشركة الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي التي تتخذ من دبي مقراً لها، وهي عبارة عن تجهيز مصنوع من نفايات الورق المقوّى. ولب الورق الذي تم ضغطه وتجفيفه وتشكيله.

وكيف وقع الاختيار على التصاميم التي ستعرض خلال أسبوع دبي للتصميم، أوضحت ديغن-كريستنسن:"نحن نبحث عن تصاميم عملية مستدامة وقابلة للتطوير في جميع أنحاء منطقة الإمارات العربية المتحدة. لذا فإن [المسابقة] هي مشروع وثيق الصلة، ليس فقط بما يتم تنظيمه في أسبوع دبي للتصميم، ولكن حيث يمكننا رؤية ذلك في المستقبل".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: تصاميم دبي عمارة أسبوع دبی للتصمیم

إقرأ أيضاً:

شهوة القتل والبشر الضاحك أو هشُّ الزنَّانة

مشهد عودة سكّان شمال غزّة المهجّرين قسْرا، تحت لهيب النّار وروائح الموت المحيطة بهم من كلّ صوبٍ، مشهد عودة المقتلعين من أرضهم، بقوّة قصْفٍ لم تشهده بشريّة، حثّني على الوقوف متفكّرا، متأمّلا فـي حال البشريّة، وفـي هذا الإنسان الجانح إلى التدمير والتقتيل والترهيب. رأيت ركام أحياءٍ دكّت من أسسها، وأحياء أعْدم وجودها بعد حياةٍ وعلوّ بنيانٍ، مشاهد الدّمار الباقية وركام البنايات المهدّمة، المكدّسة، وكأنّ قاصدها ومتقصّدها أراد أن يدكّها دكّا، وألاّ يبقي فـيها ولا يذر.

لكنّ ما راعني فعلا، قوّة هذا الشعب من أبناء غزّة الذين تعجز الكتب عن احتواء عزائمهم، وتقصر الأشعار عن بيان صلابتهم وحبّهم لأرضهم وتعلّقهم بترابها، فقد عادوا إلى بقايا الخراب، إلى دورٍ لا وجود لها، إلى أحياءٍ بلا قطط ولا كلاب، ولا كهرباء ولا ماء، ولا مسالك، ولا جدران، عادوا وهم فـي حالٍ من الفرح الظّاهر على أعينهم ووجوههم، سعداء بملاقاة بقايا دورهم، والتحرّك فـي أزقّةٍ امّحت معالمها، سعداء بأنّهم صمدوا، وأنّهم عادوا، بأبدانهم وقوّة عزائمهم، لإعادة إعمار ما أفسده المفسدون. أعجبتني عجوز عائدة، تمشي راجلة، مهرولة، متّجهة إلى حطام بيتٍ كان لها وعاد، تقول، والبهجة تغطّي عباراتها: «عائدون إلى دورنا، وما تحطّم منها نعيد بناءه، ومن استشهد من الرّجال فعند اللّه حسن المآب، ولكنّنا لن نغادر أرضنا». تذكّرت وأنا أرى جحافل البشر على طريق العودة إلى شمال غزّة، وتذكّرت وأنا أرى أمواجا من الخلق، أطفالا ونساء ورجالا، وعجائز وشبّانا ورضّعا، ما تغنّى به الشعراء من أصوات «أجراس العودة»، وما قاله الشعراء عن أهل غزّة، الذين أثبت واقعهم أنّهم بشر مختلفون، أنّهم أصحاب تاريخٍ من الدّفاع عن قلاعهم، وألاّ غازي قدر على كسْر عزائمهم، تذكّرت، محمود درويش، فدوى طوقان، سميح القاسم، غسّان كنفاني، إميل حبيبي، أبا عمّار، تذكّرت كلّ هؤلاء، وأنا أرى النصر فـي أعين الشيب والشباب، الأطفال والرضّع، النّساء والرّجال، نصر وقفت مرارا أجادله مع دعاة العقل والتعقّل، الذين يقولون: ما الذي ربحه أبناء فلسطين من هذه الحرب غير التقتيل والتجوع والتدمير والتشريد، وكانوا فـي عزّة الاستكانة والاستمالة ينْعمون؟ أجادل وأجالد نفسي أحيانا إن اشتدّ التقتيل والتجويع بأطفالٍ أرى فـي عيونهم الحاجة والإصرار، الجوع والمقاومة، البأس ولا يأس؟ الفلسطينيّ اليوم وهو يعود إلى غزّة يقول على القنوات ويصرّح أنّهم هزموا الاستيطان وأفشلوا خططه، وكسروا شوْكته، لم تنكسر شوكة الفلسطيني من أبناء غزّة بكلّ هذه القنابل والرصاصات والأسلحة الثقيلة التي جرّبت فـيه، وهزّت الأرض والسّماء، ودمّرت العتاد ولم تدمّر البشر، لم تمسّ الرّوح ولا عزائم عتاة البشر.

