تاريخ طويل من الإنكار.. كيف استمرت إسرائيل في الكذب بشأن ترسانتها النووية؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
مقدمة الترجمة
أثار تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو الذي دعا خلاله إلى ضرب غزة بالسلاح النووي موجة من الانتقادات الواسعة دوليا، بل وحتى في الداخل الإسرائيلي، جزء من هذه الانتقادات (خاصة الداخلية منها) لا يعود فقط لمدى وحشية هذا الاقتراح ودمويته، فإسرائيل تمارس قصفا وحشيا بحق غزة أودى بحياة 11 ألف شخص على الأقل حتى اللحظة وهي لا تمانع في قتل المزيد بدم بارد، بقدر ما يرجع إلى كون هذا التصريح كسر سياسة داخلية عمرها عقود تتعلق بـ"الغموض النووي" الإسرائيلي.
فكيف نشأت هذه السياسة؟ ولِمَ تعمدت إسرائيل التعمية على امتلاكها للسلاح النووي؟ هذا ما يجيبنا عنه دوغلاس بيرش وجيفري سميث في مقالهما المنشور في صحيفة "ذي أتلانتيك" عام 2014، الذي ننشره مترجما اليوم لأهميته في هذا النطاق.
نص الترجمةفي تصريح له خلال جلسات تأكيد تعيينه وزيرا للدفاع في مجلس الشيوخ عام 2006، صرَّح روبرت غيتس، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) بأن إيران محاطة بـ"قوى تملك في حيازتها أسلحة نووية"، بما في ذلك "إسرائيل التي تقع غرب إيران". وأكَّد الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر ذلك مرتين، مرة في عام 2008، والأخرى عام 2014 أثناء مقابلات أجراها وخطابات أكَّد فيها أن عدد رؤوس الحرب النووية الإسرائيلية حتى ذلك الوقت كان يتراوح ما بين 150-300 رأس حربي.
ولكن بسبب غرابة بعض القوانين التي تحمي قواعد السرية الفيدرالية، لا يُسمَح عادة لأولئك الذين يعملون في الحكومة الأميركية ويحملون تصاريح أمنية بالإدلاء بمثل هذه التصريحات. وإنما في حقيقة الأمر، يتلقى المسؤولون الأميركيون -حتى أولئك الموجودون في الكونغرس- تحذيرات دائمة ومتكررة من ذكر وجود ترسانة نووية إسرائيلية، وإن لم ينأوا عن ظل هذا الموضوع، فلن تتورع السلطات عن إيجاد وسيلة لمعاقبتهم.
إن سياسة عدم تأكيد وجود ترسانة نووية إسرائيلية علنا -التي وصفها أحد العلماء ذات مرة بأنها "أحد أسوأ الأسرار المحفوظة في العالم"- تعود إلى اتفاق سياسي بين الولايات المتحدة وإسرائيل في أواخر الستينيات. وقد أدت هذه السياسة إلى مساعدة إسرائيل في الحفاظ على موقف عسكري فريد في الشرق الأوسط مع تجنب الضغوطات والانتقادات أو الاستهجانات التي تُوجَّه في العادة للقوى النووية الثمانية المعترف بها في العالم.
لكن في عام 2014، أثارت سياسة الولايات المتحدة المُتمثلة في حماية البرنامج النووي الإسرائيلي جدلا واسعا، ويرجع ذلك جزئيا إلى كونها لعبت دورا في الانتقادات المُوجهة إلى باحث معروف في مختبر وطني للأسلحة في شهر يوليو/تموز من ذلك العام، بعد نشره مقالا أقرَّ فيه بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، فيما اشتكى بعض العلماء والخبراء أيضا من أن عدم صراحة الحكومة الأميركية في هذا الشأن يُعقِّد حملتها البارزة لمنع تطوير أسلحة نووية في إيران، فضلا عن التخطيط الذي تقوده الولايات المتحدة لاتفاقية محتملة لحظر الأسلحة النووية في أي مكان في المنطقة.
ومع ذلك، فإن الصمت الأميركي في هذا الصدد ظل ثابتا لا يتزعزع قيد أنملة. ومن جانبه، أوضح مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية الأميركية، الذي تعامل مع القضايا النووية خلال إدارة بوش، ورفض ذكر اسمه نظرا للحساسية السياسية المحيطة بهذا الموضوع قائلا: "لن نعترف على نحو قاطع بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، بل يتعين علينا التعبير عن ذلك بصياغة أخرى تميل أكثر إلى الافتراض أو التكهن بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية".
