الركود الاقتصادي البريطاني قضية الانتخابات الأهم بعد أشهر
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
حاولت الحكومة البريطانية التهوين من الأرقام الرسمية التي أعلنها مكتب الإحصاء الوطني، صباح أمس الجمعة، التي تشير تراجع الإنتاج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام الحالي، الفترة من يوليو إلى سبتمبر .
وأظهرت الأرقام أن نسبه النمو الاقتصادي في تلك الفترة كانت صفراً في المئة، أي إن الاقتصاد كان في حالة جمود بصورة إجمالية.
في المقابل، الحكومة ربما رأت أن ذلك مؤشر ليس بالسيئ تماماً بالنسبة لها، ففي الأقل لم ينكمش الاقتصاد، أي لم ينمُ سلبياً، بالتالي تفادى الركود تقنياً (يعتبر الاقتصاد في حالة ركود رسمياً إذا انكمش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين من العام).
ولم يحدث ما توقعه كثير من المحللين والاقتصاديين، حتى بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) من انكماش في الربع الثالث من العام الحالي بالتالي زيادة احتمال الركود الاقتصادي هذا العام، في حين كانت الغالبية تتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2- في المئة في الربع الثالث من هذا العام.
مع ذلك، تأتي الأرقام لتضع وعد رئيس الوزراء ريشي سوناك حين تولى زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة العام الماضي بالعمل أساساً على نمو الاقتصاد على المحك.
وتشير أرقام مكتب الإحصاء الوطني الصادرة، أمس، إلى أن الاقتصاد شهد بعض الانكماش في قطاعات مهمة مثل قطاع الخدمات، إضافة إلى نمو ضعيف في قطاعات أخرى وهو ما جعل النشاط الاقتصادي بصورة عامة في المتوسط عند الصفر.
الاقتصاد والانتخابات
وعلى الرغم من تفادي الركود تقنياً، فإن عدداً من المحللين والاقتصاديين لا يستبعدون احتمال انكماش الاقتصاد في ما تبقى من العام وبداية العام المقبل مما يعني دخوله في ركود قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في مايو المقبل.
ومع شبه الإجماع على أن العامل الأهم وراء عدم نمو الاقتصاد البريطاني هو أسعار الفائدة المرتفعة، فإن إشارة محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي إلى أن البنك لن يخفض سعر الفائدة قريباً تعني أن مزيداً من التدهور في النشاط الاقتصادي يظل أكثر احتمالاً، إذ إن إبقاء أسعار الفائدة عند 5.25 في المئة حالياً حتى العام المقبل سيعني زيادة كلفة الاقتراض، للأسر والأعمال، بالتالي تراجع الإنفاق الاستهلاكي وانكماش النشط الاقتصادي في التصنيع والخدمات وغيرها.
في مقابلة مع "بي بي سي" بعد صدور بيانات مكتب الإحصاء الوطني، قال وزير الخزانة جيريمي هنت، "الطبيعي أن سعر الفائدة له تأثير"، مشيراً إلى أن معدل النمو تباطأ لهذا السبب.
وتابع "المثير للدهشة لكثير من الناس أن الاقتصاد أقوى مما ظن معظمهم، فمعظمهم ظنوا أن الاقتصاد سينكمش هذا العام، لكنه في الواقع حقق نمواً، وهذا يوفر لنا أساساً للمستقبل"، مضيفاً أنه "سيعلن عن إجراءات لتنشيط النمو الاقتصادي ضمن بيان موازنة الخريف في 22 من نوفمبر الجاري".
في المقابل، لم تفوت المعارضة السياسية الفرصة لتقول للناخبين البريطانيين، إن حكومة حزب المحافظين تقود الاقتصاد إلى مزيد من التدهور.
وحاولت الأحزاب الأخرى الدفع باحتمال الركود الاقتصادي وسوء أحوال المعيشة إلى مقدمة قضايا الحملة الانتخابية التي لم تبدأ رسمياً بعد.
من جانبها، قالت وزيرة الخزانة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض رايتشل ريفز إن "الأرقام الأخيرة دليل آخر على أن الاقتصاد في جمود، ولا تحقق نمواً في ظل حكم المحافظين، وأن الطبقة العاملة في وضع أسوأ".
أما المتحدثة باسم الخزانة في حزب الأحرار الديمقراطيين ساره أونلي فقالت إن "حزب المحافظين (الحاكم) وجه ضربة قاصمة لاقتصاد البلاد مما أدخله في طريق منعدم النمو".
