جريدة الوطن:
2024-11-15@19:41:12 GMT

من دراسات الشورى «13ـ16»

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

من دراسات الشورى «13ـ16»

الثالث عشر: «إنشاء مُجمَّعات سكنيَّة وتمليكها بأقساط مُيسَّرة».
ضمان تحقيق حلم المستقبل بامتلاك سكن خاص، يرهق تفكير الأُسرة فهو يأتي كأولويَّة أولى ضِمْن برنامجها وخطَّتها المستقبليَّة، وبالأخصِّ المسؤول عَنْها، والشَّاب المقبل على الزواج، بل إنَّ الأسئلة الأساسيَّة والأهمَّ الَّتي سوف تُطرح عَلَيْه من قِبل والدَي الفتاة الَّتي سيتقدم لخطبتها «هل لدَيْك بيت؟ وكيف ستدبِّر أمْرَه؟ وأين سوف تسكنان…؟»، وسوف يشعران بالراحة والطمأنينة على ابنتهما عِندما يسمعان بأنَّ المتقدِّم لدَيْه بيت ملك له، حتَّى وإن كان تأمينه تحقَّق بقرض بنكي، يستنزف قِسطَه الشهري وفوائده البنكيَّة ما يقارب إن لَمْ يكُنْ يزيد عن نصف راتبه، وسوف يستغرق تسديده مُعْظم سنوات خدمته في الوظيفة، ولَنْ يتمكَّنَ فيما بعد من شراء سيارة وتوفير تكلفة الزواج وتأثيث المنزل وصيانته في المستقبل إلَّا بتمويل بنكيٍّ ينمو سنة إثر أخرى إلى أن يصبحَ وأُسرته رهينةً لأوَّل قرض أخذه من المصرف، فهذا هو حال وواقع مُعْظم شبابنا ـ للأسف الشديد ـ إذ يُعدُّ تأمين السَّكن العائق الأوَّل والأهمَّ في حياة الشَّباب يجهد تفكيرهم ويشغلُ وقتهم ويضعهم أمام خيارات ضيِّقة وفرص صعبة محدودة، ويقودهم في نهاية المطاف إلى إيجار لا نهاية له يستنزف دخلهم المتواضع أو دَيْن يُبقيهم أسْرَى تسديده لعقود من الزمن يسرق مِنْهم السَّكينة والاستقرار والراحة، ويُهدر الجزء الأكبر من الراتب، بل وقَدْ يُهدِّد استقرار الأُسرة وتماسكها لِمَا يتسبَّب فيه الدَّيْن والإيجار على السَّواء من خلافات ومشكلات وعجْزٍ عن توفير متطلبات الحياة في هذا العصر، وما أكثرها وما أسرع نُمو أسعارها.