ثم جاء بعد ذلك باراك أوباما في أول مؤتمر صحفي له في البيت الأبيض عام 2009 ليؤكد استمرار هذه السياسة الأميركية التي تبنَّتها الدولة منذ أربعة عقود وما زالت مستمرة حتى الآن. فعندما سألته الصحفية هيلين توماس عما إذا كان يعلم بوجود أي دول في الشرق الأوسط تمتلك أسلحة نووية، جاء رد أوباما كالتالي: "فيما يتعلق بالأسلحة النووية، إنني أرفض التكهن بوجودها". تصرف أوباما في ذلك الوقت كما لو أن الوضع المعروف لإسرائيل باعتبارها دولة تملك في حيازتها أسلحة نووية لا يتعدى كونه مجرد شائعات وافتراضات.
أصبح هذا الحذر نهجا أساسيا تبنَّاه الجميع بما فيهم بول بيلار، ضابط المخابرات الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، الذي اتضح تحفظه الشديد عند الإشارة المباشرة أو العلنية إلى ترسانة إسرائيل النووية، لدرجة أنه عندما كتب مقالا في مجلة "ذا ناشونال إنترست" (The National Interest) تحت عنوان "الأمور المشتبه بها التي يجب عدم ذكرها عن إسرائيل"، أشار إلى الرؤوس النووية في جميع أنحاء المقال باسم الكمكوات "kumquats" (التي تعني البرتقال الذهبي).
وحتى الكونغرس الأميركي ظل حذرا بشأن مناقشة هذا الموضوع. فعندما نشرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تقريرا عام 2008 بعنوان "سلسلة من ردود الفعل: تجنب سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط"، تضمن التقرير فصولا عن المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا، ولكن لسبب ما لم يتطرق إلى ذكر إسرائيل ضمن هذه الدول. في ذلك التقرير المؤلف من 61 صفحة، تجاهل المؤلفون تماما ترسانة إسرائيل النووية، وكل ما فعلوه هو ذكرها في هامش صغير يشير إلى أن هذه الترسانة مجرد "تصور أو افتراض" لا أكثر.
بشكل أكثر تحديدا، جاء في نص التقرير القول: "رغم أن إسرائيل لم تعترف رسميا بامتلاكها أسلحة نووية، فثمة اتفاق واسع على ما يبدو في منطقة الشرق الأوسط وبين الخبراء في الولايات المتحدة بأن إسرائيل تمتلك عددا من الأسلحة النووية. وبالنسبة لدول الجوار، فيُعَدُّ هذا التصور أكثر أهمية بالنسبة لهم لأنه سيلعب دورا رئيسيا في تشكيل السياسات واتخاذ القرارات".
البيروقراطية لا تتقبل الصراحةعلى الجانب الآخر، قد يتمكن كبار المسؤولين السابقين في البيت الأبيض أو على مستوى مجلس الوزراء -على غرار روبرت غيتس، الذي صرَّح بأن إيران محاطة بقوى تخفي في جعبتها أسلحة نووية، مثل إسرائيل- من النجاة في النهاية بشكل أو بآخر بعد تصريحاتهم، لكن البيروقراطية لا تتقبل صراحة المسؤولين الصغار، وهو ما اتضح مع جيمس دويل، الخبير النووي البارز في مختبر لوس آلاموس الوطني، الذي تعرَّض للانتقاد بعد نشره مقالا في شهر فبراير/شباط عام 2013 بمجلة "سرڤايڤل" (Survival) البريطانية، يعبِّر فيه عن وجهة نظره التي تتعارض قليلا مع السياسة الرسمية للحكومة الأميركية.
قدَّم دويل خلال مقاله تقييما لاذعا للسياسة النووية الغربية حينما قال: "لم تردع الأسلحة النووية مصر وسوريا عن مهاجمة إسرائيل في عام 1973، ولم تمنع كذلك الأرجنتين من مهاجمة الأراضي البريطانية في حرب جزر الفوكلاند عام 1982، كما أنها لم تُثنِ العراق عن مهاجمة إسرائيل خلال حرب الخليج عام 1991". لكن هذه التصريحات أثارت غضب رؤسائه في مختبر الأسلحة النووية، كما أنها أجَّجت استياء أحد الموظفين الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب.