لقد قال سميح القاسم، وما قوله بمعبّرٍ عن عمق ما نراه من أثر الواقع: «يموت منا الطفل والشيخ/ ولا يستسلم/ وتسقط الأمّ على أبنائها القتلى/ ولا تستسلم/ تقدّموا/ تقدّموا/ بناقلات جندكم/ وراجمات حقدكم/ وهدّدوا/ وشرّدوا/ ويتّموا/ وهدّموا/ لن تكسروا أعماقنا/ لن تهزموا أشواقنا/ نحن القضاء المبرم/ تقّدموا/ تقدّموا/ طريقكم وراءكم/ وغدكم وراءكم/ وبحركم وراءكم/ وبرّكم وراءكم/ ولم يزل أمامنا/ طريقنا/ وغدنا/ وبرّنا/ وبحرنا/ وخيرنا/ وشرّنا/ فما الذي يدفعكم/ من جثّة لجثّة/ وكيف يستدرجكم/ من لوثة للوثةٍ/ سفر الجنون المبهم». تعجز القصيدة التي طالما رافقت النّضال الفلسطينيّ عن التعبير عن مشهد الحجّ الغزّاوي الذي نراه هذه الأيّام، يعجز الفنّ عن التعبير عن انتصار شعْبٍ بعد شدّة تقتيله والرغبة فـي إفنائه، وهل يفنى الخالدون؟ إنّ أهل غزّة قد نجحوا أن يحمّلوا أجنّتهم قضيّة فلسطين والأرض المستلبة، النّاس تورّث المال والذّهب والأعمال والعمار، وأهل غزّة يورّثون أجنّتهم عشق فلسطين، والعمل على استرجاعها.

لم أر فـي تاريخ ما قرأت شعبا «جبّارا» كأهل غزّة المقبلين على الحياة على أطلالٍ دارسة، مات منهم عشرات الآلاف، وكسّحوا وعطّلوا وشوّهوا، وعطّبوا، وبتّروا، لم يفنهم الجوع ولا العطش، لم تفنهم الشمس ولا المطر، لم يقتلهم القرّ ولا الحرّ، لم تقدر عليهم قنابل صنعت خصّيصا لهم، ولم يكسرهم عدوّ مدجّج يقبع متخفّيا فـي آليّاتٍ حربيّة شديدة الأمان والرّخاء، لم تمتهم آلات رضعت نهما دمويّا، وغذيت بقتل الفلسطينيّ، «الزنّانة» (الطائرة المسيّرة) صارت فوق رؤوس النّاس تراقب يومهم وليلهم، نومهم وصحْوهم، يهشّها قائد جالس بارز، بعصاه هشّ سقْط الأنْعام.

