منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سارعت الحكومات الأوروبية بفرض قيود صارمة على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، مما أثار مخاوف بشأن انتهاك الحريات المدنية.

وتعتبر ألمانيا الأشد صرامة، وقد حاولت السلطات حظر الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في النمسا والمجر وسويسرا، حيث اتخذت بعض المدن نهج حظر الاحتجاجات من أي نوع، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.



وفي فرنسا، رفضت إحدى المحاكم الحظر الشامل على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لكن لا يزال من الممكن حظرها في كل حالة على حدة.

ولم تكن المناقشات حول "ما هو التعبير القانوني والشرعي عن المعارضة مشحونة بقدر ما كانت في ألمانيا"، حيث أثارت تساؤلات حول القيم التي ينبغي أن تحظى بالأولوية على حساب الآخرين.

تكفير ألماني عن محرقة النازية

وترى ألمانيا أن الانتقاد الموجه لدولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل صارم "جزء ضروري من التكفير عن المحرقة".

 لكن كثيرين في مجتمعات المهاجرين العرب، والعديد من اليهود والإسرائيليين التقدميين، يقولون إن "القيود لا تنتهك حرية التعبير فحسب، بل إنها تمييزية أيضًا".

وفي الأسابيع الأخيرة، حظرت هامبورغ الاحتجاجات، وقيدت عدد الأعلام الفلسطينية التي يمكن التلويح بها.

وفي برلين، سمح المسؤولون للمدارس بمنع الطلاب من ارتداء الكوفية أو العلم الفلسطيني أو ألوانه.

وقالت الشرطة في برلين إنها منعت أكثر من نصف الاحتجاجات التضامنية المقررة مع غزة والبالغ عددها 41، وذلك في بعض الأحيان على أساس أنها "تثير عاطفية" السكان من أصل فلسطيني.



 وشمل ذلك مظاهرة للأطفال حدادا على الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا في الغارات الإسرائيلية في الشهر الماضي.

ومُنعت الاحتجاجات المسموح بها من استخدام شعارات مثل "أوقفوا الحرب" و"فلسطين حرة".

وقالت متحدثة باسم شرطة برلين إن شرطة برلين حظرت الاحتجاجات بناء على "خطر وشيك من أن تؤدي التجمعات إلى التحريض على الكراهية والتصريحات المعادية للسامية وتمجيد العنف والتحريض على العنف وبالتالي إلى الترهيب والعنف".



ويشير ألمان يدافعون عن القيود إلى أن موقف البلاد أقل تساهلاً فيما يتعلق بحرية التعبير من العديد من الديمقراطيات فيما يتعلق بمواضيع خارج إسرائيل، وهو إرث الحرب العالمية الثانية، وكيف استغل النازيون العملية الديمقراطية للاستيلاء على السلطة.

وأضافوا أن "إنكار المحرقة غير قانوني، على سبيل المثال، وكذلك الشعارات التي تعترف بشكل مباشر بالاشتراكية القومية".

فزاعة معاداة السامية

وقال فيليكس كلاين، مفوض معاداة السامية في ألمانيا إن "على الرغم من الديمقراطية العظيمة التي لدينا، هناك أشياء معينة غير مقبولة على الإطلاق في مجتمعنا، وهذا يحد من الخطاب السياسي".

واستدرك كلاين "ولكن معاداة السامية أمر سيء في أي مكان، ولها بعد آخر لا يوجد في أي بلد آخر."

ويشير أولئك الذين يدعمون الإجراءات الألمانية إلى أن الحوادث المعادية للسامية تصاعدت منذ الحرب بين إسرائيل وحماس، بما في ذلك في برلين، حيث ألقيت قنابل حارقة على كنيس يهودي، ولم يتم الكشف عن أي معلومات حول مرتكبي حادثة الكنيس.

وقد تم حظر الاحتجاجات الأخيرة في برلين حتى قبل أن يتم تنظيمها، مما يجعل من الصعب تقييم مدى تأجيجها، ويقول العديد من الناشطين إن احتجاجاتهم تُساوى بشكل غير مبرر معاداة السامية.

وفي الشهر الماضي، اعتقلت الشرطة امرأة واقفة في أحد ساحات برلين بعد أن رفضت إزالة ملصق كتب عليه "كيهودية وإسرائيلية: أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة".

ووقع أكثر من 100 كاتب وفنان وأكاديمي يهودي على رسالة تدين ممارسات ألمانيا: "إذا كانت هذه محاولة للتكفير عن التاريخ الألماني، فإن تأثيرها هو المخاطرة بتكرارها".

وكان من بينهم ديبورا فيلدمان، التي كانت مذكراتها أساسًا لمسلسل Netflix بعنوان “Unorthodox”، وقالت: "يبدو أنهم يحاولون تمهيد الطريق، إلى حد ما، لتجريم التعبير العلني عن الهوية الفلسطينية".