رغم تقييم ثلاثة متخصصين في مجال السرية مقالة دويل وتأكيدهم أنها لا تتضمن أي معلومات سرية، فقد قرر مسؤولون مهمون أن يتجاوزوا تقييم هؤلاء المتخصصين وادّعوا حدوث انتهاك غير محدد، واستخدموه مبررا لمعاقبة دويل، وحجبوا هذه المقالة باعتبارها مقالة سرية بعد نشرها. ولم يكتفوا بذلك، بل خصموا من راتبه وفحصوا حاسوبه الموجود في المنزل، وفي نهاية المطاف طردوه من العمل. وبعد ذلك، صرَّحوا بأن طرده لم يكن مرتبطا بمحتوى المقال، لكنَّ دويل ومحاميه يعتقدان أن طرده كان بالتأكيد عقابا لتشكيكه في المبادئ الأميركية للردع النووي.
لم يبُح دويل ولا زملاؤه عما إذا كانت الجملة الواردة في مقالته حول ترسانة إسرائيل من الأسلحة النووية هي التي أثارت استفزاز المسؤولين ودفعتهم إلى توجيه انتقادات مفرِطة لهذه المقالة باعتبارها انتهاكا أمنيا من وجهة نظرهم، ومع ذلك افترض العديد من الخبراء المستقلين أنها كانت السبب وراء ذلك. وبمرور الأيام، ظهر تفسير آخر محتمل للأسباب التي أفضت إلى معاملة دويل على هذا النحو السيئ، وهو ما أوضحته تصريحات ستيفن أفترجود، مدير مشروع السرية الحكومية في اتحاد العلماء الأميركيين.
اكتشف أفترجود أن وزارة الطاقة الأميركية استشهدت بمعلومات محددة لتصنيف وثائق دويل، ونبعت هذه المعلومات في الأصل من وثيقة تصنيفية تحمل الرقم "WNP-136" (وهي وثيقة سرية تتعلق بقدرات الدول الأجنبية في مجال الطاقة النووية). ورغم أن نص الوثيقة ذاتها ليس عاما أو متاحا للجمهور، ظل أفترجود يؤمن بأن التلميحات في هذه القضية توضح أن الإشارة الوحيدة التي أوردها دويل بخصوص برنامج نووي أجنبي حساس كانت تتعلق بإسرائيل، وهو السبب الذي استخدمته المختبرات ضده على الأرجح.
بداية المشروعوفقا لمبادرة التهديد النووي (Nuclear Threat Initiative) (وهي منظمة غير ربحية في واشنطن تتعقب تطورات الأسلحة النووية)، فإن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي قد بدأ في الخمسينيات، ويُعتقد أن إسرائيل بدأت بتجميع أول ثلاثة أسلحة نووية لها خلال الأزمة التي أدت إلى حرب عام 1967. وعلى مدار عقود، تبنَّت إسرائيل سياسة أطلقت عليها اسم "amimut"، التي تعني الغموض أو عدم الوضوح للإشارة إلى برنامجها النووي. ومن خلال اعتمادها على التلميح بامتلاكها أسلحة نووية دون تأكيد ذلك، سعت إسرائيل إلى ردع أعدائها عن شن هجمات كبرى وفي الوقت نفسه تثبيط أي جهود لتطوير ترسانة نووية مشابهة.
كتب المؤرخ الإسرائيلي الأميركي أڤنر كوهين أن التزام الولايات المتحدة بسياسة عدم الكشف الرسمي عن وجود أسلحة نووية في إسرائيل يبدو أنه نشأ عقب اجتماع جرى في سبتمبر/أيلول 1969 بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير. ورغم عدم وجود نص مكتوب لهذا الاجتماع، صرَّح كوهين بأن من الواضح أن الزعيمين توصلا إلى اتفاق ينص على أن إسرائيل لن تُجري اختبارات نووية لأسلحتها أو تعلن عن وجودها، في حين لن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للتخلي عن هذه الأسلحة أو للتوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وستتوقف عن تفتيش موقع ديمونا الذي يضم مركز أبحاث الطاقة النووية في منطقة النقب في إسرائيل.
ونتيجة للصفقة، تبنَّت واشنطن سر إسرائيل كما لو كان سرها الخاص، وفي النهاية قبلت الولايات المتحدة بأن تكون سياستها الرسمية مماثلة للسياسة الإسرائيلية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وهو أمر عارضه بشدة بعض المسؤولين الأميركيين الكبار في البداية. أما الرواية الرسمية المتكررة التي تتداولها الجهات الإسرائيلية على نحوٍ ثابت فتؤكد أن "إسرائيل لن تكون أول دولة تُدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط، فضلا عن دعمها لفكرة أن تكون هذه المنطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل بعد تحقيق السلام".
