هل تملك إسرائيل خارطة طريق لمستقبل غزة؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن إستراتيجية إسرائيل الطويلة الأجل في غزة لا يزال يكتنفها الغموض بالنسبة لمعظم الإسرائيليين والفلسطينيين وحتى لأقرب حلفائها في الولايات المتحدة رغم مرور أكثر من شهر على الهجوم الإسرائيلي المدمر على القطاع.
وأضافت الصحيفة أن الضراوة التي اتسم بها رد إسرائيل على هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي فاقمت سمة عدم الوضوح بشأن مستقبل غزة بعد الحرب، إذ لا أحد يعرف متى أو كيف ستنتهي، كما أنه ليس من الواضح ما يعنيه عمليا تدمير منظمة بذراعيها السياسية والعسكرية كانت على مدى الـ16 سنة الماضية جزءا لا يتجزأ من منظومة التدبير والخدمات العامة في غزة.
ومع ذلك، قالت الصحيفة إن مسؤولين إسرائيليين أشاروا إلى أنه سيتم عزل غزة عن إسرائيل، وربما يتم ضغطها أكثر من أي وقت مضى بمناطق عازلة جديدة وحواجز أمنية داخل القطاع.
ونقلت عن مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن إميل حكيم قوله إن التفكير في "اليوم التالي" حاليا يبدو كأنه تشتيت مقصود أو غير مقصود عما يتم الآن "فما تفعله إسرائيل الآن هو الذي سيحدد ما يمكن فعله في اليوم التالي".
ومع تصاعد الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع -تضيف الصحيفة- أوضح مؤشر حتى الآن على تفكير حكومته بشأن فترة ما بعد الحرب مباشرة، قائلا إن إسرائيل "ستفعل ذلك إلى أجل غير مسمى.. تحمّل المسؤولية الأمنية الشاملة لغزة".
ويوضح مسؤولون إسرائيليون أن هذا قد يشمل القوات المتمركزة في غزة بعد انتهاء الحرب.
ويقول أحد كبار هؤلاء المسؤولين "سيتعين علينا أن تكون قواتنا في مناطق مختلفة لتمكين المرونة العملياتية، استيقظنا جميعا في السابع من الشهر الماضي على واقع جديد، هذا يعني لنا جميعا ألا نفكر من منظور الماضي".
المنطقة "ب"
ويعتقد البعض في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الوضع أقرب إلى الوضع في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة في ما تسمى "المنطقة ب"، حيث تمارس القوات الإسرائيلية السيطرة الأمنية إلى جانب سلطة مدنية فلسطينية، وهذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا.
لكن آخرين من اليمين الإسرائيلي طالبوا بأن يمارس الاحتلال سيطرة أكثر وبلا قيود على غزة، بل وحتى إعادة إدخال المستوطنات الإسرائيلية -التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية- إلى القطاع.
وقدم أعضاء من حزب الليكود -الذي يتزعمه نتنياهو- مشروع قانون من شأنه إلغاء التشريع الذي تم إقراره بعد انسحاب إسرائيل عام 2005، والذي يمنع الإسرائيليين من دخول غزة.
وقال وزير التعليم يوآف كيش في وقت سابق هذا الأسبوع "لا يوجد وضع قائم، ولا شيء مقدس".
وأثار مثل هذا الحديث إلى جانب طرد إسرائيل مئات الآلاف من سكان غزة من شمال القطاع مخاوف الفلسطينيين من أن ينتهي الأمر بها إلى السيطرة على القطاع.
شرطان في المستقبلويقول مسؤول إسرائيلي كبير "لا أعتقد أننا نريد السيطرة على مليوني فلسطيني، وفي ما يتعلق بالآليات المستقبلية لغزة مهما كانت هناك شرطان: الأول هو أنه لا يمكن أن يكون هناك وجود لحماس تحت أي ظرف من الظروف، والآخر أنه يجب أن نحافظ على التفوق العملياتي".
وفي محاولة لتهدئة مخاوف الفلسطينيين وحلفاء واشنطن العرب، حدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذا الأسبوع بعض معايير إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لنظام ما بعد الحرب في غزة.
وقال بلينكن "لا يمكن أن تكون هناك إعادة احتلال، ولا يمكن أن يكون هناك أي تشريد قسري للفلسطينيين من القطاع أو تقليص أراضي غزة، أو أي محاولة لحصارها، وبدلا من ذلك يجب إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية"، وتعلق فايننشال تايمز بأنه من المشكوك فيه تحقيق ذلك.
وأشار بلينكن الأسبوع الماضي إلى أن الأمم المتحدة أو تحالف من الدول العربية يمكن أن يدير غزة لفترة مؤقتة بعد الحرب قبل تسليمها إلى سلطة فلسطينية "فعالة ومتجددة"، لكن الدبلوماسيين والمسؤولين الإقليميين متشككون بشدة.