أمة في حالة جمود
أما مركز الأبحاث "روزوليوشن فاونديشن" فاعتبر أرقام مكتب الإحصاء الوطني دليلاً على أن بريطانيا أصبحت "أمة في حالة جمود"، إذ علق مدير الأبحاث في المركز جيمس سميث في تغريدة له على موقع "إكس" شارحاً "تعرض النشاط الاقتصادي للجمود مجدداً في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة باستمرار منذ نهاية عام 2021"، مشيراً إلى خطر حقيقي بأن تدخل بريطانيا في ركود اقتصادي للمرة الرابعة في غضون 15 عاماً، لافتاً إلى أن بريطانيا أصبحت أمة في حالة جمود تكافح لتحقيق نمو اقتصادي مستدام منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، لافتاً إلى أن التعامل مع ذلك هو المهمة الأساسية التي تواجه البلاد ويجب أن تكون في صلب بيان الخريف حول الموازنة الذي يقدمه وزير الخزانة بعد 10 أيام.
ربما تجد حكومة سوناك ووزير الخزانة جيريمي هنت بعض التفاؤل مع إعلان أرقام التضخم ، الأسبوع المقبل، أي قبل أيام قليلة من بيان موازنة الخريف، إذ يتوقع أن ينخفض نمو معدل التضخم من نسبة 6.7 في المئة إلى نسبة 4.8 في المئة.
لكن ذلك لن يكون كافياً لتفادي اللوم على تدهور الاقتصاد بصورة عامة واستمرار ارتفاع كلفة المعيشة لأغلب البريطانيين.
ولمح وزير الخزانة إلى أن بيانه للبرلمان في شأن الموازنة سيتضمن كيفية إعادة الاقتصاد إلى مسار النمو مجدداً بزيادة الاستثمارات وإعادة الناس إلى العمل وإصلاح الخدمات العامة، لكن هناك بالفعل انتقادات لما قد يعلنه هنت من خفض للضرائب على حساب بنود مهمة مثل الخدمات الاجتماعية.
وحذر أعضاء في حزب المحافظين الحاكم بالفعل وزير الخزانة من خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل خفض الضرائب.
ويبدو أن الجمود الاقتصادي لا يقابله حراك سياسي واعد، فإذا كانت المعارضة تلوم الحزب الحاكم على عدم حسن إدارته للاقتصاد، فهي أيضاً لا تقدم بديلاً عملياً يمكن أن يحفز النشاط الاقتصادي بصورة جيدة.
ومن تصريحات زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، لا يبدو أن لديه خطة اقتصادية محكمة للنمو الاقتصادي يمكن أن يلتف حولها البريطانيون، لذا يرى بعض المعلقين أن الجمود الاقتصادي الحالي يمكن أن يتضافر مع جمود سياسي في حال لم تؤد الانتخابات إلى غالبية كافية لكل من الحزبين الرئيسين المحافظين والعمال، بالتالي يصبح المسار الاقتصادي أسوأ في العام المقبل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مكتب الإحصاء الوطني الحكومة البريطانية النمو الاقتصادي الركود الاقتصادي قضية الانتخابات فی المئة من العام
إقرأ أيضاً:
مستقبل وطن: إتمام المراجعة الرابعة مع الصندوق النقد صك نجاح جديد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي
قال محمود تمام أمين مساعد العمل الجماهيري بحزب مستقبل وطن، إن توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الدعم الموسع الذي يتيحه الصندوق لمصر يمنح الاقتصاد الوطني صك نجاح جديد ويثبت قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها حيال برنامج الإصلاح الاقتصادى على الرغم من الظروف والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة والتى تفرض على الاقتصاد الوطنى ضغوطا شديدة.
وأوضح إن اقتراب مصر من الحصول على نحو 1.2 مليار دولار بعد موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد، يسهم فى تعزيز احتياطات النقد الأجنبي، كما أنه يعكس المجهودات المضنية التي قامت بها حكومة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية خلال الأشهر الأخيرة للتوصل لهذا الاتفاق مع الصندوق.
وأضاف تمام: "التوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط كان لها مردودا سلبيا على الاقتصاد المحلى والعالمى لكن الاقتصاد الوطني أثبت صلابة وقدرة كبيرة على تجاوز تلك المصاعب بفضل السياسات والبرامج التي اتّبعتها الحكومة، فضلا عن الاهتمام الواسع ببرامج الحماية الاجتماعية ورعاية محدودي الدخل في المقام الأول تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية".
نوه تمام إلى إشادة صندوق النقد الدولى بخطط وزارة المالية في تبسيط النظام الضريبي، والالتزام بـ"تنفيذ حزمة إصلاحات تهدف إلى زيادة نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2% على مدار العامين المقبلين.
ودعا تمام حكومة الدكتور مصطفى مدبولي والمجموعة الاقتصادية إلى العمل بشكل أكبر على تعزيز بيئة الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص والعمل على جذب استثمارات أجنبية جديدة في كافة الـقطاعات.
واختتم تمام بتأكيده على أن البيان الصادر عن صندوق النقد الدولي عقب التوصل لاتفاق بشأن المراجعة الرابعة اشتمل على عدد من المؤشرات والتوقعات الإيجابية الخاصة بأداء الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة وهو ما يعزز الثقة فى الاقتصاد الوطني.