معايير مزدوجة.. الغرب يتجنب المحاسبة الأخلاقية لجرائم إسرائيل
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
يرتكب الاحتلال الإسرائيلي جرائم ضد الإنسانية ومجازر بشكل ممنهج ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة وقطاع غزة المحاصر؛ إلا أن الغرب لا يزال يدافع عنها ويساندها، الأمر الذي يعكس ازدواجًا في المعايير الإنسانية والأخلاقية.
وفي الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ضغوطًا متزايدة للتدخل ووقف العنف والدفاع عن حقوق الإنسان، ومع ذلك فإن موقف الغرب متناقض ومتردد، ويظهر عجزًا وانحيازًا في التعامل مع هذه القضية، ما يثير تساؤلات عن إمكانية تجنب الغرب "المحاسبة الأخلاقية" للجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة.
ظلم تاريخي للعرب
لا يمكن فهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون النظر إلى دور الغرب في صناعته وتأجيجه، فمنذ بداية القرن العشرين، كانت بريطانيا وفرنسا وغيرهما من القوى الاستعمارية تتدخل في شؤون الشرق الأوسط، وتقسم المنطقة وفقًا لمصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، وفي عام 1917 أصدرت بريطانيا وعد بلفور، الذي تضمن إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، مما أثار معارضة العرب الذين يعيشون هناك.
وبعد الحرب العالمية الثانية، دعمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والدول الغربية الأخرى قيام دولة إسرائيل في عام 1948، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم، ومنذ ذلك الحين ظلت الولايات المتحدة والغرب حليفًا استراتيجيًا لإسرائيل، وتزودها بالدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، وتحميها من الانتقادات والعقوبات الدولية.
معيار مزدوج
يدعي الغرب أنه مدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والقانون الدولي، وينتقد الدول التي تنتهك هذه القيم، ومع ذلك، فإن الغرب يتبنى معيارين مزدوجين في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويتجاهل أو يبرر انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
فمنذ عام 1967، تحتل إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري، وتقوم ببناء المستوطنات والجدار الفاصل والحواجز العسكرية، وتفرض حصارًا وعقوبات على الفلسطينيين، وتمارس القمع والاعتقال والتعذيب والقتل على المدنيين العزل.
وأدانت الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان هذه الأعمال باعتبارها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة والغرب يستخدمون حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لمنع إصدار قرارات تدين إسرائيل أو تفرض عليها عقوبات، ويدّعون أن إسرائيل تمارس الدفاع عن النفس ضد الإرهاب، وتحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتشارك في عملية السلام.
تهديد للنفوذ
يواجه الغرب تحديات ومخاطر كبيرة في مواجهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، فعلى المستوى الإقليمي، يهدد الصراع استقرار وأمن الشرق الأوسط، ويزيد من التوتر والتطرف والعنف في المنطقة. ويؤثر الصراع أيضًا على مصالح الغرب في الشرق الأوسط، مثل النفط والتجارة والتعاون الاستراتيجي.
وعلى المستوى الدولي، يقوض الصراع مصداقية وشرعية الغرب كقوة عالمية، ويثير استياء واحتجاج العالم الإسلامي والدول النامية والشعوب المناهضة للهيمنة، ويمكن أن يؤدي الصراع إلى تفاقم الصراع الحضاري والديني والعرقي، ويهدد السلام والتنمية العالمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاحتلال الاسرائيلي إسرائيل الحرب العالمية الثانية الدول الغربية الصراع الفلسطيني الضفة المحتلة الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا بناء المستوطنات جرائم إسرائيل فلسطين قطاع غزة معايير مزدوجة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بعد اعتقال إسرائيل لنائبتين بريطانيتين.. هل يخشى الاحتلال كشف جرائمه في فلسطين؟| خبير يعلق
أثارت واقعة احتجاز إسرائيل لنائبتين بريطانيتين، حالة من الجدل وراء دوافع هذا الفعل، وسط تأكيدات أن القضية الفلسطينية السبب في لجوء الاحتلال لذلك.
وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي إن احتجاز وترحيل عضوتين في البرلمان البريطاني واللتين تتمتعان بحصانة برلمانية، يمثل انتهاكًا محتملًا للأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي.
وقال أستاذ القانون الدولي، في تصريحات خاصة لصدى البلد: على الرغم من أن الدول تحتفظ بحقها في مراقبة حدودها ومنع دخول أفراد يشكلون تهديدًا لأمنها القومي، إلا أن هذا الحق لا يمكن أن يُستخدم بشكل تعسفي لمنع مراقبين دوليين، بمن فيهم أعضاء برلمان، من القيام بواجبهم في تقصي الحقائق وتقييم الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان في مناطق النزاع.
إدعاءات إسرائيلية فضفاضةوأضاف: علاوة على ذلك، فإن الادعاءات الإسرائيلية بأن النائبتين كانتا تخططان "لتوثيق أنشطة قوات الأمن ونشر الكراهية ضد إسرائيل" تبدو فضفاضة وغير مدعومة بأدلة واضحة، فإن مجرد نية النواب تفقد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والإطلاع على تأثير ممارسات قوات الأمن الإسرائيلية على السكان المدنيين لا يمكن اعتباره سببًا مشروعًا لمنع دخولهما وترحيلهما.
وأكد أنه على العكس من ذلك، فإن الشفافية والسماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى مناطق النزاع يعتبر أمرًا ضروريًا لضمان مساءلة الأطراف المتنازعة عن أفعالها والتحقق من احترامها للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
انتهاكات إسرائيلية جسيمة للقانون الدوليوأشار الدكتور أيمن سلامة، إلى أن الخشية من فضح "انتهاكات إسرائيل الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية" تبدو دافعًا محتملًا وراء هذا الإجراء.. فقد وثقت العديد من المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة بشكل مستمر وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتابع: إن منع وصول شهود عيان ومراقبين دوليين، بمن فيهم أعضاء برلمان منتخبون، يثير شبهات قوية حول سعي إسرائيل لإخفاء الحقائق والتملص من مسؤولياتها القانونية الدولية.
واختمم أستاذ القانون الدولي، إن احتجاز وترحيل النائبتين البريطانيتين يمثل سابقة خطيرة وتصعيدًا مقلقًا في تعامل إسرائيل مع المراقبين الدوليين. فهذا الإجراء يقوض مبادئ حرية التنقل وحق المجتمع الدولي في معرفة حقيقة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتابع: ومن الضروري أن يدين المجتمع الدولي بشدة هذا التصرف وأن يطالب إسرائيل باحترام القانون الدولي والسماح للمراقبين الدوليين، بمن فيهم أعضاء البرلمان والصحفيون والعاملون في المجال الإنساني، بالوصول غير المقيد إلى غزة والضفة الغربية لضمان الشفافية والمساءلة وحماية حقوق الإنسان.. فإن محاولة إخفاء الحقائق لن تخدم السلام ولن تحمي إسرائيل من المساءلة عن أفعالها.