ويقول مسؤول فلسطيني كبير ومسؤولون عرب إن الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتحييد أيديولوجية حماس هو إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بعد الحرب یمکن أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
مسؤول فلسطيني: إسرائيل دمرت 80% من شمال غزة
قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة ناجي سرحان إن حرب الإبادة الإسرائيلية -وما رافقها من عملية تطهير عرقي- دمرت 80% من محافظة شمال القطاع.
وأضاف سرحان -في تصريح لوكالة الأناضول- أن مناطق مثل معسكر جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا تعرضت لتدمير إسرائيلي شامل، إضافة إلى الأجزاء الشرقية والغربية من مدينة جباليا، حيث دمر الاحتلال الإسرائيلي 80% من شمال غزة.
وأوضح أن الدمار الإسرائيلي الشامل طال كل شيء، من منازل وشوارع وبنى تحتية، مما جعل شمال القطاع منطقة بلا حياة.
وأشار إلى وجود أكثر من 300 ألف فلسطيني بلا مأوى حاليا "والكارثة الكبرى أننا نتوقع عودة نازحي مدينة غزة والشمال من وسط وجنوب القطاع خلال الأسبوع القادم (بموجب اتفاق وقف إطلاق النار) مما يزيد الأعباء الإنسانية".
وأكد سرحان أن كل منطقة مفتوحة تحولت فعليا إلى مخيم لإيواء النازحين، في ظل الدمار الكبير والهائل شمال قطاع غزة.
واعتبر أن التحدي الأكبر الآن هو توفير الخيام ومستلزماتها، مثل الطاقة الشمسية والمولدات والوقود لتشغيلها، فضلا عن الأغطية والفرش ومواد الإغاثة الأساسية.
وأمام هذا الواقع المأساوي، دعا المسؤول الفلسطيني المؤسسات الدولية والإقليمية إلى التحرك العاجل لتلبية احتياجات النازحين، لأن إعادة إعمار شمال القطاع ستحتاج إلى جهود جبارة ودعم دولي.
إعلان
ورغم الإبادة الإسرائيلية وانعدام الإمكانيات، قال سرحان: مصممون على إعادة إعمار شمال غزة ليصبح أفضل مما كان، فهذه مسؤولية جماعية تتطلب وقوف العالم معنا.
شمال غزة منكوبفي السياق ذاته، أعلنت اللجنة التنسيقية لبلديات شمال غزة، في بيان تلاه رئيس بلدية مدينة بيت حانون عماد بدوان، خلال مؤتمر صحفي في جباليا أمس الثلاثاء، أن محافظة شمال غزة منطقة منكوبة.
وأضاف بدوان أن مخيم جباليا ومدينة بيت حانون تعرضا لتدمير إسرائيلي كامل، إلى جانب أجزاء واسعة من جباليا وبيت لاهيا.
واعتبر ما جرى إبادة جماعية إسرائيلية غير مسبوقة، حيث دُمّرت الطرقات وشبكات المياه والصرف الصحي وخطوط الكهرباء والاتصالات وآبار المياه، إضافة إلى استهداف المستشفيات والمدارس ومنشآت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي كانت تستخدم مراكز إيواء.
وأوضح بدوان أن العدوان الإسرائيلي على شمال غزة منذ نحو 100 يوم تسبب بمقتل وفقدان أكثر من 5 آلاف شخص، وإصابة نحو 13 ألف آخرين، بينما تجاوز عدد النازحين 200 ألف شخص.
وأضاف أن تدمير إسرائيل البنية التحتية يجعل عودة النازحين الفلسطينيين أمرا بالغ الصعوبة، ويدفع نحو أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وطالب الأونروا وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) بإغاثة النازحين، وتقديم المساعدات اللازمة من مأوى وغذاء وملابس، بالإضافة إلى إنشاء مخيمات لاستقبالهم.
وشدد بدوان على ضرورة دعم البلديات وتوفير الوقود لتشغيل مرافقها، وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، وفتح الطرقات وإزالة الأنقاض، وتزويدها بقطع غيار ومستلزمات تشغيل آبار المياه ومرافق الصرف الصحي.
وأكد المسؤول الفلسطيني ضرورة دفع رواتب موظفي البلديات الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ بداية الإبادة الإسرائيلية، لتسهيل العمل والتخفيف من آثار الكارثة.
إعلانوشدد على أن البلديات، ورغم الدمار الهائل، ستواصل العمل بكل طاقتها بالتعاون مع المؤسسات الدولية والمحلية، للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، وصولا إلى مرحلة التعافي واستعادة الحياة الطبيعية.
وصباح الأحد الماضي، دخل سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض على مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الأول الجاري "إبادة جماعية" بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.