وزارة الإسكان (آنذاك) والجهات الحكوميَّة ذات العلاقة لَمْ تلتفت إلى المُشْكلة العميقة وأضرارها البليغة على الأُسَر ونفسيَّة الشَّباب، فظلَّت توزيعات الأراضي ومساعدات بناء وتخصيص المساكن رهينة الإجراءات العقيمة والمعقَّدة والأهواء والمصالح والواسطات والعلاقات، ومَنْ يملكها حصل على عشرات الأراضي في مواقع استراتيجيَّة وبمساحات ضخمة وذات أغراض واستخدامات متعدِّدة، ومن حرم مِنْها ظلَّ لسنواتٍ وعقودٍ ينتظر حلمًا لا يتحقَّق وقطار العمر يجري مسرعًا لا ينتظر أحدًا، وإن حصل على أرض ففي بقعة بعيدة (نائية) عن الخدمات، فيبيعها ببخس الأثمان لِيسدِّدَ بعضًا من دَيْنه والتزاماته الماليَّة أو تُعِينه على شراء منزل فيضيف قطرة إلى بحر من الدَّيْن. تواصَلَ هذا الواقع المُرُّ لسنوات طويلة، وبالأخصِّ في العقود الثلاثة الأخيرة. وبالرغم من الشكاوى والمطالبات والاستغاثات الَّتي يضجُّ بها فضاء المشهد الوطني بكُلِّ برامجه وقنواته ووسائله، ودراسات ونقاشات الشورى ومقالات الكتَّاب والتحقيقات الصحفيَّة حَوْلَ تداعيات هذا الملف الشَّائك وآثاره، إلَّا أنَّ المعالجات والتغيير إلى الأفضل، والنظر في إعداد خطط تقوم على المساواة في استحقاقات الأراضي والمساكن، وتحقيق مصالح الأُسرة العُمانيَّة وفئة الشَّباب المُقبل على المستقبل، ظلَّت تصطدم بجدران المصالح الخرسانيَّة الَّتي تأبى أن تلينَ وتتجاوبَ مع الواقع. وما زلتُ أذكُر مناقشات أعضاء الشورى المُطالِبة بإلغاء فوائد بنك الإسكان وضخِّ الأموال إلى رصيده لِيتمكَّنَ من الإسهام في توفير حلم الآلاف من الشَّباب في تملُّك منزل واستيفاء جميع الطلبات المتراكمة، وعشرات المقالات والمستندات والمواقف والصوَر الَّتي تعرضها حسابات وسائل التواصل والصحافة حَوْلَ مواطنين مستحقِّين مضَى على طلباتهم سنوات طويلة، بعضهم انتقل بهم العمر من الشَّباب إلى الشيب، وآخرون غيَّبهم الموت دُونَ أن يتحقَّقَ حلمُ التملك، فأيُّ معضلةٍ أنْكَى وأشدُّ كربًا من هذا الوضع المحزن… مجلس الشورى، وفي دراسته المتعلِّقة بـ»إنشاء مُجمَّعات سكنيَّة وتملّكها بأقساط ميسَّرة»، الَّتي أقرَّها في يونيو 2014م، أرادَ ومن واقع مسؤوليَّته وتمثيله لمصالح المُجتمع، والدِّفاع عن حقوق المواطن على ضوء المعايشة لتفاصيل هذا الملف وحيثيَّاته، الإسهام في معالجة مُشْكلة توزيعات الأراضي، فاستندت دراسته إلى «الوقوف على مدى حاجة فئة الشَّباب لمِثل هذه المُجمَّعات السكنيَّة في ظلِّ ارتفاع تكاليف المعيشة المستمرِّ ـ الوقوف على البرامج والخطط الإسكانيَّة بسلطنة عُمان ـ التعرُّف على أبرز التحدِّيات أمام تحقيق التنمية الإسكانيَّة المستدامة ـ الوصول إلى سياسات إسكانيَّة تُلبِّي احتياجات الشَّباب ـ تحقيق العدالة الاجتماعيَّة الإسكانيَّة بالمُجتمع…»، وقَدْ توصَّلت الدراسة إلى جملة من التوصيات، من أهمِّها: «إيجاد استراتيجيَّة اجتماعيَّة وإسكانيَّة تُجدِّد من خلالها الرؤية المستقبليَّة للجانبيْنِ الاجتماعي والإسكاني، تشمل جميع فئات المُجتمع، ووجود هذه الاستراتيجيَّة سوف يُعزِّز دَوْر السِّياسات الاجتماعيَّة حسب التوجُّه العامِّ للسَّلطنة آخذين بعَيْنِ الاعتبار توجيهات صاحب الجلالة في خِطابه لمجلس عُمان 2012م، بأنَّ مسؤوليَّة الحكومة الَّتي تركِّز على الجوانب الاجتماعيَّة، والاستراتيجيَّة سوف تُسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي الإسكاني لهذه الفئات ـ إيجاد منظومة قانونيَّة لضمان الفرص المتساوية لحيازة الأراضي بمختلف أنواعها ـ إقامة مُجمَّعات إسكانيَّة للشَّباب المقبلين على الزواج، وحديثي التوظيف، لكَيْ ينعموا بحياة كريمة ومستوى معيشي لائق»، وفقًا للآليَّات والأُسُس الآتية: «تأسيس شركة حكوميَّة في مجال الإنشاءات الإسكانيَّة تموَّل من قِبل الصناديق الاستثماريَّة الحكوميَّة، وتعمل على إقامة مُجمَّعات سكنيَّة متنوِّعة بَيْنَ الشّقق والفلل المدمجة. تتاح الوحدات السكنيَّة للبيع للشَّباب العُماني بأقساط ميسَّرة. تتولى الحكومة تخصيص مخطَّطات سكنيَّة لهذا المشروع بجميع ولايات السَّلطنة بحسب كثافة الطلبات المسجَّلة. تتحمل الحكومة تكاليف البنى التحتيَّة للمشاريع». من ضِمْن التوصيات الَّتي عرضت لها الدراسة «استخدام وتطويع التكنولوجيا في المعاملات الإسكانيَّة بجميع مراحلها ومجالاتها دُونَ لجوء المواطنين للمراجعات الإسكانيَّة من قِبل الجهات المختصَّة…». وطالبت الدراسة بإنشاء مركز بحثي يتولَّى إصدار الدراسات وتقديم المؤشِّرات والمعلومات وتحليل البيانات الخاصَّة بالقِطاعات الإسكانيَّة، وضبط ومراقبة السوق وإيجاد آليَّات تكبح التضخُّم في أسعار البناء، وتشجيع الشركات والمؤسَّسات الخاصَّة الكبيرة لتقديم الدعم في مجال الإسكان… دراسة شاملة ورصينة، احتوت على رؤى ومعالجات ثمينة. وفي كُلِّ دراسة استعرضها يتكرَّر السؤال ذاته: لماذا تجاهلت أو تغافلت أو أسقطت الجهات الحكوميَّة هذه الجهود؟ ولَمْ تنفَّذ وتطبَّق توصياتها، لمعالجة الكثير من الإخفاقات والمشكلات وأوْجُه الخلل في موضوعات وقضايا المشهد الوطني الَّذي حاولت هذه المقالات تقديم إضاءات متواضعة عن جهود وإنجازات الشورى بشأنها، والَّتي تناولها بالبحث والتحليل والرؤى العميقة؟
سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