لكن ظهرت إحدى المفارقات العجيبة عندما سعى مساعدو نيكسون إلى الحصول على ضمانات بأن هذا الوعد يعني أن إسرائيل لن تصنع فعليا أي قنابل نووية، لكن رد المسؤولين الإسرائيليين كان عبارة عن أن جملة "إدخال أسلحة نووية" تحمل معنى مختلفا، وهو أن إسرائيل لن تُجري اختبارات علنية للقنابل النووية أو تعترف بوجودها رسميا، وهو ما يترك مجالا واسعا لترسانتها غير المُعترف بها لتعيث فسادا دون رقابة أو حساب. وفي يوليو/تموز عام 1969، كتب مستشار الأمن القومي آنذاك هنري كيسنغر إلى الرئيس نيكسون في إحدى المذكرات التي لخصت سياسة واشنطن تجاه برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي قائلا: "ربما قد نرغب في منع إسرائيل فعليا، لكن في حال تعذر علينا تحقيق ذلك، فسيصبح ما نريده على الأقل هو منع الاعتراف الدولي بوجود أسلحة نووية لدى إسرائيل".
حتى عندما قدَّم موردخاي فعنونو، أحد الفنيين الذين عملوا في موقع ديمونا- الذي يضم مركز أبحاث الطاقة النووية الإسرائيلية-، أول تقرير علني مُفصّل عن البرنامج النووي عام 1986، ونشر صورا التقطها هناك لمكونات الأسلحة النووية، رفضت الجهتان (الولايات المتحدة وإسرائيل) تغيير موقفهما أو سياستهما. وبعد اختطافه من إيطاليا، سجنته إسرائيل لمدة 18 عاما، معظمها في الحبس الانفرادي، ثم مُنع بعد ذلك من السفر إلى الخارج أو التعامل مع الصحفيين الأجانب. وفي رسالة بريد إلكتروني متبادلة مع مركز النزاهة العامة (وهو منظمة صحافة استقصائية مهتمة بالكشف عن إساءة استخدام السلطة والفساد في المؤسسات العامة)، أشار فعنونو إلى أنه لا يزال يواجه قيودا لكنه لم يخض في تفاصيل.
على الجانب الآخر، امتدت سياسة أميركا في عدم الوضوح بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي إلى القنوات الحكومية الخاصة، فقد أفاد مسؤول سابق في المخابرات الأميركية بأنه يتذكر إلى أي مدى أصابه ذهول تام من غياب أي ذكر لإسرائيل في وثيقة سرية تزعم أنها تصف جميع برامج الأسلحة النووية الأجنبية في التسعينيات، ولهذا السبب أرسل إلى زملائه شاكيا: "يبدو أننا بصدد مواجهة مشكلة حقيقية إذا لم نكن قادرين حتى على الاعتراف بالحقيقة في الوثائق السرية". لكنه في النهاية حصل على إشارة تسمح له بذكر الترسانة النووية الإسرائيلية ولكن على نحو طفيف وبصياغة مترددة وتقليدية.
وعلى المنوال ذاته، صرَّح غاري سامور، الذي شغل منصب كبير مستشاري الرئيس أوباما لشؤون منع انتشار الأسلحة النووية من عام 2009 إلى عام 2013، أن الولايات المتحدة فضَّلت منذ فترة طويلة أن تتمسك إسرائيل بسياستها المعروفة بـ"الكتمان النووي" خوفا من زيادة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. يرى سامور أن اعتراف إسرائيل بوجود أسلحة نووية سيُعَدُّ أمرا استفزازيا قد يدفع بعض الدول العربية وإيران إلى تطوير أسلحة نووية، لهذا السبب تميل الولايات المتحدة إلى الغموض المتعمد. ولكن عندما سُئل سامور الذي يعمل حاليا بجامعة هارفارد عما إذا كانت حقيقة امتلاك إسرائيل أسلحة نووية تُعَدُّ أمرا سريا، أجاب: "لا يبدو الأمر بالنسبة إليّ سريا على الإطلاق".
ظل حاجز الصمت الرسمي للحكومة الأميركية قائما ولم يُكسَر إلا عن طريق المصادفة، وذلك حينما أصدرت وكالة المخابرات المركزية (CIA) عام 1979 تقريرا استخباريا يتألف من أربع صفحات بعنوان: "آفاق مواصلة انتشار الأسلحة النووية"، وجاء في نص التقرير القول: "نعتقد أن إسرائيل أنتجت بالفعل أسلحة نووية، وذلك استنادا إلى مخزونها الهائل من اليورانيوم، بالإضافة إلى برنامجها لتخصيب اليورانيوم، واستثماراتها في نظام صاروخي باهظ التكلفة قادر على حمل رؤوس حربية نووية".
