لم تكتفِ باستهدافهم وعائلاتهم.. إسرائيل تحرض عالميا ضد صحفيي غزة
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
غزة- ما بين القتل والتهديد به، تحيط بالصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة مخاطر جمة، تجعلهم يحملون أرواحهم على أكفهم، وهم يتنقلون في الميدان، لتغطية تطورات الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر، والتي تزداد شراسة مع دخولها الشهر الثاني على التوالي.
وإضافة إلى الجرائم المباشرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق صحفيين وعائلاتهم أسفرت عن شهداء وجرحى، تمارس إسرائيل ومنظمات مؤيدة تحريضاً غير مسبوق في حدته وخطورته اعتبرته نقابة الصحفيين الفلسطينيين "دعوة لاستهدافهم وقتلهم".
ونشر موقع وزارة الخارجية ووسائل إعلام إسرائيلية أسماء وصور صحفيين فلسطينيين، يعمل عدد منهم لصالح وكالات أنباء عالمية، واتهمتهم -بالاستناد إلى تقرير صادر عن منظمة "هونيست ريبورتنغ" (Honest Reporting) المنحازة لدولة الاحتلال- بأنهم كانوا على دراية بموعد الهجوم الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على "مستوطنات غلاف غزة" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في بؤرة الاستهدافويشعر الصحفيون الفلسطينيون بخطر حقيقي من ترجمة هذا التحريض إلى جرائم ترتكبها قوات الاحتلال سواء بحقهم أو ضد عائلاتهم، مثلما حدث مع الصحفي مثنى النجار، وهو من أوائل الصحفيين الذين تعرضوا لتحريض يرقى إلى محاولة التصفية الجسدية الصريحة من أوساط إسرائيلية مع بدء معركة "طوفان الأقصى".
ومنذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، يتردد اسم النجار في مواقع إعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي في إسرائيل، على خلفية ظهوره داخل مستوطنات "غلاف غزة" في مقاطع مصورة نشرها موقع محلي يعمل لصالحه.
ولم يتوقف الأمر عند التحريض، إذ استهدفت مقاتلات حربية إسرائيلية، في الأسبوع الأول للحرب، منزله ومنزل عائلة زوجته، شرقي مدينة خان يونس جنوب القطاع.
ونجت أسرة النجار من غارة جوية استهدفت منزله في بلدة خزاعة المتاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي، شرق مدينة خان يونس، وبعد لجوء زوجته بأطفالهما إلى منزل عائلتها في بلدة بني سهيلا المجاورة، استهدفتهم غارة جوية في غضون 24 ساعة فقط، وأسفرت عن شهداء وجرحى من بينهم والد زوجته وشقيقها.
وعقب هذا الاستهداف، قال النجار للجزيرة نت إنه يشعر بقلق حقيقي على حياته وأفراد أسرته، ليس لجريمة اقترفها، وإنما عقاباً له على تأديته لمهمته الصحفية المهنية.
وقال الدكتور تحسين الأسطل نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين -للجزيرة نت- إن التحريض الإسرائيلي المتصاعد ينذر بجرائم جديدة ضد الصحفيين، واصفاً ما يتعرض له النجار وزملاؤه بأنه "تحريض مبرمج" تقوده مستويات رسمية بحكومة الاحتلال، وتعززه بالاستناد لتقارير منظمات منحازة لها، ومناوئة للحقوق الفلسطينية.
تحريض على القتل
وخلال العدوان، أدى تحريض هذه المنظمات ضد صحفيين فلسطينيين -يعملون لصالح وكالات أنباء عالمية- إلى وقفهم من قبل هذه الوكالات مؤقتاً عن العمل وحتى التحقيق في الاتهامات الموجهة ضدهم.
وقال أحد هؤلاء للجزيرة نت، مفضلاً إخفاء هويته، إن تقريراً تحريضياً ضده نشرته منظمة "هونيست ريبورتنغ" الصهيونية المنحازة لإسرائيل، يتهمه بـ "معاداة السامية" أوقفه عن العمل مؤقتاً، ولم تفلح محاولاته للدفاع عن نفسه وثني الوكالة عن قرارها، كي يتمكن من العمل في تغطية تطورات الحرب على غزة.
وقال الأسطل إن الصحفيين في غزة يعملون بأجواء ميدانية خطرة للغاية، وتمارس عليهم ضغوط كبيرة جراء تحريض مثل هذه المنظمة المنحازة للاحتلال. ودافع بقوة عن الصحفيين الفلسطينيين الذين أثبتوا لعقود طويلة انحيازهم للمهنية.
وتدّعى حملات التحريض على النجار وزملائه أنهم "كانوا على علم مسبق" بالهجوم الذي دشن لمعركة "طوفان الأقصى". وقال نائب نقيب الصحفيين "أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول استمرت بضع ساعات كانت خلالها بعض مستوطنات غلاف غزة مفتوحة للجميع، ومن الطبيعي أن يصلها الصحفيون لتوثيق ما يجري، وأي ادعاء بأنهم كانوا على علم مسبق بها خبيث هدفه التحريض على استهدافهم، ومحاولة لتبرير جرائم الاحتلال بحقهم".
وقال الأسطل إن الطعن بمهنية الصحفيين، خاصة أولئك الذين يعملون مع وكالات ووسائل إعلام أجنبية، سواء باتهامهم بالارتباط بفصائل فلسطينية، أو "معاداة السامية" هدفه "تفريغ" هذه الوكالات والوسائل من زاوية التغطية والرواية الفلسطينية، واقتصارها على الاحتلال وما يصدره من "روايات كذب وتضليل".