لقد تفتّحت على القضيّة الفلسطينيّة، أراها فـي مسرحيّة «نخبك يا وطن»، أو فـي أطالعها فـي روايات عددٍ تاجها «المتشائل»، أو تثار فـي أعماقي بشعر يألمه محمود درويش أو يصرخه سميح القاسم، أو تنحته فدوى طوقان على جدران سجنها، تربّينا على أدبٍ فلسطينيّ واكبْنا منه كلّ مراحل النكبة والنكسة وأديرة الجماجم، وتاريخ الدّماء الفلسطينيّة المهدورة من عربٍ وعجم، ونشأنا على ما صدح به أحمد دحبور ومارسيل خليفة، وغيرهما، نحن جيل من الهزائم المتكرّرة، تراكم علينا اليأس، أمّا أهل الدّار، أهل غزّة، فرغم كلّ ما فقدوه من مالٍ وجاه وأبناء وآباء وأحبّة، فرحون أنّهم حافظوا على أرضهم وإن كانت ركاما، الأرض هي الباقية، لقد نجح المستوطن الإسرائيليّ من سلالة مصّاصي الدّماء فـي كسْر الحجر، وخاب خيبة كبرى فـي كسْر البشر، ولقد أحسن درويش وسْم هذا النوع المختلف من البشر بقوله: «إن سألوك عن غزة، قل لهم: بها شهيد، يسْعفه شهيد، ويصوّره شهيد، ويودّعه شهيد، ويصلّي عليه شهيد». لقد أيقظت فـينا غزّة، رغم صمْتنا، وتبدّل أحوالنا، شيْئا ما، وقلبت العالم رأسا على عقب، لقد غيّر أهل غزّة تصوّرنا للبشر، والعالم سيكون بعد حرب غزّة مشهد عودة أهلها إليها مختلفا عن العالم قبل ذلك. لم تفت الشاعر المتبصّر نزار قبّاني ملاحظة أنّ أهل غزّة مختلفون، فكتب فـيهم قصيدته الشهيرة «يا تلاميذ غزّة»، دعاهم بالمجانين الذين يعلّمون العقلاء، فـي مدّ «أطفال الحجارة»، لا ننسى أنّ هذا الشعب العائد اليوم منتصرا، مرفوع الرأس، هو نتاج باكورة أطفال الحجارة الذين قاوموا دبّابات العدوّ رميا بالحجارة، وسخر منهم العقلاء، وها هم اليوم يصنعون التاريخ، أختم بما قاله نزار قبّاني يوْما من أيّام رمي الحجارة: «يا تلاميذ غزّة/ علّمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا/ علّمونا بأن نكون رجالا/ فلدينا الرّجال صاروا عجينا/ علّمونا كيف الحجارة تغدو/ بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا/ كيف تغدو درّاجة الطفل لغما/ وشريط الحرير يغدو كمينا/ كيف مصّاصة الحليب/ إذا ما اعتقلوها تحوّلت سكّينا».

مقالات مشابهة

  • بالصور.. هاني البحيري يتألق في أسبوع الموضة الفرنسي بـ "ديفيليه" عالمي لربيع وصيف 2025
  • وفد من وزارة الصحة يتفقد عددا من مستشفيات مطروح
  • رئيس جامعة المنوفية يتابع تجهيز 56 عيادة خارجية بكلية الطب
  • تستمر لمدة أسبوع.. بدء أعمال صيانة كوبري النوبارية في الإسكندرية غدا
  • أسرار تربية الحمام للوصول إلى أعلى إنتاجية
  • قبل إطلاقه رسميا .. تسريب جديد يكشف تصميم iPhone SE 4
  • شهوة القتل والبشر الضاحك أو هشُّ الزنَّانة
  • أشهر الأمراض التي تواجه مربي الحمام وطرق الوقاية والعلاج
  • أفضل الأماكن المناسبة لتربية الحمام في المنزل دون أي أضرار
  • ختام ناجح لفعاليات "أسبوع عُمان للتصميم" لتعزيز مفهوم "سياحة الإبداع"