أثار التقرير حينذاك موجة من العناوين الرئيسية، وكان من بينها هذا العنوان الذي تصدر صحيفة "نيويورك تايمز": "صرّحت وكالة المخابرات المركزية عام 1979 أن إسرائيل تملك بحوزتها قنابل نووية"، فيما تَصدَّر عنوان آخر مشابه صحيفة "واشنطن ستار": "تُعَدُّ إسرائيل عضوا في النادي النووي منذ عام 1974 وفقا للدراسة التي أجرتها وكالة المخابرات المركزية".
أحد المواقف المثيرة للسخرية هو ما حدث مع جون ديبريس، ضابط المخابرات المسؤول عن مسائل انتشار الأسلحة النووية في ذلك الوقت، الذي كان من واجبه مراجعة وتنقيح المواد السرية من التقرير قبل نشره، لكنه أشار إلى انتكاس في عملية تجريد المعلومات السرية في التقرير قبل نشره، وهو ما أدى إلى تسرب معلومات سرية إلى الجمهور بقوله: "إن الغريب في الأمر هو نشر الأجزاء التي فضَّلتُ حجبها، في حين حُجِبتْ الأجزاء التي كان من المفترض لها أن تخرج للعامة".
يبدو أن الأمر كان نوعا من الأخطاء الإدارية التقليدية بالنسبة لديبريس باعترافه قائلا: "يُعَدُّ ما حدث أحد الأنواع الشائعة للفشل البيروقراطي، فقد أساء الناس تفسير تعليماتي". وأكَّد أنه -على حد علمه- لم يُعاقب أي شخص على هذا الخطأ، حتى في عام 2008، عندما حصل جهاز الأمن الوطني على نسخة من الوثيقة بموجب قانون حرية الحصول المعلومات، ظل هذا القرار دون تصحيح أو إلغاء.
لكن استمرار واشنطن في رفضها لتأكيد ما هو واضح بأي طريقة أخرى، أفضى في النهاية إلى تجارب غريبة وصعبة خاض غمارها أولئك الذين يبحثون عن بيانات رسمية حول ترسانة إسرائيل النووية. وعن ذلك، يتذكّر برايان سيبرت، وهو أكبر مسؤول تنفيذي في وزارة الطاقة الأميركية والخبير في حماية أسرار الأسلحة النووية من عام 1992 إلى عام 2002، أنه شاهد كومة من الأوراق تصل إلى ارتفاع مترين تقريبا تتضمن وثائق من وكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة العدل، بالإضافة إلى وزارة الطاقة، حول البرنامج النووي الإسرائيلي.
في السياق ذاته، أكَّد جون فيتزباتريك، الذي شغل منصب مدير مكتب مراقبة أمن المعلومات الفيدرالي منذ عام 2011، أن الولايات المتحدة تعتبر جوانب الوضع النووي لإسرائيل ضمن أمورها السرية التي يجب الحفاظ عليها بقوله: "نحن نعلم ذلك من السلطات المعنية بالأمور السرية في الوكالات التي تتعامل مع تلك المواد"، ولكنه امتنع عن تقديم تفاصيل أكثر حول هذا الأمر. وفي الوقت الذي استمرت فيه الولايات في تجنب هذا الموضوع، تبنَّت الجهات الإسرائيلية الرسمية الموقف ذاته، حيث أكَّدت كيري برودي، مديرة الاتصالات في السفارة الإسرائيلية بواشنطن، عدم وجود أي فرد في السفارة يمكنه مناقشة الوضع النووي لإسرائيل، وكتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني تقول فيها: "لسوء الحظ، ليس لدينا أي تعليق يمكننا الإدلاء به في الوقت الحالي".
لكن من جهة أخرى، بدا المتحدث السابق للكنيست الإسرائيلي "أفراهام بورغ" أقل تحفظا خلال مؤتمر عُقد في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2013 بحيفا، حينما أشار إلى أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية وكيميائية، واصفا سياسة الغموض بأنها "بالية وطفولية". ومع ذلك، رفض روبرت غيتس، المدير السابق للـ(CIA) مناقشة هذه القضية، غير أن عددا متزايدا من الخبراء الأميركيين يتفقون مع بورغ في عدم تحفظه إزاء سياسة الغموض هذه.
وعن هذا الموضوع، كتب بول بيلار، ضابط المخابرات الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط في إحدى مقالته، أن السياسة الأميركية المستمرة منذ 45 عاما لحماية البرنامج الإسرائيلي لم يعد يُنظر إليها في جميع أنحاء العالم على أنها سياسة ذات معايير مزدوجة فحسب، بل بات العالم يرى الولايات المتحدة وهي تعيش داخل كذبة كبيرة نسجتها بنفسها. وبالتالي لم تعد تصريحات أميركا بشأن الأسلحة النووية تُؤخذ على محمل الجد، بل وفي بعض الأحيان أصبحت تُواجَه بالازدراء ما دامت تتحدث عن الأسلحة النووية الإسرائيلية باسم "البرتقال الذهبي".