ويجادل بعض النقاد بأن القيود مرتبطة بالعداء المتزايد تجاه المهاجرين وارتفاع شعبية حزب البديل اليميني المتطرف، الذي أصبح الآن ثاني أكثر الأحزاب شعبية في استطلاعات الرأي.

ويتضمن التحديث المخطط لقانون التجنيس بندًا يقضي بحرمان الأشخاص المدانين بالعنصرية أو معاداة السامية من الجنسية.

وكان لمثل هذه الخطوات تأثيرا مروعا على حرية التعبير، مما جعل الكثيرين يشعرون بالقلق بشأن جنسيتهم أو وظائفهم، نظرا لتعريف ألمانيا المتوسع بشكل متزايد لمعاداة السامية.

تخوف المهاجرين العرب

 وقال برنامج حواري ألماني شهير الأسبوع الماضي إنه "لم يتمكن من استقبال أي ضيف عربي بسبب هذه المخاوف".

وفي الوقت نفسه، يقول النقاد، إن المواطنين الألمان الذين تعاطفوا مع النازيين في الماضي لم يواجهوا سوى القليل من المساءلة.



ومع ذلك، تظهر الإحصاءات الحكومية أن الهجمات المعادية للسامية المسجلة تأتي في معظمها من اليمين المتطرف، الذي ارتكب حوالي 84% منها في العام الماضي.

وبالنسبة للسكان العرب، المشكلة أكبر مما يعتبره الكثيرون نفاقًا، فبالنسبة لهم، فإن صحة الديمقراطية في ألمانيا على المحك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العدوان الإسرائيلي قطاع غزة الحكومات الأوروبية المانيا قطاع غزة العدوان الإسرائيلي الحكومات الأوروبية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معاداة السامیة فی برلین

إقرأ أيضاً:

سرايا القدس تكشف: بعض الأسرى الإسرائيليين بغزة حاولوا الانتحار

كشف الناطق العسكري لسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– أبو حمزة أن عددا من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة أقدموا على محاولة الانتحار الفعلي نتيجة الإحباط الشديد الذي ينتابهم بسبب إهمال حكومتهم لقضيتهم، وفق قوله.

وأضاف أبو حمزة أن وحدات التأمين في سرايا القدس قامت بحرمان الأسرى من بعض الامتيازات التي كانت تقدم لهم قبيل جريمة النصيرات.

وأوضح أن قرار سرايا القدس بمعاملة الأسرى الإسرائيليين بالمعاملة نفسها التي يتلقاها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية سيبقى ساريا ما استمرت الحكومة الإسرائيلية بإجراءاتها "الظالمة تجاه شعبنا وأسرانا".

وفي 8 يونيو/حزيران الماضي، شن الجيش الإسرائيلي هجوما مباغتا على مخيم النصيرات وسط القطاع، لتحرير 4 محتجزين، أسفر عن استشهاد 274 فلسطينيا وإصابة أكثر من 698.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس المحتلة.

وخلال العملية التي استهدفت المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، قُتل مئات الإسرائيليين بعضهم بنيران إسرائيلية، كما اقتادت الفصائل عشرات إلى قطاع غزة لمبادلتهم بآلاف الأسرى الفلسطينيين بسجون إسرائيل.

وبعد هدنة مؤقتة أسفرت عن تبادل أسرى من الطرفين أواخر العام الماضي، لا تزال تل أبيب تقدر وجود أكثر من 120 أسيرا إسرائيليا في غزة، بينما أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية شنتها إسرائيل التي تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني.

ويتظاهر عدد كبير من الإسرائيليين ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالبين بإبرام هدنة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإعادة المحتجزين.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت أكثر من 125 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنّين.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية" وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

مقالات مشابهة

  • 150 كاتباً من 50 دولة يشاركون في مهرجان الأدب الدولي في برلين
  • سرايا القدس تكشف: بعض الأسرى الإسرائيليين بغزة حاولوا الانتحار
  • ديل بوسكي يحسم الأمر بين إسبانيا وألمانيا في يورو 2024
  • موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024 والقنوات الناقلة
  • إثيوبيا.. بعثة السودان تلتقي ممثل المفوضية السامية بشأن اللاجئين في إقليم أمهرا
  • نائب مدير المخابرات الالماني التقى قاسم.. حزب الله وألمانيا علاقة تتخطّى العقبات
  • القبض على متحرش ثمانيني في يورو 2024
  • سانيه يهدد إسبانيا بـ «الأذى» من كروس!
  • المفوضية السامية للأمم المتحدة: أكثر من 20 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ العام الماضي
  • تجدد الاحتجاجات في كينيا والمتظاهرون يرفضون دعوات الرئيس للحوار