وفي بيان لها، دعت النقابة وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية للتحقق الجدي وتوخي المهنية والمسؤولية قبل اتخاذ أي قرارات او إجراءات بحق الصحفيين الفلسطينيين، ودعت إلى "توفير حماية دولية ميدانية للصحفيين، وضمان بيئة عمل آمنة لهم، والتسريع بفتح تحقيق دولي في مجمل الجرائم ضدهم وتقديم قتلتهم والمحرضين عليهم للمحاكم الدولية".
الأسوأ بتاريخ الصحافة العالمية
وقالت النقابة إن أكتوبر/تشرين الأول الماضي "كان الأسوأ في تاريخ الصحافة العالمية لحجم الضحايا من الصحفيين الذين ارتقوا بفعل مجازر قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وبحسب توثيق "لجنة الحريات الصحفية" بالنقابة، فقد "ارتقى خلال هذا الشهر 40 صحفياً فلسطينيا، بالإضافة لعدد غير محدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين استهدفهم الاحتلال بالقتل والاعتقال والقصف والملاحقة".
واستهدف جيش الاحتلال نحو 62 مؤسسة إعلامية بالقصف والتدمير الكلي أو الجزئي، ودمّر أكثر من 70 منزلاً لصحفيين وعائلاتهم في عمليات استهداف مقصودة راح ضحيتها نحو 200 شهيد من عائلات الصحفيين.
ويعتقد رئيس لجنة الحريات بالنقابة محمد اللحام أن عدد الضحايا لجرائم وانتهاكات الاحتلال قد يكون أكبر وأخطر مما ذكر، وذلك بفعل صعوبة العمل بدقة في غزة، بسبب العدوان الذي يحد من التنقل والمتابعة الدقيقة.
واستند اللحام لتقارير مؤسسات دولية خاصة برصد الانتهاكات في العالم "والتي لم تشهد في تاريخها قتل 44 صحفيا في شهر واحد على المستوى العالمي، حيث سجلت معدل استشهاد 50 صحفياً سنويا في كل العالم".
وعامي 2021 و2022 سجل 86 ضحية من الصحفيين وفق المؤسسات الدولية، أي أن الصحفيين الفلسطينيين في أكتوبر/تشرين الأول فقدوا أكثر من نصف الصحفيين من ضحايا جرائم الحرب والانتهاكات خلال عامين مما يؤكد، وفقا للحام، أن "هذا الشهر هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الجرائم العالمية بحق الصحفيين".
وقال رئيس المرصد "الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" الدكتور رامي عبدو -للجزيرة نت- إن دولة الاحتلال تعمل على "تغطية" جرائمها بحق الصحفيين في غزة، بالقتل واستهداف عائلاتهم داخل المنازل، عبر حملة مضادة تقودها ما سماها "ماكينة تعمل على مدار الساعة وتنتهج سياسة اكذب ثم اكذب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الصحفیین الفلسطینیین أکتوبر تشرین الأول للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين إلى 49 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
يمانيون../ أعلن نادي الأسير الفلسطيني ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى 49، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023، وذلك بعد اعتقال الصحفي علي السمودي من جنين، صباح اليوم.
وقال النادي في بيان، أن المعتقلين الصحفيين الـ49، هم من بين (177) صحفيًا وصحفية تعرضوا للاعتقال والاحتجاز منذ بدء الإبادة، استنادًا إلى عمليات التوثيق والرصد التي أجرتها المؤسسات.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تواصل تصعيد استهداف الصحفيين الفلسطينيين عبر عمليات الاعتقال الممنهجة، إلى جانب عمليات الاستهداف اليومي خلال أداء عملهم.
وأشار إلى استمرار عمليات اغتيال الصحفيين في غزة في مرحلة هي الأكثر دموية بحق الصحفيين، وذلك في محاولة مستمرة لاستهداف الحقيقة والرواية الفلسطينية.
وأكد أن سلطات الاحتلال في الضفة تستهدف الصحفيين عبر عمليات الاعتقال الإداري أي تحت ذريعة وجود (ملف سري)، وعددهم من بين إجمالي الصحفيين المعتقلين (19). كان آخر من أُصدر بحقهما أوامر اعتقال الإداري الصحفيان سامر خويرة، وإبراهيم أبو صفية.
وأضاف أن الاحتلال يستهدفهم عبر الاعتقال على خلفية ما يسميه الاحتلال (التحريض)، أي معتقلين على خلفية حرية الرأي والتعبير، إذ تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى أداة لقمع الصحفيين، وفرض المزيد من السيطرة والرقابة على عملهم.
ولفت إلى أن الصحفيين يتعرضون لكل الجرائم الممنهجة التي يواجهها المعتقلون، ومنها جرائم التجويع، والجرائم الطبية، وجرائم التعذيب، إلى جانب العديد من عمليات التنكيل.
وجدد نادي الأسير مطالبته للمنظومة الحقوقية الدولية، باستعادة دورها الحقيقي واللازم، وإنهاء حالة العجز الممنهجة التي ألقت بظلالها على المنظومة الإنسانية منذ بدء الإبادة، وأحد أوجها الجرائم التي تُرتكب بحق المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته.
ودعا إلى ضمان حماية الصحفيين، وعملهم الذي شكل أبرز الأدوات التي ساهمت في الكشف عن مستوى جرائم الإبادة.
ونوه إلى أن حالات الاعتقال تشمل من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أُفرج عنه لاحقًا.
يذكر أن العشرات من صحفيي غزة يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقالهم من خلال قانون (المقاتل غير الشرعي)، ومنهم من لا يزال رهن الإخفاء القسري.