ومن جانبه، عبّر فيكتور جيلينسكي، الفيزيائي والعضو السابق في لجنة التنظيم النووي، عن استيائه من تظاهر الولايات المتحدة بالجهل بشأن قنابل إسرائيل النووية، وهو ما أوضحه في كتابه الأخير الذي ذكر فيه أن موقفا كهذا لم يعد مقبولا، فالمعايير المزدوجة الواضحة باتت تقوِّض الجهود المبذولة للسيطرة على انتشار الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم. فيما علّق جي ويليام ليونارد، الذي كان مديرا لمكتب مراقبة أمن المعلومات في عهد جورج بوش من عام 2002 إلى عام 2008، قائلا: "أحيانا تقوِّض هذه السياسات ذات المعايير المزدوجة نظام تصنيف المعلومات السرية، فقد أضحى الأمر غريبا ومحرجا للغاية باستغلال هذا النظام لحماية سر معروف رسميا".
في نهاية المطاف، يختتم دانا إتش ألين، مُحرر المقال الذي سبق وكتبه دويل في مجلة "سرڤايڤل" (Survival)، بتعليق حديث له نشره المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن: "إن أي شخص لديه معرفة سطحية بالشؤون الدولية، يعلم بالتأكيد عن هذه الأسلحة". كما أنه وصف ادعاء الحكومة باحتواء المقال على أسرار أمنية بأنه ادعاء "ساذج"، وأنهى حديثه بأن محنة دويل على أيدي السلطات كانت تجربة غير منطقية ولا تقل اضطرابا عن أعمال كافكا الأدبية (التي اشتهرت بتصوير الأوضاع المُعقدة المضطربة والتحكم البيروقراطي الذي يتغلغل في حياة الأفراد)*.
_____________________________________
* ملاحظة المترجم
ترجمة: سمية زاهر
هذا التقرير مترجم عن The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البرنامج النووی الإسرائیلی وکالة المخابرات المرکزیة انتشار الأسلحة النوویة النوویة الإسرائیلیة النوویة الإسرائیلی الولایات المتحدة إسرائیل النوویة الطاقة النوویة ترسانة إسرائیل الشرق الأوسط إسرائیل لن ت هذا الموضوع النوویة فی إسرائیل فی فی النهایة ت إسرائیل فی مختبر نوویة فی یبدو أن ومع ذلک فی هذا التی ت فی ذلک فی عام عام 2014 وهو ما عام 2008
إقرأ أيضاً:
ما أبرز القرارات التي خلص إليها القادة العرب في القمة الطارئة بشأن غزة؟
احتضنت العاصمة المصرية القاهرة قمة طارئة للقادة العرب لبحث آخر تطورات القضية الفلسطينية. وتضمن البيان الختامي 23 نقطة، أكدت فيها الدول العربية دعمها لفلسطين، وأهمية السلام العادل، واستئناف المفاوضات، ودعم إعادة إعمار غزة.
وفيما يلي أبرز ما جاء في البيان الختامي لقمة القادة العرب:التأكيد على أن خيارنا الإستراتيجي هو تحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ويضمن الأمن لجميع شعوب ودول المنطقة بما في ذلك إسرائيل، استناداً إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي تعبر بثبات ووضوح عن التزام الدول العربية بحل جميع أسباب النزاع والصراعات في المنطقة لإحلال السلام والتعايش المشترك، وإقامة علاقات طبيعية قائمة على التعاون بين جميع دولها. والتأكيد على رفضنا الدائم لجميع أشكال العنف والتطرف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية.""تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وفي سياق العمل على إنهاء الصراعات كافة بالشرق الأوسط، مع تأكيد الاستعداد للانخراط الفوري مع الإدارة الأميركية، والشركاء كافة في المجتمع الدولي لاستئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية.""تأكيد الموقف العربي الواضح (..) بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو داخلها، وتحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوى، باعتبار ذلك انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا، وكذلك إدانة سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة إلى إجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه، مع التشديد على ضرورة التزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي ترفض أي محاولات لتغيير التركيبة السكانية في الأرض الفلسطينية.""إدانة القرار الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزةوغلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة، والتأكيد على أن تلك الإجراءات تعد انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،(..) والإعراب عن رفض استخدام إسرائيل لسلاح الحصار وتجويع المدنيين لمحاولة تحقيق أغراض سياسية.""التحذير في هذا السياق من أن أي محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو محاولات لضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، سيكون من شأنها إدخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات، وتقويض فرص الاستقرار، وتوسيع رقعة الصراع ليمتد إلى دول أخرى بالمنطقة، وبما يعد تهديداً واضحاً لأسس السلام في الشرق الأوسط وينسف آفاقه المستقبلية ويقضي على طموح التعايش المشترك بين شعوب المنطقة. والتأكيد في هذا الصدد على الجهود التي تقع على عاتق المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية في مواجهة مخاطر التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.""