رؤساء المجالس التشريعية الخليجية يؤكدون في بيانهم الختامي مركزية القضية الفلسطينية

أكد أصحاب المعالي والسعادة رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مركزية القضية الفلسطينية، ودعمهم لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وحقوقه المشروعة في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وطالبوا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الدوري الثامن عشر لرؤساء المجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي, بمشاركة وفد المملكة برئاسة معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

ونوهوا باستضافة المملكة العربية السعودية للقمة العربية والإسلامية المشتركة التي عقدت في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2023م، وللقمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2024م لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والجمهورية اللبنانية وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة، وكذلك الاجتماع الأول للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي عُقد في المملكة بالتعاون مع شركائها الدوليين، وبحضور أكثر من تسعين دولة.

واستعرض أصحاب المعالي والسعادة رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التطورات الخطيرة والتصعيد الإسرائيلي المتزايد الذي يستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية والمؤسسات الصحية في الأراضي الفلسطينية واللبنانية، محذرين من التداعيات الخطيرة جراء هذا التصعيد، وما يترتب عليه من تهديد للسلم والأمن الدوليين، وتقويض لجهود السلام والأمن في المنطقة والعالم، مؤكدين ضرورة حماية أمن المنطقة وعدم اتساع رقعة الحرب، مطالبين المجتمع الدولي بالاضطلاع وتحمل مسؤولياته الكاملة بالحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ولبنان.

وتضمن البيان الختامي الصادر عن الاجتماع تأكيد رؤساء المجالس التشريعية الخليجية على مركزية القضية الفلسطينية، وطالبوا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وأكدوا دعمهم لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وحقوقه المشروعة في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

وأشاد أصحاب المعالي والسعادة بمخرجات القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي عقدت في بروكسل، بلجيكا، تحت عنوان الشراكة الإستراتيجية من أجل السلام والازدهار” الرامية إلى تعزيز الأمن والازدهار العالمي والإقليمي، وتجنب النزاعات، وحل الازمات بالحوار والتنسيق المشترك.

اقرأ أيضاًالعالمغوتيريش يدعو لاتخاذ خطوات عاجلة في قمة المناخ لخفض الانبعاثات

كما ثمنوا نتائج توصيات ندوة “التنوع الثقافي وتحديات التغيير: دور المجالس التشريعية الخليجية في الحفاظ على الهوية الخليجية”، واتفق أصحاب المعالي والسعادة رؤساء المجالس التشريعية، على اختيار موضوع “الدور التشريعي للمجالس التشريعية الخليجية في حوكمة الذكاء الاصطناعي “الواقع والتحديات وآفاقه المستقبلية” ليكون الموضوع الخليجي المشترك لعام 2025م.

واعتمدوا إستراتيجية زيادة زخم التعاون البرلماني الخليجي على عدة مستويات، وآلية عقد الاجتماعات التنسيقية في المحافل البرلمانية الدولية التي تهدف إلى توحيد مواقف دول مجلس التعاون تجاه القضايا المطروحة في المحافل البرلمانية الدولية تحقيقًا لأهداف ومصالح دول مجلس التعاون.

ورفع أصحاب المعالي والسعادة التهنئة لمعالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ بإعادة تعيينه رئيسًا لمجلس الشورى.

كما عبروا عن شكرهم وتقديرهم لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومةً وشعبًا على استضافتها لهذا الاجتماع، وكذلك للمجلس الوطني الاتحادي، وعلى رأسه معالي صقر غباش، على دعوته الكريمة وعلى ما بذله هو وإخوانه وأخواته أعضاء المجلس من جهد واضح في التنظيم والإعداد الجيد لهذا الاجتماع، متمنين التوفيق والسداد لهم في رئاسة الاجتماع الدوري الثامن عشر والبلوغ بها غاياتها السامية.

مقالات مشابهة

  • "اليماحي" يثمّن جهود المملكة في دعم البرلمان العربي
  • حزب البشير يواجه انقساماً جديداً .. صراع محتدم بين «مجموعة تركيا» و«السجناء السياسيين»
  • الجزائر تتعاقد مع مكتب دراسات تابع للوبي إسرائيلي بواشنطن لكسب ود ترامب
  • خلافات حادة تضرب حزب المؤتمر الوطني المحلول
  • حزب المؤتمر الوطني المحلول: لن نعترف باي إجتماع لمجلس الشورى يخالف النظام الأساس ولوائح الحزب
  • إطلاق دراسات عليا متخصصة في الإعاقة البصرية.. تفاصيل
  • رؤساء المجالس التشريعية يؤكدون دعمهم لفلسطين ويشيدون بدور المملكة في قمة الرياض
  • رؤساء المجالس التشريعية الخليجية يؤكدون في بيانهم الختامي مركزية القضية الفلسطينية
  • رؤساء المجالس التشريعية الخليجية يؤكدون وحدة المصير
  • منصور بن زايد يستقبل عدد اً من رؤساء مجالس الشورى والنواب في دول الخليج