اعتماد الخطة المقدمة من جمهورية مصر العربية - بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستناداً إلى الدراسات التي أجراها البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة - بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم أنواع الدعم المالي والمادي والسياسي كافة لتنفيذها، وكذلك حث المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، والتأكيد على أن هذه الجهود كافة تسير بالتوازي مع تدشين مسار سياسي وأفق للحل الدائم والعادل بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة إلى إقامة دولته والعيش في سلام وأمان.""التأكيد على الأولوية القصوى لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخاصة الطرف الإسرائيلي، وبما يؤدي إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من محور "فيلادلفي"، ويضمن النفاذ الآمن والكافي والآني للمساعدات الإنسانية والإيوائية والطبية دون إعاقة، وتوزيع تلك المساعدات بجميع أنحاء القطاع، وتسهيل عودة أهالي القطاع إلى مناطقهم وديارهم، والتنويه إلى الدور الإيجابي الذي اضطلعت به إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ودولة قطر، والبناء على تلك الجهود بالعمل مع الرئيس الأميركي على وضع خطة تنفيذية متكاملة لمبادرة السلام العربية""الترحيب بعقد مؤتمر دولي في القاهرة، في أقرب وقت للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة وحث المجتمع الدولي على المشاركة فيه للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب فيه العدوان الإسرائيلي، والعمل على إنشاء صندوق ائتماني يتولى تلقي التعهدات المالية من الدول ومؤسسات التمويل المانحة كافة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافي وإعادة الإعمار.""إجراء الاتصالات (..) من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه وحقه في تقرير مصيره. وكذلك تكليف وزراء الخارجية العرب بسرعة التحرك على المستوى الدولي لا سيما بالأمم المتحدة ومع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن (..) لمواجهة المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، وكذلك العمل على حشد الضغوط الدولية لفرض انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة كافة، بما فيها سوريا ولبنان (..)."الترحيب بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية من العودة إلى غزة، تجسيداً للوحدة السياسية والجغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وكذلك تثمين الطرح المقدم من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية لتأهيل كوادر الشرطة الفلسطينية وتدريبها بما يضمن قدرتها على أداء مهامها في حفظ الأمنفي قطاع غزة، مع التأكيد في هذا الصدد على أن ملف الأمن هو مسؤولية فلسطينية خالصة، ويتعين أن تديره المؤسسات الفلسطينية الشرعية وحدها وفقاً لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وبدعم كامل من المجتمع الدولي.""دعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام تسهم في تحقيق الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يكون ذلك في سياق تعزيز الأفق السياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية.""الترحيب بجهود دولة فلسطين المستمرة في إطار الإصلاح الشامل وعلى جميع المستويات، والعمل على بناء مؤسسات قوية ومستدامة قادرة على تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني، وسعيها إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، في أسرع وقت ممكن، عندما تتهيأ الظروف، ومواصلة القيادة الفلسطينية، عبر برنامج الحكومة تنفيذ إصلاحات جوهرية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات العامة والنهوض بالاقتصاد وتمكين المرأة والشباب وتعزيز سيادة القانون ومبادئ الشفافية والمساءلة، والتنويه إلى أن جهود الإصلاح داخل دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية هي خطوات ضرورية لتمكين المؤسسات الوطنية الفلسطينية من أداء مهامها بفعالية في مواجهة التحديات، والحفاظ على وحدة القرار الوطني، وتعزيز قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود وتحقيق تطلعاته المشروعة إلى الحرية والاستقلال. والتأكيد على أهمية توحيد الصف الفلسطيني ومختلف الأطراف الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني."طالبت القمة بوقف كل ما" تفعله إسرائيل في الضفة الغربية بما في ذلك الاستيطان والفصل العنصري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتدمير البنى التحتية والاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة" وأكدت الرفض الكامل والإدانة لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين داخلياً من مخيمات الضفة الغربية ومدنها، أو لضم أجزاء من الضفة تحت أي مسمى أو ذريعة" وحذرت من أن ما يجري هناك يهدد بتفجير الموقف برمته بشكل غير مسبوق، وبما يزيد الوضع الإقليمي اشتعالا وتعقيدا."دعا البيان إلى ضرورة "خفض التصعيد خلال شهر رمضان في كافة الأراضي الفلسطينية، وإلى وضع حد لخطابات وممارسات التحريض على الكراهية والعنف". كما طالب بضرورة "السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى وممارسة شعائرهم بحرية وأمان، وبما يحافظ على الوضع القانوني والتاريخي للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة". وأكد أيضا على "ضرورة احترام دور إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة جميع شؤون المسجد الأقصى في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات.""دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية، باعتبارها رئيس اللجنة العربية الإسلامية المشتركة بشأن غزة والاتحاد الأوروبي والنرويج، والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمقرر عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في يونيو 2025."أكد البيان على "الدور الحيوي الذي تلعبه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا والذي لا بديل عنه. كما دعا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم السياسي والقانوني والمالي للوكالة لضمان استمرارها في أداء مهامها، ومطالبة الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم إزاء تعطيل دور إحدى وكالاتها المتخصصة عن ممارسة مسؤولياتها وواجباتها الإنسانية، ورفض أي محاولات أو إجراءات لتقليص دورها أو إلغائها، وقال إن المساس بالوكالة يندرج ضمن خطط ممنهجة لتصفية قضية اللاجئين. كما أدان البيان قراري الكنيست الإسرائيلي في أكتوبر 2024 لحظر وكالة "الأونروا". ورأى أن الخطوة الإسرائيلية تعكس استخفافاً بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي.""الدعوة، بالتعاون مع الأمم المتحدة، إلى إنشاء صندوق دولي لرعاية أيتام غزة (...) الذين يناهز عددهم نحو 40 ألف طفل، وتقديم العون وتركيب الأطراف الصناعية للآلاف من المصابين لا سيما الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، وتشجيع الدول والمنظمات على طرح مبادرات أسوة بمبادرة "استعادة الأمل" الأردنية لدعم مبتوري الأطراف في قطاع غزة."دعت القمة إلى ضرورة "الالتزام بتنفيذ الرأيين الاستشاريين لمحكمة العدل الدولية وأوامرها بشأن جرائم إسرائيل والتشديد على ضرورة ملاحقة جميع المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني، (..) والتذكير بأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم" كما حمل البيان الختامي إسرائيل "المسؤولية القانونية والمادية عن جرائمها في غزة وســـــائر الأرض الفلســــطينية المحتلة." وفق تعبيره.اعتبر البيان أن تهجير الفلسطينيين من أرضهم وتجويعهم ومنع المساعدات عنهم، يُعد جزءا من جريمة الإبادة الجماعية. كما قررت القمة تكليف "لجنة قانونية بدراسة اعتبار تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه والطرد والنقل الجبري والتطهير العرقي والترحيل خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، وخلق ظروف معيشية طاردة للسكان من خلال التدمير واسع النطاق والعقاب الجماعي والتجويع ومنع وصول الغذاء ومواد الإغاثة، جزءاً من جريمة الإبادة الجماعية."في الملف اللبناني، أكد البيان الختامي على ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بجميع بنوده والالتزام بالقرار الأممي 1701. كما أدان الخروقات الإسرائيلية، وطالب إسرائيل "بالانسحاب الكامل من لبنان إلى الحدود المعترف بها دولياً، وبتسليم الأسرى المعتقلين في الحرب الأخيرة والعودة إلى الالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل لعام 1949" وأكد على "دعم القمة للجمهورية اللبنانية وأمنها واستقرارها وسيادتها."أدان البيان الغارات الإسرائيلية على سوريا حيث اعتبرها خرقا فاضحا للقانون الدولي وعدوانا على سيادة دمشق. وطالب "مجلس الأمن بالتحرك الفوري لتطبيق القانون الدولي وإلزام إسرائيل وقف عدوانها والانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها في خرق واضح لاتفاق الهدنة للعام 1974، وإعادة التأكيد على أن هضبة الجولان هي أرض سورية محتلة، ورفض قرار إسرائيل ضمها وفرض سيادتها عليها."وقد تم تكليف أمين عام الجامعة العربية بمتابعة تنفيذ قرارات القمة الطارئة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ما المتوقع من اجتماع القادة العرب في القاهرة بشأن مستقبل غزة؟ قمة عربية طارئة لتقديم مقترح بديل عن خطة ترامب بشان غزة وحضور لافت لأحمد الشرع